أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي عبد الرحيم صالح - الاحلام لدى رجال الدين في العراق والعالم العربي















المزيد.....

الاحلام لدى رجال الدين في العراق والعالم العربي


علي عبد الرحيم صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5861 - 2018 / 5 / 1 - 23:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تمارس الأحلام في الحياة النفسية لدى الافراد أثرا كبيرا على مدركاتهم وتوافقهم مع العالم الخارجي ورؤيتهم المستقبلية، وتعرف وفقا لفرويد بانها احداث خيالية تظهر لتحقيق رغبة، او هي مجموعة من الصور والافكار والانفعالات التي تحدث بصورة غير ارادية اثناء النوم، وتظهر على انواع منها احلام الخوف والرغبات الدفينة واحلام الانجاز والعدوان الصداقة..الخ، وتتضمن مجموعة من الرموز، بشرية وحيوانية ودينية وجنسية، وتتمثل وظيفة الاحلام بانها تعبر عن الاجزاء المكبوتة في العقل من خلال الخيال، وتنظم المزاج، والتفكير بالمشكلات، واعادة التركيب العقلي من اجل الحفاظ على مرونة معالجة المعلومات .
ورغم ان للأحلام قيمة شخصية لدى كل فرد، إلا ان للحلم دورا مؤثرا على حياة الجماعة ايضا، ولاسيما اذا ظهرت لدى شخصيات تتسم بطابع روحي وديني واجتماعي كبير مثل الزعماء والقادة ورجال الدين، ويتمثل ذلك في استعمال الحلم والاعتماد عليه بوصفه مصدرا للاستبصار والالهام والتنوير ، ووسيلة لاستمداد الشرعية والتأييد الالهي المقدس. ويمكن القول ان الاحلام تظهر لدى رجال الدين وقت نشوب الصراعات والنزاعات بين الجماعات الدينية، إذ وفقا لنظريات التحليل النفسي (فرويد وتلاميذه) يظهر الحلم عندما يشعر (رجال الدين) بالتهديد والقلق والصراع والمنافسة، وبما انهم يرغبون في انهاء هذا الشعور المؤلم ، فانهم يصنعون احلامهم وفقا لهذه الرغبات بصورة لا شعورية، لتبعث في نفوسهم الراحة والاطمئنان والرضا حول ما يريدون القيام به من قرارات وافعال، او تترجم الى رموز تشير الى شر خارجي يهدد حياة الحالم وجماعته.

* رموز الاحلام الدينية:
يتضمن أي حلم مجموعة من الرموز الشخصية والاجتماعية والثقافية، ولكن ما يميز احلام رجال الدين والمتدينين وجود رموز خاصة تتمركز حول معتقداتهم الدينية، وتنقسم هذه الرموز الى (رموز دنيوية) :اشياء موجودة في الحياة المادية للفرد الحالم مثل الصليب، الكتب المقدسة، الاضرحة، و(رموز غيبية): لها علاقة بعالم ما بعد الموت مثل جهنم، والملائكة، والجنة، والصراط المستقيم...الخ. وبما ان للرموز السابقة معاني دينية عميقة وثرية فان الاحلام عندما تظهر تكون معقدة ، ولها تأثيرات نفسية متعددة، فعلى سبيل المثال نجد ان رؤية الحالم للأضرحة والانبياء والجنة والكتب المقدسة ستمنحه الشعور بالسعادة والراحة والتفاؤل، في حين ان رؤية جهنم او يوم قيام الساعة والعذاب يثير في نفس الحالم الخوف والرهبة وتوقع حدوث الشر.
وقد حلل علماء النفس بعض الرموز الدينية التي تظهر في الاحلام، وكالاتي:
الله= العبادة وتحقيق الذات والطموح.
الشيطان= الشعور بالذنب والرغبة الجنسية والشر.
الانبياء= الراحة والامان والايثار.
الملائكة= الطهارة والزهد.
الصديقات مثل مريم العذراء= التسامح والحكمة.
القداس او صلاة الجماعة= الانتماء الديني.
الموت= القلق والخوف من الفناء.
الذبيحة= التضحية.
الجنة= تحقيق الامنيات والرغبات والسرور وطيب العيش.
جهنم= الشعور بالذنب والبؤس والاكتئاب.

*مكانة احلام رجال الدين بين ابناء الجماعة=
تختلف قيمة ومكانة احلام رجال الدين عن الاخرين، إذ غالبا ما يمنح الناس لأحلامهم ورموزها واحداثها مكانة كبيرة، فهم يرون ان احلام رجال الدين طاهرة وخالية من الدنس ، لذلك لها طابع سحري وغيبي مقدس، ولاسيما اذا تضمنت رؤية الانبياء والاوصياء او القيام بعمل مقدس او ظهور حدث قدسي غير طبيعي (مثل رؤية يوم الحساب وزوال الحياة على الارض والنار والملائكة...الخ)، وبهذا تثير هذه الاحلام عواطف الجماعة وتحرك شعورهم الجمعي المتعلق بهويتهم ومكانتهم الدينية. وهناك الكثير من الادلة والحقائق حول تأثير احلام الزعماء ورجال الدين في دفع الجماهير نحو الحرب والسلام، فعلى سبيل المثال حلم رجل الدين المسيحي جيم جونز عام 1978 في غانا باليوم الذي ينتهي فيه العالم، لذلك أمر اتباعه بشرب ماء فيه سم، ومات أثر هذه الحادثة أكثر من 900 رجلا وامرأة وطفلا.

*التوظيف النفسي للحلم لدى رجال الدين:
يعتمد الكثير من رجال الدين على مراجع واحاديث دينية ظهرت عبر الاحلام، إذ يعد الحلم في الدين الاسلامي والمسيحي واليهودي (وغيرها من الديانات) مصدرا اساسيا للتفسير والتأويل ودعم الحجج والبراهين الدينية، ويظهر ذلك في ضوء ما يرويه رجال الدين من احلام في محاضراتهم ومناقشاتهم وخطبهم الدينية او ما يستعملونه من استراتيجيات نفسية في عمليات التنافس الديني، التي يكون هدفها تأجيج مشاعر الجماعة وزيادة رفعتها ومكانتها، على سبيل المثال عندما يصعد رجل الدين الى المنبر ويروي بأنه احد الانبياء والمعصومين زاره في الحلم، وقال له بانه يدعمه ويحبه ويعز جماعته، فان هذا الحلم يعمل كاستراتيجية تشرط رموز الحلم المقدسة (الانبياء والاوصياء) بذاته ومنزلة الجماعة، مما يعطي لنفسه هالة مقدسة ويبعث في الجالسين الشعور بالعظمة وتقدير الذات الايجابي، وبنفس الطريقة قد يستعمل بعض رجال الدين الاحلام لزيادة الكراهية تجاه الجماعات المنافسة، ولاسيما عندما يروي رجل الدين بانه شاهد في حلمه اعضاء الجماعة المنافسة يقومون بأفعال شنيعة ونجسة وكريهة وبعدها يعذبون بالنار، فان هذا يزيد مشاعر العداء والنفور والاشمئزاز تجاه الجماعة المستهدفة. وبهذا لو راجعنا الحوادث والاعتداءات التاريخية بين الجماعات المتنازعة، لوجدنا ان احلام رجال الدين مارست اثرا مهما في ظهور سلوكيات الاعتداء وتغذية مشاعر الغضب لدى الافراد بصورة مستمرة.

*هل يمكن الاعتماد على الاحلام الدينية؟:
يهتم علماء النفس التحليلي بالأحلام بدرجة كبيرة، إذ يرون ان الحلم مادة نفسية يمكن الاعتماد عليها في تفسير شخصية الفرد واصابته بالاضطرابات النفسية والتنبؤ بالمستقبل، ورغم ذلك فان الكثير من علماء النفس لا يتفقون مع هذا الرأي، لان الاحلام تظهر من المخزن اللاشعوري بصورة معقدة ومحرفة، كذلك تتداخل فيها الكثير من الانفعالات السلبية او الرغبات والامنيات الشخصية، لذلك فان قدسية الاحلام التي ينادي بها رجال الدين ينتابها الكثير من الشك، لان معظمها يرجع الى تحيزاتهم الداخلية لأنفسهم وجماعتهم الدينية على حساب الجماعات الاخرى، كذلك ان امنيات رجال الدين والمتدينين في رؤية الله ولقاء الانبياء والمعصومين قد تظهر في الحلم، إذ من المرجح ان تكون زيارة المقدس لرجال الدين في الاحلام نتيجة رغباتهم الخاصة وليست لمزايا يتمتعون بها، ويشير هول Hall,1981 الى ان احلام رجال الدين والمتدينين تكون اكثر تمتعا بالرموز الدينية من الناس الاخرين، لأنهم يعطون للرموز الدينية انفعالات ومشاعر عميقة وشديدة تسمح بظهورها فيما بعد في احلامهم، لذلك تتنشط الاحلام الدينية لدى رجال الدين بدرجة مستمرة.
المراجع:
دافيدوف، لندا.ل (1983). مدخل الى علم النفس، ترجمة، سيد الطواب ومحمود عمر، ط2، دار ماكروهيل: القاهرة.
كاسترو، جوزيف.(1987). الاحلام والجنس -نظرياتها عند فرويد، ترجمة فوزي الشتوي، دار الكتاب المصري: القاهرة.
النجار، رمزي.(1987). احلامك تحت المجهر،ط2، مركز لبنان الفني: بيروت.
نيريس ، دي.(2004). الاحلام تفسيرها ودلالاتها، ترجمة محمد منير مرسي، دار عالم الكتب: القاهرة.
Bulkeley, K .(2014).Religious and Psychological Influences on Dream Recall. Oxford University Press.
Cartwright, Rosalind D (1993). "-function-s of Dreams". Encyclopedia of and Dreaming.
Hall JA.(1981). Religious symbols in dreams of analytical patients. J Am Acad Psychoanal. Vol.9(2):237-49.
Kavanau, J.L. (2000). ", memory maintenance, and mental disorders". Journal of Neuropsychiatry and Clinical Neurosciences. 12 (2).
Kemp ,H.V .(1994).Psycho-Spiritual Dreams in the Nineteenth Century, Part I: Dreams of Death. Journal of Psychology and Theology, Vol. 22, No. 2, 97-108
Lite, Jordan (July 29, 2010). "How Can You Control Your Dreams?". Scientific America.
Stiller, J. Sanchez, A. Broughton, B. Bulkeley, K. "Earliest remembered dreams". Dreaming: 205–222.



#علي_عبد_الرحيم_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاغتراب الانتخابي : قراءة في سيكولوجية الناخب العراقي
- الوعي التمردي في الشخصية العراقية
- سيكولوجية التغيير في العقل العراقي
- الف حرز وحرز : سيكولوجية العقل المزيف
- الاغتصاب الجنسي الداعشي : المشروع الجديد لخلافة دولة العراق ...
- ذاكرتنا .. هويتنا .. شخصيتنا
- اقحام الذات : هل انت شخصية متطفلة؟
- سيكولوجية التجاوز الايجابي
- الشخصية الخيالية : (برنامج عرب ايدول نموذجا)
- هل انت من النمط الشخصي موافق - غير موافق
- التعافي الايجابي : طريقنا نحو تجاوز محن الحياة
- الشخصية العفوية : التلقائية الايجابية للذات
- الشخصية الشرائية القهرية : سيكولوجية في انفاق الموارد الذاتي ...
- منعشات الحياة
- أناقة الشخصية : مهارات تنظيم جمال الذات
- الصيام الروحي للذات : طريقنا الى قهر غرائزنا الدنيوية
- الشخصية المثرثرة : سيكولوجية اضاعة الوقت وهدر الجهد
- المختصر في الشخصية الداعشية السلفية : التعريف ، العقلية الفك ...
- عتاب الذات سيكولوجية الترميم والتوجيه الايجابي
- مثلث الحب سيكولوجية الالفة والشغف والالتزام


المزيد.....




- فيصل بن فرحان يعلن اقتراب السعودية وأمريكا من إبرام اتفاق أم ...
- إيرانيون يدعمون مظاهرات الجامعات الأمريكية: لم نتوقع حدوثها. ...
- المساندون لفلسطين في جامعة كولومبيا يدعون الطلاب إلى حماية ا ...
- بعد تقرير عن رد حزب الله.. مصادر لـRT: فرنسا تسلم لبنان مقتر ...
- كييف تعلن كشف 450 مجموعة لمساعدة الفارين من الخدمة العسكرية ...
- تغريدة أنور قرقاش عن -رؤية السعودية 2030- تثير تفاعلا كبيرا ...
- الحوثيون يوسعون دائرة هجماتهم ويستهدفون بالصواريخ سفينة شحن ...
- ستولتنبرغ: -الناتو لم يف بوعوده لأوكرانيا في الوقت المناسب.. ...
- مصر.. مقطع فيديو يوثق لحظة ضبط شاب لاتهامه بانتحال صفة طبيب ...
- استهداف سفينة قرب المخا والجيش الأميركي يشتبك مع 5 مسيرات فو ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي عبد الرحيم صالح - الاحلام لدى رجال الدين في العراق والعالم العربي