أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عصام شعبان حسن - إعلام دولة أحمد موسى وخديعة احترام القانون















المزيد.....

إعلام دولة أحمد موسى وخديعة احترام القانون


عصام شعبان حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5977 - 2018 / 8 / 28 - 15:14
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


عصام شعبان

المذيع المصري أحمد موسى أحد اشدّ المعادين لثورة يناير، وأبرز أذرع إعلام نظام عبد الفتاح السيسي، وهو نموذج لإعلام النظام الذي يسير بأوامر سلطوية، وغالبا ما يفرض على البرامج والمذيعين موضوعات الحلقات، والخطاب الذي سيبثّ على الشاشات. لم يعد ذلك تخمينات أو أسرارا، أعلنت السلطة، في خطابات رسمية عبر ممثليها، عن ذلك. تم تكييف الإعلام وتأميمه، بداية من الصحف إلى القنوات وصولا إلى وسائل التواصل الاجتماعي، والتي صُدّق أخيرا على قانونٍ يضبطها ويحاسب المعارضين في ساحتها، لا غرابة أن تجد التبريرات المتكرّرة نفسها في كل وسائل الإعلام، المرئية والمقروءة، بل على ساحات التواصل الاجتماعي، والتي خصّصت لها كتائب تردّ على أي آراء أو كتابات معارضة، كتائب ومؤسسات، مدعومة ليس من قوى مصرية وحسب، ولكن من مجموعات مصالح إقليمية، تموّل مشاريع ومنصات إلكترونية وصحفا ومراكز دراسات لترويج ما تريد، لأن معركة هزيمة الثورة المصرية، وتصفية كوادرها، وطمس معالمها لم تعد مهمة محلية فحسب، وإنما تجد خطاب معادة الديمقراطية والحريات وتأييد الإجراءات الاستبدادية وسياسات التقشف في مصر مؤيدا من خارجها أيضا.

يقف على رأس قناة "صدى البلد" أحمد موسى، المعروف بمعاداته الثورة وتأييد عبد الفتاح السيسي بشدّة. ينتمي هو وآخرون إلى معسكرٍ يمثل مجموعات مصالح من رجال القضاء
والأمن ورجال الأعمال ونخب رياضية وفنية، يتحرّكون فرقة واحدة، ويحملون الخطاب نفسه، وتجمعهم المناسبات والجلسات والتوجهات، ويرتبطون، في الوقت نفسه، بعلاقات إقليمية مع دولٍ تدعم الثورة المضادة بقوة، يعادون الديمقراطية والحريات، ويمتلكون كراهية غير محدودة للحركة الشبابية والاجتماعية، ولحركة حقوق الإنسان.

في المرحلة الانتقالية بعد ثورة يناير، كانت تلك المجموعات تلتقي، وترتب كيفيات تفتيت صفوف الثورة وتفريٌها، واستيعاب بعضها إن أمكن. كانت نخب الإعلام، مع أغلب رجال الأعمال، تلعب دورا مهما، وتنسق فيما بينها، خصوصا التي حظيت بتمويل ضخم وسخي من عدة أطراف. وكانت إحدى نقاط ضعف الثورة أن أهدافها ومكتسباتها لم تؤطر في نصوص قانونية، أو في دستور يحميها، وقوة سياسية تحفظ أهدافها، وتعمل على تطبيقها. وبعد حالة الإجهاد الثوري والتخبط والتفتت، عادت ترسانة القوانين القديمة والاستبدادية لتحكم الحركة الاجتماعية والحركة السياسية. هنا تجدد واتسع الدفاع المستميت عن فكرة سيادة القانون. لم يكن التراث التشريعي الاستبدادي منذ الاحتلال الإنكليزي كافيا من وجهة نظر السلطة، فأوجدت السلطات المتعاقبة تشريعاتٍ مضافةً إلى هذا التراث المقيد للحريات، لتجدّد العهد بالاستبداد. في هذه اللحظة، كانت رموز الثورة المضادة تتمترس خلف "احترام القضاء والقانون"، فتجد أحمد موسى ومرتضى منصور واحمد الزند وغيرهم يرفعون هذا الشعار بشكل متكرّر.

ظهر موسى أخيرا في فيديو بثته قناة صدى البلد، تتضح فيه كمية الترتيبات المعدّة للتصوير، من كاميرات خارجية وداخلية، واستعدادات مسبقة لاستقباله في المحكمة الدستورية، برئاسة المستشار حنفي جبالي الذي عينه السيسى أخيرا رئيسا للمحكمة الدستورية. كان المشهد لافتا، استقبال رسمي لإعلامي وصحفي متواضع القدرات، لكنه يمثل كتلة من مجموعات المصالح. ويبدو أنه أصبح يتمتع بنفوذ ضخم. مشهد سينمائي بامتياز، كاميرا رئيسية تتابع خطوات أحمد موسى في طريقة إلى المحكمة الدستورية، مرورا باستقباله من رجال الأمن والقضاء، وصولا إلى مكتب رئيس المحكمة. هنا ينتهي المشهد، ليبدأ الحوار ويتناول فكرة استقلال القضاء واحترام القانون، ويبدأ موسى الحديث عن حكم الدستورية العليا ببطلان كل الأحكام القضائية بخصوص اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، ليدعم الحكم الذي صدر برئاسة رئيس المحكمة الدستورية، حنفي جبالي، تنازل مصر للسعودية عن جزيرتي تيران وصنافير. ولأن الشيء بالشيء يُذكر، فانه لم يفوت السفير السعودي بالقاهرة تهنئته رئيس المحكمة بمنصبه الجديد، بعدها ذهب موسى إلى السعودية لأداء فريضة الحج.

حين صدر حكم الدستورية العليا الذي يدعم "سعودية الجزيرتين"، رفع الإعلاميون المتسعودون شعار "احترام وسيادة القانون" و"استقلال القضاء الشامخ"، بينما حين صدر حكم بمصرية جزيرتي تيران وصنافير من القضاء الإداري، كان الهمز واللمز قد بدأ ضد المستشار يحيى دكروري، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة الذي أصدر الحكم، ولم ينته الأمر بذلك، وإنما عاقبته السلطة، وحرمته من تولي منصب رئيس محكمة مجلس الدولة، حين تم تشريع قانون جديد، يكفل لرئيس الجمهورية التدخل في تعيين رؤساء الهيئات القضائية (القانون 13 لسنة 2017 ).

هنا تبرز إشكالية تحصّن قوى الاستبداد بفكرة الدفاع عن سيادة القانون، بوصفه أداة قمع وتقنين لأوضاع ظالمة، تتنافى مع فكرة المساواة والعدالة والعمومية، يدافعون عنها، وهي نتاج أوضاع طبقية مختلّة، تساهم في استدامة التمييز وتطبيق سياسات الإفقار، الطبقة المهيمنة سياسيا واجتماعيا وثقافيا هنا تشرّع لنفسها ولمصالحها في غيبة تمثيل حقيقي للشعب. وهي قوانينهم التي تتصف بـ "خصوصية"، على عكس منطق وفلسفة القوانين "العمومية" التي يكتبها الشعب عبر ممثليه، لكن الشعب الذي يُحجب عن التشريع والتعبير، حتى عن مواقفه وآلامه وآرائه، يُراد له أن يقتنع بسيادة قوانينهم "الخصوصية". لذا تدافع الأبواق الإعلامية للسلطة هنا عن القانون، وتعظم من سلطة القضاء، وتمنع أي انتقاد أو مساس لها، وتهاجم من ينتقدها بشراسة وعنف.

يحمل ترسيخ فكرة احترام القانون بشكل مطلق، حتى من المعارضين، قدرا من الزيف، يخرج عليك الإصلاحيون ليقولوا لك احترم قانون التظاهر، حتى يتم إسقاطه.
كانت الثورة وما زالت فعلا خارج سياق القانون والدستور. لذا، حين يتم التأكيد في حالات الصراع السياسي على احترام القانون، يُفهم بأي غرض يتكرّر هذا الخطاب. وهنا ليس غريبا أن يكون أكثر المعادين للثورة هم أكثر المتمسّكين بالدفاع عن سلطة قوانين الطبقة المهيمنة، لأنها ببساطة قوانينهم القمعية والسلطوية في جانبها السياسي، أو قوانين وسياسات النهب والجباية في الجانب الاقتصادي. هي أدوات للحكم ولاستمرار مصالح هذه الطبقة والمستفيدين منها، وتتماسّ هذه المصالح المتبادلة مع علاقات النظام ومجموعات المصالح التي يمثلها على المستوى الإقليمي.

يركّز التراث النظري الغربي على فكرة حكم القانون، بوصفه أداة للديمقراطية والمساواة، لكن ذلك مرهون بقدرة الناس على التشريع لأنفسهم، واستقلال القضاء وتوفر الحريات. وحكم
القانون بالتأكيد هو شرط للديمقراطية، لكن سيادة القانون وتطبيقه ليسا مؤشرا على الديمقراطية، في مجتمعاتنا التي تسيطر فيها النظم على أجهزة الإعلام والتشريع والأمن. ولا يؤشر تطبيق القانون، بمعزلٍ عن الناس هنا، إلى ملمح ديمقراطي، لأن أغلب التشريعات في بلادنا ما زالت تمثيلا للطبقة السياسية والاجتماعية المهيمنة، وأدوات للضبط، وتشريعا للنهب، وتحليلا وتجميلا للاستبداد، وليست قوانين للشعب، هو يكتبها ويقنن بها أوضاعه، ويسير بها شوونه.

قال رئيس الحكومة البريطانية السابق، ديفيد كاميرون، عام 2008 إن حكم القانون وسيادته في بريطانيا، وفي أوروبا عموما، هما في "مواجهة حكم الشرطة السرية". أما في بلادنا، فإن القانون يمكّن الشرطة والأجهزة الأمنية من استخدام القمع، ويمكّن رجال ومجموعات المصالح من النهب باسم القانون. وإذا توفرت في دولنا العربية نصوص قانونية، تتصف بالنزاهة والعدالة والمساواة وإقرار الحقوق، لا يجد تطبيقها طريقا له، ويصبح القانون أداة. والانتقاء في التطبيق منهج طالما بقي حكم النظم المستبدة.

هؤلاء ومن يساندهم ويكرّرون شعارات حكم القانون وسيادته تنطبق عليهم عبارة إيمانويل كانط "لا يناصرون الحق، بل يؤيدون القوة، ويتكلمون بلهجتها كأنها سوّغت لهم الإمرة على الناس". إنهم يروجون وهم الدفاع عن سيادة القانون، بينما يدافعون عن مصالحهم وقوانينهم. وإذا كانت المسالة تتعلق بسيادة القانون والدستور، فأين كل ما يدعم الحقوق والحريات وحق الشعوب في حياة كريمة في القوانين والدساتير؟



#عصام_شعبان_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نفهم الاحتجاجات الشعبية
- -نيوم- السعودي مشروع للهيمنة والتطبيع والتسوية
- أفريقيا 2017 .. الحكومات فى خدمة الطغم المالية
- شفيق بين أزمة السياسة والنظام في مصر
- مصر.. الحركة المدنية الديمقراطية وسؤال التغيير
- المعذّبون في مصر
- مشاهد من الفرح المصري المحتجز
- إصلاحهم الاقتصادي يعمق الأزمة لا يحلها
- دولة الفساد والاحتكار تسرق قوت المصريين
- مركب رشيد... استراتيجية إدانة الضحية
- أزمة حليب الأطفال في مصر: سياسات اقتصادية سلطوية
- فلاحو مصر غاضبون: -من يشتري القمح ؟
- دواء المصري في قبضة التجار
- نقابة الصحفيين. مصر تحاصر حصارها
- الأرقام تكشف أوهام سماسرة المال
- التمرّد يواجه الاستبداد
- العمّال العرب: هموم واحدة ومطالب مشتركة
- الاقتصاد مدخل السيادة المصرية
- عطش فى بلد النيل
- كيف تُحوِّل اقتصاداً إلى جمعية إحسان؟


المزيد.....




- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عصام شعبان حسن - إعلام دولة أحمد موسى وخديعة احترام القانون