أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ذياب فهد الطائي - من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر في بغداد/الفصل العاشر















المزيد.....

من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر في بغداد/الفصل العاشر


ذياب فهد الطائي

الحوار المتمدن-العدد: 5868 - 2018 / 5 / 10 - 00:43
المحور: الادب والفن
    



من حي الزنجيلي /الموصل إلى حي النصر /بغداد
رواية
ذياب فهد الطائي




الفصل العاشر

انا مصمم على بلوغ الهدف ، فإما أن انجح … و إما … أن أنجح


ديل كارنيجي



اليوم الاربعاء ،غدا سيحضر عريف الشلامجة ،لخطبة شيماء ،مشاعر شتى تتقاذفني وتتدفق الأفكار متناقظة وأجدني مشتتا ،حاولت أن استجمع نفسي وأخفي انفعالي ،في مثل حالتي يغدو العالم ليس أصغر من قرية كما يقول منظرو الانترنت ،ولكن ليس أكبر من حدود غرفتي ،وأحيانا ليس أكبر من فضاءاتي التي تتصارع فيها افكاري ومشاعري،أشعر اني العالم !
وجدت انه من الأفضل ان أذهب الى مقهى خليف الزاير فربما سأعود ثانية الى العالم ،في الداخل كانت مجموعة من الشباب يناقشون الوضع السياسي في منطقة الشرق الاوسط ، في آخر المقهى آخرين يدخنون الشيشة ، يتفنون في دفع الدخان الكثيف ليشكل صورا سريالية يتابعونها ،طلبت من خليف أن يضع لي كرسيا على الباب ،مراقبة المارة قد تشغل تفكيري ،طلبت (شاي نومي بصرة )،قال خليف اني لست على عادتي بالحضور ،ترك ابو برنيطة مكانه مع المهووسين بالسياسة يتزعمهم عادل الاستراتيجي ،جلس الى جاني ، قلت له لمذا شربت كثيرا ، قال كي أنسى،نحن في عصر يتعلم فيه ابليس من البشر ،في الحقيقة من الساسة العراقيين،
إعرابي في الصحراء وجد ابليس منزويا وراء تل رملي ،سأله لماذا أنت هنا ،هل نسيت رهانك ،قال ..لا ...ولكني فشلت في مهمتي مع الساسة الجدد في العراق ولا ضير من الاعتراف بالحقيقة ، أجد أحدهم مفلسا وضائعا فأبدأ بتعليمه كل طرق الانحراف والخديعة ، بعد أن يستلم مركزا سياسيا ويبدأ بتطبيق ما تعلمه ويسرق الملايين من الدولارات ، يبني قصرا على ناصية الشارع وفوق الأرض التي اغتصبها ، يكتب على الواجهة ، هذا من فضل ربي ،يكتبه بخط الرقعة العريض وباللون الازرق ، هذا ما دفعني الى الخلوة بنفسي علنّي أجد طريقة أخرى في التعامل مع هولاء ناكري الجميل .
-ولكن لماذا جئت على غير العادة ، هل رفضت أم غازي تقديم الافطار لك
-لا ....أجدني مخنوقا ...شعرت بأني بحاجة الى الخروج ،بعض الأفكار تتلبس الانسان كحالة غير صحية ،تسد عليه منافذ التواصل مع العالم.
-صحيح ...لهذا شربت ليلة امس عرق هبهب ،قنينة قديمة جائني بها كريم من بستان فرهود ابن خالتي
-انتبه الى صحتك فهذا العرق لبنات آوى
-أعرف ذلك ، كنت أساعد أبي في وضع كميات منه بأوان خاصة في مناطق مختلفة من البستان .المنظر غاية في الطرافة حين نراها سكرى . وبعدها حين بدأت الشرب كنت أتساءل عما إذا كنت في سكري مثل بنات آوى ، كيف يمكن للانسان أن يرى نفسه وهو سكران ؟
-ليس لدي فكرة فانا لا أشرب
- آه ...تذكرت اني بالامس بين كاسين كنت اقرأ في رواية ، كان الكاتب يقول :التفاؤل خارج التاريخ ،يعني ان المتفائلين خارج التاريخ ! ، اليست هذه شتيمة !..الحمد لله انها لاتنطبق علي ، فانا متشائم من الدراسة ومتشائم من العمل ومتشاؤم من الحب ، باختصار أنا في قلب التاريخ ، ما رأيك ؟
-رأيي إنك ما تزال سكرانا ، اشرب قهوة سادة
-لا ... ستجعلني خارج التاريخ
توقفت سيارة نقل مواد انشائية امام بيت مجمان ، خرج بجلابية بيضاء ودفع الاجرة وطلب من العمال ان يركنوا الطابوق الى الحائط ،تقدمت نحوه ، قلت غدا سيحضر مهندس من الشركة الانشائية لمعاينة الموقع والاتفاق معك على الكلفة،
نظرت في عينيه،كان راضيا .
تابعت -هل ترغب بأن أكون معكم ؟
اجابني دون تردد- نعم احتاجك لتقف معي فانا لا أتقن المحاورة مع الدلالين
-ولكنهم ليسوا دلالين ....هم شركة محترمة وصديقي المسؤول عنها
-على بركة الله
توقفت سيارة بيضاء مظللة ،أنزل زجاج المقعد الخلفي ، أطل منه وجه الشيخ صالح ، عمامته البيضاء أولا ،ثم لحيته الطويلة الحمراء التي كان قد سرحها بعناية ، بدت لحيته وكأنها ملصقة على حنكة لتوصل طرفي صدغيه ببعضهما، العمال وهم ينزلون الطابوق من الشاحنة وحركتهم السريعة اثارت موجة من الغبار تحملها الشيخ صالح مرغما.
-السلام عليكم ...
لم ينتظر الجواب تابع –كيف هي امورك حاج مجمان
رد مجمان بنبرة محايدة وكأنه لا يرغب برؤية الشيخ صالح
-الحمد لله شكرا شيخنا ...اعذرني لأني سأجلب الماء للعمال
نظر الشيخ صالح نحوي مستغربا ،خمنت ماذا كان يريد فقمت بمناورة خبيثة
قلت –اعذره شيخنا فهو مشغول بالاستعداد لاستقبال (خطّابة ) لإبنته
-مًن مِن بناته؟
-الكبيرة
بدت لمحة اسف على وجهه ، ترجل من السيارة ،
-من أين الخطّابة
- من البصرة
-من البصرة ! يعني لم يجدوا في ثمانية محافظات بين البصرة وبغداد الا بنت مجمان !!
-قسمة شيخنا
صعد ثانية دون أن يودعني ، شعرت بموجة من السرور تتملكني ،لقد ابعدت الشيخ ، وبانتظار شيماء غدا أن تبعد إبن عريف الشلامجة كما وعدتني.
حين عدت الى المقهى كانت ضجة الصراخ السياسي قد هدأت ، خليف الزاير ينقل الطلبات وعادل الاستراتيجي مغمض العينين، ربما يحلم بالظهور على تلفزيون الفضائية العراقية ،سوف لن يوافق على ان يحاوره حمادي ،سيقبل بابن ملا طلال ، سيتذكر انه لا يعمل في العراقية ،ليس مهما ،سيقوم بالاستمتاع باهتمام زبائن مقهى خليف الزاير ، سيجعله هذا الظهور صاحب الكلمة في مناقشات الشرق الاوسط الجديد في ركن الزاير الثقافي ، وسيطلب من خليف رفع أسم أبو برنيطه مشرفا على الركن .
سألني خليف الزاير بفضول عما كان يريده الشيخ صالح ، قلت لاشيء بارك لمجمان تجديد داره،تمتم خليف ..لا أهلا ولا سهلا ....تركني مسرعا ،شربت شاي استكان نومي البصرة ،
امي تجمع حاجياتها وعندها تقف اخت شيما ء
-صباحا سنكون بحاجة الى عشرين رغيفا لدينا خطابة من البصرة ،والظهر أيضا
رفعت امي رأسها نحوها
-خطّابة !
- نعم ام غازي ،خطابة لشيماء
لم تعلق أمي ، ربما فوجئت ، أوربما خانتها شجاعتها لتقول لا ، ولكنها تدرك انها ليست في وضع يؤهلها لذلك ، لم تلمح الى ام شيماء او مجمان رغم انهما كثيرا ما يتحدثان معها ، شعرت بانها تتعرض لخسارة فادحة ، أدركت إنها منفعلة وهي تغالب نفسها ، قلت لأخت شيماء ساكون معكم باستقبالهم ، أبوك طلب ذلك ،نظرت امي غير مصدقة ولكني كنت هادئا ، بالطبع ستكون خالتك ام غازي معي ايضا ، شكّت أني أسخر من الفتاة ، سكتت وعادت الى البيت .
حينما أندس في فراشي فأن علي أن أنزع الساق الصناعية ، في الليالي الأولى كان ذلك يسبب لى وجعا ،يثير فيّ شعورا حادا بالإحباط ، يشعرني إني مختلف، بمرور الأيام تعودت نزع الساق الصناعية وركنها الى جانب السرير، في الصباح أعود الى تركيبها ،كل ذلك يتم بآلية دون ان يحرك مشاعري ، وقد ساعدتني نظرات امي التي لم تكن تشعرني أني معاق ، كانت تتعمد تكليفي أحيانا بمساعدتها ،كما زملائي في مقهى خليف الزاير لم يشيروا الى ساقي الصناعية .
حينما أدركت أني أحب شيماء ،داخلني شعور بالتردد ، هل تقبل برجل يركن ساقه الى السرير ليلا ،ولكن نظراتها المفعة بالتعاطف اولا وبالحب بعد ذلك ، قضى على ترددي ،
الليل يتقدم ببطء ، ويبدأ السكون القلق يخيم على حي النصر ،ومن بعيد تبدو مقهى خليف الزاير التجمع الوحيد، تغرق في ضوء مصابيح كهربائية ،الوطنية انسحبت من الحي ولكن خليف يملك اشتراكا فاعلا في المحولة المنصوبة بالقرب من مقهاه ،البيوت المشتركة تخضع عادة لعمليات احتيال من قبل صاحب المحولة ،وتبدو البيوت المضاءة ليلا عند توقف كهرباء (الوطنية ) اشبه بكوى تتمتع بالضوء وسط إطار من ظلال الليل الكثيفة ،
أتمدد على سريري وأحاول ان أركن الى قناعاتي ، أشعر ان كل شيء معلق على نتائج ماسيحصل غدا ،أستعيد اللهجة الواثقة لشيماء وهي تقول انها ستتدبر موضوع ابن عريف الشلامجة ،لماذا لم أسألها كيف ستفعل ذلك ،ربما سأكون اكثر راحة وطمأنينة ، من الواضح اني أخوض معركة غاية في التعقيد ، ولكن أليست الحياة ، أية حياة هي في وجودها تحد وصراع مستمرين ، علي أن أجمع قواي أولا وان أثبت مراحل ومحطات الطريق الذي سأسلكه ، أن اناضل من أجل الاهداف في نهاية الطريق،
شيماء اولا ،حينما لا أفكربها اشعر بفراغ حقيقي ، حتى أجد اني ضائع ، التفكير بها يجعلني أكثر قوة وشعورا باني موجود واني كائن حقيقي ،أشعر باني قادر على مواجهة التحدي والصعاب التي تواجهني في حياتي ،وحتى أفكر ان الدرجة العلمية التي اسعى للحصول عليها ،هي وسيلة وسلاح لتحقيق حلمي بالفوز بشيماء .
وغدا سيبدأ مشواري الحقيقي، كانت امي عند الباب تسأل إن كنت صاح ، لم أرد عليها ، من فتحة صغيرة أسفل الباب ،تسربت نفحات من هواء بارد ، سحبت الغطاء الخفيف حولي .
في الصباح الباكر كانت مجموعة من العصافير تتقافز فوق النخلة محدثة ضوضاء صاخبة ،كان بعضها يشاكس البعض الاخر في تبادل الأماكن وفي التقرب من العصفورة التي تقف مراقبة مجموعة الذكور برؤوسها الكبيرة واطواقها السوداء :ربما فرحة بكل هدا الصخب الذي يسببه وجودها وحيدة بينهم ،وكفتاة تلبّستها حالة الزهو بخلو الشارع من أي فتاة اخرى ، تشعر بانها سيدة المكان ،حطت على النخلة مجموعة جديدة كان معظمها عصفورات بطور التدرب على الطيران يرافقهن عدد من العصافير المتباهين بحمايتهن، طارت العصفورة وتخلفت العصافير متوزعة على سعف النخلة ، حين وقفت عند النخلة فرّالجميع ،في الفضاء الواسع المفتوح كان سرب من ألأوز البري بدت بنية اللون تطير بنسق مشكلة قوسا شبه مكتمل ، لم تكن تطلق أصواتا في طيرانها وكأنها في واجب ، ولكن السماء الصافية والسكون كانا يرددان حفيف أجنحتها كرتم موسيقي مكرر ، أمامها كان الدليل أو القائد ترك بينه وبينها مسافة ربما عشرة أمتار ،تخلف الدليل ليتقدم طائر آخر ، تبادل القيادة سلس وبشفافية عالية ، ويطبق التداول السلمي للقيادة ، وهي تعبر سماء بغداد تقدم في طيرانها درسا مجانيا في السياسة ، ربما ستتم الاستفادة منه .
شعرت بسعادة عميقة وغامرة ،استقر في وجداني انه يوم سعدي ، شيماء ستتمكن بطريقة سحرية ، لا أدركها ،من النجاح،
قالت امي الان فقط انتهيت من وجبة الصباح ، احتاج خمس دقائق لأغير (خلكات التنور )،الشمس الساطعة بقوة تكشف عورات حي النصر، شوارع لم تتمكن من الاحتفاظ بطبقة الاسفلت الرقيقة التي كسيت بها في يوم ما ، خنادق نصف مطمورة باكياس النايلون بالوان حائلة .
ارتديت على عجل بنطال جينز لون غامق وقميص بكم طويل بقاعدة بيج تتخللها خيوط بنية ،كانت خديجة عند الباب قالت لقد حضر المهندس لمعاينة البيت ووالدي يرجوك الحضور ،سألتها عن عريف الشلامجة قالت اتصلوا بنا وهم في الطريق .
كانت عائلة مجمان قد استعدت على نحو استثنائي ،قامت خديجة بغسل كاشي باحة الدار والممرات بالماء والصابون ،وعلى الارائك القديمة وضعت مساند بوجوه جديدة خاطتها ام شيماء استعدادا لمناسبة خطوبة شيماء ،
كان المهندس الذي ارسلته الشركة الانشائية يضع على راسه قبعة صغيرة ويضع على عينيه نظارات ملونة ، يقف وسط الدار بجدية مبالغ بها ،وضع امامه لوحة مما يستخدمه الرسامون التشكيليون وبدأ يكتب رغبات مجمان في تفاصيل البيت الذي يريده ،عدد الغرف ومساحاتها وموقع المرافق والمطبخ،وتفاصيل متنوعة عن لون الجدران وشكل السلم الى الطابق العلوي، قام بعدها بجولة في البيت والتقط بعض الصور ،ثم بدأ يرسم مخططا عاما ، قال انه سيعد خريطة البناء ودراسة الكلفة خلال أسبوع ، قلت له ان المهندس المدير وعدني بيومين ، قال لابأس سأكلمه في الموضوع وسنتصل بكم ، الكلفة الاجمالية وطريقة الدفع تناقش مع المدير لاحقا ،شرب علبة كولا وغادرنا .
كنا في غرفة الجلوس حين توقفت سيارة عند الباب ، قال مجمان لقد وصل العريف وعائلته ،شعرت برغبة مضطربة ان أرى غريمي ،وقفت شيماء يرين على ملامحها الاجهاد من التفكير بالطريقة التي ستنفذ بها ما ازمعت عليه لتخريب الخطوبة ،تشعر بصعوبة موقفها الدقيق بعدم التسبب لأبيها بإحراج امام العريف الذي يمارس عليه سلطة فعلية كما حدثهم ،هو المسؤول عن المخفر الحدودي في حالة غياب الضابط ، وهو ايضا الشريك الاقوى مع ابيها كما خمنت هي ،.
دخل العريف اولا ، بدى كأحد المقاتلين من أيام الجحافل البابلية التي اجتازت الحدود الى أورشليم ،قد يكون هذا الوصف مبالغا به ،ولكنه أول ماتبادر الى ذهني وانا أراه ينحني ليدخل من باب الغرفة ،وجهه مكتنز،عيناه حادتان ،شواربه كثة ،انفه كبير ، كانت يداه طويلتين، خيل لي انهما من معمل الاطراف الصناعية ،على العكس كانت امرأته بوجهها الاسمر وملامحها الدقيقة الطيبة ،كانت وعلى نحو لا يمكن تجاوزه تبدو تابعا على درجة كبيرة من الالتزام ،وفي المؤخرة كان حكمت الذي جمع بين صفات الاثنين ولكنه عرف في المدرسة الثانوية وفي كلية الهندسة في جامعة البصرة بانه يمتلك نسبة ذكاء عالية ،اهلته ان يتفوق في دراسته ،وكان من الشائع انه لا يملك اية امكانية لمواصلة الحديث مع الفتيات في الجامعة اكثر من تداول بضع جمل ينسحب بعدها وهو يشعر بخجل ،ربما لانه وحيد ابويه ولانه عايش تناقضا حادا في سلوكهما ،كان ينظر الى الارض وهويصافح شيماءالتي بدا عليها شيء من الارتياح .ربما اهتدت اخيرا الى الوسيلة التي ستمكنها من النجاح في مهمتها .
جلس حكمت مقابلا شيماء ،رتبت ذلك خديجة ، ان تتزوج شيماء سيكون ذلك البوابة لزواجها هي ،ليس لأن شيماء الأكبر ولكن ايضا لأنها الأجمل ،عيونها الزرق وبشرتهاالوردية وكونها على مشارف التخرج من الجامعة ،كلها تحسب لصالحها ، زواجها سيترك خديجة مرشحة للزواج .تطلعت شيماء نحوي فيما كان حكمت يتطلع في جوانب الغرفة كأنه تلميذ يداري ذنب ارتكبه بالصدفة ،ام حكمت تتطلع الى زوجها وهي على استعداد لان تؤمن على كلامه وان تفهم الجميع انه يعرف كل شيء ، اليس هو عريف مخفر الشلامجة ،
-لنتناول شيئا مع الشاي ، قال مجمان
قالت ام شيماء-خديجة ...قومي معي لنجهز الشاي
قالت امي –وانا ايضا سأساعدكما
فهمت ان امي لم يرق لها ان تظل في جو متأزم ،كانت تقرأ وجه شيماء، وتوصلت بحدسها كإمرأة ، التواطؤ الذي يجري بين نظراتي وابتسامات شيماء المطمنة ،
قال العريف-قبل كل شيء يجب ان نتحدث عن الغرض من زيارتنا لكم
قال مجمان-تأكلون من زادنا أولا
قال العريف-بيت عامر باهله ولكن ما هو رأي عروستنا
التفتت شيماء الى العريف-أنا ؟
-وهل هناك عروس غيرك
تنبهت كل حواسي بانتظار اللحظة الحاسمة ، ارتفع وجيب قلبي وانصب نظري على شيماء ،شعرت ان لحظة التفيذ للتواطؤ الصامت بيني وبينها قد حلت ،وكمتآمرين عليهما تنفيذ ما اتفقا عليه ،تجعل اللحظات غاية في الصعوبة،ربما هذا ما يدفع بالنخب المثقفة الى الغاء نظرية المؤامرة ،أشهد أني تآمرت مع شيماء ولا مبرر للانكار .
اعتدلت شيماء في جلستها ، كانت تسيطر على كل خلجاتها وهي ترى الأعين تتطلع نحوها مدركة ان ما ستقوله سيكون حاسما في مجرى الحدث، وقفت امي عند الباب معها ام شيماء وخديجة وفي يد كل منهن صينية من الستانلس ستيل اللامع ،
قالت شيماء- ان مما يشرفني حضوركم واختياركم إياي ،هذا يلقي علي مسؤولية امامكم وامام الله ،وتكوين أسرة مسألة غاية في الأهمية ، ولكن اخر ما أفكر به اليوم هو الزواج ،لدي سنة لانهي الجامعة وبعدها سألتحق بالدراسات العليا التي تستغرق اربع سنوات اخرى ،كما اني قد استطيع الحصول على بعثة دراسية ،طموحي ان احصل على الدكتوراه من جامعات بريطانية ،لا أعتقد انكم على استعداد لانتظاري .
شملت الجميع بنظرة فاحصة لتتبين ردة الفعل ،كان الجميع ينصتون مأخوذين ،
تابعت –واقترح من جانبي اذا سمح أبي ان تكون خديجة عروستكم
سقطت الصينية من يد امها ، أما مجمان فقد تجمدت نظراته فيما صرخت خديجة بحرقة –لا !
تقلص وجه العريف وأصبح لونه اشبه بليمونة تم عصرها الى النصف ، أمي وقفت مندهشة وحينما وجدتني بلا انفعال مفاجئ إتكأت الى الحائط ، كنت أخشى ان تستمر شيماء في الحديث وتضطر الى المبالغة ،
قال العريف –هل يعني هذا انك ترفضين؟
-ليس الموضوع على هذا النحو ، انتم تريدون ان تخطبوا إبنة مجمان ، خديجة أيضا ابنته
قال العريف- أنت تضعينا بموقف محرج
قالت شيماء –اسأل العريس !
قال العريف-الامر مفاجئ لنا
تطلع نحو حكمت الذي بدا محرجا
-ماذا تقول ؟
قال حكمت بعد لحظة تردد حائر –لا بأس
قال العريف –هل تتركونا لنناقش الموضوع
همست ام حكمت-الصغيرة اجمل وهي صحية وستنجب لنا دزينة اطفال



#ذياب_فهد_الطائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر في بغداد -الفصل التاسع
- من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر ببغداد-الفصل الثامن
- من رواد الصحافة اليسارية في العراق
- من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر في بغداد -الفصل السابع
- تطور الحركة النسائية العراقية -ملامح سريعة
- من تاريخ الصحافة العمالية في العراق
- رواية /الفصل السادس
- رواية الفصل الخامس
- رواية ا/لفصل الرابع
- رواية /الفصل الثالث
- رواية الفصل الثاني 04-07-2017
- 04-07-2017 الفصل الاول
- الشخصية والابداع
- المقصلة الفرنسية للنساء أيضا
- المرأة والفلسفة
- في ناحية البو ياسر (عام 1991)
- أسلحة المعلوماتية
- الحقيقة والوهم
- الاستراتيجية العسكرية للعراق
- علم النفس التربوي وظاهرة الخجل -الدكتورة فاطمة جوني الفياض


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ذياب فهد الطائي - من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر في بغداد/الفصل العاشر