|
مُتيَّمٌ في بغداد- علي السوري الجزء الثاني- 1
لمى محمد
كاتبة -طبيبة أخصائية طب نفسي جسدي- طب نفسي تشخيصي- ناشطة حقوق إنسان
(Lama Muhammad)
الحوار المتمدن-العدد: 5918 - 2018 / 6 / 29 - 00:31
المحور:
الادب والفن
و الهيئة: حبك كالشمس في أرض ثلجية.. والأمل كبير جداً بكونك لن ترحل أبداً.. فالعتمة تشتدُّ.. و تستدعي حضورك...
أنتَ اليوم كما الأمس تماماً: دفءٌ و ظلالٌ و تراتيلُ قيامة إنسان...
في زمنٍ صار الإيمانُ خطيئة! قُلِّي بربكَ أليس" الله" أكبر من أيِّ كان؟!
خبّر أطفالك عنّي.. علّمهم أن " الأرض" تدور.. كالزمن تماماً.. والموت يدور.. كالأرض تماماً.. و نحن كما نحن.. ننكر حتى الدوخة و ننكر صوت الحب! *************
سمعنا خطبة الجمعة من الشيخ “ شخشاخ” الجاهل الأمي الذي استلم الجامع المقابل لمنزلنا.. فتحوّل المكان من دار عبادة إلى دار كراهية و دعارة… كراهية لجميع الناس غير القطعان التابعة له.. و دعارة تحوّل ُ الجنس إلى غاية.. و الجنة إلى مرتع…
أصبح عندنا أركان التأسلم الخمسة: -الثأر.. و الطائفية ثأر و تار… -وأد البنات..تحت النقاب.. و مصادرة حق النساء في الأنسنة.. -عبادة الأصنام.. أصنام التقاليد، فجور الموروث.. -الجواري و العبيد.. -و الإشراك بالله..-شاهدْ اللحى و التيجان تنافس مكان الله في العقول المغسولة- … أي دين هذا الذي تشوّه بألسنة و رؤوس أتباعه؟ التأسلم دينهم الجديد و المسلمون يدفعون الثمن...
-و من قال لكَ سنصمت؟ لم يكن لمكان ما حبٌّ في قلبي كما ل سيدة الأماكن “بغداد” .. تلك العصيّة على الاستسلام.. المتمردة في وجه العربان و الغلمان.. العربان الذين اشتروا بيوتاً و نسبوها لله، سرقوا الفقراء و كسوا الحجارة.. اغتصبوا النساء بعقود زواج إجباري و زنى مقنّع بمتعة و مسيار… الغلمان الذين ورثوا النفط و الغاز.. و بدلاً من أن يصبحوا أقلها ك “ دبيّ” قبلة للعالم وفخر لناطقي العربيّة.. أطلقوا اللحى تجعر في الشوارع.. و أطلقوا أيدي المجرمين باسم الدين.. و ساهموا في انتشار الرعب العالمي من الإسلام.. و أي رعب أكبر من رأس خياله موبوء بالجنس؟
-ما معنى موبوء بالجنس؟
-ما تتوقع ممن يفجر نفسه أملاً في جنة الحور العين.. ما تتوقع ممن يعتبر النساء متاعاً و متعة.. سبايا و ملكات يمين...
-الجنس حاجة بشرية ضرورية، لا عار عليهم إن فكروا فيه…
-ترتقي الإنسانية بالجنس، ليصبح الإنسان متميزاً عن الحيوان، كما ترتقي بالعقل ليصبح الجنس وسيلة و ليس غاية.. عندما يصبح الجنس غاية - حتى في العلاقات- تنتهي العلاقة بشكل غير قابل للأنسنة..
-ممكن.. علاقات تقتل المحبة تنتشر بكلام الكراهيّة الذي سمعناه اليوم من “الشخشاخ”.
نقاشات عمّار الطويلة مع هبة.. لم تزده إلا حباً و خوفاً عليها.. و بينما هو كان يحاول جاهداً حمايتها، و جعلها تراه، كانت هي تحاول أن تنقذ العالم! مازال لذكر عبير وقع جميل في نفسه، لكنه كان شرقياً كفاية ليُتَيَّمَ في حب من لا تراه.. هو الذي عاش ليحيا و الحياة في نظره: “ أن أستطيع تأمين بيت و سيارة.. و نقود أحيا بها كريماً.. و الغاية الأنبل هي النجاح“ .. صدمته أنثى ترى الحياة:” مساعدة للغير، رأي شجاع ، إنقاذٌ للدين و الغاية الأنبل هي الخلود”.
مشى طويلاً في شوارع بغداد.. مرّ بأشهر مطعم و بعربات الذرة المسلوق .. بسيارات فارهة و بأطفال حفاة.. مرّ بجوامع متكلِّفة و بيوت بلا شبابيك.. بمنقباتٍ لم يعرف إن كانوا ذكوراً أم حريم، لكن تأكد أنهم ليسوا رجالاً و لا نساء…
مرّ بطفلة ممزقة الملابس تمسح الأحذية و في عينيها رعب الدنيا كلّها.. ثم شاهد مراهقاً تقوده سيارة بنمرة حكومية.. يصرخ في (وجع) شرطي المرور..
مرّ عمّار ب بغداد الأمل المكسور.. المبلل ببول المسؤولين قبل مطر الله.. و لمّا لم يحتمل عقله مزيداً من الألم جلس على أحد المقاعد المكسورة يتأمل السماء.. - على الأقل ليلة كهذي بلا تفجيرات تشبه حلمنا في الأمان…
أما هبة.. فعادت إلى منزلها لتجد على بابها رسالة.. لم تكن تشبه رسالات التهديد التي تصلها كل يوم.. و فكرت: أأفتحها؟ ربما فيها “جمرة خبيبثة” .. و ربما موت آخر.. “ أأفتحها؟” ***********
الموت يطلّ برأسه من الأزقة الشاهدة، تتلاحق ذيوله في دوامات تخنق الأطفال و الأحلام... -هؤلاء السفلة الذين أحرقوا البلد لم يكونوا من الخارج.. كانوا من أهل البلد.. و هذا ما يدعو للجنون.. أحاول كثيراً وضع مبررات للناس، لكن ما يبرر التطرّف ؟! لا شيء يبرر رؤية الدم في إطار طائفة!
-الفقر أصبح سيد الموقف.. و مازال النهب جارياً.. لا يستحون.. لا يستحون..
لم تصلني أخبار عن “ علي” منذ عاد إلى دمشق.. كان الموت صديقاً جديداً أهادنه كل صباح، أنظر في عينيه و أرجوه: -هل تقبل أيها الموت بقربان؟ هل صحيح ما سمعناه في الأساطير و الحكايا عن ملوك و آلهة قبلت بقرابين؟ إن كنت حقاً ملك الموت فمالكَ؟ اذهب خذ السلاطين.. تجار النفط و النساء.. مالكَ: لمَ تلاحق الطيبين؟
و أصبح (الفيسبوك) مكاناً كئيباً يعج بصور الأفراح و الليالي الملاح.. يعج بالغيرة.. بالحقد الدفين.. بالطائفية.. بالسخف.. بتمسيح الجوخ.. بالهرب الغبي من نميمة و غيبة.. باتصالات غير لفظيّة ملعونة.. و الأنا تظهر و تتمظهر بين السطور و في ردّات الفعل غير الناضجة… الغالبية احترفت التمثيل و سبحت مع تيار جرّ القطيع.. و من استخدم عقله أو خرج عن القطيع دفع الثمن عرعرةً في بيته (الفيسبوكي)، لكنه في المقابل عاش حالة الصدق الذاتي النادرة! الصدق الذي يدفعك لرؤية سلبياتك قبل إيجابياتك، قبول إيجابيات الآخرين و التغاضي عن سلبياتهم… الصدق الذي يغلفه التواضع.. و المعرفة الحقة بأننا جميعاً طعام لدود الأرض…
هكذا لم يعد الفيسبوك يغريني لرؤية أنصاف الناس يناقشون أنصاف حياة.. و لا لأشاهد أنصاف حقائق جديدة.. بل تحوّل عندي إلى وسيلة تخدم غاية واحدة : كسب عداوات النرجسيين.. و قلوب الطيبين.
كانت خطوة لمحاربة اكتئاب يترَّبص بي مذ سافر علي.. فتحت باب بيتي الفيسبوكي لأول مرة منذ زمن و كتبت:
“الحقيقة تسكن أجساد الموتى و أجساد الموتى يضمها تراب المكان.. علمتني الحياة أن أتواضع.. و كلما تواضعتُ أكثر.. اقتربتُ من الحقيقة أكثر… “.
أول تعليق و أول “ أعجبني” شجعتني، لكن أول مشاركة أسعدتني.. من هذا؟ ************
من يُشعِل الحرب حتماً يخسرها! الحروب لا تحتمل كلمة "نصر" إلا في قاموس المنتفعين.. مامن عاقل يؤمن بنصر و قد خسرت أمهات أطفالهن.. خسر أطفال أقدامهم.. و ذلّت رجال الأرض من قبل الذكور.
الغيرة و الجهل تنخر " أنا" الضعفاء، فيتحولون إلى أبواق: مع أو ضد.. كلا الوجهين " في الهم شرق" !
يسوّقون للأشخاص لا للأفكار و لا للوطن.. أو يعتنقون ذم الأشخاص لا ذم الأفكار- لا فرق-. في كلتا الحالتين: نحن نتكلم مع هشاشة الأنا لا صلابة العقل…
طوبى لمن استخدم عقله في زمن الدين الجديد…
يتبع…
#لمى_محمد (هاشتاغ)
Lama_Muhammad#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثلاثة أزمنة و كفُّ الغول- العلاج النفسي الأدبي 30-
-
حضراتكم: من لعنة الفراعنة إلى لعنات الصمت- العلاج النفسي الأ
...
-
عُقَدٌ واحدة من المحيط إلى الخليج-العلاج النفسي الأدبي 28-
-
هيومان ترافيكينغ-العلاج النفسي الأدبي27-
-
عفرين و اغتصاب الإسلام- العلاج النفسي الأدبي 26-
-
بلاد العرب و غرفة النوم الكبيرة- العلاج النفسي الأدبي 25-
-
سايكوسوماتيك سابقاً-العلاج النفسي الأدبي 24-
-
ربيِّني! -العلاج النفسي الأدبي 23-
-
الترجمة إلى الطب النفسي- العلاج النفسي الأدبي 22-
-
السبع الزرق و قرص الشمس- العلاج النفسي الأدبي 21-
-
رجلٌ أم ذكر؟!- العلاج النفسي الأدبي 20-
-
الإسلام بين الشرق و الغرب- العلاج النفسي الأدبي 19-
-
رئيسة مقيمين في ألباكركي- العلاج النفسي الأدبي 18-
-
من قرطبة إلى جزيرة الدمى المسكونة! -العلاج النفسي الأدبي 17-
-
حدوتة نفسيّة-العلاج النفسي الأدبي 16-
-
آمين - العلاج النفسي الأدبي 15-
-
أنثويّات: العلاج النفسي الأدبي 14-
-
راشدون و عاهرون: في العداوة بين الطب النفسي و التعصب الديني-
...
-
تنورة أشرف من لحية: في العداوة بين الطب النفسي و اللحى - الع
...
-
الصورة تكذب-العلاج النفسي الأدبي 11-
المزيد.....
-
متى يخرج بلد الحضارة والثقافة والعلم عن مأزق الصراع على السل
...
-
نقابة الفنانين السورية تتبرع بـ75 مليون ليرة لدعم المتضررين
...
-
شاهد: جمال حمو آخر مصلحي أجهزة الاسطوانات القديمة في نابلس
-
وفاة المخرج التونسي عبد اللطيف بن عمار عن 80 عاما
-
مسجد أثري في ملاطية وقلعتا حلب وعنتاب.. معالم تاريخية وأثرية
...
-
وفاة فنانة مصرية كبيرة بعد صراع مع المرض
-
صدور طبعة ثانية مزيدة ومنقحة من الترجمة الشعرية لمختارات من
...
-
الانتخابات الرئاسية التونسية 2024: قيس سعيد ومغني الراب كادو
...
-
انطلاق المعرض الوطني للكتاب التونسي
-
سلمان رشدي يتحدث لأول مرة بعد نجاته من الموت
المزيد.....
-
ترجمة (عشق سرّي / حكاية إينيسّا ولينين) لريتانّا أرميني (1)
/ أسماء غريب
-
الرواية الفلسطينية- مرحلة النضوج
/ رياض كامل
-
عابر سريرة
/ كمال تاجا
-
رواية للفتيان الجوهرة المفقودة
/ طلال حسن عبد الرحمن
-
كناس الكلام
/ كامل فرحان صالح
-
مقالات الحوار المتمدن
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الشعر والدين : فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي
/ كامل فرحان صالح
-
(تنهيدة الكامل (مشى في أرضٍ لا زرع فيها
/ كامل فرحان صالح
-
نجيب محفوظ وأحلام فترة النقاهة دراسة بين المؤثرات النفسية وا
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
خاطرة وفكرة (ب)
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|