أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عمارة تقي الدين - الإعلام السلطوي ونظرية الرنجة الحمراء














المزيد.....

الإعلام السلطوي ونظرية الرنجة الحمراء


محمد عمارة تقي الدين

الحوار المتمدن-العدد: 5859 - 2018 / 4 / 28 - 13:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



هي واحدة من المغالطات المنطقية التي تقترفها وسائل الإعلام السلطوية بحق مشاهديها وتتجسد مغالطة الإلهاء أو الرنجة الحمراء Red herring في قيام تلك الوسائل الإعلامية بتناول موضوعات فرعية هامشية وغير هامة لتشتيت الانتباه عن الموضوع الأصلي(1) ، فيبدأ الرأي العام في الحديث عن الموضوع الهامشي ومناقشة أبعاده وتداعياته ومن ثم تموت القضية الأصلية وتضمحل.

ويُنسب اسم المغالطة (الرنجة الحمراء) لحيلة كان يستخدمها المُجرِمون الهاربون لتضليل كلاب الحراسة التي تتعقبهم، وذلك بوضع سمكة رنجة حمراء في طريق هروبهم، وبما أن هذا النوع من السمك له رائحة قوية ونفاذة فإنها تطغى على رائحة المجرمين فيصعب على الكلاب تمييز رائحتهم فيضلوا الطريق، أي أنه جرى التعمية على الهدف الأصلي بهدف آخر هامشي.

فعلى سبيل المثال تلجأ وسائل الإعلام في الأنظمة السلطوية إلى تسليط الضوء بشكل مكثف على قضايا وموضوعات غالباً ما تكون فنية أو رياضية أو فضائح جنسية لمشاهير وتكثيف الحديث عنها لتصبح الشاغل الأكبر للرأي العام ومن ثم يخفت الحديث عن الهم العام وقضايا المواطن والوطن وهمومه الجوهرية.

إذن فتلك المغالطة تُستعمل للتهرب من مناقشة أو تناول قضية ما عبر طرح قضايا خارجة عن الموضوع ومثيرة للجدل فتجد الرأي العام وقد نسي الموضوع الأصلي وانخرط في مناقشة الموضوع الآخر الغير جوهري(2).
ولعل إستراتيجية الإلهاء التي ذكرها ناعوم تشاومسكي ضمن الاستراتيجيات العشر التي يستخدمها الإعلام السلطوي في تضليل الشعوب هي ذاتها مغالطة الرنجة الحمراء، إذ يجري عبرها إلهاء انتباه العامة عن القضايا الهامة، من خلال تصدير كم كبير من الموضوعات والمعلومات التافهة التي من شأنها جعل الرأي العام مشغولاً بها على الدوام.

يقول بيير برديو:"يمكن للإعلام أن يقدم أحداثًا من شأنها تحويل الأنظار وإلهاء المشاهدين، إن الحواة والسحرة لديهم مبدأ أول يتمثل في جذب الانتباه نحو شيء آخر غير ذلك الذي يقومون به"(3) ، وهو يسميها لعبة المنع بواسطة العرض.
وهي قريبة جدًا من مغالطة تُدعى تجاهل المطلوب، فمثلًا لكي تتجاهل وسائل الإعلام المطالب الداعية لتغيير النظام الاستبدادي، تعمد إلى التحجج بأن كثير من الأنظمة المحيطة هي أنظمة استبدادية، ثم تتساءل: لماذا تسلطون الضوء فقط على نظامنا وتتجاهلون استبداد أنظمة أخرى، وما الدافع وراء طرحكم هذه القضية في ذلك التوقيت بالذات، ومن الذي يقف وراءكم(4) ؟ وهكذا، فتتفرع عن الموضوع الأصلي موضوعات فرعية تتكاثر حوله فتخنقه وتقتله في نهاية الأمر ويصبح هو والعدم سواء في وعي المُتلقِّي وضميره.

مراجع الدراسة:
(1) أحمد دعدوش، أساليب الدعاية المعاصرة..الغاية تبرر الوسيلة، مجلة البيان، العدد 238.
(2) عادل مصطفى: المغالطات المنطقية، صـ 63 وما بعدها.
(3) بيير بورديو: التلفزيون وآليات التلاعب بالعقول، ترجمة درويش الحلوجي، دار كنعان للنشر، سوريا، الطبعة الأولى، 2004م، صـ 47.
(4) أحمد دعدوش: المغالطات المنطقية في وسائل الإعلام، دار ناشري للنشر الإلكتروني، الطبعة الأولى، 2014م، صـ 20.



#محمد_عمارة_تقي_الدين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام في ظل الأنظمة السلطوية
- حزب شاس وموقفه من الصراع العربي الصهيوني
- الإعلام ومغالطة الثنائية الزائفة
- بلاكستون ذلك المسيحي الصهيوني
- هال ليندسي إنجيلي في عشق إسرائيل
- داعش إسرائيل ... تنظيم كاخ الإرهابي
- الإعلام ونظرية التنفيس
- كيف يوظف الإعلام السلطوي العاطفة الوطنية؟
- وسائل الإعلام في ظل نظرية الحرية
- روبرتسون وترامب الجالس بجوار الله
- الإعلام ونظرية المسئولية الاجتماعية
- الإعلام ونظرية المشاركة الديمقراطية
- الإعلام ونظرية الاستخدامات والإشباعات
- حزب البيت اليهودي والقرار السياسي الإسرائيلي
- الإعلام ومغالطة التكرار
- ماركس والدين ...إعادة تأسيس
- الإعلام وخداع الأولويات
- التعليم العنصري في إسرائيل(مدرسة قبر يوسف نموذجًا)
- أفلاطون والديكتاتور


المزيد.....




- إدانات دولية وتحذيرات بعد الهجوم الإيراني على قاعدة العديد ا ...
- إيران: ضرباتنا ضد إسرائيل -استمرت حتى اللحظة الأخيرة-
- هجوم صاروخي إيراني جديد على إسرائيل
- البيت الأبيض: ترامب منفتح على الحوار لكن الإيرانيين قد يسقطو ...
- ترامب يعلن نهاية الحرب بين إسرائيل وإيران
- كشف كواليس التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران ...
- مسؤول إيراني يؤكد موافقة طهران على وقف الحرب مع إسرائيل
- ترامب يتوقع استمرار وقف القتال بين إسرائيل وإيران -للأبد-
- فيديو: انفجارات قوية تهز العاصمة الإيرانية طهران
- وزير خارجية إيران: لا اتفاق على وقف إطلاق النار -حتى الآن- ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عمارة تقي الدين - الإعلام السلطوي ونظرية الرنجة الحمراء