أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أحمد إبريهي علي - حول التنسيق بين التصنيع وتطوير الخدمات العامة في العراق















المزيد.....

حول التنسيق بين التصنيع وتطوير الخدمات العامة في العراق


أحمد إبريهي علي

الحوار المتمدن-العدد: 5960 - 2018 / 8 / 11 - 08:45
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


حول التنسيق بين التصنيع وتطوير الخدمات العامة في العراق
الدكتور احمد ابريهي علي
لقد تبين وانسجاما مع المسار الممكن والأفضل للنمو، كما اشير الى ذلك في مقالات سابقة، ان العراق لا خيار امامه سوى المباشرة بالتصنيع الذي يتجه للتصدير، وان ترتكز التنمية الاقتصادية على هذه العملية كي يمكن بناء قاعدة انتاج سلعي عريضة بموازاة النفط الخام. وبخلاف ذلك يقترب العراق اكثر فأكثر نحو قيد ميزان المدفوعات الخارجية، أي قيد المصدر الوحيد للعملة الاجنبية (1). ومن جهة اخرى يصعب تدبير ايرادات اضافية لتمويل توسع الانفاق الحكومي ما لم ينجح العراق في وضع الاقتصاد الوطني على المسار المذكور آنفا. ولأن ازمة عجز البناء التحتي والخدمات العامة صارت ضاغطة، سياسيا واجتماعيا، فكيف تستطيع الحكومة المباشرة بالتصنيع وفي نفس الوقت تخصيص موارد كافية لأستكمال المشاريع المطلوبة للكهرباء والمدارس ... والطرق ... وغيرها. ولقد سبقت الأشارة الى مقدمات الأجابة على هذا السؤال وخلاصتها ان التنمية الحقيقية تتطلب ادارة لكل الأقتصاد بآليات خلق موارد اضافية بصفة مستمرة وتوظيفها بكفاءة، أي بتكاليف اقل لتحقيق نفس الأنجازات.
ويشمل البرنامج الأستثماري الحكومي، حتى في وضعه الحالي، النفط والغاز وبعض الصناعات المرتبطة بهما، وثمة صناعات تحويلية اخرى تقوم على الهايدروكاربونات تحاول الحكومة التعاقد مع مستثمرين اجانب للقيام بها. وايضا ورغم الموارد المحدودة لوزارة الصناعة إلا ان خيارالتصنيع من خلال القطاع العام لم يستبعد رسميا، لكنه لا يجد مساندة من ذوي الكلمة المسموعة في دوائر القرار لطغيان الحكم المسبق بفشل القطاع العام دائما. والمهم التأكيد على ان نهضة العراق تتوقف على بناء طاقات انتاجية كبيرة وبتقنيات متقدمة في ميادين الانتاج السلعي من غير النفط الخام ومنها الغاز، وتصنيع النفط والغاز مادة اولية لبتروكيمياويات واسمدة وسواها، واقامة صناعات كثيفة الطاقة وهي معروفة ومبينة في دراسات واستراتيجية الطاقة التي اعدت عام 2012. والى جانب تلك المسارات صناعات تحويلية مستقلة عن النفط والغاز تعتمد التكنولوجيا الأحدث وذات القيمة المضافة العالية، وكثيفة راس المال، لمعالجة معوقات ضعف القدرة العراقية على التنافس الدولي والمرتبطة بالاجور وسعر الصرف وتكاليف المدخلات المحلية. اما من جهة القطاع الخاص فيمكن بلورة مشاريع كبرى، واعدادها جيدا من الحكومة، ثم مفاوضة القطاع الخاص على التزامها، وربما عبر تأسيسها بصفة شركات مساهمة، بمشاركة او بدون مشاركة اجنبية، بشرط ادارة التأسيس على اكمل وجه وبضمان مقومات النجاح. ولأن هدف التصدير هو الناظم للتصنيع تصبح مهمة تعيين فرص الاستثمار موكولة الى ضمان العائد المقبول على الأستثماروالتشغيل وامكانية التصدير المحسوبة جيدا مسبقا (2).
ولا تحتاج الحكومة الى الانخراط مع القطاع الخاص في تفاصيل الاف المشاريع الصغيرة ، انما رعاية القليل من الصناعات التحويلية الكبرى التي تساعد على ما يسمى الخرق البنيوي للأقتصاد العراقي. وعلى وفق هذا المنهج تتعاون الدوائر المختصة للحكومة وخبرائها مع القطاع الخاص من الأعداد الاولي للمشروع ولحين التشغيل . وتستهدف استراتيجيات التنمية الاقتصادية، عادة، تكامل الاقتصاد الوطني ، قدر الامكان، وهو بعد آخر لا يتعارض مع التصنيع للتصدير، ومن بين اهم المسارات المثمرة في هذا النسق التوسع في الأنتاج الصناعي لمدخلات التكوين الراسمالي، لا سيما في انشطة البناء التحتي، وهي كثيرة ومنها جميع مكونات الابنية والانشاءآت، ومشاريع نقل وتوزيع الكهرباء وانظمة مياه الشرب والصرف الصحي وغيرها.
وتمثل الشركة المساهمة احد ابرز الحلول لمشكلة تمويل المبادرات الأستثمارية، و ويتطلع المخرون العراقيون الى حيازة اسهم نظيفة بعوائد معقولة ومخاطر واطئة، كما ان اسهم الصناعة التحويلية مريحة لضمير المتدين، وليس من الصعب ايجاد السبل المناسبة لمشاركة الصيرفة الاسلامية في هذا المجال الاستثماري الذي ينتظره العراق.
ولقد اتضحت الحاجة الماسة الى تغيير اسس اعداد وادارة تنفيذ الموازنة العامة، بأكملها، وذلك ليس بالمعنى التنظيمي الشكلي بل المضامين . فعند تبني الحكومة لمنظومة معايير جديدة لجميع فقرات الانفاق التشغيلي وبالتزامن مع اصلاح دوائر الدولة قد يمكن انقاذ موارد مالية توجه الى الاستثمار.
اما بشأن البرنامج الاستثماري الحكومي بالذات فلا باس من تكرار المقترحات السابقة بلغة اخرى: أي التطوير الجذري لقدرات العراق على البناء والأعمار ومن بينها الانتفاع من امكانات القطاع العام المتمثلة بشركات في وزارتي الصناعة والاعمار بعد تكييفها، وتعبئة وحدات هندسية للعمل في التنفيذ ضمن تلك الشركات او بتنظيم آخر. وليس من المعقول عدم توظيف الموارد البشرية للقطاع العام، بمعناه الواسع، من اجل التنمية في حين تتحمل الموازنة العامة نفقات الأحتفاظ باعداد ضخمة من القوى العاملة تستطيع الادارة الذكية والمتعطشة للأنجاز توظيفها. ومن المستبعد ان تواجه هذه الاستراتيجية معارضة ما دامت منطقية ومتسقة وتوكل الى جهات خبيرة.
ولمغادرة المشكلات المزمنة للتعاقد على المشاريع وتنفيذها من الأفضل تجميع وحدات عقود التجهيز والمقاولات وادارة المشاريع في جميع وزارات الدولة والمحافظات وغيرها لتحويلها الى شركات متخصصة في اعداد وتصميم وادارة تنفيذ المشاريع؛ واستحداث وحدات رقابة هندسية وكلفوية لتدقيق اعمال شركات ادارة المشاريع وشركات المقاولات. وإذا ما توجهت لحكومة نحو هذا الأصلاح فسوف تكتشف ان الموارد بمستوياتها الحالية كافية لأستكمال البناء التحتي ومواصلة تطويره.
لا شك بوجود فرص لتمويل بعض مشاريع الطاقة والخدمات بعقود الخدمة طويلة الأمد مع القطاع الخاص او الاجنبي. ولدى القطاع الأُسري الأستعداد للأسهام في تمويل مشاريع مياه الشرب والصرف الصحي عندما يثق بالكفاءة وان التكاليف مضبوطة وسوف ينعم بخدمات جيدة.
وتسهم انطلاقة التصنيع، مع زخم الأستثمار في البناء التحتي، وبشروط الكفاءة والتنظيم الفعال والأدارة الماهرة بمجموعها، في تشكّل بيئة جديدة تنبثق عنها قوى ديناميكية تتجاوز نوعيا نقطة الأنطلاق. ولا ننسى ان الابتكار التكنولوجي والتنظيمي من اهم روافد التطور في العالم، ولا بد ان يبدا دوره في العراق في جميع مجالات الأستثمار والأنتاج، وليكن القطاع العام حاضنة الأبداع الهادف اقتصاديا وماليا.
لقد حافظ معدل التضخم على معدلات واطئة وهذا مما يشجع على الاقتراض الداخلي للتوسع في الانفاق الحكومي الأستثماري، على جبهتي التصنيع والبناء التحتي دون الخشية من توليد موجات تضخمية. لأن المستوى المنخفض للتضخم يدل على وجود طاقات انتاجية فائضة في المدخلات المحلية للنشاط الأنتاجي والاستثماري، وايضا سوف تراقَب حركة المستوى العام للأسعار ويضبط حجم الانفاق الحكومي والأقتراض الداخلي بالأنسجام مع شروط الأستقرار. ويستند تصور امكانية الاقتراض الداخلي ضمن حدود التوازن بين العرض الكلي والطلب الكلي الى تحسن اسعار النفط، بمعنى كفاية العملة الاجنبية لتلبية الطلب الاضافي على المستوردات جراء زيادة الانفاق الحكومي وما ينتج عنه من مضاعفات على الطلب الكلي(3).
وقد يساعد استتباب الوضع الامني على عودة رؤوس اموال عراقية من الخارج او على الاقل ، ومع انتعاش الأعمال في البيئة الجديدة ، انخفاض استثمار القطاع الخاص العراقي في الدول الاجنبية لتتجه الى الداخل. ويشجع النشاط الاستثماري المرتفع للقطاع الخاص على اجتذاب مستثمرين اجانب.
ومن الضروري ان تتجنب السياسة الأقتصادية الأعفاء الضريبي والأعانات، صريحة او مستترة، لأن احد اهداف التنمية تطوير مصادر جديدة لتمويل الموازنة العامة. ومن ابرز دلالات الكفاءة في الأقتصاد المعاصر تحمل وحدات النشاط الأقتصادي ضرائب مرتفعة ويتكيف القرار الأستثماري معها.
______________________________________________________
(1) للكاتب دراسة على موقع البنك المركزي العراقي قسم البحوث والدراسات بعنوان" قيد ميزان المدفوعات والتنمية الأقتصادية" وعالجت الدراسة بيانات التجارة الخارجية للعالم بين 1965 و 2014 وعدد من الدول بمختلف مراحل التطور، ويتضح منها ان نمو الناتج المحلي الأجمالي يبقى دائما ادنى من نمو الصادرات مهاما حاولت الدول تعويض المستوردات. ولذلك إذا تأخر العراق عن التصنيع المتجه للتصدير يكون معدل نمو الاقتصاد في المستقبل ادنى من نمو مورد صادرات النفط، فينحسر الأقتصاد ويختنق.
(2) دراسة اخرى للكاتب مهدت لسيناريو النمو حتى عام 2040 نشرت في العدد الأخير للمجلة العراقية للعلوم الأقتصادية بعنوان " التنويع في الأقتصاد المعتمد على الصادرات النفطية". وقد راجعت تجربة دول مجلس التعاون، اضافة على تحليل تجريبي لنمط تنويع الصادرات مع النمو الأقتصادي لعينة كبيرة من الدول.
(3) يشرح الفصل الأول من كتاب الأقتصاد المالي الدولي والسياسة النقدية للكاتب ، نسخة منه على موقع البنك المركزي آنفا، كيف يتحدد الحجم المناسب من الأنفاق الحكومي بالعلاقة مع الطاقة الانتاجية الكلية من جهة وموارد العملة الأجنبية واحتياطيات البنك المركزي من جهة اخرى، وتبعا لذلك يصبح حجم الأقتراض الداخلي المناسب معروفا.



#أحمد_إبريهي_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البؤس النظري وقيم العمل في الدولة من اسباب التعثر الأقتصادي ...
- تنمية الأقتصاد العراقي بالتصنيع وتنويع الأنتاج
- ازمة الخدمات واالمظاهرات في العراق
- الثقل الأقتصادي لدولة هذا الزمن
- الخليج: تعقيد النزاع ومخاطر التصعيد
- اللانظام وتقويض فرص الأستقرار في المنطقة
- العراق منتصف القرن الماضي: عناء وأمل
- إقتصاد الأردن و- الأصلاح الهيكلي-
- متى تنهض اجهزة الدولة العراقية بواجبها في حماية حقوق الأنسان
- تدويل العراق تحت الفصل السابع للميثاق
- لقد تغير اقتصاد العالم متى تستجيب السياسة
- الفقر في العالم
- تجديد التعاقد على الديمقراطية في العراق
- مفهوم النظام ومركز المسؤولية في ادارة العراق
- كلمة في استفتاء الاقليم
- حول تقرير مجموعة عمل مستقبل العراق وسياسة امريكا في الشرق ال ...
- مفردات غائبة في مجموعة من مقالات الحوار المتمدن
- نحو مقاربات مختلفة لمواجهة المشكلة المالية وتحريك الاقتصاد ف ...
- كهرباء العراق : ارقام ومقارنات
- الوطنية الاقتصادية لليمين والاداء المضطرب للنظام الدولي مع ا ...


المزيد.....




- جلفار تبيع صيدليات زهرة الروضة في السعودية بـ444 مليون ريال ...
- مؤشر الأسهم الأوروبية يسجل أسوأ أداء شهري في عام
- السعودية توقع مذكرات تفاهم بـ51 مليار دولار مع بنوك يابانية ...
- موديز: الاستثمارات الحالية غير كافية لتحقيق الأهداف المناخية ...
- منها حضارة متعددة الكواكب.. ما أسباب دعم ماسك ترامب بملايين ...
- هاتف شبيه الآيفون.. مواصفات وسعر هاتف Realme C53 الجديد.. مل ...
- القضاء الفرنسي يبطل منع مشاركة شركات إسرائيلية في معرض يورون ...
- لامين جمال يوجه سؤالا مثيرا لنجمة برشلونة بعد تتويجها بالكرة ...
- وزارة الكهرباء العراقية وجنرال إلكتريك ڤ-يرنوڤ-ا ...
- عملاق صناعة السيارات فولكسفاغن وأزمة الاقتصاد الألماني


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أحمد إبريهي علي - حول التنسيق بين التصنيع وتطوير الخدمات العامة في العراق