أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد المجيد - دعاء الكروان .. رؤية جديدة!














المزيد.....

دعاء الكروان .. رؤية جديدة!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 5886 - 2018 / 5 / 28 - 01:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


دعاء الكروان .. رؤية جديدة!

كيف تمكّن الدكتور طه حسين، الكاتب والفيلسوف والمصلح والمصري الإفرنجي أنْ يدخل القرية، فيبصرها وهو لا يراها، يصفها بعيون معتمة وقلبٍ مفتوح على مصراعيه؟
في قنديل أم هاشم يتحرك يحيي حقي بين الفقر والمولد والتخلف فيرسمه بريشة مغترب، وفي موسم الهجرة إلى الشمال يعيد الطيب الصالح غزوَ وطنه الأم بالتمدن، فيسقط في عبقرية التخلف المصاحب للعادات والتقاليد.
نجيب محفوظ كان عبقرية سقطت بين القصرين فجاء قصر الشوق كسكرية تُحلّي التاريخ وتجعله يسير مع ألف مئذنة، فجائزة نوبل للأدب المغرقة في المحلية مثلما كانت نادين جورديمر البيضاء التي تكتب صفحات سوداء عن عالم الأبارتهايد في جنوب أفريقيا، أما جونتر جراس صاحب ( الطبل الصفيح ) فقد كانت محليته تزخر بالصور النازية والعنصرية.
عندما يخوض الأديب لمرة يتيمة في رواية، مثل سارة للعقاد، ودعاء الكروان لعاشق الضاد طه حسين يخرج العمل الفني المدهش في صورة جديدة ودقيقة وكل مشهد فيه يتحرك فوق حروف اللغة كأنه مصنوع في الذهن قبل الطبيعة.
لم يصطدم طه حسين مع الغرب في شرقه وهو يجعل تغريد الكروان دعاءً، وجعل الرواية فلسفة الصراع بين القوي والضعيف وليس بين المتمدن والمتخلف فـ ( العصفور دائما هو الغلطان) ومن يُعْتَدىَ عليه وهو ضعيف تقف الدنيا كلها في وجهه، فالسلطة والمال بين إصبعين من أصابع الحق المزيف.
دعاء الكروان رواية تشهد أن طه حسين كان يبصر أكثر مما لو كان بصيرًا، وأوصاف ومشاهد وصور القرية لا تقل إبداعا عن كبار الروائيين الذين وصفوها بعيونهم قبل أقلامهم، وأخص بالذكر ( بداية ونهاية ) لنجيب محفوظ والصراع الطبقي المذهل فيها.
طه حسين لم يفرنس دعاء الكروان كما فعل أكثر العائدين من بعثات النهضة الباريسية واللندنية، وتحدث عن أخلاقيات الحب والقرية والانتقام الضعيف كأنه يريد من أصدقائه الفرنسيين أن يشاهدوا بقلمه مسقط رأسه، تماما كما حدث مع عبقري عصر النهضة، قاسم أمين، في كُتــَـيبه الصغير ( المصريون ) وهو يردّ على الدوق داركور فيصف جسد الفلاحة وعذريتها ونهديها ومشيتها وجمالها في إطار التراث والعادات والتقاليد ليحارب بها الفكر الاستعماري البريطاني الذي خلط الأوراق فلم يفهم أهل البلاد المُستَعمرة، وقد هلهلها مالك بن نبي الجزائري المبدع في كتابه ( الصراع الفكري في البلاد المُستَعمرة)!
شاهدت اليوم ( دعاء الكروان) بعيون جديدة، ورأيت أن كل الأزمنة تقوم بتلوين الحكايات والأقاويل والأساطير والحقائق بطرق مختلفة، صعودا وهبوطا، توسعة وتضييقا، فأنت تستطيع أن تقرأ نفس العمل الأدبي عدة مرات وكأنه عدة أعمال بينها عدة عقود.
دعاء الكروان ليس عصفورًا من الشرق، لكنه عصفور في الشرق، وعبقرية طه حسين أنه اختار الأذنيّن بدلا من العينين، فلم يعُد بين صفحات الرواية كفيفـًـا؛ وربما أكثر قدرة على الإبصار الحاد من قارئيه.
لابد أن يكون الكتاب بين يديك طوال عُمرك فهو يتغير، ويتزامن، ويمنحك مرة ويمنع عنك مرات، فتقرأه حينا ويقرؤك أحايين أخرىَ.
تلك هي رؤيتي الجديدة لــ( دعاء الكروان ) فهل شطحت بعيدًا؟
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 27 مايو 2018



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصف قرن على الجريمة! لماذا فرحنا بقتل روبرت كنيدي؟
- أحفادي و .. ذكرىَ النكبة!
- مغالطة مخزية .. حرب فلسطين!
- لكنها ليست حربًا ضد بشار الأسد!
- أنا لا أستبدل بعصري كل عصور الماضي!
- رسالة مفتوحة للأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي .. هذا ...
- لهذا يكرهني الإعلاميون المصريون!
- عيد الأم، ست الحبايب .. ألا تخجلون؟
- قراءة في شتائم الغوغاء!
- البابا تواضروس في حديث إلى السعوديين!
- الملائكة تهاجر من مصر في الولاية الثانية!
- كل شعوب الدنيا إلا في مصر!
- سيناويات طلسمية؛ ومع ذلك فشعبُنا جيشُنا!
- لماذا يكره الإعلاميون المصريون الإعلاميين المصريين؟
- السيسي سيحكم لمئة عام قادمة!
- تبرئة إبليس بشهادة الجماهير!
- كلنا في الانتخابات أصفار!
- أنا والخليج .. الحبُ المُحرَّم!
- حكايتي مع إيران!
- البحث عن مصر!


المزيد.....




- أمين عام حزب الله نعيم قاسم يرد على تهديدات اغتيال خامنئي وو ...
- شبكة CNN تحقق في الضربات الإسرائيلية على مسؤولين إيرانيين با ...
- بالشرق الأوسط.. مواقع أبرز قواعد أمريكا العسكرية بعد التلويح ...
- شبح حرب العراق يلوح في أفق الخلاف القائم بين ترامب ورئسية جه ...
- بوغدانوف: علينا حصر الصراع الإسرائيلي الإيراني وبذل كل ما في ...
- مصر توجه رسالة لواشنطن وطهران
- -روس كوسموس-: روسيا ستساهم في تحقيق أول رحلة فضائية لرائد إن ...
- بعد الإعلان عن اغتياله.. مستشار خامنئي: أنا حي ومستعد للتضحي ...
- عراقجي: لا تفاوض حول برنامجنا الصاروخي
- تقرير بريطاني: التفوق الجوي الإسرائيلي يهيمن.. لكن المعادلة ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد المجيد - دعاء الكروان .. رؤية جديدة!