أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوزى سدره - (10) حكايتى مع الكتب















المزيد.....

(10) حكايتى مع الكتب


فوزى سدره

الحوار المتمدن-العدد: 5876 - 2018 / 5 / 18 - 21:08
المحور: الادب والفن
    


أعطنى حاكما أمينا أعطيك أمة عظيمة

قفز ميكو بجوارى حيث جلست على الأريكة وثَبت عينيه على رفوف الكتب يتفحصها بانبهار ، ثم أدار بصره فى اتجاه عينى وقد لمحت فى عينيه استفسار
فقلت : قد لا أخطئ يا ميكو إذ أدركت أنك تريد معرفة قصتى مع الكتب وأصحابها .. اليس كذلك يا ميكو؟
ميكو : نعم يا صديقى .. هذا هو ما أريد أن أعرفه ولتسمح لى أن أكون فضولى أكثر ونحن قد توطدت بيننا صداقة حميمة ، وبين الأصدقاء ليس هناك أسرار ، بل مشاركة بكل الحواس ، وأنت قد عرفت تاريخ حياتى ومعاناتى ، وقصصت لك ما يدور فى ذهنى ما بين يقظتى ومنامى وأحلامى ...
ولا سيما يا صديقى وقد كان بيننا حديث ومشاعر ، ورأيت فى ملامحك رغم كل محاولتك لاخفائها خطوط من الحزن يكسوها رداء من الألم ، صنعت منك إنسانا مرهف الاحساس متألما متأملا فأصبح خيالك مؤثرا مبدعا تصنع منه شخوص ومشاهد ومشاعر .
- يا ميكو .. عندما لا تجد إنسانا يعطى لك نفسه ليسمعك أو يفهم ما تفكر فيه أو يحس بما تشعر به ، وتنغلق عليك كل الأبواب ، فقديما قالوا مشاركة الأصدقاء تحل مشاكل كثيرة
ولكن عندما تنغلق عليك أبواب الصداقة وتجد الكل يعطيك ظهره بل يعطيك الجفاء والقسوة ، فليس هناك صديق تلجأ اليه إلا الكتاب تجلس معه يحادثك وتحادثه وتشاركه ويشاركك
ويشعر بك ويحس بأوجاعك ، حتى أنك قد تجد نفسك وصورتك وحياتك فى مرآته ...
وربما كلمة إحساس او استفسار تأخذك إلي أيام البدايات حيث الطفولة وبداية مراحل التعليم الأولى فى المدرسة الابتدائية .. فقد التحقت فى مدرسة الحى والتى كان اسمها التربية الحديثة ولم يكن بها تعليم أو تربية ...
كنت طفلا مثل باقى الأطفال برئ المشاعر والسريرة . كان الفرح يغمرنى من أبسط الأشياء ،راضيا بالحصول على " تعريفة " - نصف قرش صاغ - مصروف يومى يغمرني بسرور وسعادة يوميا.
حيث كنت أحصل بها على سندوتش فول أو فلافل أوأنفق منها مليم أو مليمين فى الحلوى والبسكويت ، و من هذه التعريفة اشتركت فى عقد جمعية من الجمعيات التى تعقدها ربات البيوت .. كل منهم يدفع مبلغ معين يوميا أو كل أسبوع أو كل شهر ، ثم تُجمع ليأخذها عضو من أعضاء الجمعية لفك الأزمات وتغطية الاحتياجات ، ولكن الجمعية التى عقدتها كانت بينى وبين زميل كان رغم صغر سنه يمتلك دوافع النصب ، وقد اشترط علىّ أن يأخذها أولاً ، فكنت اعطيه يوميا ولمدة شهر المصروف الضئيل الذى أحصل عليه من البيت لحصة الغذاء وأظل محروما من الطعام حتى نهاية اليوم الدراسى ، ولما انتهى الشهر طالبته بأن يعطينى كل يوم تعريفة لشهر آخر ولكنه امتنع بحجج ولم أحصل على شئ وكان أول درس لى فى طفولتى أن لا أُقرض أحد ما ، وإن أردت ان أقرض أعتبره تبرعا ولا أنتظر رده ، حتى عندما بلغت سن النضج كان البعض يسألنى استعارة بعض الكتب من مكتبتى فأعرف مقدما أنها لن ترد ، وفعلا وجدت أن مكتبتى رويدا رويدا تنحدر إلى الإنقراض ، فطلبت ممن يريد كتابا للقراءة أن يقرأه فى عقر دارى ، متحملا معاناة وجود شخص يقاسمنى راحتى أفضل من أن أفقد كتابا ..
آه يا ميكو .. أنت تُرجعنى لأيام فى حياتى طواها الزمن منذ أكثر من سبعين عاما
ميكو : انها نعمة كبيرة.. لقد حباكم الله بالذاكرة تسترجعونها وقتما تشاؤون ، تجدونها أمامكم حتى لو مر عليها مائة عام . تستخلصون منها العبر والحكم والدروس أو الندم أو تعيشون فى مشاعرها ، أو تقفون على المواقف والمحطات ليتسنى لكم رؤية الاشياء .
أما نحن فقد حُرمنا من الذكراة فلا نتذكر الأمس ولا يقلقنا الغد وكل ما فى الأمر أننا نعيش مشاعر تُطبع فى عقولنا تكونت من الطريقة الوحيدة التى نتميز بها عن باقى الكائنات وهى حاسة الشم التى نطبع بها بصمات لكل من يقابلنا .. نتعرف على الأشياء والكائنات ولكل منهم بصمته التى تنطبع فى عقولنا
- سبحان الله يا ميكو .. أمور تفوق حدود عقولنا ثم كل شئ ينتهى إلى لاشئ ، نستمع ونتعذب ونتمسك بالعذاب ولا نرضى له بديلا ونتألم ونتوجع ونبحث عن الشقاء ولكن لا نريد الخلاص من هذه الحياة .. فنمسك بها ، والحياة هى قريبك الذى يضمر لك الحقد ويدبر لك كل المكايد ويتفنن فى الايذاء حتى جاءت الوصية حب قريبك كنفسك .. فلماذا جاءت هذه الوصية ؟ .. ألم تجئ لعلاج هذه الحالة المتردية فى تسلط إنسان على آخر ، وهذا الانسان قد يكون قريبك بالدم أو صديقك أو زميلك أو شخص تقابله فى طريق حياتك أو مدرسك الذى يُفترض فيه أن يعلمك ويربيك تربية حسنة ويكون لك قدوة ودرس ولكنه ينقلب إلى شخص يُخرب نفسك ويشوشها ويجعلك تعانى من ذلك طوال حياتك ، لأن ازالة آثار التخريب النفسى .. ما أصعبه
وهذا هو المدرس يا ميكو الذى قلب حياتى السوية إلى حياة معقدة ، وهدوئى النفسى إلى ضوضاء واضطراب ، والعواطف والسكينة إلى الألم ، والصفاء إلى التخريب ..
إن هذا الطفل الذى تشوهت نفسه لازال قابعا فى نفسى .. إنه موجود بكل أوجاعه رغم مرور مراحل العمر والسنين .
ميكو : الايذاء يا سيدى .. لا نعرف لماذا يستمرئ البعض الايذاء ؟ فأبناء جنسنايعانون أشد الاضطهاد فى بلادكم وكل البلاد التى يسمونها نامية وهى خاملة .. انهم يقذفوننا بالحجارة ويستمتعون بذلك ولا يجدون من يردعهم أو يُعَقلهم لهذا العمل الشيطانى وكأنه فعل مشروع ، فكم نحن نتأذى من ذلك ورغم ذلك لا نلبث أن ننسى ونسامح ونترك استعدادا لتقديم خدماتنا ...
- آه يا ميكو .. أنت نتكلم عن جنسكم .. إن من يقوم بالاعتداء على الكائنات الأليفة من السهل عليه أن يعتدى على ابناء جنسه .. فالإنسان فى هذه الدول ليس له قيمة ولا كرامة ولا إنسانية .. هو مُهان من كل الجوانب ...
فإن وجد راع يفتقد صفات الرعاية فكيف تكون رعيته ؟ والراعى هو الأب والأم اللذان يجد فيهما الطفل صورة الله تنطبع فى ذهنه هل هو رحيم أم قاس ...
وأيضا هو المدرس الذى يُعلم فيُحببْ التلميذ فى العلم والقراءة أو ينشئ فيه كراهية للعلم فى كل مصادره ، فيُبغض كل سلطة تقابله يراها فى صورة مدرسه القاسى ...
الأب والمدرس هما الإنطباع الأول للطفل الذى يبنى عليهما أحاسيسه ومشاعره وقدراته ونظرته لكل السلطات التى تقابله .
ميكو : وأيضا الإنسان بالنسبة لنا هو راع فإن لم يعرف كيف يُحسن معاملتنا فقد يطبع فينا صورة سيئة للإنسان ، ولكننا كما قلت لسنا مثلكم ، فقد تكونا على نسيان القسوة فليس لنا ذاكرة
- نعم يا ميكو .. الذاكرة وما أصعبها عندما تكون مؤلمة .. انى اتذكرها حتى الآن .. هى تسير معى . تعيش معى وتأكل معى .. أتذكرها تماما فى أول مرحلة تعليمى .. فى سنة أولى ابتدائى . فى حجرة تحتوى عشرين طفل وكان ابن الناظر معنا فى هذا الفصل ، ومنهم من أكمل تعليمه ومنهم من خرج إلى مدرسة الحياة فى الحرف والمهن والمصانع والطرقات.. انه أسوأ تعليم .. فليس فيه ما يُلزم الآباء بحكم القانون أن يُكمل أولادهم تعليمهم الالزامى حتى الثانوية العامة . لتكتمل مداركهم ومعارفهم ثم بعد ذلك يؤهلون للأعمال والمهن والحرف .إن هذه الظاهره تسمي في بلاد الفرنجه lake
أي تسيب و إهدار فى التعليم . خروج التلاميذ من المراحل التعليمية الأولي إلي الشوارع وكل يحمل حظه في الحياة
كان مدرس اللغة العربية .. ولا أعرف من أين جاءوا به ولا كيف اُختير ولا علي أي أساس يُختَار المدرسون .. كان يدخل الفصل وفى يده عصا غليظة ( خرزانة ) ولم يكن يرتاح له بال أو تسكن له سكينة فى خلال الـ 45 دقيقة ( حصته ) إلا إذا انتقم من طفل لم ترتاح له اجابة سؤاله .. كان يتفنن فى العقاب وهناك طريقة ( الفلكة ) وهناك طريقة ( العبط ) وفى كلتا الحالتين يستعين بفراش المدرسة الذى لازالتأتذكراسمه – فتحى – عالقا فى جدران أحشائي.. تعال يا فتحى اعبط هذا وضع الفلكة بين رجليه ويظل يضرب بكل قوته حتى ينهار الطفل ، فلا يُسمع له صراخ النجدة أو الرحمة .. ولا يبقى له صوت يخرجه ثم يدعونه يجرى فى الطرقة حتى تتبدد الكدمات ويذهب أثرها من قدميه أو مؤخرته ،و يظل الطفل جالسا فى الطرقة حتى تنتهى مدة حصته .
سوف أصف لك يا ميكو الحالة النفسية التى يعيش فيها الطفل سئ الحظ ومدى أثرها على نموه .
إذ يشعر الطفل باهانته أمام زملائه ، ويعلم بعد ذلك أن الجميع سوف ينظرون له نظره دونية وقد يتجنبونه ..
فيبدأ الخوف يتسلل لأعماقه . الخوف من العقاب . الخوف من الإهانة ..ثم تبدأ البغضة والكراهية والنفور من المدرس ومن المدرسة ، بل يظل الخوف من كل ذى سلطة فى المجتمع .. حيث يرى الطفل فى وجوههم صورة المدرس الذى شوه نفسيته .. ما رأيك يا ميكو فى نوع هذا المعلم ؟
ميكو : إنه ليس بمعلم .. إنه إنسان غير سوى . ضعيف يحاول أن يغطى ضعفه وعجزه بالعصا التى يحملها .. إن المدرس ينبغى ان يكون فنانا قبل ان يكون حاملا لعلم يشرحه ، والفنان يعرف ويحس بنفسية كل طفل وعلى هذه المعرفه و الاحساس يتعامل معه .
وهل العقاب فى بلادكم لا يُجرم بالقانون كما هو الحال هنا .. وكما تعلم أنه إذا أهان مدرس تلميذ أعطى القانون للتلميذ الحق فى ابلاغ البوليس فورا .
- بالعكس .. كان الآباء يعتقدون أن الضرب في صالح استيعاب أبنائهم ، فهم يرددون .. اضربوا ونحن نعالج
كانت الاهانة أكبر من أن تحتملها نفسى ، فلم يكن هناك حل الا الهروب ، وإلى أين فى ذلك العمر والتفكير محدود ، فلم أجد غير البحر أتطلع إلى زرقته وأمواجه وعمق آفاقه والطيور التى تحلق فى أجوائه .. أقضى ساعات الدراسة أشكى لامواج البحر معاناتى والدموع تتسرب في داخلى تلتصق بجدران نفسى ، وأسمع فريد الاطرش يعزيني في قوله.. ياموج البحر ألوان أشكي لك حالى .
ميكو : ألم يعلم مَنْ فى البيت بكل هذا ؟
- ظللت أسبوعا على هذا الحال أخرج صباحا بحقيبة المدرسة المصنوعة من القماش مع التعريفة التى أحصل عليها يوميا ، وأتسلل إلى البحر صديقى ، فعندما لا يجد الإنسان من يفهمه ويدرك حاله ، يلجأ إلى الطبيعة فتشعر انها أحن من بنى
البشر.. فالإنسان ابن الطبيعة .. وهل هناك أحن من السماء والبحر الذين كانوا هم ملاذى فى غربة الطفولة ...
مر أسبوع على هذا الحال حتى جاء خطاب من المدرسة إلى ولى الأمر
" غاب ابنكم أسبوعا وفى حالة غيابه عن المدرسة عشرة أيام سوف يتم فصله " ...
كانت مصاريف المدرسة فوق طاقة الأسرة التى تعانى من تدهور الدخل، ومصدر الدخل هو تجارة رب الأسرة الذي أصيب بمرض الربو فأعاقه أياما وشهورا عن مزاولة تجارته وتدهور الحال وكان لابد من مخرج ..
كان جدى هو المخرج الذى حل المشكلة.. قال : هل التعليم هو المستقبل الوحيد للإنسان ، فكم من صُناع وتجار لم يكن لهم حظ فى التعليم وفتح لهم المستقبل أبوابه وتضخمت ثروتهم ولجأ المتعلمون للعمل تحت رئاستهم ...
وها هم أعمامه لم يتلقوا تعليما وهم تجار ناجحون ، فإذا كانت الأسرة فى حاجة إلى مساعدة أليس الإبن الأكبر هو الأولى بأن يقف سند للأسرة
كان حلا ومخرجا يرضى كل الأطراف ، وكأن هذا المدرس أعطانى وأعطى الأسرة حلا لمشكلتها التى تحتاج انقاذا، وطفلا يحتاج لإنقاذ من الإهانة
وقد انقطعت صلتى بالتعليم والكتب والزملاء والأصدقاء ودخلت فى عالم جديد .. حياة العمال والصناع .. الشارع ومدرسته بكل ما فيها من ضوضاء وسلوكيات وأفكار ومشاعر ..
إذا أحب التلميذ مدرسه أحب مادته وتفوق فيها ، العلاقة بين التلميذ والمدرس تبدأ بالحب وتنتهى بالنجاح ، فالعلاقة هى نفسية أولا قبل أى تعليم ، ولأجل ذلك كانت منظومة التعليم ولازالت فاشلة تُخرج أجيالا لم يتدرب فكرهم على الابداع والخيال والابتكار .
لأنهم خَزنوا معلومات فى أذهانهم أخرجوها على ورق الامتحانات ثم خرجوا فارغين ...
فإذا أردنا اصلاح التعليم ابدأ بالمدرس
إذا أردنا اصلاح الأخلاق ابدأ برجل الدين
إذا أردنا عدالة ابدأ بالقاضى
إذا أردنا نهضة أمة ابدأ بالحاكم
وهكذا ابدأ بالراعى .. تنمو الرعية
قال ناظر المدرسة لأبى " ابنكم فاشل لا يصلح للتعليم . الصنعة أولى به"
ميكو : ما سبب هذا الفشل؟ هل كنت فاشلا حقا ؟!
- الخيال يا ميكو .. الخيال هو هبة من الله . موهبة عظيمة حبانى بها ، والانسان إذا استخدمها فى الخير جاءت حضارة عظيمة .. فكل هذه الحضارة التى نراها كانت تصورا فى قلب الإنسان ، وأجاد تجسيدها فى الواقع حتى أن الله قبل خلق العالم كان عنده تصورا للخلق وجسده فى الواقع .. وما التصور إلا خيالا
كنت أجلس بجسدى وعقلى يسرح فى مشاهد من الخيال يصورها ثم يفاجئنى المدرس .. ماذا كنت أقول ؟
فيقف خيالى ويُسدل الستار وأجد أمامى الواقع الذى كنت غائبا عنه
ثم يأتى العقاب على أشده ...
وقد صاحبنى هذا الخيال يا ميكو والذى تسبب فى تغيير وجه حياتى وأصبحنا صديقين فى كل أمور الحياة ...
ولكن حرمانى من حياة المَدرسة واحتضان الكتب والصداقات الاولي ومشاعرها لها طعم مُرْ ظل في الحلق ينغز من حين لآخر ..
عندما ترى فتاة أوفتى خارج من المدرسة يحضن بحنان ورفق إلي صدره أو صدرها كتبهم ، كم يهتز وجدانك وتضطرب أحشائك وتنهمر دموعك لمشاعر الحب والحرمان .حبك لشيء انتزع منك .
لم أجد حلا لهذ الحب غير أن اشترى كم من الكتب القديمة من العربات التى كانت تقف بجوار المقاهى وأقوم ببيعها لأصحاب المقالى بعد أن أحجز كتاب أو اثنين فى حالة جيدة ..
ويوما وقع في يدي كتاب من " سلسلة كتابي" التى كان ينشرها حلمى مراد ...
كانت تحتوى على ملخصات عن حياة المشاهير وإذ بى أقرأ طفولتى لمكسيم جوركى وكأنى أرى نفسى بين دفتى حياة هذا الرجل الذى رحل أبواه وهو لم يزل فى مرحلة الطفولة ورحلت جدته التى تأثر بحنانها وطيبتها وحكاياتها التى انصبغت فى تكوين نفسه ولم يتبق إلا جده الذى قال له .. لم يكن لك مكان بعد فى هذا البيت .. اخرج إلى الشارع ، وهناك عمل على المراكب ثم صبي في محلات الأحذية وفى جمع الاخشاب والجلود من الجسور والمستنقعات وكان يمكن أن تسير حياته على قضبان هذا النوع من الحياة حيث تألم وانكوى بمنغصات الناس واحتيالهم ، لولا لحظة توقف فيها الفكر و سأل نفسه أين أنا وإلى أين المسير وما رسالتى فى الحياة واين أنا بين الناس ؟
وبدأ يُعلم نفسه ويقرأ ويتثقف ، فليست المدرسة كل شئ ولكن الكتاب والناس والموهبة والخيال والفكر والحماس والألم والعذاب والمتعة والسفر وخبرة الدروس وعن الناس وحكاياتهم وأوجاعهم أصبح كاتبا عظيما بين القامات الأدبية فى روسيا ...
شكرا يا مكسيم .. كان أول كتاب أقرأه لك ، غرس فى أعماقى بذرة ظلت تنمو وتزهر أوراقها حتى أصبحت شجرة ..
ليس هناك مستحيل أمام إيمان الإنسان ولوى الصعاب
كنت عطشانا للمعرفة لتروى البذرة التى دُفنتْ فى تربة عقلى ، فظللت أجمع الكتب القديمة بقروش قليلة من على العربات التى تبيعها
ووقع تحت يدى عظماء غيروا التاريخ ، وبدأت ثورة تعتمل فى داخلى انفجرت لتغير تاريخ حياتى ..
لقد قرأت يا ميكو لتولستوى الرجل الذى أحب الفقراء واعتبرهم اخوته فوزع عليهم املاكه ، وديستوفسكى الذى مر بلحظة فارقة فى حياته يواجه عقوبة الموت وفى الدقائق الأخيرة تبدلت العقوبة إلى سجن فى سيبريا تجاوز كل قسوة وضراوة الحياة فأعطاه كل ذلك خبرة ساعدته على تحليل نفوس أبطاله .
أما أنا بدأت حياتي تسير بين الكتب وأصحابها وعالمها وأبطالها .
*****



#فوزى_سدره (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (9) محكمة الضمير
- (8) أنا وكتبى
- (7) ميتشو صديق ميكو
- (6) لماذا الإيذاء
- (5) عودة ميكو وفضائحه
- (4) الإحساس الضائع
- (3) هل للإنسان أن يختار طريقه
- بالقراءة تُقاس حضارة الشعوب
- البحث عن الوفاء


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوزى سدره - (10) حكايتى مع الكتب