أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي الدين ابراهيم - الإنسانية .. العدالة .. الحرية ( من القصص السياسي )














المزيد.....

الإنسانية .. العدالة .. الحرية ( من القصص السياسي )


محيي الدين ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 5916 - 2018 / 6 / 27 - 05:49
المحور: الادب والفن
    


( مشهد سينما خيالي لا يمت ولا يرمز للواقع بأي صلة وإن مس هامش من واقع فهو محض صدفة لا علاقة للكاتب بها )

انزعج العمدة ( عبد الجليل ) من كتابات هذا الصعلوك الحقير .. فأمر شيخ الغفر بأن يأتوا بهذا الضال صاحب المنشور .. ليأتوا به .. وينالوا منه .. فجاءوا به .. أجلسوه وحده في غرفة مظلمة بعد أن أزالوا الغمامة من فوق عينيه.. يومان كاملان لا يدري أين هو .. لا طعام .. لا نوم .. فقط ( دورق ) مملوء بالماء ليملأ به جوفه إن شعر بألم الجوع في معدته الفارغة .. لم يدخل عليه أحد .. لا أحد .. مسألة أقرب للحرب النفسية .. تكسير نفسيته .. هزيمته دون أي مواجهة .. إنهم يمارسون معه نوعاً من الانهيار الذاتي .. يتركوه وحيداً حتى تقفز أفكاره السوداء بأسئلتها السوداء في فراغ الغرفة المظلمة ثم لا يجد سوى اليأس فيسقط .. وحين يسقط يستطيعون الحصول على كل ما يريدونه من إجابات .. هو لا يريد سوى ( الإنسانية ) .. عدالة العمدة التي تتيح حدود الرضا عند الناس ليمارسوا إنسانيتهم الطبيعية دون أن يعيشوا حالة من الانسحاق .. عدالة العمدة لتستشعر الناس النور .. عدالة العمدة في قريتنا ليمارس الفلاحين حرية وجودهم كبشر وليس كبهائم .. هذه هي إجابته الوحيدة التي يمتلكها .. لا يريد شيئاً آخر.
اليوم الثالث .. فتح أحدهم الغرفة وكان ملثماً .. بينما النور المتسلل من باب الغرفة المفتوح كاد أن يفتك بعينية المجهدتين بفعل الظلام .. ألقى ( الملثم ) في وجهه كومة من الورق .. مئات الأوراق مدوناً فيها كل كلمة كتبها منذ خمسة عشرة عاماً .. وبعض الصور الأبيض والأسود منذ أن كان في المهد صبيا .. أقرأ كتابك !!
أطلقوا سراحه سراحاً مشروطاً .. كان شرطاً وحيداً .. أن لا يكتب .. فكتاباته تستفز الفلاحين .. والفلاحين إذا غضبت ستثور على العمدة .. وبنبرة يملأها التهديد رسموا له مستقبلاً أسوداً في حال كتب وأنزعج العمدة مما يكتب حيث في انزعاج العمدة .. ما تدري نفس ماذا تكسب غداً .. وما تدري نفس بأي أرض تموت .. نظر سبعة رجال ملثمون بأعينهم الجامدة من خلف اللثام في وجهه بنظرات تحدي قاتم وبفراغ روح معتم شعر من قسوته بمدى الغضب الذي يختزنونه إن فعل عكس ما يملونه عليه من تهديد .. وضع أحدهم غمامة فوق عينيه .. وساقوه إلى حيث ما يعتقد أنه مصيره المجهول .. بعد ثلاث ساعات من ركوب سيارة بصحبة أحدهم توقفوا فجأة .. أخرجوه من السيارة .. حملوه من يديه ومن قدميه .. ثم شعر أنه تم إلقاؤه في الماء .. حاول أن يخلص عينيه من الغمامة التي ربطوه بها .. وحين فتح عينية وجد نفسه وسط النهر .. ولا أثر لهم .. عاد لبيته بمعجزة .. وكان شبه عاجز عن الحركة من شدة الإجهاد .. إنه لا يريد من الحياة الدنيا الآن سوى أن ينام .. يناااااام .. خلع ملابسه تماماً حتى صار عارياً كيوم ولدته أمه .. كان يريد أن يخلع كل ماله صله بحاضرة المعاصر .. يخلع كل ما يدفعه لتذكر الظلم المعاصر .. فقط يريد أن يستشعر إنسانه الحقيقي مجرداً .. ينام بروح إنسانيته الحقيقية المجرد .. ألقى بنفسه فوق سرير غرفة نومه .. نظر إلى سقف الغرفة لمدة ساعة .. ثم استلقى على جانبه الأيمن فوجد قلمه .. تذكر آخر كلمه قالوها له قبل أن يلقوا به في النهر .. تذكر سراحه المشروط بعدم الكتابة أبداً .. أن ينسى أنه كان في يوم من الأيام كاتباً .. فكتاباته تستفز الفلاحين .. تذكر المشهد الأخير مع ( الملثمين ) .. تذكر كيف رسموا له مستقبلاً أسوداً في حال كتب وأنزعج العمدة مما يكتب وحيث في انزعاج العمدة .. ما تدري نفس بأي أرض تموت .. نظر للقلم نظرة المتوجس .. راجع تاريخ حياته في لحظة .. ثم أدرك أن القلم هو محرك روحه .. القلم وجوده .. القلم أثره الباقي .. نهض بخفه كأنه شاب في الثامنة عشرة .. ألتقط القلم .. فتح صفحة جديدة بيضاء .. وبدأ بعناد شديد وبإصرار مدهش .. يكتب .. ( الإنسانية ) .. العدالة .. الحرية .. هذه هي الكلمات الثلاث التي تزعج العمدة وحيث في انزعاج العمدة .. ما تدري نفس بأي أرض تموت !! .. لتموت النفس إذن .. ولكن .. لتكن ميتة الشرفاء !!
بقلم: محيي الدين إبراهيم
كاتب وإعلامي مصري



#محيي_الدين_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بهائم العمدة .. ( من القصص السياسي )
- سيدنا عاشور .. ( من القصص السياسي )
- عشق الخالدين ( رومانسية سياسية ليست من وحي الخيال )
- الأراجوز - من القصص السياسي
- فيلم شيء من الخوف أم .. الخوف كله ؟؟
- مصادر وتاريخ الموسيقى العربية
- قصة فيلم الزوجة الثانية
- على هامش ماحدث بمصر يوم 28 يناير 2011 ( الجزء الرابع )
- على هامش ماحدث بمصر يوم 28 يناير 2011 ( الجزء الثالث )
- على هامش ماحدث بمصر يوم 28 يناير 2011 ( الجزء الثاني )
- على هامش ماحدث بمصر يوم 28 يناير 2011 ( الجزء الأول )
- لماذا تثور الشعوب – في ذكرى ثورات الربيع العربي
- النبي يقوم من الأموات في .. طوكيو !
- تلقيح الكلام المصري ومسائل أخرى
- أنا الضايع ( وإبن الكلب ) والغلطان
- مجروح العبيط .. قصة من رابع المستحيلات
- على وجه الخلوص
- كلمات عبثية جداً
- غناوي من وحي الرباعيات
- أنا ربكم الأعلى - ( مجموعة قصص قصيرة جداً )


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي الدين ابراهيم - الإنسانية .. العدالة .. الحرية ( من القصص السياسي )