أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد وادي - البصرة تستصرخ الضمائر الحية














المزيد.....

البصرة تستصرخ الضمائر الحية


جواد وادي

الحوار المتمدن-العدد: 5979 - 2018 / 8 / 30 - 18:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ماذا عساني أقول وقد تفحم القلب غيضا وامتلأ قيحا وغزت دمائنا اخبارُ الخراب الذي بات يعيث بفيحاء العراق وثغره الباسم، الثغر الذي بات اليوم لا يطلق غير الصراخ والعويل ونحيب لم يتوقف منذ ابتلائها بفلول الذئاب المفترسة وخفافيش الفساد اللعينة، وهي ترى من يعيث بها وبماضيها وبتاريخها، فسادا ودمارا، اوباش يتناسلون ويتمادون ويتناطحون لا من اجل الحفاظ على هيبة وسمعة وثراء وتاريخ هذه المدينة الخالدة، ولكن بتوزيع حقدهم وضغائنهم وسعيهم لتخريبها بشتى السبل والوسائل والأهداف الخسيسة وبنذالة ما بعدها خسة.
إنها البصرة أيها السادة، صحبا كنتم أم حاقدون، كيف لكم أن تصمتوا وتسدوا مجساتكم لما يحصل لها ولأهلها الطيبين من دمار وفواجع وسغب وعطش وحرمان واهمال وموت محتوم، يقينا أنه متعمد، وقفنا عليه بأنفسنا ونحن نضرب الأخماس بالأسداس والدموع تنساب حرقة لما نشاهده من نفايات سدت نهر العشار الخالد، حيث كنا في أواسط السبعينات نقف على جماله وفتنة ابنيته المحيطة به، فما الذي جرى لها ولكم ولكل من يقف صامتا إزاء هذه الكوارث، لحاضرة الدنيا وقبلة العلماء وطالبي العلم والتفقه، مئات السنين الخوالي وليس اليوم، حيث كانت منتجعا سياحيا لبلدان كانت تتمنى أن تقترب مدنهم كما البصرة، واليوم باتت بلدانهم تناطح بهيبتها وعمرانها وابنيتها المعاصرة كبريات حواضر الدنيا ومدن العالم المتمدن، أما البصرة فلم تعد البصرة سوى مكب نفايات وسموم وامراض؟ فاين الخلل إذن؟
إنها البصرة، خزانة العرب وعين الدنيا، ذات الوشامين، البصرة العظمى، البصرة الزاهرة، الفيحاء، قبة العلم، هكذا كانت التوصيفات المنصفة لا من لدن القائمين على خرابها اليوم، بل منذ قرون خلت، وهي تمر بازهى وابهى حالاتها، واوفى وأكرم في عطائها العلمي والإنساني والمعرفي.
إنها البصرة، مدينة النخيل والشعر والتاريخ، مرت عبر تاريخها الحافل بالعطاء بمراحل رخاء وسخاء ومجد حقيقي، ورغم ما امتدت لها من ايادي الخراب والحقد والفعل البهيمي عبر حقب تاريخية متعاقبة، ولكنها لم تفقد ألقها وفتنتها وبهائها في شتى المجالات يوما.
قيل أن عدد أنهارها بلغ العشرين ألف نهر، وهذا رقم يشي بمدى خصوبة ارضها ونباتها وثمارها، حتى أنها كانت مغطاة بنخيلها، لهذا سميت بأرض السواد، لا بمعنى الغيوم الكالحة التي تحجب عنها نور الشمس وما تستحقه من ضياء ونور كما فعل بها الجهلة الذين تسلطوا عليها ظلما وبهتانا وزيفا اليوم، ليطلوا علينا بوجوههم الكالحة، وهم يبدون اسفهم لما يحصل لها، ونحن نعرف قبل أن يعرفوا هم، لتعطل احاسيسهم الإنسانية ووفائهم لهذه المدينة الصابرة، بانهم هم اس الخراب، وما آلت اليه أوضاعها الكارثية.
كأني هنا وبإحساس يضيم ويدمي استحضر ما قاله امام الهدى والعدل والإنسانية، الامام علي (ع) عن البصرة وما حل بها وما يفعل المخربون آنذاك بها وهم اسلاف احفادهم اليوم وهم يعيدون ذات الكرة، لينطبق عليهم كلام أمير المؤمنين:
: (كنتم جند المرأة، وأتباع البهيمة، رغا فأجبتم، وعقر فهربتم. أخلاقكم دقاق، وعهدكم شقاق، ودينكم نفاق، وماؤكم زعاق. المقيم بينكم مرتهن بذنبه، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه. كأني بمسجدكم كجؤجؤ سفينة، وقد بعث الله عليها العذاب من فوقها ومن تحتها، وغرق من في ضمنها).
بربكم الست أحوال البصرة اليوم كما جاءت في وصف امير المؤمنين لها ولآهلها والقائمين على شؤونها؟ فأية نبوءة هذه؟!

يقول ابن أبي الحديد معقبا على كلام الامام في نهج البلاغة: (فأما إخباره عليه السلام أن البصرة تغرق ما عدا المسجد الجامع بها، فقد رأيت من يذكر أن كتب الملاحم تدل على أن البصرة تهلك بالماء الأسود ينفجر من أرضها، فتغرق ويبقى مسجدها).
وها هي وقد تحول ماؤها وروافدها التي كانت تنهل بالزلال والعذوبة، الى مياه مالحة وملوثة ولا تصلح حتى للبهائم، وهذا كلام مسؤوليها، ناهيكم عن الإهمال المتعمد في كل مناحي الحياة فيها، من خدمات وماء وكهرباء وتشغيل وتعليم وصحة...و... و... .
يا لمأساتك أيتها الفيحاء النائمة على رخاء العراق الذي لم ينله أبناؤك ومن يحبك ويعيش على ترابك، ولو بجزئه اليسير، لتتبدد خيراتك على من لا يستحق أن نوسمهم بالبشر، فما أحراك أنهم يدعون بأنهم ينتمون اليك، ولادة وترعرعا ودراسة ووشيجة اجتماعية، انها الكارثة بعينها، وانت تطعمين العراق من أقصاه الى أقصاه بما تدرين من عطاء، ونصيبك من كل هذا الإهمال والخراب والموت والعقوق، لا من البعيدين عنك، بل من ابنائك والمقربين لك، كما يدعون، زيفا ورياء.
تعاقبت على سدة القرار على ترابك، فلول من الفاسدين والناهبين والمرائين واللصوص، من منتسبي أحزاب التدين الزائف، وكنت تتأملين منهم خيرا لينهضوا بك وبأبنائك ويزيحوا عنك غبار الزمن الظالم وما كنت تعانينه من اهمال وعقوق وافساد، ولكن خاب املك وأمل ابنائك، وفواجعك ما توقفت ولا من أمل في ايقافها وحتى محاولة الحد منها.
انها المحاصصة التي أتى بها الطارئون، سيدتي الفاتنة، ستبقين هكذا في وجداني، لأظل مغمض العينين، على ثرائك الذي ما غاب عن ذاكرتي ووجداني، وأنا ازورك بين فترة وأخرى لأشفي غليلي بما كنت تحفلين به من ثراء ظل شاخصا بداخلي، فشتان ما بين الأمس واليوم وأنا كما المحبون لك من العراقيين الأوفياء انحني اجلالا لتاريخك وبهائك وماضيك الموشى بالعطاء والخير والمحبة.
فصبرا لما تعانينه من أيام كالحة اليوم وهذه الغمة العظيمة بسبب فلول الخراب، ممن عاثوا بك وبخيراتك وباهلك فسادا واهمالا وموتا، فكم مرت بك مثل هكذا أيام سود ورياح حاقدة وعاتية في بغضها، ولكنك كما يخبرنا التاريخ، كنت من الصلابة والشموخ وأنت تتصدين لتلك الرياح الصفراء، فلا تحزني وابناؤك من الرجال والنساء الأوفياء لك، كفيلون بعودتك إليهم ولنا كما كنت أما رؤوما وأرضا تدر بالعطاء والخير والمحبة.
وما بيوم الخلاص ببعيد



#جواد_وادي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا كل هذا الاستقتال على المناصب؟
- شتان ما بين الوطني الحقيقي وذلك المدّعي
- قصائد للاغتراب
- مبروك لتحالف سائرون بكل تشكيلاته الوطنية الحرة
- النداء الأخير قبل الصمت الإنتخابي
- العزوف عن الانتخابات يبقي الفاسدين واللصوص على دفة الخراب
- أيها الناخب عزوفك عن الانتخابات خيانة للعراق
- كل عام وحزبنا الشيوعي العراقي أبهى واقوى شكيمة
- متى يعي شركاؤنا بأن الوطن فوق الجميع؟
- هل أصبحت الطائفية قدرا لعينا يلازم السواد الأعظم من العراقيي ...
- إلام نظل موزعين بين الموت والوطن والمنفى؟
- إنها فرصتك الأخيرة أيها الناخب العراقي المتضرر من نهج الفاسد ...
- يا للمهزلة... ولايتي يدس حقده المسموم في ارض العراق
- شباط الأسود وصمة عار في تاريخ حزب البعث الفاشي
- تحية لهذا الشيوعي المقدام
- قصائد لاعمارنا الهاربة
- ايها الناخب صوتك مستقبلك لتصحيح المسار
- شتان بين الإرث الشيوعي والإرث الطائفي والإثني
- هل من سبيل لإيقاف نزيف الفساد المدمر؟!
- حرب الأخوة غضب على الجميع


المزيد.....




- منها شطيرة -الفتى الفقير-..6 شطائر شهية يجب عليك تجربتها
- ترامب يرد على أنباء بدء محادثات سلام مع إيران ويؤكد: نريد -ن ...
- في حالة الحرب.. هل تغلق إيران مضيق هرمز؟
- هل سمعت عن مباراة كرة قدم انتهت نتيجتها بـ 149 هدفاً مقابل ل ...
- خامس يوم في معركة كسر العظم بين إسرائيل وإيران وواشنطن تدخل ...
- أوروبا الشرقية تستعد للأسوأ: مستشفيات تحت الأرض وتدريبات شام ...
- طهران وتل أبيب تحت القصف مجددا ـ وترامب يطالب إيران بـ-الرضو ...
- هل حقا إيران قريبة من امتلاك القنبلة نووية؟
- ارتفاع عدد الضحايا.. هجوم إسرائيلي دام على منتظري المساعدات ...
- كاتس يحذر خامنئي: تذكر مصير الدكتاتور في الدولة المجاورة!


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد وادي - البصرة تستصرخ الضمائر الحية