أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - نظرة على الفن














المزيد.....

نظرة على الفن


سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 5954 - 2018 / 8 / 5 - 22:18
المحور: الادب والفن
    


لا أحد ينظر للفن التشكيلي الفلسطيني ويمتزج فيه يمكنه نسيان السؤال الأكثر طغيانا:
- هل الحياة تستحق أن تعاش تحت الاحتلال دون مقاومة؟
- ما هو الأهم في الحياة ؟
ونجيب :
- إنه ظرفها الأساسي، كيف تعيش الحياة؟
ومنذ فجر التاريخ لم يكن هناك سوى حقيقة واحدة : إن تكون حرا أو لا تكون .
ربما يكون ذلك حكماً إخلاقياً، لكنه تعبير يختزل التاريخ البشرى. بحث الإنسان الأبدي عن الحرية يعنى أن يكون له هويته و أحلامه الخاصة، وهى تتلخص في مستقبل ينبع من قلبه لا من سيطرة غيره، وهكذا ارتكز اختيار الفنان الفلسطيني على الوضوح ، وضوح الحدث: التشريد والتهجير، ووضوح الصراع... ضد الاحتلال ، ووضوح الغاية ... الحرية ، فالفن التشكيلي الفلسطيني فيه ألم صارخ وكثافة حسية وتعبر عن الإنسان الفلسطيني المحروم من الحياة ، لكنها تعبر أيضا عن النضال ، الصبر ..والحس الوطني العالي الذي يمنحنا فيه الأمل .
وهكذا اتخذ الفنان الرفض الكامل لكل ما يتعارض مع الحرية، حريته وحرية وطنه، واختار المقاومة وعدم الاستسلام لعقبات تحتشد ضده وضد كل ما هو إنساني ، لتمنع كل ما هو نبيل وجميل في الحياة .
إن ليوناردو دافنشي بيكاسو وفرانشيسكو دي غويا وسلفادور دالي وديلا كروا وبريغل .. لم يقل لهم أحدا اذهبوا تأملوا المذابح حتى تنفعلوا بها .. فالأمر عندهم قضية فكرية تتعدى حطام قرية ما، وقتل مجموعة من الناس ... فكل قرية تتلوها قرية أخرى، وكل مذبحة تأتى بعدها مذبحة أخرى، الأمر دائم والمعاناة مستمرة، هذا هو خلاصة التاريخ البشرى، عدا لحظات نادرة منه .
والفنان الفلسطيني يعيش تلك المعاناة المستمرة من 1948 .. وعلى عكس بيكاسو ودافنشي وغيرهم ، فهو عانى الغربة بجسده وروحه، وهو لا يسمع عن الدمار بل يراه بأم عينيه ، ويتشتت من مكان إلى مكان لأن مساحة بلدة تتقلص ، ويرى أقاربه ومعارفة أشلاء تحت انقاض البيوت ، ويرى الطفولة التي انتزعت منها الطفولة ، والبراءة التي اغتالها الرعب . انه يتجول في عالم القليل يطرقونه ، لكن خبرته الفنية يتركها لانفعاله بمأساة شعبه ووطنه ، محولا ذلك الانفعال إلى الوان وخطوط ، مختزلة العنف ، الوحشية في الإنسان ، والرغبة العميقة في الحياة بسلام .
"ومهما يكن نوع حقل الفن الذى يعمل فيه فإنه ينزع إلى أن يرى تاريخه من الزاوية المفضلة أو الأثيرة لديه ، من حيث الزمان والمكان والثقافة ، ليركز على ما يبرز أمامه على أنه أعظم أهمية " "1" ولا شيء اكثر أهمية من حرية بلاده .. إبداعه الفني إذن لا يختلف بذلك عن موقفه الفكري والنضالي، إن خطواته قادته سريعا إلى المعركة التي ستحدد مصيره كفلسطيني .
"ويقينا أن الفن واسطة تقنية تستطيع عن طريقه الاتجاهات الفردية والجماعية أن تعبر عن نفسها بطريقة أوضح وأوفى من بعض النواحي منها عن طريق أي وسائل أخرى ، وهو أيضا الذى يمكن أن ترفع فيه مشكلات الحياة والإجابات المحتملة عنها – الي مستوى اكثر وعيا وان تنقل إلى الغير ."2 وعن طريق الاختيار الخاص للأفكار والصور والأوضاع والألوان والرموز، جعل الفنان الفلسطيني من فنه حصنا قويا يودع فيه كل ماله علاقة بتراث وتاريخ بلاده حتى لا يندثر أو يسرق ، وعلى نحو خاص لعب دورا أيضا ضد الاحتلال ، وفى عملية طويلة وصعبه ساهم في إزالة الزيف الذى يمارسه الأخرون ضد قضايا بلاده .
فن يتضح فيه الموقف الذى ينتج عن فهم الفنان لأوضاع وطنه وظروف مجتمعه، كما ظهر فيها الوضوح الذى يعبر عن قدرة الفنان في الاختيار بدون خوف من السجون والمعتقلات ، وقدرته على مواجهة قدره بشجاعة... فن انتج نتيجة لظروف غير أدمية فرضت على المجتمع الفلسطيني، وكل فنان عبر بأسلوبه عن الموقف الواقعي الناتج من قرار حاسم.
فالفنان الفلسطيني و قضية وطنه وارض بلاده وتراثه وتاريخه اصبحوا كيانا واحدا، يتمرد ويثور في أشكال وخطوط على سطح لوحة مجسدا عملا دراميا عظيما .. يتناول القضية الأبدية والأكثر أثارة في التاريخ البشرى وهى الحرية .

----------
هوامش وإحالات :
1- التطور في الفنون – توماس مونرو- الجزء الأول –الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة -2014
2- التطور في الفنون – توماس مونرو- الجزء الثالث –الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة -2014

-------------------------



#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلهم أبنائي - نقد
- زبد الليل - نقد
- السفينة - نقد
- الشقراء أم الثلاث
- حكاية (( ليلة حزن في قصر الوالي )
- - ملكوتية -
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء السادس
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء السابع
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء الثامن والأخير
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء الرابع
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء الخامس
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء الثانى
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء الثالث
- رواد الفن التشكيلي في فلسطين – الجزء الأول
- تاريخ الفن التشكيلي الفلسطيني – الجزء الثالث والأخير
- تاريخ الفن التشكيلي الفلسطيني – الجزء الأول
- تاريخ الفن التشكيلي الفلسطيني – الجزء الثاني
- رقص العقارب
- قراءة في قصة ( زوجة العياشي )
- أدب الفانتازيا وأدب الخيال العلمي


المزيد.....




- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...
- انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - نظرة على الفن