أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد علام - لا دولة ولا شبه دولة، فقط -شركة نوعية-؟!















المزيد.....

لا دولة ولا شبه دولة، فقط -شركة نوعية-؟!


سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)


الحوار المتمدن-العدد: 5872 - 2018 / 5 / 14 - 11:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان الاجراءات المالية والاقتصادية العنيفة التى يجرى اتخاذها فى مصر خلال السنوات القليلة الاخيرة، وصولاً الى زيادة اسعار تذاكر المترو مؤخراً، والاستعداد على قدم وساق لزيادة اسعار الطاقة، ذلك بعد ايام قليلة من اقرار قانون ينتهك حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، المصانة دستورياً، بالمادتان (9) و(10) من قانون "النقل البري باستخدام تكنولوجيا المعلومات"، الذى يجعل تفاصيل الحياة الخاصة للمواطن تحت عدسة الجهات الامنية؛ لا يمكن رؤية ذلك كله، وما سبقه، الا فى سياق واحد، سياق تحول الدولة المصرية الى "شركة نوعية"!.


لا يعنى تحول الدولة الى "شركة نوعية"، ان تتغير المسميات، فتزال يافطة رئيس الجمهورية لتضع مكانها يافطة رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب، او تزال يافطة وزير النقل والمواصلات، مثلاً، ليضع مكانها يفطة مدير عام ادارة النقل والمواصلات .. الخ، بل على العكس تماماً، ان الاحتفاظ بمسمى الدولة، و بمميزاتها، وعلى رأسها احتكار العنف، بحكم تعريفها، هو ما يجعلها قادرة على جمع الضرائب من المواطنين، وعلى استغلال ثروات الوطن، وهذا ما يجعل منها، ليست مجرد شركة عملاقة تقليدية هادفة للربح. ان الجمع بين مميزات الدولة، بعد تخليصها من دورها الاجتماعى، واستحواذها على المعلومات التفصيلية لحياة المواطن الخاصة، الجمع بين كل هذه المميزات وتوظيفها لصالح الشركة الخاصة، وبين مميزات الشركة الخاصة الهادفة للربح، فى كيان واحد، يعاظم ارباح "الشركة النوعية".


ان شروط خلق الازمة، "الكارثة"، التى فرضها "صندوق النقد الدولى" على مصر، (اكثر من 100 مليون)، كما غيرها من الدول، والذى يسعى من خلالها لفتح السوق المصرية على مصراعيها، امام المؤسسات المالية العالمية الحاكمة لصندوق النقد، تلبية للتوسع الحتمى للسوق الرأسمال العابر للجنسيات، وفقاً لقانون النمو الرأسمالى؛ ووفقاً لخطة الصندوق، يأتى فى مقدتها النقل والطاقة.




ميزانية الدولة فى خدمة "الشركة النوعية" ؟!

اما وقد تخلصت، او تكاد، الدولة من دورها كدولة، واصبح على المواطن ان يدفع ثمن كل خدمة تقدمها له الدولة، اذاً الى اين ستذهب ميزانية الدولة؟!، اين ستذهب الميزانية المتحصلة من اموال مواطنيها، دافعى الضرائب، ومن فائض قيمة عمل هؤلاء المواطنين، وكذلك من قيمة استغلال الثروات الطبيعية للوطن، الثروات المملوكة "فرضاً" ايضا،ً لهؤلاء المواطنين ولاحفادهم؟!، تذهب ميزانية الدولة الى الشركات الخاصة الهادفة للربح، سواء بدفع تكاليف البنية الاساسية التى تخدم اعمالهم، (شبكات الطرق والكبارى، مثلاً)، وطبعاً تخصيص جانب معتبر من هذه الميزانية للأمن، شرط الاستقرار، الشرط الذى لا غنى عنه لآى استثمار، واموال القروض وفوائدها التى دخلت ميزانية الدولة، وتم انفاقها على نفس مشروعات البنية الاساسية والامن اللازمان للاستثمار، لتتشكل قاعدة شراكة بين الدولة "سابقاً" وبين شركات القطاع الخاص متعددة الجنسيات ووكلائها المحليين، لتتشكل "الشركة النوعية"، والت يتم نزح ارباحها فى النهاية، من الداخل الى الخارج، اما المواطن الذى اصبح عليه ان يدفع ثمن كل ما تقدمه الدولة، فسيحصل المحظوظون منهم على الاجر الذى يكيفيه باقياً على قيد الحياة حتى اليوم التالى الذى سيهب فيه للعمل لدى المستثمر ليضاعف له ارباحه.




عند غياب الدولة، تملأ الفراغ الجماعات، ويستدعى القمع !

فى واقعنا العربى "الاسلامى"، لن تكون الجماعات التى تملآ الفراغ الناجم عن غياب الدولة، سوى جماعات الاسلام السياسى. ان الفشل الذريع الذى يعانى منه نظام يوليو فى تلبية الاحتياجات الاساسية للمواطنين، هو الشريك الاساسى فى انتاج ظاهرة التطرف والعنف الارتدادى لعملية التأثير الايديولوجى لانانية النظام، ارتد فى واقع ظهور وانتشار للاصولية الدينية؛ عندما اثبت نظام يوليو على مدى عقود، عدم قدرته على تأمين معظم الخدمات الرئيسية، قامت جماعات الاسلام السياسى بسد هذا الفراغ.


نجحت جماعة الاخوان المسلمين، والجماعات السلفية بدرجة اقل، فى فضح فشل سلطة يوليو، وذلك من خلال ادارتها عملية متشعبة لتلبية الاحتياجات الاساسية لجماعات من الفقراء، بخطة انتشار لشبكة منظمة، تلعب دور "حكومة الظل" فى الاحياء الفقيرة والعشوائية، والقرى والنجوع الاكثر فقراً، مكونة لنفسها جيش من الاتباع المخلصين، ولينضم بأستمرار الي تنظيمات الاسلام السياسى مزيداً من الشباب الغاضب، باعتبارها القوة الوحيدة المتوفرة له امام عجز الدولة، هؤلاء الاتباع الذين لابد وانك شاهدتهم متواجدين بكثافة امام اللجان الانتخابية التى شارك فيها الاسلاميون سابقاً، او الذين ستشاهدهم مستقبلاً. لانجاز اى حملة ناجحة على التطرف والارهاب، يجب اولاً وقبل اى شئ، الاعتراف بان ظاهرة التطرف هى التجسيد الامثل لايديولوجيا الانانية، التى كانت السبب المباشر لولادتها.(1)



حقيقة تحسن مؤشرات الاقتصاد المصرى !

حالة المطالبة بالتغيير الذى لوحت بها انتفاضة يناير بقوة مزلزلة، مازالت توابعها مستمرة، نجحت قوى الثورة المضادة، التى عنى التغيير بالنسبة لها، ضياع المكاسب والامتيازات الهائلة التى تحصلت عليها منذ منتصف القرن الماضى، وكذلك اضاعة ميراث ابنائهم واحفادهم، نحت، حتى الان، فى جعل خبرة 25 يناير خبرة سلبية لدى قطاعات واسعة من الجمهور، وقد ساعدتهم فى تحقيق ذلك، للأسف، قوى معارضة، يمينية ويسارية، بأنانيتها وانتهازيتها المفرطة، وان بأوزان مختلفة.


يسدد الشعب وحده القروض وفوائدها، والتى يتم صرف جلها على البنية الاساسية الازمة للاستثمارات الاجنبية القادمة للسوق المفتوح، من طرق، كبارى، امن ..الخ، والتى لن يصرف اياً من هذه القروض على الشعب!، الذى اصبح عليه ان يدفع ثمن اى خدمة تقدمها له الدولة، وبالسعر العالمى!، كما اصبح على الدولة ان تتوقف عن اى برامج دعم سواء للطاقة او المواد الغذائية، بل ما يدعو الى الـ"جنون"، ان حتى ميزانية الدولة التى تجبيها من المواطنيين ومن خيرات بلدهم، يتم صرفها هى ايضاً، على البنية الاساسية الازمة للاستثمارات الاجنبية القادمة للسوق المفتوح، وان من يسدد هذه القروض وفوائدها، جميعها، هم افراد هذا الشعب نفسه، بل وابنائهم، وربما احفادهم، ومن يستفيد هم فقط، الفئات القادرة اقتصادياً. ان جوهر الشروط الكارثية لصندوق النقد، ومن يمثلهم، هو تحويل الاضطرابات السياسية والاقتصادية التى اعقبت 25 يناير 2011، الى "فرصة" للاستثمارات العابرة لحدود.


بالضبط، هذا هو المطلوب، تصنيع "كارثة"، التى يتم تشكيلها من مزيج "عبقرى" من عناصر كارثية، اقتصادية وسياسية معقدة، وفقاً لخريطة طريق القوى المالية الدولية العالمية الجبارة المسيطرة دولياً، وبمساعدة عملاؤها المحليين، لتحويل الاضطرابات التى اعقبت 25 يناير 2011 الى "فرصة" تتشكل ملامحها الاساسية من (الانقسام السياسى مع وبين، النظام السياسى والمعارضة، "الاخوان، معارضة مدنية"، وبالتالى الانقسام الاجتماعى، بما يهدد السلم الاجتماعى، معاناة الغالبية العظمى من الشعب من ظروف معيشية طاحنة، الغاء الدعم، وتحرير السوق، والغاء الرقابة على الاسعار، بما يهدد الاستقرار، سد النهضة والتوترات الناجمة عن فاجعة احتملات جادة بالشح المائى، صفقة القرن – فقدان السيطرة على ممر تيران، وجزيرتى تيران وصنافير، صعود ازمة حلايب وشلاتين بعد ترسيم الحدود مع السعودية، الارهاب المستمر والمتنقل، ثروات الطاقة الهائلة لشرق البحر المتوسط، وتحولها الى منطقة صراع كبرى، العاصمة الادارية الجديدة، والسؤال المشروع: هل هى بمثابة "المنطقة الخضراء"، تحسباً لاضطرابات داخلية واسعة؟!، وما يبثه ذلك من توجسات وتوترات اجتماعية مقلقة .. الخ).(2)




لا دولة حديثة، بدون حضارة حديثة !

عرفت مصر الدولة المركزية منذ الاف السنين، ومع بدايات القرن التاسع عشر سعت مصر نحو الدولة الحديثة، دولة المواطنة، دولة المؤسسات وحكم القانون، فانفتحت على حوض الحضارات الحديثة، حوض البحر المتوسط، الا ان التناقض بين مفاهيم ونظم حكم الدولة الحديثة، وبين نظم الحكم الشمولية الديكتاتورية المعتدة على الحكم المطلق للفرد، ما قد جعل النظام المصرى منذ منتصف القرن الماضى فى عداء "موضوعى"، ومازال، مع الحضارة الحديث، فربط ميثاقه بين مصر وبين ثلاث دوائر، الدائرة العربية، الدائرة الافريقية، الدائرة الاسلامية، مسبعداً دائرة حوض الحضارات الحديثة، حوض البحر المتوسط التى تطل مصر عليه!. (لاحظ تفرد النجاح النسبى، حتى الان، للتجربة التونسية فى مقاومة الثورة المضادة، فى ارتباطها بحوض الحضارات الحديثة.).


ان الصراع الدائر منذ منتصف القرن الماضى بين نظام يوليو الممتد، وبين التيار اليمينى الدينى، وفى مقدمته جماعة الاخوان المسلمين، هو صراع على السلطة، وليس صراع ايديولجى، ان صراع من يحكم، وليس كيف يحكم، وهو ما يفسر امتداد هذا الصراع لاكثر من ستة عقود، من ناحية، ومن ناحية اخرى، تعدد حالات توظيف النظام لهذه الجماعة فى العديد من المراحل، فى 54 فى مواجهة الحياة الحزبية المدنية، فى بداية السبعينيات فى مواجهة المد اليسارى، واخرها وليس اخراً، فى توظيفها للالتفاف على انتفاضة 25 يناير، والمهش ان الانتهازية المتأصلة فى قيادة هذه الجماعة، تجعلها فى كل مرة قابلة للتوظيف، حتى قبل ان تجف دماء اعضائها التى سالت فى دفعة القمع السابقة. ان صراع النظام مع الجماعات اليمينية الدينية هو صراع ثانوى، ان صراعهما الجذرى، "التاريخى"، مع القوى التى تسعى لمصر دولة حديثة، وفى مقدمتها قوى اليسار، رغم حالته البائسة.

المصادر:
(1) السياسة والاقتصاد فى مصر!
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=595113
(2) المطلوب فى مصر، كارثة!
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=595353



#سعيد_علام (هاشتاغ)       Saeid_Allam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -فشخ- الدول ! رياح الكيماوى، تهب من العراق على سوريا.
- المطلوب فى مصر: -كارثة- !
- السياسة والاقتصاد فى مصر !
- مأزق -السيسى- الغير مؤجل ! لا شروط سياسية، اقتصاية فقط !
- خطة التحويل القسرى: من -دولة مصر- الى -شركة مصر- !
- عولمة -الربيع العربى-، الاختراق الاخير! ليه تبيع -الدجاجة-، ...
- انها حقاً، -فوبيا اللجان الخاوية-، اليس كذلك ؟! -للافكار عوا ...
- حرب الارهاب المخصخصة، بنيت كى لا تنتهى !*
- تكنولوجيا المعلومات: من سلاح ضد الاستبداد الى داعم له !*
- سيناريوهات ما بعد فوز السيسى بالرئاسة الثانية ؟!
- فى مصر ايضاً: إثراء الاقلية، عبر إرعاب الأكثرية !
- -حرباء الفاشية-، سلطة ومعارضة !
- -الشرعية الدوارة- فى مصر !
- هل انتهى فى مصر، مشروع الانتقال ل-دولة مدنية ديمقراطية-، على ...
- -شبح- ايمن نور، يحوم حول انتخابات 2018 ؟!
- ثم يسألونك فى مصر: من اين يأتى التطرف والارهاب ؟!
- تفعيل -الازمة- فى مصر، يسمح بقبول ما لا يمكن قبوله !
- مأزق -الرئاسة الثانية- للسيسى ؟!
- انتهازية النخب السياسية، تعمل ضدها !
- مع استمرار -عزلة- القوى المدنية: -الانتفاضة- القادمة فى مصر، ...


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد علام - لا دولة ولا شبه دولة، فقط -شركة نوعية-؟!