أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعيد رمضان على - مدخل الى سيناء - جزء اول














المزيد.....

مدخل الى سيناء - جزء اول


سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 5970 - 2018 / 8 / 21 - 18:43
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


إذا مر الإنسان من على قناة السويس بالمعدية أو من فوق كبرى السيارات ، متجها لسيناء سيرى المياه الزرقاء تنساب بهدوء في تموجات تماما كنهر النيل ، وقد يسعفه الحظ فيرى سربا من الأسماك ، أو قارب صيد صغير يتهادى على صفحة الماء بفعل حركة المجاديف أو شراع معلق على صاري ، وربما يرى صيادا جالسا على الضفة مشعلا سيجارته متأملا خيط سنارته وهو يتباعد أو يقترب ، لكنه في الغالب سيرى سفينة ضخمة تشق الماء ، واحيانا يتقدمها قارب صغير يرفع علم مصر بجوار علم قناة السويس .
وعندما تمر السفن من القناة قد يفكر البعض في عائدها المادي ، أو يسرح البعض الأخر في حلم ارتياد أماكن مجهولة ، كما فعل سندباد الأساطير ، وربما فكر آخرين في بلاد يهاجرون إليها هروبا من اختناق قابض على حياتهم ، لكن عندما نرى علم مصر بجانب علم قناة السويس وهو يرفرف بجمال في المقدمة هل نسأل كيف وصل ذلك العلم ..علمنا إلى هناك ؟ و ما الذى جعله يرفرف خفاقا ؟؟
وإذا كانت قناة السويس تذكر مقترنة بعائدها المادي وإيراداتها، طول العشرين السنة الماضية تقريبا ، فأنها من قبل وطول تاريخها كانت تذكر بغير ذلك ..
لم تكن أبدا قناة السويس مجرد ممر مائي ..
لقد نظر إليها مرة إثناء حفرها ، كأنه حفر لقبور ألاف العمال المصريين الذين ماتوا في ظروف قاسية
ونظر إليها مرة أخرى كأداة للسيطرة الاستعمارية
وبعد السيطرة نظر إليها كمجرى استغلالي ، بواسطته يتم نهب مصر بطولها وعرضها .
ثم نظر إليها كرمز للكرامة الوطنية
أما العمال المصريين الذين ماتوا وهم يحفرونها ، فأن أحفادهم استشهدوا على ضفتيها في نفس المكان وعلى نفس التراب ، التراب الذي يمتد ليصل إلى أول حدود الوطن في سيناء .. وبين التاريخين : تاريخ الجد وتاريخ الحفيد، تألقت روح الشعب فعزفت موسيقى المقاومة ، وحملت بلدها مصر ووضعتها في قلب الدنيا .
ولم تكن بداية النضال عند ضفتي القناة ، بل ابعد من ذلك في المكان والزمان ..
في المكان عند خط الحدود حيث تلاحمت قديما أراضي مصر والجزيرة العربية وفلسطين و حاليا تتقارب أربعة دول : مصر / السعودية / الأردن / فلسطين .
وفى الزمان بداية من الهكسوس، عندما بدأت أنشودة النضال مع أول خطوة للمصريين لتطهير بلدهم ، و لم تتوقف الأنشودة عن العزف أبدا أو تخفت لحظة من الزمان حتى انتهى الاحتلال الصهيوني لسيناء .
وقد انتهي كل احتلال بالهزيمة وظلت سيناء لمصر ، وبقيت مصر لشعبها الذي وقف شامخا بأصالة ..
ومن الغريب أننى إثناء بحثي في المراجع والمصادر سواء كانت مكتوبة أو عن طريق إخباريين ، اكتشفت أنني الذي عشت في سيناء من عام 1982 وحتى ألان ، لم اعرفها تماما ، وجهلت جوانب كثيرة فيها ، لقد أعادني هذا الكتاب إلى التاريخ ، مما جعلني أكثر قربا من وطني ، وانتشلني من القلق الذي أصابني وأنا أرى العديد من أبناء بلدي ، يعانون من دوامة التشتت والحيرة ، ومن فجوة قد تعرضنا جميعا للضياع ، هي فجوة ضياع القيم وفقدان الهوية ..
هناك دعاوى تظهر كل حين بأن الإصلاح ينبغي أن يتم بإطلاق الحريات و إصلاح المؤسسات ، والنظام الإداري ، وتوزيع الدخل ومنع الاحتكار .. إلى غير ذلك من صور الإصلاح ..
وقد اتفق مع كثير من هذه الدعاوى ، ولكني أؤكد أن كل عيب وكل فساد ، وكل تراجع عن القيم ، جاء بسبب إفراغ التاريخ من محتواه ..
أن تفريغ طاقات المقاومة والنضال التي ترسخت في وجدان الشعب المصري ، والعمل على تهميش دوره أدت إلى إيقاف نبض الحياة فيه .
في الماضي لم تكن هناك مؤسسات ديمقراطية أو حريات حقيقية ، لكن النبض كان حيا .. و الرؤية لا يغلفها أي ضباب والهدف واضح .. كنا نعرف تماما وجهتنا ....ثم تغير الزمن .. ضاعت الرؤية كما ضاع اليقين ، واختفى كل نبض وكل حس وكل جمال ، فتمزق نسيج الوطن ، وغابت الروح الحقيقية وتقوقعت ، لأن من يحمل رايتها وهو الإنسان المصري البسيط ، أصبح معلقا في الفراغ ولم يعد يعرف من هو ... لقد تم بلبلته وتهميشه ، وسحقه الجري طول يومه وراء لقمة العيش بدون لحظة يلتقط فيها الأنفاس .
وأحسب أن الكتابة عن سيناء فيه رتق لبعض النسيج الممزق ، لأنه عندما نكتب عن جزء من مصر فنحن نكتب عن تاريخ وطن ، وذلك يقربنا من هويتنا أكثر .



#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدخل الى سيناء - جزء ثان
- مدخل الى سيناء - جزء ثالث
- إنسانية - العرض- وإشكاليات الحاضر
- ديابولوس
- قراءة في قصة - العرض-
- مذكرات ضابط أمن
- نظرة على الفن
- كلهم أبنائي - نقد
- زبد الليل - نقد
- السفينة - نقد
- الشقراء أم الثلاث
- حكاية (( ليلة حزن في قصر الوالي )
- - ملكوتية -
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء السادس
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء السابع
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء الثامن والأخير
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء الرابع
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء الخامس
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء الثانى
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء الثالث


المزيد.....




- -صفقة مع الشيطان-.. نائب أمريكية تهاجم قانون ترامب -الضخم وا ...
- أثاث ينمو من الأرض على مدى 10 سنوات.. والنتيجة تحف فنية نادر ...
- الجيش السعودي يثير تفاعلا بتدشين أول سرية منظومة -ثاد- الأمر ...
- نشاط جديد في موقع -فوردو- الإيراني.. والصور تظهر ردم حفر خلف ...
- إجراء إسرائيلي يهدد مستقبل عشرات الطلبة الفلسطينيين بالضفة
- أسلوب استقبال محمد بن سلمان للرئيس الاندونيسي ولقطة مع وزير ...
- الإبلاغ عن أكثر من 1850 حالة إخفاء قسري في بنغلاديش
- عدة مصابين في إطلاق نار بمركز تجاري في ولاية جورجيا الأميركي ...
- 17 شهيدا بغزة في غارات إسرائيلية منذ فجر اليوم
- وزراء من حزب ليكود يطالبون نتانياهو بالإسراع في ضم الضفة الغ ...


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعيد رمضان على - مدخل الى سيناء - جزء اول