أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - عزالدين بوغانمي - النخبة السياسية التونسية: ثنائية الطمع والجهل..














المزيد.....

النخبة السياسية التونسية: ثنائية الطمع والجهل..


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 5869 - 2018 / 5 / 11 - 19:54
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


الثورة في نهاية المطاف هي تأسيس عقد جديد ينقل المجتمع من الديكتاتورية والفساد نحو حياة ديمقراطية حقيقية تضمن قدرا معقولا من السعادة للفرد.
بمعنى أنها تلك العملية التحويلية الشاملة التي نسميها معركة الديمقراطية. وهذه معركة تاريخية بين مشروعين كبيرين متناقضين بشكل جذري:
مشروع تونسي ديمقراطي نير وعصري، يضم الحركة النقابية العمالية وجميع الطيف الجمهوري بلا استثناء.
ومشروع قروسطي أتوقراطي عتيق معادي للديمقراطية على اعتبارها بديلا عن الخلافة الإسلامية ونظام الشورى.
بطبيعة الحال هذه المعركة التاريخية الكبرى المحتدمة بين تونس المعاصرة المتطلعة لدولة عادلة ومجتمع حر، وبين ثقافة الاستبداد والعبودية والشد إلى الخلف من جهة أخرى، هي معركة حضارية تستدعي الاستثمار الفكري والسياسي والاجتماعي والأخلاقي الطويل، وتتطلب جهداً متواصلاً من قبل النخب الاجتماعية وفي طليعتها المثقفون. وقبل هذا وذاك تتطلب فهما عميقاً وسليما لجوهر هذا الصراع.
مع الأسف الشديد، النخبة السياسية التونسية هي نخبة فقيرة ثقافيا وبنفس الوقت هي نخبة جائعة في معظمها، الأمر الذي جعل الطمع ميزتها الأساسية. ولهذا السببين المترابطين شديد الارتباط، رأينا نخبة تدعي المعاصرة والتقدم تتحالف مع المشروع النقيض وتندمج فيه وتزينه وتحتمي به للانتصار على بقية أطرافها الأخرى.
الطمع والجهل وانعدام المسؤولية وغياب البوصلة لدى النخبة السياسية الجمهورية في تونس، عطل عملية إعادة بناء الوعي الوطني، ومنظومة إعادة بناء القيم، وعطل ترميم قنوات تواصل النخبة فيما بينها وتفاهمها الاستراتيجي حول قضايا الإجماع الداخلي، وبالنتيجة تعطل التفاعل والتضامن بين أفراد المجتمع كشرط من شروط العيش المشترك.
وما يزيد في تعميق أزمة هذه النخبة الفقيرة هو أننا لم نعش على امتداد تاريخنا الطويل، ولم نعرف معنى السياسة الحديثة من حيث هي مشاركة جميع أعضاء المجتمع في تقرير الشؤون العمومية. بل كنا معتادين، مثلنا مثل شعوب العالم جميعاً في القرون الوسطى، على تسليم أمرنا لأسيادنا، ملوكاً أو أمراء أو أعيان، في شؤون الحرب والسلام والحكم والقضاء، وربما حتى الآن، مازال الناس يعتمدون في تنظيم شؤون حياتهم الخاصة على تقاليدنا الدينية أو العرفية أو الاثنين معاً.
من الطبيعي في هذه الحال، وفي ظل نخبة لا تفهم الأولويات، ولا هم لها سوى الكراسي، أن لا يتحمس السكان لا للانتخابات ولا لشعار الحريات الفردية، الذي يعني المشاركة في تقرير الشؤون العمومية.
فالخلل والعلة والمصيبة في النخبة، وليس في الأغلبية الشعبية التي امتنعت عن المشاركة في عملية الاقتراع. لأن هذه الأغلبية الشعبية ليس لها تجربة طويلة في الديمقراطية. بل أنها لم تؤمن يوماً أن من حقها التدخل في ما هو من اختصاص الأعيان. ولربما كانت مثل هذه الأمور سبباً في تنفير الناس من السياسة لأنها تبدو وكأنها حيلة و"منداف" تستخدمه المعارضة في ظل الاستبداد، لدفعهم إلى الوقوف في مواجهة السلطة وتعريضهم للانتقام. ولطالما كانت المجاهرة بحق المشاركة في الشأن العام تعني تعريض الناس لانتقام الحكام تماماً كما كان الأقنان يتعرضون للموت إذا اعترضوا على سياسات أسيادهم أو ارتفعوا بتفكيرهم إلى مستوى مناقشة أحكامهم السيادية.
إن نخبة سياسية في حجم اللحظة التاريخية، لا يمكن أن تتخلى عن جبهة الثقافة لأن مهمة ترسيخ مفهوم النظام المدني القائم على احترام الأفراد ومشاركتهم جميعاً في الحياة السياسية، وتطوير وعيهم وتعميق شعورهم بالمسؤولية عن مجتمعهم، عن حماية وطنهم، عن ضمان مستقبل الأجيال، ليس شرطاً لبناء جماعة سياسية حية وفاعلة ومبدعة فحسب. بل يشكل شرط ولادة مفهوم المصلحة العمومية أصلاً ، أي نشوء رؤية وطنية تساعد الفرد على النظر أبعد من مصالحه الشخصية. أو بمعنى أبسط، نشأة مواطن حقيقي يضع مصلحته الفردية ضمن قاعدة القانون. وهذا المواطن هو الذي يشكل ضمانة الاستقرار والعيش المشترك. غير أن هذا الكائن لن يهبط من السماء، إنما هو حالة ثقافية تنجبه معركة بناء المستقبل، لا معارك الكراسي والتفاهات.
تذكروا أيام الترويكا.
تذكروا الرصاص والدم.
تذكروا الأذرعة المسلحة التي استخدمها الإسلاميون لفرض الإذعان على الشعب.
تلك السياسة لم تحدث في القرن الحادي عشر ميلادي، ليست من أحداث النصف الثاني من القرن السابع عشر، حتى نشك في كون حركة النهضة تغيرت وصارت ديمقراطية ومحل شراكة وتحالف. هذه سياسة 2013. سياسة أمس القريب. سياسة دمها مازال أخضر.
تذكروا كيف سمح لأيمة المساجد بهدر دماء المعارضين.
تذكروا كيف استهدفت قيادات نداء تونس والجبهة والجمهوري والمسار واتحاد الشغل.
تذكروا كيف كانت المعارضة التونسية في ظل حكم الاسلاميين عبارة عن مجموعات صغيرة نجت بأعجوبة من الموت.
تكلم الشعب التونسي من خلال صناديق الاقتراع عام 2014، وأثبت بأن الإسلاميين أقلية في المجتمع، وليسوا هم الأغلبيه.
بعد أربعة سنوات امتنع الشعب عن الانتخاب!
ما هو سر هذا السلوك الامتناعي؟؟
السر في ذلك هي نخبة سياسية سافلة. حولت بغبائها وطمعها وقصورها الوطني والأخلاقي الأقلية إلى أغلبية بيدها الحل والربط.



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خائف عليها من الحمقى!
- التدين الماركسي
- الإسلام ومأساة العقل
- بين دولة الاستقلال والكيان الاعتباطي
- رسالة إلى شباب تونس بشأن دروس المصالحة الوطنية بجنوب إفريقيا ...
- حول طبيعة الثورات ومآلاتها
- تجدد النظام القديم وتعمق أزمة تونس.
- الجمود العقائدي والحرب على التقدم.
- حين يستولي الفساد على السّلطة
- نُخب الاستبداد ومستقبل الديمقراطية
- الإسلام السّياسي إعاقة حضارية.
- حِين يُقْطع رأس الثّورة
- شكري بلعيد المثقف العضوي والثوري المختلف ..
- وطن الوحشة والألم: كلمات على وسادة الغربة.
- الألم الوطني وقسوة الحرف.
- انقسام معسكر الرّجعية العالمية، وغياب الجبهة الوطنيّة الدّيم ...
- غزة الأبية ليست لوحدها // تعقيبا على مقال الشيخ راشد الغنوش
- السقوط الأخير
- أمناء المجلس الأعلى، أو السيرك الوطني !
- بعد أربع سنوات، ماذا تحقق من مطالب الثورة ؟


المزيد.....




- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - عزالدين بوغانمي - النخبة السياسية التونسية: ثنائية الطمع والجهل..