أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جبار قادر - بوصلة السيد الجعفري















المزيد.....

بوصلة السيد الجعفري


جبار قادر

الحوار المتمدن-العدد: 1504 - 2006 / 3 / 29 - 09:03
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


من العادات المحببة لدى السيد ابراهيم الجعفري اللجوء الى لغة ملتوية مليئة بالتعابير التي لاتعبر عن شئ محدد وتعرف في اللغة العربية بانها من سقط الكلام. ومن بين ما نطق به في احد لقاءاته بتلفزيون العراقية الخاص به وبأخبار ديوانه ( ان الشعب العراقي يحدد اتجاه بوصلته) ، وهو رأي لا وسيلة لدينا ولا لدى السيد الجعفري لأمتحان مصداقيته . بينما في مقابل ذلك يمكن الجزم بأن اكثر من نصف الشعب العراقي على اقل تقدير لايرغب في ان يراه على راس الحكومة القادمة .
يبدو ان مشكلة السيد الجعفري تكمن الى حد بعيد في انه لا يدرك بعد انه احد اللاعبين فقط على الساحة السياسية العراقية وليس اللاعب الأوحد بل ولا الأقوى بين جيش اللاعبين الحاليين. وتفضح تصرفاته اثناء لقاءاته الصحفية وفي جلسات الديوان التي تنظمها له وتبثها الفضائية العراقية نزوعا قويا لدى الرجل على الأنفراد بالسلطة ومنح المكرمات الرئاسية وتسفيه دور الآخرين . يتصرف السيد الجعفري في هذه اللقاءات وكأنه الحاكم بأمره في البلاد، بل ويبدو للمشاهد وكأن القوات الأمريكية او ما تسمى بقوات متعددة الجنسيات قد انسحبت من العراق منذ امد ليس بالقريب . ولعله ادرك متأخرا بأنه تسبب في ازمة سياسية خطيرة كادت تودي بالبلاد ، فعاد ليقول بانه سيتنازل عن منصب رئيس الوزراء اذا طلب منه الشعب ذلك دون ان يوضح الآلية التي يمكن اللجوء اليها ليقول الشعب عبرها كلمته في الأمر .
من يتابع سيرة السيد الجعفري خلال السنوات الأخيرة الأقل يدرك بان بوصلته هذه قلما وجهته الوجهة الصحيحة . فقد رفض المشاركة في مؤتمر لندن للمعارضة العراقية التي كانت محطة مهمة على طريق كنس نظام صدام حسين. يبدو ان بوصلته وجهته انذاك الى حيث قعقعة القومجية والغوغائية الأسلامية واليسار المحنط ليعود بعدها ويجلس في مجلس الحكم بموافقة المندوب السامي الأمريكي بول بريمر عليه وبعد تزكيته فقط من قبل الأعضاء الآخرين. يشير سلوك السيد الجعفري هذا الى براغماتية قوية لا علاقة لها بالبوصلة واتجاهاتها .
ولم يعتبر السيد الجعفري من هذه الواقعة بل عادت بوصلته لتدله مرة اخرى الى اتجاه خطير، وذلك عندما حاول ولكن دون نجاح ، قضم اهم مبدأين وهما الديموقراطية والفدرالية من نص القسم خلال مراسيم تنصيبه لرئاسة مجلس الوزراء، ليعود مرة اخرى مجبرا على اداء اليمين بصورة صحيحة مع اعضاء حكومته . لقد اثار السيد الجعفري بتصرفه هذا المخاوف لدى الكثيرين من ان الرجل لا يؤمن بالديموقراطية ولا النظام الفدرالي الذي اتفقت عليهما أهم القيادات السياسية العراقية.
أخطأت بوصلة الجعفري مرة اخرى الأتجاه عندما بدأ يتقرب من زعيم مجموعة تتجسد فيها بوضوح كل سمات التجمعات الفاشية وتجمع في صفوفها فدائيي صدام واللصوص والعجايا، مؤكدا من جديد ان (الغاية تبرر الوسيلة ) لديه. فقد حصل على دعم هذه المجموعة في صراعه داخل الأئتلاف مقابل اطلاق ايدي عصاباتها في مناطق عراقية عديدة لمحاربة كل ما هو جميل وانساني في حياة الناس في تلك الأنحاء . اذ تشير الأخبار الواردة من المناطق التي تتحكم بها هذه العصابات الى حياة قاتمة مليئة بالخوف والعنف والجريمة تقوم بها هذه العصابات تحت مسميات مختلفة تؤدي في النهاية الى نكوص الناس عن الحياة وتسليم ارادتهم لفدائيي صدام تحت مسميات جديدة هذه المرة .
وجاءت زيارته الأخيرة الى تركيا في وقت عصيب جدا بالنسبة للعراق مع عدم وجود مبررات منطقية لها لتؤكد حقيقة طالما حاول السيد الجعفري ان يتجنب الأعتراف بها الا وهي عطب بوصلته كليا . يعود مسؤولوا العالم الى بلادهم ويقطعون زياراتهم الى الخارج مع حدوث اي طارئ ، بينما ترك السيد الجعفري بلاده وهي على شفا حفرة الحرب الأهلية ويقتل فيها عشرات المواطنين الأبرياء يوميا على ايدي الأرهابيين وعصابات الجريمة المنظمة والميليشيات الحزبية. لقد قام السيد الجعفري بزيارته تلك لا لكي يضع حدا لهذه الحالة بل ليحيك المؤمرات مع دولة اجنبية ذات اطماع تاريخية في اراضي العراق محاولا توظيف ذلك في الصراع السياسي الداخلي . وهذا اسوأ عمل يقوم به مسؤول سياسي في اي بلد . ذهب الجعفري ليتفاوض مع المسؤولين الأتراك على مستقبل مدن ومحافظات عراقية بالضد من ارداة سكانها ، ولينضم بذلك الى قائمة الحكام العراقيين الذين استقووا بالأجنبي على ابناء بلادهم ليعودوا بعدها ويشكوا من تدخل الأجانب في بلادهم ولكن بعد (خراب البصرة ).
رغم تعاون الحكومات العراقية المتعاقبة مع دول الجوار واستقوائها بحكومات هذه البلدان لقمع الشعب العراقي عموما والشعب الكردي على وجه الخصوص ،الا ان صدام حسين بز الجميع عندما تنازل لشاه ايران عام 1975 عن اراض ومياه وطنية عراقية مقابل تمكينه من قمع الحركة الكردية . كما تحالف مع تركيا ووقع معها الأتفاقيات الأمنية وسمح لقواتها بالتوغل داخل الأراضي العراقية لملاحقة قوات الأنصار الكردية. سمح بذلك لهذه الدول وغيرها بالتدخل في الشؤون الداخلية العراقية بصورة فضة نشهد اثارها المدمرة على ارض العراق هذه الأيام .
وبين هذا وذاك اخطأت بوصلة الجعفري الأتجاه مرات عديدة عندما تعامل مع وزرائه، الذين يمثلون مختلف الكيانات السياسية ، كموظفين لديه لا وزراء يعملون معه لبناء العراق واخراج البلاد من النفق المظلم . كما تمثل محاولاته المستمرة للسيطرة على وسائل اعلام الدولة ضربة قوية لمبدأ حرية الأعلام في العراق الجديد والتي قيل الكثير عنها خلال السنوات الأخيرة . وتجسد برامج العراقية ومحاولات تلميع صورة السيد الجعفري والسائرين معه ومناسباته مع حجر شبه كامل على الرأي الآخر حتى لو كان حليفا واهمال مناسباته كليا ، تجسد صورة بائسة لما ستؤول اليه حرية الأعلام في العراق . وهنا ايضا اخطأت بوصلة الجعفري الأتجاه والهدف ، اذ ان هناك عشرات القنوات التلفزيونية والأذاعية ومئات الصحف والمجلات التي تستطيع ان تعبر عن الرأي الآخر واخباره وخطاباته .
لقد جسدت مواقف السيد الجعفري من قضية محافظة كركوك عطب بوصلته وعدم كفاءته كرجل دولة. اذ ان رجل الدولة الحكيم يعمل على تهدئة الأوضاع بين المكونات الأثنية والدينية ويقدم الدعم الكافي للقوى التي تدعو الى حل القضايا والمشاكل بالوسائل الحضارية لا القوى التي تعمل على تهييج الأوضاع . كانت تصرفات السيد الجعفري وبعض وزرائه من الذين يحملون افكاره ويعبرون عن ذهنيته على العكس من ذلك تماما ، ولولا حكمة سكان كركوك الأصليين لكان من الصعب تجنب احداث الشغب والتوتر التي حاولت القوى المتطرفة الغريبة على هذه المدينة ان تثيرها .
ادارة العراق في المرحلة الحالية بحاجة الى ذهنية متفتحة بعيدة عن الأنغلاق ولعل افضل ما يختتم به السيد الجعفري حياته السياسية والعامة هو التخلي عن عناده ومنح الفرصة لأناس آخرين يحلون محله للعمل على ايصال السفينة الى شاطئ الأمان . سيكون لتمسكه بمنصب رئيس الوزراء اثار خطيرة على مستقبل البلاد قد لا يفيد معها مجلس الأمن الوطني ولا نظام مجلس الوزراء.
على كل حال ومن حسن حظنا جميعا ان السيد الجعفري لن يتمكن ان يتحكم بنا وبمصائر اطفالنا كما كان الأمر في العهد السابق .



#جبار_قادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسماعيل بيشكجي : نموذج العالم المنصف
- القضية الكردية في تركيا من منظور باحث أرمني
- الدستور التركي و سياسة قهر الأكراد
- كركوك ، تاريخ عريق و واقع مرير
- قراءة أولية في تصريحات أردوغان حول القضية الكردية في تركيا
- الفيدرالية: تجسيد لتعايش مفهومي الوحدة و التنوع على سطح واحد ...
- هل تأخر حقا تشكيل الحكومة العراقية الجديدة ؟
- سر إقبال الأتراك على كتاب (كفاحي ) لأدولف هتلر
- رائدة اليسار التركي بهيجة بوران
- تركيا و الأنتخابات العراقية
- قطع الرقاب ثقافة بعثية بإمتياز
- القضية الكردية في تركيا
- ملكة الكرد تواجه الكراهية بالدعوة الى المحبة
- غرباء كركوك و أصلائها بين المزاعم و الأحصاءات الرسمية
- الأنتخابات و الخطاب الأعلامي العراقي
- مع الشعلان و الزيباري سننعم بالديموقراطية في جمهورية الخوف
- أين الحقيقة في ما يكتب و يقال عن كركوك ؟ قراءة في وثائق حكوم ...
- الأنفال : نتاج آيديولوجيا البعث و نظامه الشمولي- 3
- الأنفال : نتاج آيديولوجيا البعث و نظامه الشمولي- 2
- الأنفال : نتاج آيديولوجيا البعث و نظامه الشمولي -1


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جبار قادر - بوصلة السيد الجعفري