|
ما هي السمة المميزة لانتفاضة الشعب في العراق، وما الموقف منها؟
كاظم حبيب
(Kadhim Habib)
الحوار المتمدن-العدد: 5939 - 2018 / 7 / 20 - 01:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد ان نُشر مقالي الموسوم هل يتعلم حكام العراق من تجارب الماضي المريرة للمستبدين؟ في موقع الحوار المتمدن وفي جريدة "العالم" العراقية، وردتني رسالة من اخ فاضل تضمنت النص التالي: "أودّ التعليق بخصوص مقالتك بجملتين فقط " ليس قطيع الشعب والمتظاهرين ذهب 24 قيراط فبينهم من يقوم بخبط الماء لإيجاد أسباب فتنة . " و " ليس جميع الحكام من 2003 إلى الآن كتلة صلبة واحدة لنبقى نحكم عليهم بنفس الحكم ". أعتقد أن الوتر الذي يجب علينا العزف عليه : الدعوة إلى تنظيف المتظاهرين من الأدران ، واستغلال التناقضات بين صفوف الكتل المتسلطة ، وكشف الذئاب منهم عن الداعين بحقوق الجماهير." انتهى التعليق. لا شك أني احترم كل الآراء والملاحظات النقدية التي تصلني من القارئات والقراء الكرام، ولكن ليس بالضرورة أن اتفق مع بعضها أو جميعها. وسأحاول في هذا المقال مناقشة هذه الملاحظات. خلال الأيام المنصرمة تسنى لي نشر ثلاثة مقالات حول الوضع بالعراق والتظاهرات المتصاعدة. وهي مقالات من حيث الفكر والمضمون يكمل بعضها الأخر، وتشير إلى ما أراده الأخ الفاضل في ملاحظاته، منها: • المظاهرات كلها عموما سلمية وبعيدة عن التشنج، رغم وجود كل مسببات الغضب! • وجود من يعمل على تشويه المظاهرات والإساءة للمتظاهرين بممارسة العنف والتخريب ليعطي الذريعة للحكم والقوات الأمنية بضربها. • سيادة الفساد في السلطات الثلاث للدولة العراقية ومؤسساتها، ولكن هذا لا ينفي وجود موظفين بمستويات مختلفة غير فاسدين، رغم قلتهم، والفاسدون يعتبرونهم مجانين أو سذج في أحسن النعوت! • لا شك بوجود تناقضات وصراعات بين النخب الحاكمة المستبدة، ولكن كلها تصب في مجرى الصراع على السلطة والمال والجاه أو النفوذ الاجتماعي، وليس من اجل تحقيق مصالح الشعب والوطن. • الدعوة الى فضح من يحاول الإساءة لأهداف المظاهرات والمتظاهرين من جهة، ولحق الشعب في التظاهر المكفول دستوريا من جهة أخرى. • المطالبة بمحاكمة كبار الفاسدين والمفسدين والذين يتصدون لأي تغيير في طبيعة النظام الطائفي القائم، وهو يعني في جوهره ان هناك من هم غير فاسدين ويفترض التمييز بينهم وبين الفاسدين. وكبار الفاسدين كانوا أو ما زالوا يحتلون أعلى المناصب والمسؤوليات في الدولة وفي الأحزاب الحاكمة. ولكن السؤال العادل هنا هو: هل ينبغي للكاتب ان يعيد ويصقل ظواهر سلبية محدودة ومدانة شعبيا ومن قبل القوى المدنية والديمقراطية العلمانية، أم يستوجب التركيز على ما هو أساسي في نضال الشعب العراقي وأهدافه العادلة والمشروعة والمهدورة في المرحلة الراهنة، والتي تتلخص في النضال للخلاص من النظام السياسي الطائفي المحاصصي الذي أذل ويذل الشعب يومياً، والذي تدافع عنه النخب الاسلامية السياسية الحاكمة والبعض الأخر، وضد الفساد، ومن اجل توفير الخدمات المتدهورة دوما. لدي القناعة الشخصية، وهو ما تؤكده المظاهرات السلمية المستمرة والمتصاعدة، بأن علينا ان نتجنب ما يسعى حكام العراق الحاليون جرّنا إليه، وذلك بالحديث عن العنف والتخريب في المظاهرات لتشويه سمعتها، تماماً كما فعل حاكم العراق المستبد رئيس الوزراء السابق. رئيس الوزراء العراقي الحالي تحدث في خطابه الأخير عن "مظاهرات سلمية ومظاهرات مدسوسة" ثم يتحدث عن خط أحمر!!". وقد انبرى إلى مناقشته وتخطئته بوضوح وصواب الدكتور علي الرفيعي، رئيس التيار الديمقراطي الاجتماعي في العراق، في رسالته المفتوحة الموجهة الى رئيس الوزراء حيدر العبادي، والتي أعدتُ نشرها في موقعي على الفيسبوك لأهميتها وصواب ما جاء فيها. كل المظاهرات الجارية سلمية وجادة وتطرح مطالب عادلة اولاً، وهي مطروحة منذ سنوات دون ان تحاول النخب الحاكمة الفاسدة الاستجابة الجزئية لها وكانت وعودها ومواعيد إنجازها كاذبة يصح عليها قول الشاعر: مواعيد عرقوب لها مثلا ... وما مواعيدها إلا الأباطيل ثانياً، ثم كل المظاهرات الجارية في العراق جيدة وسلمية، واندساس البعض لا يغير من طبيعتها السلمية ومطالبها العادلة، ومن مهمات الحكومة كشف هذا البعض المندس والمُسيء للمظاهرات الشعبية الحاشدة والمتصاعدة، بسبب انعدام الثقة كلية بين الحاكم المستبد والفاسد والمحكوم، كما يقع على عاتق الحكومة مهمة حماية المتظاهرين ثالثا. لقد نسى رئيس الوزراء الحالي ومن سبقه بأنهم قد تجاوزا الخطوط الحمراء في مصالح الشعب أميالاً وأميال وداسوا على كرامة الإنسان وحقوقه وصلاحياته، وما أن انبرى للتظاهر حتى برز الخط الأحمر يتهدد المظاهرات السلمية، رغم تأييد رئيس الوزراء لها شكلياً، إذ لولا ذلك لما أعطيت الأوامر بضربها بالرصاص الحي واستشهاد الكثير من المواطنين. ان التركيز على بعض التجاوزات الحاصلة من بعض العناصر هو ما تسعى إلى ترويجه النخب الحاكمة الفاسدة، لكي يتسنى لها توجيه الرصاص الحي الى صدور أو ظهور المتظاهرين، كما حصل في اكثر من مدينة جنوبية وفي وسط العراق وأدى الى استشهاد 18 مواطنا من إعمار شتى، بمن فيهم صبية وشبيبة وجرح اكثر من 100 مواطن على أيدي اجهزة الأمن القمعية. علينا ان نطالب بإلحاح وبلا كلل: • إيقاف التصدي الهمجي للمتظاهرين السلميين فوراً، لأن الجماهير تمارس حقها الشرعي المكفول دستوريا وفي لوائح حقوق الإنسان الدولية. • الاستجابة الفورية لمطالب الجماهير في رفض الطائفية ومحاصصاتها في الحكم والمجتمع ومحاربة الفاسدين الكبار واعوانهم ومحاكمتهم والتصدي للإرهاب الجاري في البلاد على أيدي داعش والميليشيات الطائفية المسلحة. • إطلاق سراح معتقلي الانتفاضة الشعبية المتصاعدة وتعويض عائلاتهم ومعالجة الجرحى منهم وتعويضهم ومحاكمة من أعطى الأوامر باستخدام الرصاص الحي لضرب المتظاهرين. إن من تابع اجتماع رؤساء الكتل السياسية المشاركة في الحكم بدعوة من رئيس الجمهورية والبيان الصادر عنه يدرك تماماً بأن: • النخب الحاكمة لا تريد بأي حال الاستجابة الفعلية لجوهر المطالب الشعبية الأساسية التي تؤكد رفض الطائفية ومحاصصاتها كلية، ومحاكمة الفاسدين والمفسدين الكبار فورا، ومحاربة الإرهاب وتفكيك المليشيات الطائفية المسلحة ونزع سلاحها ومحاكمة من استخدم السلاح منهم في ضرب المتظاهرين، والاستجابة لمطالب الشعب في توفير الخدمات المتدهورة، ولاسيما الكهرباء والماء ومعالجة البطالة والفقر المتفاقمين، رغم زيادة واردات العراق من نفطه الخام المصدر، وإيقاف دفع الرواتب الهائلة والمخصصات لكبار موظفي الدولة والنواب وغيرهم ، والتي كشف عنها مؤخراً ومن جديد عادل عبد المهدي، التي يتسلمها هو أيضا، وتصل الى 12 مليون دولار أمريكي سنوياً عدا الرواتب والمخصصات الاخرى، ... إلخ. • إن الحديث عن المندسين القلة يخدم النخب الحاكمة وليس المظاهرات، لأنهم يريدون ذلك لتشويهها، رغم انهم يعرفون جيداً من هو هذا البعض المندس، إنه بالأساس من اتباع بعض القوى المشاركة في الحكم والمتصارعة على الدور الأول في الحكم، أو تلك العناصر القادمة من وراء الحدود او بتوجيه منها، أو بعض اللصوص والمافيات التي تريد نشر الفوضى وتوفير الأجواء للإجهاز على المتظاهرين وكسر شوكتهم وإرادتهم والالتفاف على المطالَب المشروعة الداعية للتغيير، إذ ان التغيير ليس في مصلحتها بأي حال بل في مصلحة الشعب!!!
#كاظم_حبيب (هاشتاغ)
Kadhim_Habib#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يتعلم حكام العراق من تجارب الماضي المريرة مع المستبدين؟
-
أيتها النخب الحاكمة الفاسدة... الشعب يمهل ولا يهمل!!
-
الإشاعة الكاذبة والتآمر على مصالح الشعب ديدن النخب الحاكمة ف
...
-
شكر وامتنان واعتزاز
-
من المستفيد في إعادة كتابة التاريخ على طريقة صدام حسين؟
-
لماذا يُمارس التخوين بديلا عن النقاش السياسي الديمقراطي؟
-
هل من توزيع أدوار بين الأحزاب الإسلامية السياسية والمراجع ال
...
-
التحالفات العراقية والدور الإيراني
-
الرؤية المريضة للبروفيسور سعد الفاضل حول العرب وأهل السودان!
-
العدوان التركي المستمر على استقلال وسيادة العراق
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
-
سبيل التعامل الديمقراطي بين الرأي والرأي الآخر!!
-
الحركة القرمطية
-
الانتخابات في الدولة الفاسدة بسلطاتها ونخبها الحاكمة
-
الاستنتاجات والمعالجات: محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبي
...
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
-
سيبقى الحزب الشيوعي العراقي شوكة في عيون أعداء الشعب والوطن!
-
العراقيون الزرادشتيون
-
هل تريد إسرائيل السلام حقاً، أم تسعى للصراع والنزاع والتوسع؟
-
العراقيون اليارسانيون (الكاكائيون)
المزيد.....
-
ردّا على ترامب.. الكنديون يلغون رحلاتهم إلى أمريكا.. من يدفع
...
-
الجيش الإسرائيلي: قتلنا قائدا آخر بفيلق القدس.. ونخوض -واحدة
...
-
لماذا رشحت باكستان ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام؟
-
تايمز: أوكرانيا تلجأ لحل غير تقليدي لتعويض النقص بالجنود
-
كاتب أميركي: 4 أسئلة حاسمة على ترامب التفكير فيها قبل الضربة
...
-
إجلاء رعايا عرب وغربيين وصينيين من إيران
-
على وقع الاقتحامات.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة بالضفة
...
-
تحذير خليجي من استهداف المنشآت النووية بإيران
-
كاتب إسرائيلي: لهذه الأسباب الثلاثة تفشل إسرائيل في غزة
-
عاجل | الجيش الإسرائيلي: نهاجم حاليا بنية تحتية عسكرية في جن
...
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|