أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عمارة تقي الدين - وسائل الإعلام في ظل نظرية الحرية














المزيد.....

وسائل الإعلام في ظل نظرية الحرية


محمد عمارة تقي الدين

الحوار المتمدن-العدد: 5845 - 2018 / 4 / 14 - 00:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وسائل الإعلام في ظل نظرية الحرية
دكتور محمد عمارة تقي الدين
ستجري المحاولة في هذا المقال وفي مقالات لاحقة على تناول أهم النظريات الإعلامية التي عبرها تقوم الوسيلة الإعلامية مقروءة أو مسموعة أو مرئية بتحديد الأطر العامة لسياستها التحريرية بل وشكل وطبيعة رسالتها وما يجب أن تقدمه وما يتعين حجبه عن المتلقي، ونعتقد أن معرفة المتلقي بهذه النظريات هو ضرورة مُلِّحة في ظل حالة الانفجار الإعلامي التي نشهدها في لحظتنا الراهنة، إذ يمكنه من خلالها بلورة رؤية نقدية لما تقدمه وسائل الإعلام له من مواد ورسائل إعلامية دون أن يقبلها بشكل مطلق وبكل ما تحمله من سلبيات، بل سيتمكن من الفصل بين غث الرسالة الإعلامية وسمينها.
ولتكن البداية مع نظرية الحرية (Freedom Theory) وهي النظرية المتأسسة على مبادئ الفكر الليبرالي، إذ تذهب إلى أن الفرد يجب أن يكون حرًا بشكل مطلق في بث قناعاته عبر وسائل الإعلام، ومن ثم تدعو هذه النظرية إلى فتح المجال العام لتداول المعلومات بين الناس وتقديم هذه المعلومات أو إذاعتها وبثها عبر وسائل الإعلام باعتباره حق مشروع لكافة طوائف المجتمع ولا يحق لأحد مصادرته، وهي من هذا المنطلق ترفض الرقابة على الفكر أو مصادرته مهما تكن الحجة في ذلك(1).
ويرى كثيرون أن هذه النظرية قد تبلورت كرد فعل على أوضاع العصور الوسطى المأساوية في أوروبا، إذ رزحت أوروبا في ذلك الوقت تحت نير استبدادين: الاستبداد السياسي حيث حكم الملوك والأباطرة، والاستبداد الديني حيث كهنوت الكنيسة ومصادرتها لحرية الفكر، تحت وطأة هذه الظروف انطلقت الثورة الفرنسية حاملة أفكارًا إنسانية تحررية وقد واكبتها الكثير من الإنجازات العلمية الذي نظر إليها كثيرون باعتبارها واحدة من منتجات هذه الحرية، وفي ظل تلك المتغيرات الجذرية ولدت نظرية الحرية إذ دعت إلى إطلاق العنان لفكر الإنسان دون قيد أو شرط أو خطوط حمراء، إذ رأت أنه عبر تلك الحرية يمكنه أن يؤسس لعالم أفضل وحضارة جديدة أكثر تقدماً ورقياً(2).
لقد استندت الأسس النظرية والفلسفية لتلك النظرية على مبادئ وأفكار وتنظيرات قدمها عدد من كبار الفلاسفة الغربيين، منهم: آدم سميث وديكارت وجون لوك، الذين ذهبوا إلى أنه ليس على الحكومات أن تفرض أي قيود على حرية الكلمة، وأن الطريقة الوحيدة للخروج من حالة التردي الحضاري هي بترك الآراء والأفكار تتنافس بحرية إذ عبرها سيجري تطوير تلك الأفكار بشكل كبير لتكون في خدمة المجتمع وتدفع نحو رقيه، مؤكدة أنه عبر تلك الرؤى استطاعت كثير من المجتمعات تحقيق انجازات كبرى في شتي المجالات العلمية والمعرفية(3).

إذ تذهب هذه النظرية إلى أن تحقيق كل فرد لمصلحته الخاصة هو أمر من شأنه تحقيق مصلحة المجتمع ككل، وهو ما لن يتأتى من دون منع تدخل الدولة في حرية الأفراد، ومن ثم نادى دعاتها لأن تنحصر وظيفة الدولة في حماية الأمن الداخلي والخارجي دون تدخل منها في حرية المواطنين.
ومن ثم فقد ألقت تلك النظرية بظلالها الكثيفة على قطاع الإعلام إذ عبرها جرى منع الدولة من التدخل في السياسات التحريرية لوسائل الإعلام تأسيساً على معطيات هذه النظرية وأن التجربة الإعلامية في ظل هذه النظرية ستقوم نفسها بنفسها وصولاً لمنتج نهائي أكثر كمالاً وأكثر تعبيراً عن رغبات الشعوب وتطلعاتها وانعكاسًا لقناعاتها الدفينة.
إلا أن ما حدث هو عكس ذلك تماماً فباسم الحرية وكما يؤكد ناقدو هذه النظرية جرى تقويض الأخلاق العامة وتهديد قيم المجتمعات، كما جرى التدخل في حياة الأفراد الخاصة، بل وبالغت في عرض المواد الإعلامية المبتذلة من أجل الإثارة وجذب عدد أكبر من المشاهدين(4).
فهدفها في التحليل الأخير هو تحقيق أكبر قدر من الربح المادي، كما أنه يؤخذ على الإعلام في ظل هذه النظرية أنه أصبح يحقق أهداف الأشخاص الذين يملكونه دون أن يعبأ بمصالح المجتمع وقيمه العليا، ومن ثم لم يعد الإعلام في ظلها معبراً عن توجهات المجتمع وقناعاته بل هو أداة في يد المتحكمين فيه يوجهون من خلاله المجتمع وفقاً لرغباتهم وتوجهاتهم الأيديولوجية والفكرية والسياسية، وهي أمور من شأنها العصف بقيم المجتمع، وتزييف الوعي الجمعي له عبر تغييب قضاياه الحقيقية وتركيز انتباهه على عدد من القضايا الزائفة، ففي ظلها قامت أجهزه الإعلام بصياغة المادة الإعلامية وفق أهواء مالكي تلك الوسائل الإعلامية وبما يحقق مصالحهم.
مراجع الدراسة:
(1) راجع كلاً من: صبري خليل : فلسفة الإعلام، و محمد جاسم الموسوي : نظريات الاتصال والإعلام الجماهيري، صـ 60 وما بعدها، و جان كلود برتراند : أدبيات الإعلام، صـ16 وما بعدها.
(2) عبد اللطيف حمزة: الإعلام والدعاية.
(3) المرجع السابق، وجان كلود برتراند :أدبيات الإعلام، صـ16 .
(4) صبري خليل : فلسفة الإعلام، ومحمد جاسم الموسوي : نظريات الاتصال والإعلام الجماهيري، صـ 60 وما بعدها.



#محمد_عمارة_تقي_الدين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روبرتسون وترامب الجالس بجوار الله
- الإعلام ونظرية المسئولية الاجتماعية
- الإعلام ونظرية المشاركة الديمقراطية
- الإعلام ونظرية الاستخدامات والإشباعات
- حزب البيت اليهودي والقرار السياسي الإسرائيلي
- الإعلام ومغالطة التكرار
- ماركس والدين ...إعادة تأسيس
- الإعلام وخداع الأولويات
- التعليم العنصري في إسرائيل(مدرسة قبر يوسف نموذجًا)
- أفلاطون والديكتاتور


المزيد.....




- الأمير هاري يخسر الاستئناف ضد قرار تخفيض مستوى حمايته خلال و ...
- من هم الدروز؟ نظرة تاريخية وعن قرب على عقيدة الموحدين الدروز ...
- الاشتباكات بين مقاتلين دروز والقوات السورية تلقي بظلالها على ...
- وئام وهاب لـ يورونيوز: -الشرع أرنب أمام إسرائيل وذئب أمام ال ...
- خبير أوكراني عن صفقة المعادن: أكثر من 60% من الموارد توجد في ...
- أحدثا العنف حيال الدروز في سوريا: برلين تدعو لضبط النفس ودمش ...
- إعلام: لا يوجد إجماع داخل البيت الأبيض لما بعد اتفاق المعادن ...
- أستراليا تطلق أكبر سفينة تعمل بالطاقة الكهربائية في العالم
- مصادر: أكثر من 40 قتيلا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ ...
- -تيك توك- تطعن في غرامة الاتحاد الأوروبي بسبب نشر بيانات الم ...


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عمارة تقي الدين - وسائل الإعلام في ظل نظرية الحرية