أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - من المستفيد من الفوضى السائدة وسيل الدماء في العراق؟















المزيد.....

من المستفيد من الفوضى السائدة وسيل الدماء في العراق؟


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 1491 - 2006 / 3 / 16 - 12:48
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تزداد الاتهامات المتبادلة وتتسع قاعدة الشكوى الشعبية حول ما يجري في العراق. والآراء حول ذلك متباينة. يعتبر البعض أن الولايات المتحدة الأمريكية هي المسؤولة عن كل ذلك لأنها تمسك بيديها ملف الأمن ووزارة الداخلية والدفاع, وهي تعرف تماماً من هم المارقون وأعضاء فرق الموت, سواء أكانوا من الشيعة أم السنة, وأنها تطلق سراح من يعتقل بهذه التهم ولا تنجز ولا تنشر نتائج التحقيقات حول الجرائم المرتكبة في العراق أو حول عصابات صدام حسين والزرقاوي. فهل الولايات المتحدة تستفيد حقاً من هذه الفوضى الجائرة والموت المتواصل لكي تبقى قواتها العسكرية ويبقى نفوذها أطول فترة ممكنة في العراق؟ أم أن هناك خطأً كبيراً ترتكبه السياسة الأمريكية هو المسؤول عن كل ذلك, كما يقول الصحفي الأمريكي روبرت فيسك؟
البعض الآخر يتهم إيران وسوريا بتأجيج الوضع في العراق لتجنب تفرغ الولايات المتحدة لهما, فهل حقاً أن هذين النظامين مسؤولان عما يجري في العراق, أم أنهما بريئان كبراءة الذئب من دم يوسف؟ أما البعض الثالث فيتهم قوى الإرهاب الإسلامي السياسي المتطرف والتكفيري وأتباع الجزار صدام حسين بكل ما يجري في العراق بأمل توسيع رقعة الصراع إلى دول المنطقة كلها, فهل هم هذه العصابات مسؤولة حقاً عن ذلك؟ أما البعض الرابع فيرمي بثقل اتهامه إما على الأحزاب السياسية السنية, وإما على الأحزاب السياسية الشيعة في ما يحصل من قتل متبادل, إذ أن أحدهما يرى أنه قد فقد السلطة كلية, ويرى الآخر أن عليه أن يحتفظ بالسلطة كاملة بعد أن هيمن عليها ووصلته عبر الولايات المتحدة. فهل حقاً يمكن توجيه التهمة إلى الطرفين باعتبارهما مسؤولين عما يجري في العراق؟ ويرى روبرت فيسك, هذا الصحفي الخبير بشؤون الشرق الأوسط,في حديث تلفزيوني له من لبنان مع القناة الاسترالية ABC ونشر في موقع الحوار المتمدن مترجماً إلى العربية بتاريخ 5/3/2006, بأن الطائفية ليست المسؤولة عما يجري في العراق بل العشائرية, فهل ما يقوله الرجل يتناغم مع واقع ما يجري في العراق أولاً, وهل هناك مثل هذا الفصل الصارم بين الطائفية والعشائرية أم أنهما يتغذيان من وعلى بعضهما الآخر؟ كما أنه يشكك بوجود الزرقاوي ويعتبر ذلك حجة ليس إّلا, فهل هو على حق في هذا أيضاً؟
وكما نرى, فقد تعددت الجهات المتهمة حول ما يجري في العراق يومياً. فوفق المعلومات المتوفرة فأن عدد القتلى في الأيام الأخيرة قد ازداد عن المئة قتيل يومياً, إضافة إلى عشرات الجرحى والمعوقين والخسائر المادية الضخمة وتعطيل الحياة اليومية وتخريب الخدمات, إضافة إلى تصاعد موجات الاختطاف ولم يعد يقتصر على أفراد, بل على جماعات كبيرة, كما حصل أخيراً لموظفي شركة الرافدين الأمنية. ولكن من حقنا أن نتساءل: أين تكمن الحقيقة في كل ما يجري في هذا الوطن الجريح والمستباح وغير الآمن؟ ومن المسؤول عن كل ذلك؟
كم كنت أتمنى أن لا يحصل في العراق ما توقعته قبل الحرب. ولكن حصل ما كان متوقعاً, رغم أن البعض يرى الآن, وبعد خراب البصرة, بأن التقديرات لم تكن دقيقة حينذاك ولم تأخذ بالاعتبار واقع العراق والاحتمالات الأكثر سوءاً! في حين كانت عشرات المؤشرات توحي إلى هذه النتيجة. ولكن ما فات لم يمت فهو حي يفعل فعله السلبي في المجتمع والدولة العراقية.
إن الإجابة عن سؤال: من هو المسؤول عما يجري في العراق, يفترض أن ينطلق من سؤال آخر أساسي هو: من له مصلحة في كل ما يجري في العراق حالياً؟ هل هو طرف واحد أم عدة أطراف؟ وهل المصالح متفقة حول ما يجري أم أن الأهداف والمصالح متباينة, ولكن الحصيلة واحدة, فوضى وموت وخراب؟ المثل العربي يقول: تعددت الأسباب والموت واحد!
لو تابعنا كل طرف من هذه الأطراف التي يشار لها بأصابع الاتهام سنجد ما يبرر توجيه الاتهام من جهة, ولكنها ليست كافية ولا مطلقة, أي أن ما يجري في العراق هو حصيلة لكل تلك المصالح المتناقضة والمتشابكة بعضها بالبعض الآخر, والرغبة في الحفاظ على وضع غير آمن في العراق لأطول فترة ممكنة, إضافة إلى السياسات الخاطئة جداً التي تمارسها الحكومة الراهنة.
لنأخذ الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها الطرف المسؤول أولاً عن الأمن ونتابع ما تريده في العراق وما فعلته حتى الآن. فهي والحق يقال قد فشلت كلية في تأمين الأمن والاستقرار في أعقاب الحرب حتى الوقت الحاضر وذلك لعدة أسباب جوهرية:
1. إنها لم تتعامل مع العراق سياسياً, بل تعاملت معه عسكرياً ومنذ البدء وأخطأت السبيل وأخطأت في الإجراءات التي اتخذتها ومارستها فعلاً, ومنها تواصلت الطامة, حيث لم تضع في حسابها كل الاحتمالات وأكثرها سوءاً سياسياً وأمنياً واجتماعياً.
2. كما أنها كانت وما تزال تريد جعل العراق ساحة وموقعاً رئيسياً لخوض الحرب ضد قوى الإرهاب الإسلامي السياسي العالمي المتطرف, أي أن يكون العراق نقطة جذب للإرهابيين لإبعادهم عن الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا لا نقوله اتهاماً لها بل عبَّرَ عنه جورج بوش الابن ذاته وفي أكثر من تصريح, ولم يكن للاستهلاك الداخلي فقط.
3. إنها تريد البقاء أطول فترة ممكنة في العراق لتضمن لها كل المصالح الاقتصادية والسياسية المحتملة لاحقاً, كما تريد ترتيب الأوضاع بما يساعد على تكريس نفوذها في العراق والمنطقة.
4. وهي تريد أن تستثمر وجودها في العراق لتعزيز مواقعها السياسية والأمنية في إيران. وقد تمكنت من تحقيق نتائج مهمة في هذا الصدد لا يمكن معرفتها بسهولة حالياً وسيكون زاداً لها ولنشاطها اللاحق في إيران. وهي تستخدم لهذا الغرض جماعة مجاهدي خلق بصور مختلفة.
5. ولم تحترم الولايات المتحدة حقوق الإنسان وبالضد مما كانت تتبجح به علناً, والأدلة على ذلك كثيرة جداً.
وعجز الإدارة الأمريكية لم يقتصر على الجانب الأمني فحسب, بل امتد ليشمل الجانب الخدمي والاقتصادي والعلاقات مع القوى السياسية المختلفة, إذ أنها لم تعر للإنسان العراقي وحاجاته ومتطلباته أي اهتمام حقيقي وفرطت بتأييده كلية, كما عزلت الأحزاب العلمانية عن الحركة الفعلية في أوساط الناس وسمحت لغيرهم من الإسلاميين بالحركة الحرة ...الخ.
نتبين من مضمون واتجاهات السياسة الأمريكية أنها غير عقلانية وغير ناضجة وغير واعية لواقع العراق الاجتماعي والسياسي وغير مدركة للعواقب الوخيمة لهذه السياسة أصلاً, لأنها كانت وما تزال لا ترى بوضوح مدى التدهور الكبير الذي أصيبت به سمعة القوات والقدرات العسكرية والأمنية للولايات المتحدة في العراق والمنطقة والعالم, بحيث لم يعد يحترم إمكانيات الولايات المتحدة أي شخص في المنطقة, رغم أنها تعتبر الدولة الأعظم في العالم. إنها أساءت ليس فقط إلى سمعتها العسكرية, بل وإلى سمعتها السياسية حتى لمن كان يعتقد بها ويؤمن بسياساتها ويدافع عنها. من هنا يمكن القول بأن السياسة العملية الأمريكية قد فقدت مصداقيتها أولاً, وفقدت الوحدة العضوية الضرورية بين التكتيكات السياسية اليومية والعملية, وبين الإستراتيجية ذات المدى المتوسط والبعيد في العراق والمنطقة ثانياً. وعواقب ذلك وخيمة على المنطقة وشعوبها, ولكنها في الوقت نفسه على إستراتيجيتها في المنطقة والعالم. ونشأ عن ذلك صراع متفاقم بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على جملة من السياسات التي تقف وراء ذلك مصالح متباينة وأساليب عمل مختلفة. ولا شك في أن الولايات المتحدة تدرك عواقب هذه السياسة على سمعتها ودورها وتأثيرها في المنطقة, ولكن, وكما يبدو لي, أن مجموعة المحافظين الجدد عاجزة عن رؤية بعيدة المدى للآثار السلبية الناجمة عن هذه السياسة على أوضاعهم ومصالحهم في المنطقة, فهم في ذلك يعيدون تجربة الحرب ضد النظام العراقي حين عجزوا عن دراسة كل الاحتمالات ووضع أسوأها أمام أنظارهم وليس تحقيق النصر في الحرب ذاتها فقط دون رؤية الموقف اللاحق وسبل توفير الأمن ما بعد سقوط النظام مثلاً. إن بعض المقترحات التي تقدم حالياً لتغيير تلك التكتيكات غير كافية وقاصرة عن تعديل الأمور, إذ أنها تستوجب تغييراً جوهرياً لا تريده الإدارة الأمريكية حقاً, كما يلاحظ.

أما إيران فهي تمارس سياسة ذات جانبين في العراق. فهي لها من يؤيدها في الحكم عموماً وفي الجنوب على نحو أخص. وخلال السنوات الثلاث الأخيرة تشكلت لها مواقع قوية وتأثير مباشر على الوضع العام في العراق. وهذا يتطلب منها موقفاً يساند تهدئة الأوضاع في العراق وعدم إشاعة الفوضى. ولكن إيران تواجه مشكلة أخرى تتبلور في صراعها مع الولايات المتحدة وكل الدول الأوروبية تقريباً بشأن سياساتها النووية ورغبتها الجامحة في تصدير الثورة الإسلامية الشيعية من جهة, إضافة إلى تخلخل الوضع الداخلي الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والقومي من جهة ثانية, وهي تخشى من تفرغ الولايات المتحدة لها من جهة ثالثة, ولهذا ترى مهمتها تتركز حالياً في تأمين ما يلي:
1. إبراز عجز قوات الولايات المتحدة الأمريكية وقوات بقية الحلفاء عن إشاعة الأمن والاستقرار في العراق.
2. تحطيم سمعة قوات وقدرة الولايات المتحدة العسكرية على شن حرب ضد إيران وقدرة الشعب الإيراني على مواجهة التحديات الأمريكية إن حصل اعتداء عليها.
3. دفع العراقيين إلى المطالبة بانسحاب القوات الأجنبية من العراق لضمان عدم استخدام الأراضي العراقية ضدها.
4. تعزيز مواقعها السياسية والأمنية في العراق والتغلغل إلى جميع أجهزة الدولة والسياسة العراقية, واستخدام العراق منطلقاً لسياساتها في المنطقة بأسرها.
وفي بعض هذه المواقف تلتقي إيران بسوريا, وبالتالي فمن مصلحة سوريا أيضاً استمرار القلق والفوضى وعدم الهدوء في العراق. والكثير من المعلومات الأكثر حداثة تؤكد على دور هذين البلدين في تهريب الأسلحة إلى العراق وتهريب المجندين ودورهم في فرق الموت في الجنوب وفي غيرها, إضافة إلى البذخ المالي على الموالين والأتباع والمؤيدين وشراء الضمائر.

تشير المعطيات التي لدينا إلى أن القوى الفاعلة في إشاعة الفوضى والخراب والموت في العراق تتوزع على عدة مواقع نذكرها باختصار, وهي:
1. مجموعات البعث الصدامية التي تقاتل بشراسة لأنها تدرك بأنها قد فقدت السلطة كلية ونهائياً وغير قادرة على العودة إليها. وتشترك معها بعض القوى القومية اليمينية والشوفينية المتطرفة.
2. مجموعات قوى الإسلام السياسي التكفيرية بمختلف أجنحتها, والتي إن كانت تقتل سابقاً الشيعة فقط, فهي الآن تقتل السنة أيضاً, لأنها ترى فيهم جميعاً جماعات تكفيرية مرتدة لا يسترد الإسلام مكانته بوجودها! إلا أن هؤلاء يدركون بأنهم غير قادرين على أخذ السلطة, ولكنهم يطمحون إلى إشاعة الفوضى في المنطقة بأسرها تحت قاعدة "اقتلوني ومالك". كما أنهم يريدون تنشيط سياسة "صدام لحضارات" على صعيد المسلمات والمسلمين في سائر أرجاء العالم. وإذ يحاول البعض التخفيف من وجود ودور هؤلاء, فهم والحق يقال موجودون وفاعلون في الواقع العراقي الراهن, وهم مسؤولون عن موت عشرات الألوف من العراقيات والعراقيين, ومن الخطأ التقليل من شأنهم. ويفترض أن ننتبه إلى أن قوى إسلامية سياسية عربية غير حكومية في الدول المجاورة, وخاصة في الخليج والسعودية, تقوم بدعم قوى الإرهاب بالمال والمعلومات الاستخباراتية وبالأفراد, وهي التي يفترض بذل الجهد لتجفيفها. وهي قوى لا تخشى من الإعلان عن هويتها أحياناً.
3. المجموعات التي تدعي مقاومة الاحتلال عبر السلاح والتي تضم قوى قومية وبعثية وإسلامية تشترك معاً في عمليات مختلفة. ومن تابع جلسات ونتائج مؤتمرات المؤتمر القومي العربي سيدرك الهدف من هذه العمليات, حيث تتداخل فيه الرؤية الطائفية المبطنة بالرؤية القومية الشوفينية وباتهام الشيعة بالشعوبية. ويهم هذه القوى بالدرجة الأولى إشاعة الفوضى والصراع لتجعل وجود القوات الأجنبية, وخاصة الأمريكية في العراق صعباً للغاية, مما يجبرها على الانسحاب, لتستعيد هي مواقعها, وهو حلم كابوسي مهيمن على هذه القوى عاجزة عن الفكاك منه!
4. قوى الجريمة المنظمة المتداخلة نشاطاتها مع قوى ثلاث, وهي:
أ‌. قوى الإرهاب التكفيرية
ب‌. قوى ما يسمى بالمقاومة المسلحة.
ت‌. جماعات فاسدة ومرتشية في أجهزة الدولة وخاصة في قوات الشرطة والأمن والجيش والوحدات الخاصة.
5. الفرق التي تمارس القتل وتابعة لمليشيات محلية سنية كانت أم شيعية. وهذه القوى تجد الدعم والتأييد من قوى سياسية مختلفة وأغلبها قوى إسلامية سياسية لا يخطئ الإنسان معرفة هويتها, رغم الضبابية التي تخيم على هويتها, إذ أن هويتها متعددة وليست واحدة, وتمارس العمل السياسي أيضاً.
وإذا كان لكل من هؤلاء مصالحه وهدفه المباشر وغير المباشر, فأنها جميعاً تشترك في رغبتها في استمرار الفوضى في العراق, إذ ترى أنها الفرصة الوحيدة لممارسة ما تريد الوصول إليه, بغض النظر عما إذا كان ممكناً أم غير ممكن.

وعندما يجري الحديث عن تفاقم النعرات الطائفية, فهذا يعني بالضرورة أن من يقوم به هي القوى المذهبية ذات السياسات الطائفية والتي تمارس عملياً التمييز الطائفي. ومثل هذه القوى تساهم, شاءت أم أبت, بتصعيد أجواء التوتر وتأمين تربة محروثة للنعرات الطائفية والصراع ثم النزاع فالقتل المتبادل. وإغماض العين عن هذه الحقيقة لا يساعد على معالجتها, بل يزيدها تعقيداً. ومع أن المشاعر العشائرية أكثر عمقاً من المشاعر الطائفية, إلا أن العلاقة المتبادلة والمتشابكة بينهما تزيد من الفعل السلبي للظاهرتين وتعمق من عواقبها على المجتمع العراقي وعلى العلاقة بين الأفراد والجماعات. فالمجتمع العراقي أكد خلال الفترة الأخيرة أنه ما يزال عشائرياً ولم يتخلص من نعراته العشائرية التي يحرّمها الإسلام, كما لم يتخلص من طائفتيه التي غذّاها النظام الصدامي بشكل خاص وبنى عليها كل الطائفيين السياسيين خلال العقود المنصرمة وفي الوقت الحاضر.
من هنا نتبين أن جميع تلك القوى لها مساهماتها في واقع الفوضى التي يعشها العراق, رغم أن من يتحمل العبء الأكبر تبقى تلك القوى التي بيدها الحل والربط في العراق, وأعني بها الولايات المتحدة الأمريكية من جهة, والحكومية العراقية من جهة أخرى, وهما في معسكر واحد من حيث الوضع القائم, من جهة وتلك القوى الأخرى التي يهمها أيضاً إشاعة الفوضى والاحتراب والموت والخراب في العراق.
وعلينا أن نؤكد بأن المليشيات المسلحة, العلنية منها والسرية, التابعة للأحزاب الإسلامية السياسية العراقية, سواء أكانت شيعية أم سنية تساهم بقسط وافر ومباشر في إشاعة الفوضى في العراق سواء عبر أجهزة الدولة الرسمية التي تعمل فيها أم بصورة غير مباشرة.
إننا أمام معضلة كبيرة لا تعالج بسهولة وستأخذ وقتاً طويلاً, ولكن البدء بها يرتبط في واقع الأمر بعدد من الإجراءات التي لا يمكن تجاوزها إن شئنا الوصول بالعراق والشعب العراقي إلى شاطئ الأمن والاستقرار والسلام والتقدم, وأعني بذلك ما يلي:
1. إقامة حكومة وحدة وطنية واسعة تضم إليها جميع القوى الممثلة في المجلس الوطني الجديد وحتى من خارجه أيضاً, يترأسها رئيس وزراء يتسم بالعمل الجماعي والمرونة العالية والوعي الكامل بطبيعة المرحلة والرؤية المستقلة رغم انتمائه لهذا الحزب أو ذاك والابتعاد الفعلي عن الطائفية المقيتة.
2. الاتفاق على برنامج وطني تتفق عليه جميع القوى العاملة في الحكومة الجديدة ويتخذ صفة الإلزام للجميع.
3. أخذ جميع الملفات, وبخاصة الأمنية والخدمية من قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة ووضعها بيد الحكومة الجديدة على أن يتم ما يلي:
أ‌. تسليم وزارات الدفاع والداخلية والأمن الداخلي وأجهزة الشرطة والأمن والمخابرات العراقية إلى أيدي محايدة وبعيدة عن الطائفية.
ب‌. حل جميع المليشيات المسلحة القائمة والتابعة للأحزاب الإسلامية السياسية ونزع أسلحتها وسحب السلاح غير المرخص به من المواطنين.
ت‌. تظهير أجهزة القوات المسلحة والجيش ووزارة الداخلية والأمن ممن يعتبر دخيلاً عليها أو يمارس سياسة طائفية متحيزة.
ث‌. الالتزام بتتبع كل المجرمين من أي جهة كانت ومحاسبتهم, بمن فيهم فرق الموت.
4. أن يبقى الهدف المركزي للحكومة مكافحة الإرهاب بمختلف أشكاله وتأمين الأمن والاستقرار والسلام.
5. التعجيل بإنجاز قضايا الخدمات وإعادة الإعمار وتوفير المزيد من فرص العمل للعاطلين والمهمشين.
6. أن العملية السياسية تتطلب تنشيط عمل المؤسسات الدستورية التي يفترض التوجه صوب:
أ. الحد من التصرفات والقرارات الفردية والتزام أجهزة الإعلام بأسس الحرية والديمقراطية وعدم التحيز.
ب. استكمال مؤسسات الدولة وأجهزتها ووضع القواعد الواضحة لنشاطها وإنجاز القوانين المطلوبة من جانب المجلس الوطني وإعادة النظر ببعض بنود الدستور ذات المضمون الطائفي أو ضد حقوق المرأة وحريتها التامة.
ج. توفير الأجواء الصالحة لإنهاء وجود القوات الأجنبية في العراق.
د. منع تدخل الدول المجاورة بشؤون العراق الداخلية ومنع تسلل الإرهابيين إلى الأراضي العراقية.
هـ توفير علاقة فعالة ومنظمة ومؤسسة على قواعد سليمة بين المركز وإقليم كردستان.
إنهاء وجود وعمل جملة من التنظيمات الأجنبية الفاعلة تحت تسميات مختلفة تثير المشكلات للمجتمع العراقي, كما هو الحال في جنوب العراق.
إن الرؤية الشمولية والموسعة والمتشابكة للعوامل الفاعلة في الفوضى العراقية الراهنة هي التي تساعدنا على وضع حلول عملية لتلك المشكلات والوصول بها إلى نهاياتها المرجوة, إلى تأمين الأمن والاستقرار والسلام والتقدم للشعب العراقي بكل مكوناته, وهو ما يفترض أن نسعى إليه ونحققه في العراق الجديد.
أذار/مارت 2005 كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يفترض أن ينهض بعملية التنوير والتحديث الديني والاجتماعي ف ...
- أليس هناك من يحمي حياة مواطنينا من الصابئة المندائيين من مخا ...
- هل يستخدم الإرهابيون الصراع الطائفي لصالحهم في العراق؟
- أتباع السيد مقتدى الصدر وسماحة القائد!
- من تاريخ التمييز إزاء المرأة في العراق
- هل من مناورات جديدة للمتهمين ولمحامي الدفاع في محاكمة الطغمة ...
- محاكم الدكتاتور اللاشرعية, والدكتاتور أمام محكمة شرعية!
- هل من مخطط إيراني جديد للتدخل شي شؤون العراق الداخلية؟
- أيها السياسيون في العراق:عجلوا بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية, ...
- الإرهابيون المجرمون يحاولون تفجير فتنة طائفية في العراق! لتش ...
- الرأي الآخر: هل قيام حكومة وحدة وطنية هو السبيل المناسب لموا ...
- ما هي المهمات التي ستواجه حكومة الجعفري القادمة؟
- الرأي الآخر: هل يختلف العرب وغيرهم عن الكرد في الموقف من الع ...
- هل يجري العمل حقاً من أجل تحويل الجامعات إلى حسينيات والأسات ...
- نداء إلى طلبة وزملاء وأصدقاء الراحل العالم الجليل الأستاذ إب ...
- ما الطريق لحماية وتطوير العلاقات الإنسانية بين أوروبا والعال ...
- هل من مشكلة بين الدانمرك والعالم العربي والإسلامي؟
- هل من محنة جديدة تواجه الكِتاب والكاتب في العراق؟
- هل من تعقيدات في الموقف الدولي من مساعي إيران النووية؟
- رسالة مفتوحة إلى لجنة اجتثاث البعث!


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - من المستفيد من الفوضى السائدة وسيل الدماء في العراق؟