أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - لماذا العراق أولاً؟















المزيد.....

لماذا العراق أولاً؟


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 5963 - 2018 / 8 / 14 - 15:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لماذا العراق أولاً؟
د. عبدالخالق حسين

يبدو أن العراق محكوم عليه أن يتحمل تبعات كل ما يجري من صراعات بين دول المنطقة، وخاصة بين إيران، والسعودية وتركيا، وبالطبع وراء هذه الصراعات أمريكا وإسرائيل وحسب ما تقتضيه سلامة وأمن الأخيرة. فالمعروف أن كل القوى السياسية في كل دولة من دول العالم لا بد أن تدخل بصراعات داخلية فيما بينها حول مصالحها الفئوية، والمنافسة على السلطة والنفوذ، ولكن عندما تكون بلادهم مهددة بخطر خارجي، فسرعان ما ينسون خلافاتهم، ويتوحدون صفاً واحداً كالبنيان المرصوص، دفاعاً عن مصلحة شعوبهم و أوطانهم.

ولكن مع الأسف الشديد يبدو أن هذا المبدأ غير قابل للتطبيق في العراق. فمنذ سقوط حكم البعث الفاشي، انقسمت القوى السياسية فيما بينها، كل منها لجأت إلى دولة من الدول الاقليمية تستجدي منها الدعم ضد القوى المنافسة لها، وحسب انتمائها الطائفي والأثني، مفضلة مصلحتها الفئوية على المصلحة الوطنية.

حصل هذا مؤخراً، وبكل وضوح عندما قامت إدارة ترامب بفرض عقوبات اقتصادية جائرة على الشعب الإيراني انتقاماً من الجمهورية الإسلامية الإيرانية بسبب سياساتها المعادية لأمريكا وإسرائيل، وبرنامجها النووي، ودعمها للقضية الفلسطينية. ونحن كعراقيين عانوا كثيراً من العقوبات الاقتصادية الجائرة لثلاثة عشر عاماً من الحصار الاقتصادي الدولي، بسبب سياسات النظام البعثي الساقط الإجرامية على اثر غزوه للكويت عام 1990، نعرف أن هذه العقوبات لا تضر بالنظام الحاكم، وإنما يتحمل وزرها الشعب، حيث الدمار الاجتماعي و الاخلاقي والحضاري والهجرة المليونية، بحثاً عن لقمة العيش بكرامة...الخ.

وهنا وجدت حكومة الدكتور حيدر العبادي نفسها بين (حانة ومانة)، كما يقول المثل العراقي، بين إيران وأمريكا. فإيران هي جارة تربطنا بها علاقات جغرافية حيث لنا معها 1400 كلم من الحدود، وتاريخية لعشرات القرون، ودينية وثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية وأمنية...الخ، لا يمكن التفريط بها إطلاقاً. وفي نفس الوقت للعراق مصالح سياسية وأمنية واقتصادية مع أمريكا التي قامت بتحرير الشعب العراقي من أبشع نظام جائر في التاريخ، وخلصته من الحصار الاقتصادي الأممي، ومئات المليارات الدولارات من الديون وتعويضات الحروب العبثية التي شنها النظام الساقط على دول الجوار. وفي هذه الحالة ليس بإمكان الحكومة العراقية أن تفرط بعلاقتها مع أمريكا لتأخذ موقفاً منحازاً إلى إيران.

لذلك فموقف الدكتور العبادي هو أشبه ببطل السرك الذي يمشي على حبل مشدود، لا بد وأن يحافظ على توازنه كي لا يسقط. وإنصافاً للرجل، أقول أن تصريحاته الأخيرة حول موقف العراق من العقوبات الأمريكية على إيران كانت جداً متوازنة، آخذاً بنظر الاعتبار مصلحة الشعب العراقي فوق مصلحة أي بلد آخر، تماما كما تفعل حكومتا إيران وأمريكا وغيرهما، و أية حكومة أخرى لا تعتبر مصلحة شعبها أولاً، هي حكومة خائنة لشعبها.

فماذا قال العبادي بالضبط في هذا الخصوص كي يثار ضده كل هذا الغضب من إيران وأنصارها في العراق؟

قال العبادي وحسب ما نقلته وكالة رويتر للأنباء:
" من حيث المبدأ نحن ضد العقوبات في المنطقة. الحصار والعقوبات تدمر المجتمعات ولا تضعف الأنظمة“. وأضاف ”نعتبرها خطأ جوهريا واستراتيجيا وغير صحيحة، لكن سنلتزم بها لحماية مصالح شعبنا. لا نتفاعل معها ولا نتعاطف معها، لكن نلتزم بها“.(1)

والعبارة التي أثارت غضب إيران، وأنصارها في العراق هي "لكن نلتزم بها". وهل بإمكان أي رئيس حكومة، حريص على مصلحة شعبه أن يقول غير ذلك؟ هل بإمكان العبادي أن يقف بوجه جبروت أمريكا؟ وهل يتعظ العراقيون من تجاربهم المؤلمة و خيباتهم السابقة؟

لقد حاول السيد نوري المالكي، رئيس مجلس الوزراء سابقاً، وتحت ضغوط من إيران، وأنصارها في العراق، تحدي أمريكا، ورفض طلبها بإبقاء قطعات عسكرية أمريكية في العراق لتدريب القوات العراقية، ومساعدتها في حربها على الإهاب. فماذا كانت النتيجة؟ النتيجة احتلال ثلث مساحة العراق من قبل شذاذ الآفاق من الإرهابيين البعثيين الدواعش لثلاثة أعوام عجاف، ولم يتم تحريرها إلا بمساعدة أمريكا والقوات الدولية، و إزاحة المالكي عن رئاسة الحكومة، وتدمير البنى التحتية بشكل كامل في المناطق المحتلة، واستشهاد عشرات الألوف من القوات المسلحة والحشد الشعبي وغيرهما، وقتل عشرات الألوف من المدنيين من قبل الارهابيين، إضافة إلى صرف عشرات المليارات من الدولارات على العمليات الحربية بدلاً من استثمارها في الاعمار والتنمية البشرية.

لقد طلع علينا بعض أنصار إيران من العراقيين بمقالات نارية غاضبة ضد حيدر العبادي بسبب قوله (لكن نلتزم بها)، أي بالعقوبات. وعلى سبيل المثل لا الحصر: كتب السيد محمد مجید الشیخ، وهو سفير عراقي سابق في طهران، مقالاً بعنوان (إيران خط أحمر) جاء فيه: " ان ایران وكما تحدثنا الروایات المتواترة هی قاعدة الامام المهدی (ع)، الذی سیقود جیوشها للقضاء علي السفیانی الذی یدخل العراق ویعیث فسادا فی الارض، ثم یتجه الامام (ع) الي بیت المقدس محررا وفاتحا. وإذن فان اضعاف ایران فی العقل الاستراتیجی (الصهیو إنكلو امریكی) هو لعرقلة تحقق هذا الوعد الالهی .. ولكن خسئوا فان الله منجز وعده ولو كره الكافرون."(2)

ومع احترامنا لمعتقدات الناس الدينية والمذهبية، إلا إننا نرفض استغلال هذه المشاعر لأغراض سياسية تضر بمصلحة بلدهم وهو يمر باحلك الظروف تهدد وجوده لمصلحة بلد آخر. فهل يمكن لأي عاقل مسؤول على رأس الحكومة أن يضحي بمصلحة شعبه بناءً على هذه السفسطات المتافيزيقية التحريضية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين؟ فالعراق يمر بمرحلة تاريخية وجودية خطيرة، ليس هناك أي مجال للتلاعب بمشاعر البسطاء من الناس، الدينية والمذهبية، بل يجب اتباع المنطق العقلاني السليم، وسياسة فن الممكن، والالتزام الكامل بمبدأ (العراق أولاً) ومصلحته فوق مصلحة أية دولة أخرى، والتخلي عن هذا المبدأ يعتبر خيانة وطنية.
[email protected]
موقع الكاتب على الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/m.asp?i=26
ـــــــــــــــــــــــــــ
روابط ذات صلة
1- العبادي: العراق لا يتعاطف مع العقوبات على إيران لكن سيلتزم بها
https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN1KS1QC
2- محمد مجید الشیخ: إیران خط احمر
http://www.irna.ir/ar/News/82999077
3- د. حميد الكفائي: لماذا تُطالَب بغداد برعاية مصالح طهران؟
http://www.alhayat.com/article/4597910
/رأي/سياسي/لماذا-تطالب-بغداد-برعاية-مصالح-طهران
4- عدنان حسين: لسنا محمية ايرانية
http://almadapaper.net/Details/212627
/شناشيل-للتذكير-لسنا-محميّة-إيرانيّة



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التظاهرات التخريبية دائماً تبدأ بمطالب مشروعة!
- ومتى كان العراق مستقراً؟
- منجزات ثورة 14 تموز 1958*
- العراقيون ضحية مثالياتهم
- ذكاء العراقيين المدمر
- حول تحالف الشيوعي العراقي مع التيار الصدري الإسلامي
- حول قرار البرلمان لمعالجة تهمة تزوير الانتخابات
- المقاطعون انتصروا على أنفسهم!!
- في وداع المناضل عادل المراد
- لماذا يجب أن نقبل نتائج الانتخابات وإن بدت مخيبة لآمالنا؟
- نجاح الانتخابات انتصار للعراق الديمقراطي
- انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، أسبابه وتداعياته
- مرة أخرى، لماذا نؤيد أمريكا في العراق ونعارضها في سوريا؟
- شيطنة العدو لتبرير إبادته
- تهمة الكيمياوي السوري ذريعة لتدمير المنطقة
- مّنْ المستفيد من معاداة أمريكا؟
- قانون شركة النفط الوطنية أكبر جريمة بحق الشعب العراقي
- علي الوردي وفالح عبد الجبار: هل فاق التلميذ أستاذه؟
- سلامة موسى.. داعية الحرية وفن الحياة
- ما البديل عن مؤتمر الكويت لاعمار العراق؟


المزيد.....




- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - لماذا العراق أولاً؟