أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المجيد - مديحة يُسري .. تاريخ الشاشة الفضية!














المزيد.....

مديحة يُسري .. تاريخ الشاشة الفضية!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 5889 - 2018 / 5 / 31 - 05:21
المحور: الادب والفن
    


مديحة يُسري .. تاريخ الشاشة الفضية!
عشرون عاما مرّت بعد اعتزالها عندما كانت في السابعة والستين، لكن رقة وجهها، وبشاشتها، وسحر ابتسامتها وقفت كلها عند سن العشرين عندما غنى لها عبد الوهاب: بلاش تبوسني في عينيَ، ده البوسة في العين تفرّق!
جاء الفنانون والفنانات لحضور جنازتها، والترحم عليها، ولكن أيضا لمشاهدة أنفسهم وأنفسهن في مرآة الحياة بعد العودة إلى البيت، وخلع الملابس السوداء، وتوجيه السؤال الأبدي من زوجة أبي سندريلا: هل هناك من هي أجمل مني؟
كل فنانة حزينة كانت تمسك آلة الزمن لتوقفها عند السن الذي لا تظهر فيه التجاعيد، ولا تبين الأخاديد، ولا تنكمش البشرة، فحفارُ القبور لا يشاهد الفن السابع، والمشيعون يمسكون موبيلاتهم لتصوير الأحياء الخائفات من عُطل في سرعة الزمن، فلا تكبح كل عمليات التجميل فرامل الأيام، ويظن كل من يلتقط صورة أنه بعيد بُعد المشرقين عن اليوم الموعود .. وشاهد ومشهود.
مديحة يُسري، رحمها الله، كانت قطعة من الجمال على حِدَة، إذا شاهدتها في فيلم ظننت أنها ستأتيك بعده لتبثك لواعجها، وتصيبك بسهم لواحظها فلا تتركك إلا عاشقا نصفه متيم، أو مجنونا يبحث عن نصفه العاقل.
في الأفلام القديمة العبدالوهابية كانت رشاقتها عرضا متفردًا لعبقرية الجسد الأنثوي الأنيق، وحتى عندما كانت تقوم بدور الغيرة، مثل موقفها من فاتن حمامة في لحن الخلود، كانت عيناها تخذلانها فترسمان طيبة يطل منها حب لمن تغار منها!
أعجبني دورها، رحمها الله، في ( لا تسألني من أنا!) ولم تستطع شادية أن تسرق منها الكاميرا رغم براعة الثلاث، أعني مع يسرا!
مديحة يُسري رحلت بعد الاعتزال بعشرين عاما، وتراجعت قبل الاعتزال بعشرين عاما، لكن أعوامها السبعة والتسعين أخفت ملامح ومشاهد وتغييرات ما بعد العشرين.
يطلب الناس من الله أن يطيل عُمر من يحبون، لكنها لا يتخيلون للحظة واحدة أن طول العُمر قد يحمل الآلام والأحزان وتبهت الذاكرة وتتثبت صورة جديدة قبل اعتداء فضوليي الموبايلات بكاميراتهم القبيحة كما فعلوا مع الأميرة ديانا بعد الحادث الذي أودىَ بحياتها؛ لكن ذاكرة الناس كانت مشحونة بشباب امرأة حلت محلها كاميلا باركر فكبر ولي العهد سبعين عاما، وظلت ديانا في أذهان محبيها كأنها ترتع وتلعب وتجري وتسبح مع هاري وويليام.
مديحة يسري لم يُعرف عنها مزايدة دينية، فاشراقة وجهها الجميل كان في حد ذاته دينا طبيعيا كالخضرة والماء!
فنانات مصر الوفيات للراحلة في الجنازة يعرفن أنهن وفيات بعد محطة أو اثنتين أو حتى عندما يبلغن السابعة والتسعين، وكل من يُشيّع راحلا يفكر في نفسه طوال الطريق البطيء الذي ينتهي بمساحة صغيرة متربة لا تمر ساعات حتى يصبح ظلام سطحها كظلام عمقها.
ستختفي صور العقود الأخيرة المنصرمة، ويبدأ العقل الواعي في استدعاء مديحة يسري العشرينية والثلاثينية عندما تعرض الشاشة الصغيرة أفلامها؛ تماما كفاتن حمامة وشادية وسعاد حسني وزبيدة ثروت ونادية لطفي وكريمان، فالتجاعيد ترحل في نهاية الجنازة، وعنفوان الشباب يبقىَ مترسبا في خيالات تسبح في الرومانسية، وترفض الصراع مع الزمن لئلا يهزمها قبل الموت.
مديحة يُسري رحلت عن عالم الأحياءِ إلى حين يرحل الأحياءُ وتأتي أجيال تختار الأعمار المناسبة لتتذكرها، ميري ماتيو، إنريكو ماسياس، عبد الحليم حافظ، فيكي لياندروس، أنوك إيميه، إيزابيل هوبر، جولي آندروز، إيف مونتان، أحمد رمزي، عُمر الشريف ....
لم تدخل مديحة يُسري معارك مع الزمن أو مع الفنانات، رغم أن المرض أنهكها، والعُمرَ أشقاها، والجسد خانها، والجمال رحل قبلها بثلاثين عاما، لكنها ستظل ساحرة سمراء .. ومُنيةَ النفس العليلة!
لم يمهلها القدرُ ثلاث سنوات أخريات ليحتفل محبوها بمرور قرن على مولدها، فالزمن لا يفاوض ولا يُزيد أو يــُـنقص، فرجعت مديحة يُسري إلى ربها راضية مرضية، وأسكنها فسيح جناته.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 30 مايو 2018



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعاء الكروان .. رؤية جديدة!
- نصف قرن على الجريمة! لماذا فرحنا بقتل روبرت كنيدي؟
- أحفادي و .. ذكرىَ النكبة!
- مغالطة مخزية .. حرب فلسطين!
- لكنها ليست حربًا ضد بشار الأسد!
- أنا لا أستبدل بعصري كل عصور الماضي!
- رسالة مفتوحة للأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي .. هذا ...
- لهذا يكرهني الإعلاميون المصريون!
- عيد الأم، ست الحبايب .. ألا تخجلون؟
- قراءة في شتائم الغوغاء!
- البابا تواضروس في حديث إلى السعوديين!
- الملائكة تهاجر من مصر في الولاية الثانية!
- كل شعوب الدنيا إلا في مصر!
- سيناويات طلسمية؛ ومع ذلك فشعبُنا جيشُنا!
- لماذا يكره الإعلاميون المصريون الإعلاميين المصريين؟
- السيسي سيحكم لمئة عام قادمة!
- تبرئة إبليس بشهادة الجماهير!
- كلنا في الانتخابات أصفار!
- أنا والخليج .. الحبُ المُحرَّم!
- حكايتي مع إيران!


المزيد.....




- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...
- وزير الثقافة والاتصال الموريتاني يوضّح موقف نواكشوط من من مق ...
- جودة خرافية للمباريات.. تعرف على أحدث تردد قناة MBC أكشن 202 ...
- -الدين المعرفي-.. هل يتحول الذكاء الاصطناعي إلى -عكاز- يعيق ...
- هوليود تنبش في أرشيفها.. أجزاء جديدة مرتقبة لأشهر أفلام الأل ...
- رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار: التعاون الثقافي مع روسيا ...
- -بيت الشعر في المغرب- يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر ...
- عودة الأدب إلى الشاشة.. موجة جديدة من الأعمال المستوحاة من ا ...
- يجمع بين الأصالة والحداثة.. متحف الإرميتاج و-VK- يطلقان مشرو ...
- الدويري: هذه أدلة صدق الرواية الإيرانية بشأن قصف مستشفى سورو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المجيد - مديحة يُسري .. تاريخ الشاشة الفضية!