|
فن الكرافيك والفنون الطباعية المعاصرة
تحسين الناشئ
الحوار المتمدن-العدد: 5872 - 2018 / 5 / 14 - 01:14
المحور:
الادب والفن
الفن الطباعي Graphic Art فن خاص قائم بذاته يستمد حيويته ومداه التعبيري من خلال قدرته على المزاوجة بين فنون الرسم والحفر والتصميم والطباعة في آن واحد. لهذا فهو يتطلب امتلاك قدرات خاصة ومهارات رفيعة وخبرات عميقة في تلك الفنون. والفنون الطباعية تستمد ألقها وقدرتها على التواصل مع فنون التشكيل من خلال مواصفاتها العامة وخصائصها الحيوية وقدرتها على التجاوب مع الوسائل الآلية والتقنية المتصلة بها كفنون مستقلة في روحيتها ونتائجها من دون الأنعزال جوهريا عن فنون الرسم والتصميم. لقد تمتع فن الكرافيك في فترة مابعد الحرب العالمية الثانية بحرية اكبر في التعبير وفي مسايرة الإتجاهات الفنية السائدة خلال تلك الفترة، كما ازدادت النتاجات والعروض الخاصة بهذا الفن وحظيت بشعبية كبيرة بين المتذوقين خلال ستينيات القرن العشرين ووصلت الممارسات والتقنيات الى مستويات عالية بسبب تواصل التجارب والدراسات من قبل المتخصصين في هذا المجال وابتكارهم لوسائل عمل متجددة ومتطورة، وكذلك بسبب استخدام خامات جديدة لم تكن متداولة من قبل، وهي خامات دفعت بهذا الفن الى تطور ملموس والى تحقيق نتائج على المستوى الفني تتناسب والتطور الحاصل في مجمل الفنون التشكيلية المعاصرة.
تأريخ الفنون الطباعية قديم، بدأ على ايدي الفنانين والحرفيين الصينيين الذين وظفوا الواح الطين بادئ الأمر ثم الواح الرصاص فالخشب. هذا بالنسبة للسطوح المحفورة (الكليشيه)، اما للسطوح التي تجري عليها عملية الطباعة فهي في الأغلب الورق المصنع يدويا والحرير والقماش. وكانت لدى أولئك الفنانين وسائلهم المبتكرة في عمليات الحفر والضغط وتجفيف السطوح وصناعة الألوان الخاصة بالطباعة، كما امتلكوا مقدرة وسيطرة واسعة على الإنتقال من مرحلة الى أخرى من مراحل عملية الطباعة بعد إتمام النموذج المحفور، وتمكنوا كذلك من ادامة النموذج المحفور (الكليشيه) ليتم استخدامه في طباعة اكبر قدر ممكن من النسخ.
وقد بلغ هذا الفن مراحل متقدمة جدا على ايدي فنانين كبار أمثال: البرت دورر، رامبرانت ، كويا... وآخرين، اذ حقق هؤلاء الفنانين نتائج باهرة في هذا الفن وتحديدا في اعمال الحفر على الزنك، فبعض نتاجاتهم يشار اليها بإعتبارها اعمال فنية فريدة لما تتضمنه من دقة ومهارة في التنفيذ، ورصانة الأشكال المحفورة واحكام بنائها، هذا الى جانب موضوعاتها الإنسانية والدينية والملحمية التي تم التعبير عنها بعمق وبروحية مؤثرة. ولازالت تلك الأعمال الفريدة مثار اعجاب الفنانين المعاصرين على اختلاف مشاربهم.
فن الكرافيك يتطلب عناية خاصة ودقة متناهية في العمل وفهم لخواص الأحبار المستخدمة، هذا الى جانب الاهتمام بنظافة وحُسن تحضير السطح الطباعي ونظافة الخامات المستخدمة. ولعل الأختلاف الجوهري بين الرسم وفن الكرافيك هو إمكانية تعدد النسخ للرسم الواحد بالنسبة للكرافيك بسبب وجود (الكليشيه) أي النموذج الأصلي المحفور، والذي بواسطته تتم طباعة العدد المطلوب من النسخ. لذا فان الرسوم والموضوعات المنجزة عن طريق هذا الفن تمتلك قابلية الإنتشار الواسع والسريع. غير ان هذا الفن لايمتلك الحرية التي يقوم عليها فن الرسم، كإمتلاكه لحيوية الحركة الأدائية، حركة الفرشاة، عفوية التعبير وتعدد الألوان وتداخلها، كذلك عدم قدرة الفنون الطباعية على استخدام بعض أنواع السطوح التصويرية...الخ
وظفت الفنون الطباعية بشكل خاص في مجال الملصقات والرسوم الدعائية والأعلانات والرسوم التوضيحية وغير ذلك من المجالات التي تتطلب تعدد النسخ من الرسم او التصميم الواحد. وكان لبعض المحفزات دور مهم في مساعدة الفنانين المتخصصين في هذا المجال على توسيع حجم التعبير عندهم مع الإحتفاظ بالروح الكرافيكية لهذا الفن والتأكيد على البنية الأساسية للتكوين او الشكل المصور (المحفور). وبالعودة الى التجارب والأساليب الفنية الكثيرة للفنون الطباعية خلال هذا القرن يمكن ملاحظة التأثيرات القوية للفنون الفوتوغرافية على الشكل المصور في اعمال الحفر والطباعة المعاصرة،. ويتجلى هذا الأمر بوضوح شديد عند استخدام الطباعة بواسطة الشاشة الحريرية Silk Screen أو عن طريق الطباعة الحجرية – الليثوغراف lithography ، فقد استعان بعض الفنانين المحترفين بالفوتوغراف كلغة مرئية شديدة الوضوح يسيرة الفهم للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم، في حين التزم اخرون بالعمل والتلقي عن طريق العين مباشرة من غير الأعتماد على وسائل معينة من شأنها ان تضفي على أعمالهم طابعا آليا. ان ابرز الملامح التجديدية في استخدام الفوتوغراف هي المحاولات الواعية لإعادة توجيه الأهتمام صوب القيم التعبيرية المتحققة.
#تحسين_الناشئ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
على ارض الوطن - حكاية
-
لا للتمييز العنصري ضد الأقلية السوداء في العراق - الجزء الثا
...
-
الحقوق المنسية لذوي البشرة السوداء في العراق - (الجزء الثاني
...
-
الأقلية السوداء في العراق وحقوق الأنسان
-
تطور المنجز الفني وضرورته لدى الحضارات العراقية القديمة
-
جماليات العمارة الأسلامية في العصر العباسي - المئذنة الملوية
...
-
الفن التشكيلي العراقي المعاصر - اسباب التقدم وسمات النضج وال
...
-
حركة الأوب آرت - الفن البَصَري
-
نينوى تبكي تاريخها المجيد
المزيد.....
-
مغنية تسقط بحفرة في المسرح فجأة خلال حفل موسيقي.. شاهد رد فع
...
-
أحاط وضعه الصحي بالغموض.. جيمي فوكس يعود إلى المسرح بعد غياب
...
-
مصر.. تحقيق في -إذاعة آيات من القرآن على أنغام الموسيقى-
-
الفيلسوف برنارد هنري: ألا تعلمون أن الحرب العالمية الثالثة ق
...
-
وثائقي لبي بي سي حول حرب جعلت الإنسان -مجرد رقم-
-
بين أزيز الرصاص.. الشاب -أبو نحل- يبدع في خيمته
-
مصر.. قرار جديد بشأن إذاعة القرآن على أنغام الموسيقى
-
بسبب -آيات قرآنية على أنغام الموسيقى-.. النيابة المصرية تتحر
...
-
مكتبة قطر الوطنية.. رؤية عالمية أعمق لتاريخ وثقافة منطقة الخ
...
-
نجمة أمريكية تختفي من المسرح فجأة وسط ذهول الجمهور (فيديو)
المزيد.....
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
المزيد.....
|