عندي قلب .... وانت

يعقوب يوسف
كاتب مستقل
(Yaqoob Yuosuf)

الحوار المتمدن-العدد: 5891 - 2018 / 6 / 2 - 18:41
المحور: الادب والفن
    

عندي قلب ..... وانت
نعلم جميعنا ان القلب مضخة للدم
وانه أوّل عضو وظيفي يتطور، ويقال يبدأ بالضرب وضخّ الدم منذ الأسبوع الثالث للتطوّر الجنيني
تجاوز القلب الدماغ في التعبير عن الحياة
فالقلب هو الذي يضخ الدم للدماغ ويعطيه الحياة
أي انه الحياة فعلا فلا حياة بلا قلب
.
والغريب ان القلب اكتسح كل ما في اللغات من مصطلحات إيجابية وسلبية
.
لقد استقطب القلب أروع الرموز بل واعذبها
وهو رمز الحب او العشق الحقيقي وأكثر عضلة من جسم الانسان تغنى بها الشعراء والفلاسفة والرواة.
وارتبط القلب بالمشاعر والعواطف مع ان العلم يؤكد ان الدماغ هو المسؤول عنها.
وارتبط الانسان بقلبه بخيره وشره وأقدس الناس هم انقياء القلوب وارحمهم
وقلب طاهر.
والقلب يتكلم ومنه ينبع الصلاح ومنه أيضا ينبع الشر والمصائب
اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ،

وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشَّرَّ.

ومِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ اللسان.
والقلوب هي التي تطمئن بذكر الله
.
وحتى الألوان لها حصة في هذا القلب
قلب ابيض نقي
وقلب اسود قاس ظالم لا يعرف الرحمة
وقلب اخضر حساس عذب ويانع
وهو في لونه الأحمر رمز الجمال والعشق والهيام
.
وقلب جامد وقلب من حديد
وهنا أيضا يعبر من جهة عن القدرة على الصمود وتحدي الصعاب ومعالجتها بشجاعة دون ان يهتز او يضعف امام الصدمات ليتجاوزها ويخرج منها منتصرا،
وفي نفس المصطلح نجد القلب الجامد والقلب الحديدي، الذي لا يعرف الرحمة وهو قلب الطغاة والمجرمين والمغتصبين، فلا تهزهم شفقة وهو يرتكبون جرائمهم وجر الشعوب الى الخراب والدمار وطوابير الارامل واليتامى والجياع منطلقين من مفهوم السياسة لا عواطف فيها، والغريب ان التاريخ لم يذكر لنا ان الطغاة على مر التاريخ كانوا يعانون من أزمات قلبية او ان لهم قلوب كبيرة،
تيمور لنك كان يأمر جنوده عند عودتهم الى المعسكر ان يحمل كل فرد وفي كل يد منهم راس بشريا، وهذا تم بعد الانتصار في الحرب وتدمير المدن ونهبها واغتصاب بناتها، فيا ترى أي نوع من القلوب يملك هذا القائد الكبير الذي لازال شعبه يمجده الى يومنا هذا.
.

عندي قلب .... من منا ليس لديه قلب
عندما يصاب الانسان بجلطة وسكتة قلبية او اية مسميات أخرى دائما يقال له عندك القلب
وكأن الاخرين او الاصحاء ليس لديهم قلب
والغريب ان هذه العبارة تقال للمصابين بالقلب، فهي لا تقال مثلا لمن يصاب بالسكتة الدماغية.
.
يقال أيضا قلبه كبير، ويرمز الى الرحوم والحنون القادر على احتواء واحتضان الاخرين،
الا ان القلب الكبير يقصد به أيضا العجز في القلب او ما يعبر عنه (تضخم القلب)
فهل يمكن القول ان اللذين يعانون العجز في القلب هم وحدهم الرحماء واسعي الصدر.
لكن ان يقال انسان بلا قلب، فهذه معضلة، فهل يعقل ان يكون الانسان بلا قلب
أنا اعتقد ذلك
ففي أغلب الحالات الطبيعية يكون الاصحاء الاقدر على القيام بالأعمال الصعبة (والقاسية) لما تطلبه من جهد كبير، ومن هذا المنطلق نجد ان اغلب القادة (واقصد كل من يتولى موقع قيادي في مختلف الأنشطة والمواقع) هم في الأصل من الاصحاء، وربما أصيبوا لاحقا بأمراض القلب من شدة التعب والاجهاد وليس من تصرفاتهم وافكارهم واعمالهم.
وهتلر الذي تسبب في مقتل أكثر من 60 مليون انسان وما خلفته هذه الحروب من ارامل وايتام ومشردين وجرائم ومخدرات، وتدمير دول بأكملها وتقسيمها لم نسمع انه كان يعاني من القلب الى ان انتحر وهو بكامل قواه العقلية والجسدية.
ففي كل الحروب او الغزوات او الفتوحات (سمها ما شئت) كنا نسمع ان قادتها لم يموتوا بالقلب بل بالقتل.
يقتلون ويقتلون بدم بارد ميت
.
واللذين يقتلون باسم الدين ويخطفون الأبرياء من بين اهاليهم وابنائهم باسم الدين ماذا نقول عنهم
هل نقول عندهم قلوب دينية؟
.
سالت صديق وانا احاوره عن القلوب
هل عندك قلب
بعد تفكير بسيط قال
ليس عندي قلب ولكن عندي قلب!!!!
وانت هل عندك قلب

#يعقوب_يوسف (هاشتاغ)       Yaqoob_Yuosuf#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل