أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - شيطنة العدو لتبرير إبادته















المزيد.....

شيطنة العدو لتبرير إبادته


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 5847 - 2018 / 4 / 16 - 10:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الملاحظ من أدبيات وفتاوى مشايخ التنظيمات الإرهابية، القاعدة وداعش وغيرهما، أنهم يحاولون إبراز خصومهم بأسوأ ما يمكن، والحط من قدرهم إلى ما دون مستوى البشر، وشيطنتهم (Demonizing)، ونعتهم بالشر المطلق، وأنهم أعداء الله والبشرية، وحتى دون مستوى الحيوان، ولذلك فهم لا يستحقون الحياة، وإبادتهم واجبة للتقرب إلى الله وكسب مرضاته، وقال الشيخ حسن الترابي مرة في هذا الخصوص: "وهل هناك أكثر قربى إلى الله من إرهاب أعدائه".

هذا التكتيك الإعلامي لمسخ العدو، الذي اتبعه الإرهاب السلفي الوهابي، يمارسه الآن الإعلام الغربي ضد الرئيس السوري بشار الأسد، وحلفائه، روسيا وإيران وحزب الله اللبناني، لتبرير ضرباتهم الصاروخية وإسقاط الحكومة السورية.
فالإدارة الأمريكية فبركت تهمة استخدام السلاح الكيمياوي ضد حكومة بشار الأسد عندما تأكد لهم اقتراب ساعة النصر على الإرهاب، لكي يجهضوا النصر(1). فالمتتبع لتغريدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وخطابه عند إعلانه الهجوم الصاروخي فجر يوم 14 نيسان/أبريل الجاري، يراه يصف الرئيس الرئيس السوري بشار الأسد بأنه حيوان وحشي همجي قاتل الأبرياء، وخاصة الأطفال والنساء، ويردد الإعلام الغربي هذه التغريدات بالصوت والصورة وهم يصبون المياه على رؤوس الأطفال لإزالة تأثير الغازات السامة المزعومة، في فبركة تم فيها استخدام التقنية المعلوماتية المتطورة إلى أرقى مستوى ليحدثوا أكبر تأثير في نفوس المشاهدين، وليبرروا هجومهم الصاروخي على سوريا وتدمير ما تبقى منها. كما وجه ترامب خطابه إلى روسيا وإيران قائلاً لهم أي نظام همجي هذا الذي تدعمونه؟ و قال أيضاً: "حشدت بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية قواها الخيرة ضد البربرية والوحشية". فهو هنا يصف قواه بقوى الخير وقوى خصومه بقوى الشر والبربرية والوحشية. وهذا هو الأسلوب المتبع لتجريد العدو من أية صفة بشرية، وإبرازه بالهمجي ضد الحضارة والإنسانية لتبرير تصفيته وإبادته.
ولكن لو ألقينا نظرة حيادية إلى ما يجري في المنطقة، لرأينا أن أقرب حلفاء أمريكا وبريطانيا وفرنسا في المنطقة، وهم السعودية والإمارات ودولة قطر، هم الذين يقومون، ولعامين متتاليين بأبشع هجمة همجية بربرية على الشعب اليمني، وتسببوا في قتل عشرات الألوف من الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمير شبه كامل للمؤسسات الأقتصادية والخدمية، وتخريب المدن والقرى وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها في قصف جوي مستمر وبالأسلحة الأمريكية والبريطانية والفرنسية، وبمباركة من حكومات هذه الدول. فإذا كان الرئيس الأمريكي وحلفاؤه يتألمون ويذرفون دموع التماسيح على أطفال دوما في سوريا، فلماذا يشاركون ويباركون في قتل أطفال اليمن؟ ولماذا، على الأقل، لا ينصحون حلفاءهم بوقف هذه المجازر ضد الشعب اليمني البائس؟
كذلك يسكتون عن جرائم نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية في ارتكابه المجازر ضد الشعب الفلسطيني الأعزل عندما يقوم هذا الشعب بمجرد تظاهرة سلمية ضد احتلال بلاده؟ ومن هنا نرى مدى النفاق والكذب ودموع التماسيح على أطفال دوما السورية.

استنتاجات من الهجمة الصاروخية
كشف لنا العدوان الثلاثي (الأمريكي-البريطاني-الفرنسي) الأخير على سوريا حقائق عدة، و كما يلي:
أولاً، أن رؤساء الحكومات الغربية، وخاصة الكبرى منها، هم ليسوا من يحكمون ويتخذون القرارات، بل هناك ما يسمى بالتجمع السري(secret society)، هو الذي يحكم. فقبل فبركة تهمة السلاح الكيمياوي ضد سوريا، صرح ترامب أنه يريد سحب القوات الأمريكية من سوريا، وأعطى إشارات أنه يخطط للانسحاب من صراعات الشرق الأوسط لأنها كلفت أمريكا ترليونات الدولارات خلال العقود الماضية دون أية فائدة لأمريكا. فهذا الموقف يرفضه صناع القرار في التجمع السري، وخاصة اللوبي الصهيوني المناصر لإسرائيل، لذلك ما كان منهم إلا وفبركوا تهمة السلاح الكيمياوي في دوما، وأبرزوا على شاشات التلفزة مناظر الأطفال "المصابين" بالغازات السامة المزعومة، وبذلك أرغموا ترامب على التراجع عن قرار الانسحاب من سوريا إلى الهجوم الصاروخي عليها.

ثانياً، وقد سبقت هذه المسرحية زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى بريطانيا وأمريكا، والتي تم خلالها عقد عدة صفقات ضخمة لشراء الأسلحة تقدر قيمتها بمئات المليارات الدولارات(2)، وضمن لهم دفع تكاليف الصواريخ التي سيقصفون بها الشعب السوري وباسم حمايته من يشار "الحيوان الوحشي" على حد تعبير ترامب.

ثالثاً، والجدير بالذكر أن الوسائل الإعلامية الغربية رغم ما تتمتع به من حرية التعبير، والنقد والاستقلالية، إلا إنها في حالات خاصة تلتزم بسياسة حكوماتها حتى ولو كانت باطلة، وعلى سبيل المثال، عندما قام صدام حسين باستعمال الغاز السام في حلبجة، تبنى الاعلام الغربي جانب العراق ووضع المسؤلية على ايران، لأن صدام في ذلك الوقت كان صديق الغرب الحميم، وينفذ سياساتهم ضد إيران. ولكن لما قام صدام بغزو الكويت وصار عدواً للغرب،عندها قامت الحكومات الغربية ووسائل إعلامها بقول الحقيقة وتوجيه التهمة إلى صدام حسين في تسميم حلبجة. ولم يكتف الإعلام الغربي بهذه الحقائق ضد صدام، بل فبركوا ضده الأكاذيب أيضاً، مثلاً تهمة قيام الجنود العراقيين بسرقة حاضنات الأطفال الخدَّج من مستشفيات الكويت، وجاؤوا بفتاة أدعوا أنها كانت ممرضة كويتية في إحدى تلك المستشفيات وهي تبكي على الأطفال، وتبين فيما بعد أنها كانت ابنة الشيخ سعد الصباح، وزير خارجية الكويت آنذاك، وكانت التهمة فبركة اعترف بها الاعلام الغربي بعد أن نفذت التهمة غرضها.

رابعاً، كذلك نعرف العلاقة الحميمة بين الرئيس الأمريكي دونالد تربط ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولكن لما حصلت عملية تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا في بريطانيا، بغاز الأعصاب، واتهام روسيا بها، وتصعيد الحرب الدبلوماسية ضد روسيا وبوتين لتشويه صورتهما في العالم، قامت أمريكا وبقرار من ترامب، بطرد نحو مائة دبلوماسي روسي من أمريكا. وعلى الأغلب أُرغم ترامب على أخذ هذا القرار، مما يدل على أن أمريكا يحكمها ناس وراء الكواليس، وحسب ما تقتضيه مصلحة المؤسسات الحاكمة في الغرب. والجدير بالذكر أن كل هذه الاجراءات تصب في مصلحة إسرائيل.

خامساً، نلاحظ أن أمريكا التي سارعت في الهجوم الصاروخي ولم تنتظر إعلان نتائج إجراء تقصي حقيقة السلاح الكيمياوي، اقترحت بعد القصف على مجلس الأمن الدولي تشكيل لجنة من خبراء "مستقلين" لتقصي الحقائق في سوريا. وبالتأكيد، الغرض من تشكيل هذه اللجنة بعد القصف هو لمعرفة نتائج القصف الصاروخي الأخير، ومدى جدواه. والسؤال هنا، ماذا سيكون موقف أمريكا لو خرجت اللجنة بنتيجة تنفي فيها استخدام السلاح الكيمياوي من قبل القوات السورية؟ والملاحظ أيضاً أنهم من الآن راحوا يقولون أن القصف لم يدمر كل مخازن السلاح الكيمياوي، وذلك ليمهدوا للاتهامات القادمة كلما اقترب النظام السوري من النصر على الإرهاب، فهم لا يريدون هزيمة الإرهاب وخلاص الشعب السوري منه، بل ليستمر إلى أن يحقق الدمار الكامل لسوريا إلى أن تُرغم سوريا على المصالحة مع إسرائيل.
سادسا، رغم ما يثيره الإعلام الغربي، وخاصة الأمريكي من انتقادات لاذعة، وهجوم بالغ على الرئيس الأمريكي ترامب، وإبرازه بالمجنون والمختل عقلياً، والإباحي جنسياً، وأنه فاز بالانتخابات الرئاسية بمساعدة بوتين...الخ، وآخر ما قيل في هذا الخصوص، تصريحات جيمس كومي، رئيس مخابرات (FBI)، لمحطة (ABC) الأمريكية البارحة (15/4/2018)، "أن ترامب غير مؤهل اخلاقياً ليكون رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية"، إلا إن جميع وسائل الإعلامية الغربية هذه، وحكوماتها وقفت مع ترامب وقفة رجل واحد وبصوت واحد في هجومه على سوريا.
ربما سيسارع البعض باتهامنا بأننا نؤمن بنظرية المؤامرة، ولكن ما ذكرناه أعلاه هو الحقيقة وليس له أي تفسير آخر.
[email protected]
ــــــــــ
روابط ذات صلة
1- د. عبد الخالق حسين: تهمة الكيمياوي السوري ذريعة لتدمير المنطقة
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=595436

2- تقرير عن صفقات الأسلحة التي عقدها محمد بن سلمان مع أمريكا في زيارته الأخيرة لواشنطون
Rabat – President Trump offered what many are describing as “embarrassing” welcome to Saudi Prince Mohamed bin Salman in the White House on Tuesday.
https://www.moroccoworldnews.com/2018/03/242836/donald-trump-mohamed-bin-salman/



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهمة الكيمياوي السوري ذريعة لتدمير المنطقة
- مّنْ المستفيد من معاداة أمريكا؟
- قانون شركة النفط الوطنية أكبر جريمة بحق الشعب العراقي
- علي الوردي وفالح عبد الجبار: هل فاق التلميذ أستاذه؟
- سلامة موسى.. داعية الحرية وفن الحياة
- ما البديل عن مؤتمر الكويت لاعمار العراق؟
- ما البديل عن رحيل القوات الأمريكية؟
- لماذا المشاركة في الانتخابات واجب وطني؟
- حذاري من تأجيل الانتخابات!
- لا للتجنيد الإجباري!
- هل ما يجري في إيران هو استنساخ للسيناريو السوري؟
- الحشد الشعبي ما بعد داعش
- لا لمشاركة الحشد الشعبي في الانتخابات
- المخفي من مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية
- عودة إلى مقال: الإسلام بين التفخيخ والتفخيذ(2-2)
- الإسلام بين التفخيخ والتفخيذ (ثانية)
- السماح بالزواج من القاصرات جريمة ضد الطفولة ومخالَفة للدستور
- لماذا العراق غير قابل للقسمة؟
- تحية لقواتنا الباسلة على تحريرها كركوك
- لعبة إستخباراتية أجنبية لضرب الوحدة الوطنية


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - شيطنة العدو لتبرير إبادته