أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - نقد العقلية البعثية(عقل السلطة)














المزيد.....

نقد العقلية البعثية(عقل السلطة)


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 5879 - 2018 / 5 / 21 - 09:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"إضاءات"
نقد العقلية البعثية(عقل السلطة)
منذر خدام
إن مجرد إعلان الرئيس بشار الأسد عن التي سوف يمثلها مؤتمر حزب البعث القادم، وخصوصا، بعد الإعلان عن قرب موعد انعقاده،(انعقد في عام 2005) حتى بدأ بازار الرهانات الداخلية والخارجية، حول ما سوف يمثله هذا المؤتمر بالنسبة لسورية والسوريين، وبالنسبة للعرب عموما، وكذلك بالنسبة للقوى العالمية، ذات المصالح الكبيرة في منطقتنا، والتي يتفق الجميع على أن لسورية موقع مهم فيها. وبين فريق المتشائمية الذين يرون استحالة التغيير، في ظل السلطة الحالية، بالنظر لتاريخها الطويل في نهب البلد، وتعريض مواطنيه لكل أشكال الإذلال والقهر، خصوصا، وهي تدرك جيدا خطورة الأسئلة التي سوف تواجهها من قبلهم، عندما ينزاح كابوس الاستبداد عنهم، وبين فريق المتفائلين الذين يرون أن السلطة ليس أمامها من مفر سوى أن تجري إصلاحات عميقة، في هذا الاتجاه. والرهان هنا ينصب على قيادة الرئيس الشاب، ذي الثقافة السياسية المختلفة عن ثقافة والده حسب رأيهم. أقول بين فريق المتشائمين، وفريق المتفائلين من الصحيح البقاء في موقع المتشائلين، فالموقع الوسط هذا يسمح، بأفق للرؤية اوسع، كما يسمح بمزيد من الموضوعية في البحث والنظر. فمن جهة، لم تعد السلطة قادرة على الاستمرار بالطريقة السابقة، وإن الاستبداد لم يعد عصيا على التغيير. غير أنها، من جهة ثانية، سوف تخيب أمال المتفائلين، لجهة جدية وعمق التحولات التي سوف تقدم عليها. في الحقيقة، كانت السلطة تراهن على الزمن، وعلى احتمال المساومة مع القوى الخارجية الضاغطة عليها للوصول إلى تفاهمات تبقيها على حالها كبنية، مع احتمال تغيير بعض من سلوكها، بحسب ما كانت تطالب به أمريكا مراراً.
إن الباحث الجاد في تاريخ النظام البعثي في سورية، لا بد أن يدرك مدى نجاح البعث، ( بل قل للدقة، قيادته الحاسمة بعد عام 1970)، في ظروف دولية مواتية، في بناء سلطة أمنية استبدادية، لم تشهد لها سورية مثيلا في التاريخ. استخدم في ذلك، وبنجاح كبير، ما يسمى في علم السياسية، بسياسة الجزرة والعصا. فمن جهة تم تنمية جميع الغرائز المافيوية، وعلى جميع الصعد، في إطار ما أصبح يعرف بسياسة إفساد الكل للكل، حسب تعبير المفكر السوري المعروف طيب تيزيني. لقد تحولت سياسة الفساد، والإفساد، إلى وسيلة رئيسة في إدارة المجتمع، والتحكم به. لقد صار للوظيفة سعر، وللمنصب سعر، ولتسيير معاملات الناس أسعار وأسعار، إنها الادارة بالفساد.
ومن جهة ثانية تم بناء أجهزة أمنية متعددة، مجهزة بكل ما تحتاجه من امكانات مادية، ومن كوادر وعناصر، ومن حماية سياسية، وقانونية من أية مساءلة. في مثل هذه الوضعية الفريدة، تم إطلاق يدها في الشأن الداخلي، فعاثت فيه قمعا، وإرهابا، لكل رأي مخالف، لكل من لا يرى ما تراه، وخصوصا لكل فعل سياسي، أو غير سياسي، ترى فيه تهديدا لسلطتها، أو لمصالحها. وأكثر من ذلك تحولت هي ذاتها إلى الحزب الحقيقي، والفعلي للسلطة، ملحقة حزب البعث، والأحزاب الأخرى المتحالفة معه بها، يؤدون دور أجهزة من أجهزتها.
في هكذا مناخ تشكلت العقلية البعثية، بعد أن قطعت مع نمط تفكيرها السابق الذي ساد في مرحلة الخمسينات من القرن الماضي، وما قبلها، بل بعد أن قطعت أيضا مع نمط تفكيرها الذي ساد في مرحلة الستينات. من سمات هذه العقلية أنها محورية التفكير بالسلطة، فهي بالنسبة لها القضية الجوهرية، ووحدة القياس الحاسمة، تضبط علاقاتها مع جميع القوى الداخلية والخارجية. وفي ضوء ذلك تعد نفسها المرجعية الوطنية الوحيدة، تتحدد بالعلاقة معها، مواقف، وسلوكيات الآخرين الوطنية، من غير الوطنية.
العقلية البعثية عقلية غير حوارية، لا تقبل بوجود الآخر، فالآخر، أيا يكن، فهو إما خائن، أو عميل ، وأضيف له خلال الأزمة توصيف جديد هو "عدو الشعب"، ومن ثم لا بد من قمعه، ومحاربته.
العقلية البعثية هي عقلية أمنية بامتياز، وبصفتها كذلك، فهي عقلية شكاكة، حتى بحلفائها، بل حتى بأفراد حزبها، فمن ليس معها، فهو إما متآمر، أو عميل.
العقلية البعثية هي عقلية محكومة بثنائيات قطعية، إما مع، وإما ضد، إما وطني، وإما غير وطني، لا تقبل بين الأبيض والأسود بوجود أية فسحة رمادية.
العقلية البعثية هي عقلية ديماغوجية، وبصفتها كذلك، فهي تعيش ازدواجية فعلية، بين القول والفعل، بين الشكل الذي تقدم نفسها فيه، وبين حقيقتها الفعلية.
العقلية البعثية عقلية تبريرية، لا تستطيع التعلم من أخطائها، بل لا تعترف، في الغالب الأعم، بارتكابها أخطاء، وفي الحالات النادرة التي تعترف بها بوقوع أخطاء، فإنها تعزيها إلى الآخرين، أو إلى الظروف.
العقلية البعثية هي عقلية غير قانونية، تخيفها فكرة القانون، وبصفتها كذلك، فهي عقلية غير مؤسساتية، بل جهازية، وثمة فرق كبير بين العقل المؤسساتي، والعقل الجهازي.
وأخيرا، وليس آخرا، العقلية البعثية هي عقلية جامدة، تخيفها الحركة، لأنها تولد أسئلة، تبحث عن أجوبة، تتطلب التغيير.
هذه بعض سمات العقلية البعثية(عقلية السلطة)، كما بدت لي من خلال معايشتي للبعث من الداخل، خلال فترة من حياتي السياسية، أو كما تبدو لي الآن بصورة أوضح، كباحث في الشأن السياسي السوري. السؤال المركزي الذي يطرح نفسه بقوة اليوم هو: كيف يمكن لهذه العقلية أن تتغير، وأن تقود عملية الإصلاح الشامل، والعميق في حاضنتها الجهازية، التي بنتها، ورعتها خلال نحو أربعة عقود خلت؟ بكلام أخر، كيف يمكنها أن تقبل بتحويل سلطتها الأمنية الجهازية إلى سلطة مجتمعية ديمقراطية، بما يعني ذلك من تهديد لفكرة محورية السلطة لديها؟. كيف يمكنها أن تقبل بوجود تعددية سياسية، بما يعني وجود معارضة، وانتخابات حرة، وتداول للسلطة، إلى غير ذلك من متطلبات الدولة الديمقراطية الحديثة ؟. الجواب بجملة واحدة: مستحيل إلا إذا قبلت بفكرة تنحيها عن السلطة.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إضاءات- قول في الدستور السوري لعام 2012
- إضاءات - طبيعة النظام السوري
- إضاءات- الحكم بالقوانين الاستثنائية في سورية
- قراءة متانية فيي القانون 10 للتنظيم العقاري
- ما مصير القطب الديمقراطي السوري المعارض
- العدوان الثلاثي ومصير الحل السياسي
- وطن في بازار سياسي
- قراءة متانية في ورقة - اللاورقة - للدول الخمس
- قراءة متانية في البيان الختامي لمؤتمر سوتشي
- سيناريو المر الواقع للحل في سورية
- قراءة متانية في وثيقة - اللاورقة - لدي مستورا
- المصالح الدولية في سورية وفرص نجاح الحل السياسي
- ماركة سياسية
- الأثار الاقتصادية والاجتماعية للصراع في السورية
- رؤية هيئة التنسيق الوطنية – حركة التغيير الديمقراطي لمسارات ...
- الآثار الاقتصادية والاجتماعية للصراع في سورية
- كيف سوف يكون شكل سورية بعد الأزمة
- قراءة متأنية في الوثيقة السياسية لمجلس سورية الديمقراطية
- خيارات ما بعد الأزمة السورية
- هل نتجه نحو التقسيم؟


المزيد.....




- روسيا تقدّم إعانات مالية للأمهات الصغيرات لزيادة معدلات المو ...
- رضيعة فلسطينية تموت جوعا بين ذراعي أمها في غزة المحاصرة
- تعيين سالم صالح بن بريك رئيسًا للحكومة في اليمن
- واشنطن تفرض رسوماً جديدة على قطع غيار السيارات المستوردة
- رئيسة المكسيك ترفض خطة ترامب لإرسال قوات أمريكية لمحاربة كار ...
- الزعيم الكوري يؤكد ضرورة استبدال دبابات حديثة بالمدرعات القد ...
- نائب مصري: 32% من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر (فيديو)
- إعلام: الجيش السوداني يستهدف طائرة أجنبية بمطار نيالا محملة ...
- صحيفة -الوطن-: تعيين حسين السلامة رئيسا لجهاز الاستخبارات في ...
- من هو حسين السلامة رئيس جهاز الاستخبارات الجديد في سوريا؟


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - نقد العقلية البعثية(عقل السلطة)