أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - خليل عيسى - حول تبرير الخطف عند نخبة الإسلام السياسي الحاكم














المزيد.....

حول تبرير الخطف عند نخبة الإسلام السياسي الحاكم


خليل عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 5977 - 2018 / 8 / 28 - 11:24
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


ظهر استخدام خطف الأجانب من ديبلوماسيين وصحافيين كتكتيك استخدمه تقليديّاً «الضعفاء» من التنظيمات اليسارية المتطرّفة ولاحقاً الإسلامية الجهادية في كلّ أنحاء العالم، وبخاصة في الشرق الأوسط خلال الستينات وأوائل السبعينات من القرن الفائت في حروبهم ضد «الأقوياء». «الأقوياء» في معظم الحالات هي حكومات غربية تمتلك جيوشاً عصيّة على الانتصارات الخاطفة التي دوماً ما يحلم بها أعضاء تلك التنظيمات. في تلك الحروب التي تخاض بصمت يكون عادة ديبلوماسي أو ملحق ثقافي لسفارة أجنبية الهدف الأسهل للضغط على الدولة المعنية أو لإيصال رسالة ما من قبل طرف ثالث، لكن منذ حدوث الانقلاب على شاه إيران الذي قام به الخميني عام 1979 والتي كانت «معمودية النار» فيه عملية خطف لثلاثة وستين فرداً من السفارة الأميركية في طهران بدأت في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 1979 واستمرت 15 شهراً، شرعت السلطة الحديثة العهد في إيران باستعمال أسلوب خطف الأجانب كأداة ابتزاز للدول الغربية. بعدها في لبنان وخلال عقد الثمانينات من الحرب الأهلية استخدم نظام حافظ الأسد وليبيا القذافي وإيران الملالي الأسلوب نفسه، في سلسلة من عمليات تمّت في بيروت الغربية (104 رهائن أجنبية بين 1982 و1992)، وأبرز مثال على التبعات الرهيبة لذلك كان مقتل الباحث الفرنسي ميشال سورا الذي مات مخطوفاً عام 1985.


إذا كان خطف المدنيين بصفته عمل إرهابي هو سليل «تاريخي» لعمليات الخطف التي كانت تقوم بها ولا تزال العصابات وقطاع الطرق، إلا أنّه كسلاح سياسي «رخيص» ما لبث أن لاقى استعمالاً رائجاً من قبل دول مثل إيران وليبيا وسورية كانت أضعف من أن تتحمل حروباً مباشرة، حيث يتمّ الخطف عادة خارج البلد المرسل للرسالة. وفي هذا يبدو أنّ ذهنية العصابة، ذهنية اعتماد خطف المدنيين عند بضعة أفراد يأخذون القرارات الحاسمة كانت ولا تزال صفة ملازمة لسلطة الملالي الحاكمة، سلطة هي إحدى التجليات الحديثة الأولى لما يسمى بالإسلام السياسي.

لكن أخراً بدا أنّ أردوغان وهو الممثل الثاني للإسلام السياسي الصاعد من «الأقوياء» في الإقليم بات يستعمل الأسلوب نفسه بعد عملية «اعتقال» القس الأميركي أندرو برونسون في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2016 الذي عاش لمدة 23 عاماً في تركيا. سجن القسّ برونسون لمدة شهرين من دون توجيه أيّة تهم إليه، ثم اتهم بعدها «بالتخابر مع جهة أجنبية وبالعمل لمصلحة حزب العمال الكردستاني». الدليل الوحيد الذي قدمته الحكومة التركية على كل ذلك هو رسائل «واتساب» للمبشّر إياه الذي كان قد أرسل لصديقه أنه فرح بمحاولة الانقلاب لأن ذلك «يحضر الشروط لعودة المسيح». اعتقال برونسون كان أشبه باختطاف، لكنه على أيّة حال ليس ببعيد عن معظم الاعتقالات التعسفية التي تتمّ في تركيا منذ سنوات قليلة لصحافيين وكتّاب وباحثين وناشطين وناس عاديين بتهمة كونهم من أتباع غولن تحت ستار قانون الطوارئ، حيث وصل عدد المحتجزين هناك إلى 160000 شخص. في خطابه خلال شهر أيلول الماضي أعلن أردوغان محاولته الضغط على الإدارة الأميركية لتسليمها «فتح الله غولن» وقال إنه «لديكم قسّ (غولن) أيضاً. أعطوه إيانا... وسنعطيكم إياه (برونسون)».

بعدها قال البيت الأبيض إنّ الحكومة التركية طلبت دعم الرئيس الأميركي في إطلاق سراح «إبرو أزكان» وهي امرأة تركية مسجونة هناك متهمة بالتعامل مع حركة «حماس» مقابل إرجاع القسّ وبأن إسرائيل نتيجة لذلك أبعدت السجينة إلى تركيا.

عملية «التجارة» بالقسّ الرهينة من قبل السلطة الأردوغانية التي يغطي ارتفاع منسوب لهجة رئيسها ضد الولايات المتّحدة حالياً حقيقة كون تركيا هي عضو فاعل وأساسي في حلف شمال الأطلسي، لدرجة أنّ وزارة الدفاع الأميركية طمأنت الجميع أخيراً في بيان لها بأنّ «العلاقات لم تتوقف بين الجيشين الأميركي والتركي لحظة واحدة»، تشير إلى أنّ استيراد الأسلوب الإيراني بإعلاء صرخات «الموت لأميركا» في كون هذا، تحديداً، هو الوسيلة الأنجع لتغطية التعامل الأوثق مع أميركا على الأرض، إنّما يقوم على قدم وساق في بلاد الأناضول. وبهذا فإنّ احتجاز برونسون أو خطفه العملي من أجل الاتجار به مقابل غولن ليس سوى خطوة إضافية على طريق تبلور ذهنية العصابة عند الفريق الأردوغاني الحاكم. حينها يصبح السؤال الطبيعي: هل أنّ ذهنية العصابة في إدارة العلاقات الدولية هي صفة تكاد تكون ملازمة للإسلام السياسي عند «الأقوياء» خلال العقود الأربعة الماضية، صفة هي تكوينية في حالة إيران الملالي وتطوريّة في حالة تركيا؟ واستتباعاً هل يحاول «السلطان» أن يقيم بهذا شرخاً سيكولوجيّاً عميقاً ضد أميركا في ذات جماهير تركية تمتلك نزعة قومية جامحة حتى لو على حساب تدهور الاقتصاد التركي، تماماً كما فعل خميني مع الإيرانيين بخطفه رهائن السفارة الأميركية، وذلك من أجل ترويج مشاريع تركيا الإقليمية في المنطقة العربية في خضمّ سعيه وحزبه لاختلاق «بطل سنّي»؟ هل يتّبع أردوغان الوصفة الإيرانية في حذافيرها حتى لو بثمن أخذ تركيا إلى خرابها جراء ذلك؟

هذا لأنّه حتى العصابات يمكن أن تخطئ في حساباتها أيضاً.



#خليل_عيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران والوصفة السلفادورية في العراق
- بورجوازية حزب الله و-السلسلة-
- سقوط القمّة العربيّة الإيراني
- السياسة اللبنانية والعَبَث المتعدد بالمرأة
- نسبيّة-حزب الله-وطريق التحول العراقي
- في نقد نقّاد الترامبية
- نحو إمبرياليّة أميركيّة بجناحين نوويين
- الكسل الفكري السوري بين الضلالة والهدى
- احتضار لبنان بين ثلاثة نماذج
- النرجسيّة السورية بين السوداويّة والخيانة الموضوعيّة
- في نقد الاستراتيجيّة الإعلاميّة السعودية تجاه العراق
- من أجل فهم عربي مطابِق ل -حرب تمّوز-
- -جامبيت- عربي في الانتخابات الأميركية... لم لا؟
- في أصل الصحوات السوريّة وملحقاتها
- المستعمرة اللبنانية ومهام اليسار الراهنة
- عبد الرزاق عبد الواحد أم أحمد الجلبي؟
- الإمبريالية الأميركية ونظام قتلة الأطفال
- للقضاء على لبنان توفيق خوّام
- المسيرة الثورية اللبنانيّة
- حانت لحظة الحقيقة أيها اللبنانيّون


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - خليل عيسى - حول تبرير الخطف عند نخبة الإسلام السياسي الحاكم