أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يوحنا بيداويد - اللغة من منظور الفلاسفة / الجزء الأول















المزيد.....

اللغة من منظور الفلاسفة / الجزء الأول


يوحنا بيداويد

الحوار المتمدن-العدد: 6001 - 2018 / 9 / 22 - 14:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ملاحظة
نشر الموضوع في العدد العاشر من مجلة بابلون التي يصدرها مجموعة من الكاتب الكلدانيين في مدينة ملبورن

المقدمة
سنتحدث في هذا العدد عن موضوع مهم شغل فكر الفلاسفة والعلماء كثيرا ولا يزال يعد أحد أصعب المواضيع التي تواجهها العلوم جميعا، الا هو اللغة وطريقة وتاريخ نشوئها وتطورها. في الجزء الأول (العدد 11) سنبحث عن تعاريف اللغة عند الفلاسفة، واهم الفرضيات التي وضعها الباحثون والدارسون والمفردات الأولى التي نطق بها الانسان. وفي الجزء الثاني (العدد 12) ندرس اهم ما جاء في اراء الفلاسفة المعاصرين (المدرسة التحليلية) في هذه الموضوع وبالأخص ما جاء به الفيلسوف النمساوي لودفيك فيتغنشتاين.
تعريف اللغة.

تعرف اللغة بانها عملية ترميز الاصوات Process of Coding Sounds) (، او انها عملية تجسيد الصوت كي يتمظهر ويصبح مفهوما. او انها عملية إعطاء الأشياء اسماء صوتية كي يميز بينها العقل، لهذا هي اهم أداة او وسيلة لنقل الاحاسيس والمشاعر والمعرفة الى صيغة مفهومة بين الناس سواء كانت مطبوعة او مسموعة او حركة رمزية، فهي الاداة التي يستخدمها العقل لإعلان عن القرارات (الحكم) التي يتخذها بعد التحليل والتعيّر للمعلومات التي جمعتها الحواس الخمسة مجتمعة معا.
تعاريف وتفسيرات الفلاسفة لظاهرة اللغة.

عرفت (جوليا كرستيفا) (1) اللغة على انها عبارة عن اصوات منطوقة، وعرفها فيلسوف تحليل اللغة المشهور (فيتغانشتاين) على انها عملية رسم للصوت او تمثيله (سنتحدث عن الموضوع في العدد القادم)، اما (الفيلسوف الفرنسي برغسون وجماعته) اعتبر اللغة والفكر شيئا واحدا لترابطهما معا، مثل الورقة التي لها وجهين ولا يمكن الغاء أحدهما والحفاظ على الاخر، وبدونها لا يوجد شيء اسمه فكر. اما الفيلسوف (افلاطون في محاورته - كرتيل) يظن ان تقنين اللغة هي من مسؤولية المشرعين (أي الحكماء او الفلاسفة) لأنهم الوحيدون الذين يعرفون كيف التميز بين الأشياء وجواهرها قبل اعطائها أسماء. اما الفيلسوف الفرنسي الكبير(ديكارت) فسر سبب ظهور اللغة عند الانسان وحده دون الحيوانات الأخرى الى امتلاكه العقل الذي يمكنه القيام بعملية التفكير!، وأكدت الدراسات الحديثة صحة ما ذهب اليه ديكارت، حيث وجدوا ان لغة الحيوانات مرتبطة بالغرائز ودوافعها، بينما عند الانسان تعتمد على النشاط الفكري التي هي عبارة عن سيل من المعلومات المترابطة (مثل رسومات متحركة مثلا)، فيما وصف الفيلسوف الألماني (انرست كاسير الانسان بحيوان رامز عوضا عن حيوان عاقل، لأنه بدون امتلاكه هذه الصفة لا يفرق عن الحيوان كما جاء في نقد الفيلسوف الألماني الكبير (عمانوئيل كانط) الذي اهتم بدراسة العقل.

يذكر ان القديس اوغسطينوس يعد اول فيلسوف ولاهوتي تطرق الى هذا الموضوع واشار الى عجز اللغة عن قول او نقل التعبير عن الحقيقة بصورة دقيقة، لهذا اعتبرها علامة او دلالة تشير نحو الحقيقة ولكنها ليست الوحيدة، وليست كل الدلائل التي تقود الى الحقيقة هي مفردات لغوية.
تاريخ ظهور اللغة.

من الصعب جدا ان نعرف تاريخ ظهور اللغة لأول مرة ( اول عملية لترميز الصوت) بين اجدادنا الاوائل، لكن العلماء يتكهنون انها ظهرت قبل 1.8 مليون سنة على الأقل عند (Homo Habilis) او مع الجنس الجديد Homo heidelbergensis)) قبل نصف مليون سنة. لكن حسب اخر الدراسات التي قام بها فريق من جامعة كاليفورنيا تحت قيادة Q.D. Atkenson عام 1998 توصلت الى اول ظهور لما يعرف باللغة يعود الى فترة 350 الى 150 الف سنة.
مع بداية تكوين الانسان للمجتمعات البدائية، زادت الحاجة الى عملية تكوين اللغة وتركيبها وتطويرها، حيث ساعدت على زيادة سرعة التفاهم بين افراد العائلة الواحدة وعلى زيادة الاواصر الاجتماعية بينهم هكذا نشأت المجتمعات الأولى وكانت اللغة احدى العوامل المهمة لتطورها.
فرضيات طريقة نشوء اللغة

هناك أربعة نظريات لعملية نشوء اللغة:
1-نظرية (الاستمرارية) حيث تقول هذه الفرضية ان اللغة لا بد بدأت في فترة ما قبل تاريخ الانسان الحاضر(2)، وتطورت بمرور الزمن والخبرة وكسب المعرفة والحاجة واستمرت في التطور بدون انقطاع.
2-نظرية (التطور الفجائي) هذه النظرية عكس السابقة، لا تؤمن بوجود تواصل وتطور للغة من بدايتها، لان الانسان هو الكائن الوحيد الذي له الامكانية للتعبير وفهم اللغة، ظهرت بصورة فجائية وتطورت بمرور الزمن مع تطور بقية أعضاء جسم الانسان.
3-النظرية (الفطرية) تقصد ان اللغة ولدت بصورة فطرية ونمت وتطورت بمرور الزمن نتيجة الخبرة.
4-نظرية (الثقافة) ترجح هذه النظرية سبب ظهور اللغة وتطورها الى زيادة نشاطات الحياة الاجتماعية بين الناس، فزادت ضرورة وجود أداة لتواصل الأفكار بينهم، لم يكن بمقدرة اي شخص الدخول للمجتمع بدونها.


المفردات اللغوية الأولى
حاول العلماء دراسة المفردات الأولى التي نطق بها اجداد الانسان الحالي، فقام العالم الألماني ماكس مولير (1823-1900) الذي يعد الرائد الأول في هذا المجال، ليوضع بعض المفردات التي ظن كانت المفردات الأولى نطقها الانسان الأول مع تعليل لظهور كل واحدة منها. بصورة عامة تبنى مولير الفكرة الاغريقية القديمة عن اللغة الا وهي محاكاة الطبيعة، أي الأصوات التي ظهرت في البيئة المحيطة بالإنسان بصورة طبيعية.
المفردة الأولى Bow - Wow
حيث يظن ماكس وجماعته ان الانسان اكتسبها من الطيور او البهائم او الحيوانات.
المفردة الثانية Pooh – Pooh
ظهرت هذه المفردة نتيجة حصول حدث تراجيدي طارئ جلب الالم او ضغط نفسي او حزن او اندهاش على الانسان.
المفردة الثالثة Yo-he-ho
يرجع سبب ظهور هذه المفردة الى محاولة قيام مجموعة من الناس بعمل نفس الأصوات فيها الإيقاع والوزن.
المفردة الرابعة والأخيرة Ta-ta
لم تكن هذه المفردة ضمن القائمة التي اقترحها ماكس مولير، اقترحت سنة 1930 م من قبل Richard Pagent، الذي يظن ان تحريك الانسان لسانه محاولا التعبير عن أفكاره نتجت منها هذه الأصوات التي اعطى لكل واحدة معنى وانتهت بتكوين لغة.

اراء الدراسات الأخيرة
في نهاية القرن العشرين وبعد تأسيس علم الأصوات والاستفادة من التطبيقات التكنولوجية، حصلت عدة دراسات أكثر معمقة عن كيفية حصول عملية الترميز للأصوات وتحويلها الى مفردات لغوية مفهومة. كذلك عن سبب انفراد الانسان من دون الحيوانات لامتلاكه إمكانية التعبير عن مشاعره وافكاره واحاسيس عن طريق الصوت. من هذه النظريات (الحالة الطارئة) او ظهور خطر محدق طارئ، فاضطر الانسان إيجاد تعابير صوتية (مفردات) يفهمها الانسان الاخر(3) او نظرية (الحاجة) الانسان لدخول المجتمع والتفاهم معه. او مثل نظرية (النشوء والارتقاء) لداروين، فالجين المسؤول عن اللغة بمرور الزمن حصل انتقاء وتطور فيه مثلما حصل في بقية أعضاء الجسم ووظائفه.
النظرية الأخيرة ( Mother Tongues أي لسان الام)، أي ان الانسان تعلم مفردات اللغة لأول مرة من امه حينما كانت تخاطبه وهو طفل.


نقد وتعليق
نستخلص من هذه الآراء، بعد ان وضع الانسان الأول بصورة فطرية نظاما لترميز الاصوات، ثم جاءت المرحلة الأخرى(4) التي كانت الأهم، الا وهي وضع قواعد اللغة بصورة بدائية وتقسيم مفرداتها، والتميّز بين الفعل الذي يصف الحركة، واسم الهيئة (اسم الشيء او اسم الظاهرة) والحروف (أدوات التوصيل والربط بين الكلمات والعبارات).
ركز الانسان الاول على البحث عن المواصفات الأكثر دقة لهذه الأسماء والظواهر مثل وظيفتها وجواهرها ومحاولته لضبط دقة اللفظ، وغفل عن الامر الأهم هو نظام الترميز ودقته وطريقة تأثيره على الفكر الانساني بمرور الزمن، مما ترك أثرا كبيرا على طريقة تفكير الانسان وملاحظته او ملاحقته من مهمة وصوله الى الحقيقة، فبسبب ذلك تبنى الانسان بعض المفاهيم من دون التدقيق في موضوعيتها او ضرورتها لذلك دخلت بعض مفردات ومفاهيم غير صحيحة.
كما ان طريقة تفكير الانسان تأثر باسلوب التبسيط الذي يساعد على خزن المعلومات، حيث ان العقل يميل الى تبسيط وترميز العلامات كي يسهل تذكرها ومن ثم استخدامها (كما حصل في المرحلة الثانية من تطور اللغة) في عملية كتابة الصوت او رسم الصوت من قبل السومريين والبابليين قبل أكثر خمس آلاف سنة. ان التكنيك الذي استخدمه عقل الانسان منذ بداية التاريخ هي طريقة المقارنة في النظام الثنائي المستخدم في توصيف الظواهر او التميز بينها مثل (الليل والنهار، الأبيض والأسود، البارد والحار، الكبير والصغير......الخ)، لكن مع الأسف غفل الانسان منذ البداية عن قضية دخول مفاهيم ليس لها وجود أصلا في الطبيعة، فأصبحت تعابير مهمة ومستخدمة في اللغة، فأوقعت الفكر الإنساني في أخطاء جسيمة، بحيث اثرت في دقة تفكيره في بعض الأحيان (5) مما زاد الجهد على الانسان، فأصبح على حد قول أحد الفلاسفة احدى اهم المشاكل الفكرية للإنسان الحالي، لان هناك صعوبة بالغة في إزالة شيء تجذر في طريقة تفكير سبع مليارات انسان.
...............................
1- فيلسوفة فرنسية ولدت عام 1941.
2- التخاطر هي احدى أقدم الطرق الاتصال بين اجدادنا في مرحلة ما قبل التاريخ، انتقال المشاعر والاحاسيس بالحث من شخص الى آخر.
3- لا يزال هناك أكثر من 120 لغة او لهجة حية بين المعمرين من قبائل السكان الاصليين لأستراليا. Indigenous Australian
4- في المراحل الاولى من ترميز الصوت، كان هناك صعوبة وعائق كبير امام اللغة بسبب التركيز على دقة لفظة الصوت لتميزه من غير الاصوات.
5- البعض يعتبر اللغة والفكر شيئا واحدا، أي كل شيء له اسم هو حقيقي وصحيح ، بينما نحن نعلم اليوم كل شيء حقيقته نسبية.
المصاادر
1- اطلس الفلسفة، بيتر كونزمان، فرانز- بيتر بوركان، فرانز فيدمان، المكتبة الشرقية، الطبعة، ترجمة د. جورج كتورة
2-Philosophy 100 Essential Thinkers، Philip Stokes، Arcturus publishing-limit-ed، London, 2005.



#يوحنا_بيداويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل عادت البشرية في هذه الايام الى بيئة العصور الحجرية؟!
- قراءة من اللوح الاخير لاسطورة الخلق البابلية
- ايها العراقيون انتم لستم اقل من الامة الفرنسية!
- فلسفة الحداثة وما بعد الحداثة Modernity & Post Modernity
- الحداثة وما بعد الحداثة
- هل ستحصل انتخابات ديمقراطية في العراق؟
- الفلسفة الظاهراتية Phenomenology
- رسالة معكوسة الى د. شاكر جواد بخصوص رسالته عن سيرة الشهيدة ا ...
- هل الله منتوج عقلي؟
- الفلسفة البنيوية
- القانون الجديد لأحوال الشخصية في العراق من منظور علماني!
- لماذا اصر السيد مسعود البارزاني على الاستفتاء؟ / دراسة تحليل ...
- ارسطو وفلسفته الواقيعة
- العراق يقترب من تابوته؟!
- ما بين الثورة الفرنسية 1789م والثورة العراقية 2015 م
- بمناسبة ثورة 14 تموز ..... لو قدر لي ان أكون...
- العراق بحاجة الى صدام جديد؟!!!
- سقوط الحضارة!!
- دراسة تحليلة لسبب لظهور الدواعش في المنطقة.
- الحق هو ما تنطق به فوهة البندقية اليوم ؟!!


المزيد.....




- روسيا تشن هجوما ليليا على العاصمة الأوكرانية
- في مواجهة -ثاد- كيف تخطط إيران لاختراق الدفاعات الجوية الإسر ...
- الانتخابات الرئاسية.. هاريس تستخدم -أسلوب ترامب- ضده في أجوا ...
- غروندبرغ يتهم الحوثيين بتقويض جهود السلام في اليمن
- حزب الله يطلق 50 قذيفة على إسرائيل فجر الأربعاء
- دلتا إيرلاينز تعلق رحلاتها بين نيويورك وتل أبيب حتى مارس
- أمريكا تعلق على تقارير عن مساعدة قوات كورية شمالية لروسيا في ...
- واشنطن: لا يوجد لدينا أي دليل على تورط كوريا الشمالية عسكريا ...
- سيارتو: فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية أكبر أمل للسلام في ...
- رئيس الوزراء القطري: لا نقبل انطلاق هجمات من قاعدة -العديد- ...


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يوحنا بيداويد - اللغة من منظور الفلاسفة / الجزء الأول