أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عمارة تقي الدين - الدراسات المستقبلية... حتمية عربية














المزيد.....

الدراسات المستقبلية... حتمية عربية


محمد عمارة تقي الدين

الحوار المتمدن-العدد: 5868 - 2018 / 5 / 9 - 02:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الدراسات المستقبلية... حتمية عربية
دكتور محمد عمارة تقي الدين
في ظل التحديات الراهنة بكل ثقلها على الواقع العربي نعتقد أن الانخراط في الدراسات المستقبلية عبر وضع سيناريوهات للمستقبل بشكل علمي منهجي قد أضحى ضرورة ملحة في عالمنا العربي الذي يسير على غير هدى وبشكل عشوائي، فها هو عالم المستقبليات العربي مهدي المنجرة يحذرنا من استعمار جديد هو "استعمار المستقبل"، يقول المنجرة:" إن العالم العربي والإسلامي إذا لم يخطط لمستقبله فإنه يوشك أن يُستعمر بدوره كما استُعمِر ماضيه وحاضره ".
ويؤكد علماء المستقبليات أن هناك نقصًا حادًا في الدراسات المستقبلية العربية، في ظل انعدام الرؤية المستقبلية أو خفوتها بشكل كبير في بنية العقل العربي ذاته، فهو عقل مسكون بغواية إعادة إنتاج الماضي، وهو ما دعا البعض لأن يردد تلك المقولة الساخرة:" العرب يتنبأون بالماضي ويتذكرون المستقبل"، ولعل غياب التخطيط للمستقبل هو ما يترك الفرصة للآخر ليدفعنا دفعًا نحو مسار مستقبلي معين يريده هو، ومن ثم نجد أنفسنا وقد انحصرنا بين خيارين لا ثالث لهما: إما أن نرسم نحن ملامح مستقبلنا تأسيسًا على قناعاتنا وتطلعاتنا وآمالنا أو يرسمه لنا آخرون وفقًا لمصالحهم.
"كل كائن حي يخلق مستقبله وعليه أن يتحمل المسؤولية كاملة عن هذا الخلق" هكذا يؤطر الفيلسوف الوجودي جان بول سارتر رؤيته حول أهمية استشراف المستقبل والتخطيط له، غير أن التركيز على المستقبل الذي نقصده هو بالانخراط في حقل الدراسات المستقبلية بشكل علمي لتحديد سبل الاشتباك والمواجهة مستقبلًا مع قضايانا المصيرية، ونعتقد أن عملية بناء السيناريوهات المستقبلية يجب أن يسبقها إعادة صياغة خريطة إدراكية لواقع هذا العالم تكون أكثر التصاقًا به وتعبيرًا عن الحراك الديني والاجتماعي والسياسي داخله وطبيعة التحديات التي تواجهه، ومن ثم يأتي دورنا في بناء سيناريوهات المواجهة تأسيسًا على معطيات ثلاث: متغيرات المجتمعات العربية كل على حدة، متغيرات العالمين العربي والإسلامي ككل، متغيرات النظام الدولي وموقفه من عالمنا العربي، ثم حساب اتجاهات ومقدار هذه المتغيرات والوتيرة التي تسير بها.
ومن دون شك فالاهتمام بالمستقبل هو أمر من شأنه أن يُخفِّف من حدة الاهتمام بالماضي، إذ ليس سرًا أن هناك حالة من فرط النوستالجيا (Nostalgia) (الحنين إلى الماضي) وهي ظاهرة متوطنة في الوعي الجمعي العربي وخاصة لدى كثير من الأصوليات الدينية التي تعمل جاهدة على إحياء الماضي بكل سياقاته واشتراطاته التاريخية، في حين أن الماضي هو للعبرة والدرس، كما أن التعامل مع التراث الديني الذي أنتجه علماء الماضي ينبغي أن يكون وفقًا لمقاصد الدين ذاته فلا ينبغي أن يطغى التراث على تلك المقاصد محاولًا صياغتها من جديد، فقبل الحفر في التراث يتحتم وضع آليات ومنطلقات تأسيسية لهذا الحفر حتى لا يسقط على رؤوسنا ونُدفن تحت ركامه.
حقيقةً أن هذا الغلو في الاهتمام بالماضي لن ينقذنا منه إلا بتوجيه جهود الأمة نحو رسم مسارات مستقبلها لتستأنف دورة حضارية جديدة، فلا نظل نندفع في اتـــجاه مـــضاد لحركة التاريخ في حين تتطلع جميع الأمم نحو المستقبل.
يقيناً أننا بحاجة لجراحة عاجلة لاستئصال ذلك الورم الخبيث الذي نما في عقل الأمة منذ قرون وهو الغلو في التركيز على الماضي ومحاولات إحيائه بكل معاركة وصراعاته التاريخية، وهو ما لن يتأتى من دون إعادة توجيه وجدانها صوب المستقبل، تأسيساً على معطيات الحاضر واتكاءً على حيثياته، عبر رسم مسارات إبداعية لهذا المستقبل.
شريطة بث الأمل في مستقبل أفضل يمكن تحقيقه إذا ما تضافرت جهود الأمة وتم شحذها لأجل تلك الغاية،أي أن نعمد إلى صياغة سيناريو تفاؤلي إنساني أخلاقي، أن نستدعي الحتمية التفاؤلية كما يذهب عماد الدين خليل، وهو أمر يتطلب منا صناعة ثقيلة للعقل العربي تستدعي كمًا كبيرًا من التراكم العلمي والمعرفي في هذا المجال، فعملية إنتاج المعرفة المستقبلية تحتاج للحظات الخيال القصوى أي الدفع بالخيال العربي إلى حده الأقصى، فالدراسات المستقبلية هي في حقيقة الأمر خيال مفرط في تمظهراته.
وكما يذهب البعض فالدراسات المستقبلية يجب أن تتمحور حول المتتالية الآتية: المستقبل منطقة ينبغي استكشافها أي عبر صياغة عدد معقول من السيناريوهات الواقعية، ثم المستقبل منطقة ينبغي بناؤها عبر محاولة إنزال أحد هذه السيناريوهات على الواقع المتعين.
ولعل فقه المآلات في تراثنا الإسلامي هو في أحد أبعاده الأكثر عمقاً محاولة لسبر أغوار المستقبل عبر توقَّع ما الذي تؤول إليه الأفعال مستقبلاً ومن ثم التصرف وفقًا لهذا المآل، يقول فقيهنا الرائع أبو حنيفة: " إنا لنستعد للبلاء قبل نزوله فإذا ما وقع عرفنا الدخول فيه والخروج منه" فهي عبارة تنم عن فهم قديم غير أنه عميق لأبعاد هذا الحقل المعرفي الهام.
وأخيراً دعنا نردد مع ناعوم تشاومسكي قوله: " إذا نحن تخلينا عن الأمل واستسلمنا إلى السلبية فإننا نساعد على حدوث الأسوأ، وأما إذا حافظنا على الأمل وعملنا بجد واجتهاد للدفع بوعوده نحو التحقق فإن من شأن ذلك أن يدفع بالأوضاع نحو الأفضل" ، ومن ثم يتحتم تبنى سيناريو مستقبلي بعينه سيناريو تفاؤلي أخلاقي إنساني على أن تجري محاولة تحقيقه وإنفاذه في عالم الواقع.



#محمد_عمارة_تقي_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة ... ذلك الشيء في اليهودية
- الإعلام السلطوي ومغالطة الإلهاء(الرنجة الحمراء)
- الإعلام السلطوي ونظرية الرنجة الحمراء
- الإعلام في ظل الأنظمة السلطوية
- حزب شاس وموقفه من الصراع العربي الصهيوني
- الإعلام ومغالطة الثنائية الزائفة
- بلاكستون ذلك المسيحي الصهيوني
- هال ليندسي إنجيلي في عشق إسرائيل
- داعش إسرائيل ... تنظيم كاخ الإرهابي
- الإعلام ونظرية التنفيس
- كيف يوظف الإعلام السلطوي العاطفة الوطنية؟
- وسائل الإعلام في ظل نظرية الحرية
- روبرتسون وترامب الجالس بجوار الله
- الإعلام ونظرية المسئولية الاجتماعية
- الإعلام ونظرية المشاركة الديمقراطية
- الإعلام ونظرية الاستخدامات والإشباعات
- حزب البيت اليهودي والقرار السياسي الإسرائيلي
- الإعلام ومغالطة التكرار
- ماركس والدين ...إعادة تأسيس
- الإعلام وخداع الأولويات


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عمارة تقي الدين - الدراسات المستقبلية... حتمية عربية