أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد منصور - هنيئا لاولمرت بيوم الأرض















المزيد.....

هنيئا لاولمرت بيوم الأرض


خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 1508 - 2006 / 4 / 2 - 09:33
المحور: القضية الفلسطينية
    


تذكرت وأنا اركب الحافلة المتوجهة إلى إحدى قرى الجدار، للمشاركة في فعالية وطنية بمناسبة يوم الأرض الخالد- تذكرت يوم الأرض في سنوات العز النضالية ( أي في سنوات ما قبل الانتفاضة الأولى )، حين كان الاحتلال يجن ويخرج عن صوابه، ويفرض حصارا شاملا على كل قرية ومدينة ومخيم في أرضنا الفلسطينية، بل وكان أحيانا يفرض نظام منع التجول كإجراء احترازي لمنع تفجر الغضب الشعبي الفلسطيني في ذلك اليوم، وكيف كان دائما يقوم بحملة اعتقالات واسعة قبل المناسبة بأيام، تطال النشطاء البارزين في العمل الوطني.. واذكر أن كل إجراءات الاحتلال لم تكن تنجح أبدا في إفشال خططنا، التي كنا نعدها لإحياء هذا اليوم العزيز على قلوب كل أبناء شعبنا-- داخل الخط الأخضر، وفي الأراضي المحتلة عام 67، وكذلك في مواقع الشتات-- إذ كانت الأرض تلتهب في هذا اليوم تحت أقدام المجرمين الغاصبين، وكانت تخرج المظاهرات والمسيرات في كل بلدة ومدينة وحارة ومخيم، وتقع الصدامات الدامية مع جنود جيش الاحتلال، ويسقط فيها الشهداء والجرحى، وكانت تعم كل التجمعات السكانية الأعمال التطوعية لزراعة الأشجار، وخصوصا في المناطق المحاذية للمستوطنات والمهددة بالمصادرة.
كانت الحافلة صغيرة وليست ممتلئة تماما بالركاب، فقلت في نفسي علّ الجموع تنتظرنا في موقع الفعالية.. مررنا أثناء سفرنا إلى المكان الذي سنقيم فيه الفعالية، بمدينة يزيد عدد سكانها عن العشرين ألف مواطن، وكانت الأسواق فيها تعج بالحياة وبالشباب، ولفت انتباهي فيها أن المقاهي كانت تمتلئ بالرواد-- مع ان الساعة لم تكن تتجاوز العاشرة صباحا-- كانت الحياة طبيعية مائة بالمائة، وكأن هذا اليوم ليس يوما مميزا، أو أن الناس هنا قد نسوا أن اليوم يوم الأرض، فتساءلت في داخلي: وماذا تفعل القوى السياسية والمؤسسات في هذه البلدة التي اعرف أن فيها تنافس تنظيمي وو لاءات عمياء وتعصبات منقطعة النظير..؟؟ الم تصدر هذه القوى بيانات تذكّر الناس بالمناسبة النضالية..؟؟ الم تخطط لفعاليات تحشد فيها أنصارها للفعل النضالي..؟؟ وهي المدينة القريبة جدا من مخالب الجدار، وتتأثر به بشكل مباشر ويوميا.. أقنعت نفسي بالتروّي وبضرورة أن أكون متفائلا، وواصلت الحافلة سيرها بين الأودية والجبال الساحرة الجمال، إلى أن وصلنا تلك القرية الصغيرة المحاذية للجدار، والتي التهم الجدار معظم أراضيها، وحول سكانها إلى مجموعة من العاطلين عن العمل-- بعد أن افقدهم مصدر رزقهم، وأغلق عليهم الممرات التي كان العمال يسلكونها للوصول إلى سوق العمل داخل إسرائيل.. وفي القرية وجدت مجموعة أخرى من أصدقائي-- الذين تعودت على رؤيتهم في كل الفعاليات الوطنية.. وجلسنا سويا لأكثر من ساعة، وكنت اعتقد أن هناك من سيأتي من سكان القرية للانضمام إلينا، أو أننا سنرى حافلات الركاب قادمة تنقل مئات المشاركين من المدينة المجاورة، أو من القرى القريبة الأخرى المتضررة جدا من الجدار، لكن شيئا من هذا لم يحدث.. ولم يزدد عددنا عن أل خمسة وعشرين مشارك-- أربعة منهم صحفيين.. وكنا نحن القادمين من خارج البلدة خمسة عشر.. وفقط كان ستة مواطنين من سكان البلدة ذاتها.. ومع ذلك قررنا تنفيذ المهمة التي جئنا من اجلها، والتي تحددت بالقيام بعمل تطوعي لزراعة اشتال الزيتون التي تبرعت بها مؤسستنا الإغاثة الزراعية الفلسطينية، وقام بنقلها إلى البلدة اتحاد المزارعين الفلسطينيين.. فقمنا فورا وبشكل رمزي بزراعة بعض الاشتال، ثم رفعنا اللافتات التي أحضرناها معنا، وقررنا التوجه بمسيرة نحو البوابة الحديدية التي أقامها المحتلون على الجدار وكنا ننوي الاحتكاك بالجنود وتسخين الأجواء ولو قليلا .. وهنا تناقص عددنا لنبقى واحد وعشون مشارك فقط، فحملت أنا كعادتي السماعة اليدوية، وسرت في مقدمة المسيرة البائسة المحزنة، وبدأت ارفع الشعارات الوطنية الثورية-- المنددة بالجدار، والمؤكدة على تصميم شعبنا على مواصلة النضال ضد الاحتلال، وجميع افرازاته من جدران ومستوطنات.. ووصلنا البوابة، ووقفنا بمواجهة الجنود مباشرة، لكنهم لم يستنفروا كعادتهم في مثل هكذا أوضاع، ولم يحضروا تعزيزات إضافية، ولم يتحركوا لقمعنا، بل اكتفوا بمراقبتنا من بعيد، وكأنهم كانوا يستهزئون بنا ويسخرون في داخلهم منا-- لقلة عددنا، أو لأنهم أيقنوا أن هذا العدد الصغير من المحتجين لن يكون قادرا على الإضرار بالجدار أو مهاجمة الجنود.. واستمر وقوفنا حوالي النصف ساعة، امتلأت بها صدورنا غضبا من الاحتلال لجرائمه الماثلة أمامنا-- وبالاحباط-- من أنفسنا لفشلنا في حشد ما يكفي من المشاركين، لإحياء يوم الأرض بفعالية تليق به.. ثم عدنا نجرجر أقدامنا إلى القرية ومن هناك ركبنا الحافلة إلى مناطق سكنانا البعيدة عشرات الكيلومترات.. وفي الطريق تلقيت بعض الاتصالات وأجريت أخرى، فزاد إحباطي لأني علمت أن فعاليات بعض المحافظات الأخرى لم تكن أفضل حالا من فعاليتنا ولاقت نصيبها الآخر من الفشل.
وفي المساء سمعت الفضائيات تقول-- أن الفلسطينيين قد احيوا يوم الأرض بفعاليات ضخمة، عمت كل الأراضي الفلسطينية.. فكدت انفجر غضبا، وقررت أن اكشف الحقيقة مهما كانت مرّة، علّني افضح واساهم بكشف عجز القيادات السياسية المتربعة على عروش التنظيمات وأقرانهم مدراء المؤسسات، الذين يملئون الدنيا تنظيرا وخطابات عن الخطر الاستيطاني وعن مخطط اولمرت، ويدعون عبر البيانات والمقابلات إلى مواجهة هذا الخطر الداهم، بينما على ارض الواقع وفي ميدان الصراع الأساسي-- لا تجد أحدا من تلك القيادات، ولا تلمس أثرا فعليا لخطبها وتوجيهاتها، حيث قليلا ما تجد أتباع تلك التنظيمات يشاركون بزخم مميز في الأنشطة-- وخصوصا في الأنشطة ضعيفة التغطية إعلاميا-- فأين هم إخوتنا الحمساويون الذين حققوا فوزا كاسحا بالانتخابات..؟؟ هل انشغلوا في يوم الأرض باستلام الوزارات..؟؟ وإذا كانت قياداتهم مشغولة..!! فلماذا لم تتحرك عناصرهم وأشياعهم..؟؟ وأين هم الإخوة الفتحاويون..؟؟ هل بسبب فقدانهم للسلطة وللحكم في هذا اليوم أصيبوا جميعا قيادة وقواعد بالإحباط والاكتئاب..؟؟ ونسيوا أن هذا اليوم هو يوم الأرض الذي تمتلئ برامجهم السياسية وخطبهم الطنانة بالحديث عنها وعن التضحية من اجلها..!! وأين هي التنظيمات الأصغر التي تشغل إعلاميا حجما يفوق حجمها على الأرض آلاف المرات..؟؟ والتي تدعي دائما أنها وراء كل الأنشطة ودليلها على ذلك راياتها الخاصة بها التي ترفعها في كل مناسبة حتى أكثر من رفعها للعلم الوطني..!! وأين هي المؤسسات التنموية والقانونية والاتحادات الشعبية والجمعيات..؟؟ التي تحصل سنويا على مئات الملايين من أموال الدعم، وتقدم تقارير إعلامية تصور ذاتها وكأنها خلايا نحل دائمة النشاط والفعالية..!! وعلى الأرض هي ليست اكبر من الصفر إلا بقليل..
والمدهش حقا أن المواطن الفلسطيني الصابر المسكين كان قد سمع خلال الشهر الأخير جدلا صاخبا-- بين الحزب الحاكم الجديد وبين القوى المعارضة له-- انصب في جزء كبير منه على مواجهة خطة اولمرت للحل الأحادي الجانب.. وتلاطش الجميع بالخطب الرنانة، حول ضرورة مواجهتها بنضال شعبي صلب وعنيد، وعن حشد الجماهير في معركة مواجهة الاستيطان والجدران وعزل الأغوار.. وكان المواطن يتوقع أن تغتنم هذه القوى يوم الأرض كفرصة لتثبت جدية شعاراتها.. لكن المناسبة مرت هذا العام بشكل بائس ومحزن، كشف عن سوء الأداء النضالي لهذه القوى جميعا، واضعف كليا مصداقية شعارات هذه القوى في أعين الجماهير.. لكن الأخطر من ذلك بكثير كان أن أعداءنا الذين يرصدون كل تحركاتنا وردود أفعالنا سيكونون واثقين مطمئنين على نجاح خططهم، لأنهم رأوا بأعينهم كيف مر هذا اليوم النضالي الهام جدا بشكل بارد، وكشف لهم عن عدم جاهزية كل أطياف الحركة الوطنية لخوض معارك وعدم قدرتها على تحريك الجماهير وحشدها لمواجهة ما يعده لها اولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد-- من خطط جهنمية لرسم الحدود النهائية لدولة إسرائيل مضمنا إياها أكثر من نصف الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 67 .
إن اولمرت الذي هنأه أصدقاؤه وحلفاؤه بالأمس على فوزه في الانتخابات، سيحظى اليوم مرة أخرى بالتهنئة-- لأنه وبالأداء النضالي الفلسطيني الذي ظهر في يوم الأرض-- يكون قد ضمن النجاح لخطته، التي أعلن عن نيته البدء بتنفيذها في الفترة القريبة القادمة... ومن المؤكد أن لا شيء قادر على تغيير النتائج المأساوية المتوقعة لخطة اولمرت-- إلا إذا استفاقت الحركة الوطنية، وأعادت بناء ذاتها من جديد، وأعادت التصاقها بجماهيرها، ونزلت من عليائها إلى الأرض حيث الجماهير.. وحيث الهموم اليومية.. والمشاكل التي تبحث عن حلول.. ومن المؤكد انه بدون أن تكون القوى بقياداتها وعناصرها في طليعة الفعاليات والأنشطة الوطنية.. وبدون أن تصب كامل جهودها في معارك النضال.. لن يكون لشعبنا فرصة في إفشال مخططات أعدائنا الجهنمية.
خالد منصور
مخيم الفارعة – 30/3/2006



#خالد_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللعنة على السياسة
- استحداث وزارة لشئون اللاجئين في فلسطين خطوة بالاتجاه الصحيح
- سعدات والشوبكي ورفاقهما ضحايا التواطؤ الدولي والصمت العربي و ...
- الخلاف مع حماس لا يبرر لأحد الانضمام لركب المنادين بإلزامها ...
- حزب الشعب الفلسطيني - والتحدي الصعب
- من موقع المعارضة يمكن لحزب الشعب الفلسطيني النجاح في ترميم ب ...
- استثناء حماس لحزب الشعب من مشاورات تشكيل الحكومة
- العمل الاهلي ....والحصاد المر
- العمل الاهلي في فلسطين.. والحصاد المر
- قلوبهم معك وسيوفهم مع معاوية
- المدعي العام الفلسطيني .. ومعركة الفئران
- شكوى واعتراض على قائمة فتح
- حول مرض شارون
- المجلس التشريعي الفلسطيني.. له القليل وعليه الكثير
- موقف الكونغرس الامريكي يتسم بالوقاحة- ويعتبر تدخلا سافرا بال ...
- كلمة في حفل تابين المناضل الشيوعي الفلسطيني سامي الغضبان - ا ...
- امرأة من سالم
- **زمن أوّل حوّل**
- انتخابات.. وانتفاضة داخل التنظيمات
- الوضع الفلسطيني الراهن وملامح المرحلة المقبلة


المزيد.....




- هكذا أنشأ رجل -أرض العجائب- سرًا في شقة مستأجرة ببريطانيا
- السعودية.. جماجم وعظام تكشف أدلة على الاستيطان البشري في كهف ...
- منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي محذرًا: الشرق الأوسط ...
- حزب المحافظين الحاكم يفوز في انتخابات كرواتيا ـ ولكن...
- ألمانيا - القبض على شخصين يشتبه في تجسسهما لصالح روسيا
- اكتشاف في الحبل الشوكي يقربنا من علاج تلف الجهاز العصبي
- الأمن الروسي يصادر أكثر من 300 ألف شريحة هاتفية أعدت لأغراض ...
- بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب -نشاطات تخري ...
- حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره ويستهدف مواقع للاحتلال
- العلاقات الإيرانية الإسرائيلية.. من التعاون أيام الشاه إلى ا ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد منصور - هنيئا لاولمرت بيوم الأرض