أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لطيف شاكر - الاقباط ليسوا ضيوفا في مصر















المزيد.....

الاقباط ليسوا ضيوفا في مصر


لطيف شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 5850 - 2018 / 4 / 19 - 11:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الوطن لا يعالج بالأرقام بين أغلبيَّة وأقليَّة، بل تكمُن في الشّعور بالتهميش واللّامبالاة أوّلا، ثمّ الانتقال إلى حالة الصّراع الدّاخليّ ثانيًا. ولعلّ أهمّ نقطة: " إنّ تحوّل الدّولة إلى تبنّي مواقف دينيّة، وتشجيع تديُّنٍ إسلاميٍّ معيَّنٍ ضدّ التَّديُّنِ السّياسيّ، أنتج ظاهرةً مُرافِقَةً هي: شعورُ الأقباط بأنّهم غرباء عن هذه اللُّعبة، في حين أنّهم ليسوا ضيوفًا بل هم مصريّون أصليّون. وفي رأينا، أنّ تراكم هذا البعد الوجدانيّ، وليس التّمييز الذي يُقاس بالأرقام فقط، هو الأمر الأكثر أهميّة في تبلور الهُوِيَّة القِبطِيَّة، وفي مستوى تسييس هذه الهُوِيَّة ". إنّ هذا أخطرُ ما أنتجته مرحلتان ّ مُهمّتين في تاريخنا المعاصر : مرحلة المدّ القوميّ العربيّ الّتي وصلت إلى ذِروة قوّتها في مصر النّاصريّة(1949-1979) وما تلاها، ومرحلة تيّارات الإسلام السّياسيّ في العالم الإسلاميّ، الّتي عايشناها منذ العام 1979 وحتّى اليوم. وفي كلتا المرحلتين، تبلورت " المسألةُ القِبطِيَّةُ " في مصر " على ضوء تطوُّرين مهمّين، هما: تصاعدُ الشّعور بالغُبن الطائفيّ لدى فئاتٍ واسعةٍ من المواطنين المصريّين الأقباط، والثورةُ المصريّة وما يمكن أن تقوم به لإعادة "صوغ العلاقة بين مسلمي مصر وأقباطها في إطار هُوِيَّةٍ وطنيّة مشتركة ".

تُعتبر سنة 1952 حدًّا فاصلًا بين زمنين في الذّاكرةِ القِبطِيَّةِ، فيما جرى لهم على عهود كلٍّ من الرّؤساء الثلاثة : عبد النّاصر والسّادات ومبارك. لقد نُسف كلّ البناء التاريخيّ الّذي استمرّ منذ بداية القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، وذَوَت الحقوقُ الجمعيَّةُ، وتعرّضت أوضاع الأقباط للتناقضات، وسُحقت آمالُهم، وضُربت مصالحُ النُخبَة الاقتصاديّة القِبطِيَّة العليا في الصّميم. وكانوا أمام مُتغيِّرَينِ اثنينِ: اندفاع المدّ القوميّ وثورة عبد النّاصر العارمة بعد العام 1956، ثمّ طُغيان المدّ الإسلاميّ الذي اندفع بشكل سريع جدًّا بعد العام 1979. لقد انسحب الأقباط من الحياة السياسيّة بعد شعورهم بالإقصاء وغياب الديمقراطيّة، إثرَ حركة الضّبّاط الأحرار عام 1952، وإلغاء عبد النّاصر للأحزاب السياسيّة واستثنائه الإخوان المسلمين من ذلك. لقد وجد المجتمع المصريّ نفسه أمام قرارات خطيرة، بجعل مادّة الدّين أساسيّة في المدارس، وتأسيس جامعة في الأزهر، وجعل الأزهر أداة طيّعة بيد الحكومة، وإنشاء دار القرآن، إلى غير ذلك من السياسات التي بقيت مستمرّة بكلّ فاعليّة أو أكثر، على عهدَي السّادات ومبارك لاحقًا

بعد العام 1980، ازدادت الهُوَّةُ بين الأقباط والدّولة إثرَ التّشدّد في الخطاب الدينيّ وإقحام الدّين في الدّستور، والاعتماد على الشّريعة الإسلاميّة مصدرًا للتّشريع، واشتراطات الدّولة لبناء الكنائس أو حتّى ترميمها، واستُبعد الأقباط من التّرشيحات، وربّما وَجد بعضُهم مُتَنَفَّسًا على عهد مبارك، مُقارنةً بما كانوا عليه على عهد السّادات، إذ تبلور انفتاحٌ بسيطٌ من الدّولة مع عدم إلغاء أيٍّ من ممارسات عهد السّادات.

وفي هذا السّياق تبرز حقيقة أخرى، هي أنّ الوظائف المهمة في الدّولة، لاتزال مُغلقةً أمام المواطنين المصريّين الأقباط، وأنّ نسبة تمثيلهم في حقول القضاء والإعلام والبعثات الدبلوماسيّة والجيش والشّرطة لا تتجاوز 2%.."

ثمّةَ مصادرُ متنوّعةٌ لشكوى الأقباط من الحَيفِ والغُبنِ، متمثلةً في مناهجِ التّعليم وتجاهل الأقباط وتاريخهم والدّيانة المسيحيّة، والتشديد على الوتر الطائفيّ، وصبغ الحياة المصريّة بالصبغة الإسلاميّة، والتمييز في الخدمة العسكريّة، وتغيير تحيّة العلم الوطنيّ بالقَسَم الإسلاميّ، وتضييق الحكومة على بناء وترميم الكنائس، وتهجير بعضهم، بالإضافة إلى معاناة كلٍّ من المسلمين والأقباط معًا من الأوضاع المأساويّة، ثمّ حالات القتل وتفجير الكنائس وخطف القبطيات عيانا بيانا ، وما كان لها من آثار وتداعيات على بِنية المجتمع المصريّ. كلُّ هذه الأسباب وغيرها، قادت إلى تشكيل جمعيّات و" لوبيات " في الخارج، تناضل بكلّ الوسائل من أجل حقوق الأقباط ومساواتهم مع الآخرين في التّعامل والديمقراطيّة.. إلخ
رؤية من أجل المستقبل
تحديد مواضع الإصلاحات اللازمة لتفكيك التّوتّر المرتبط بالمسألة القِبطِيَّةِ في مصر ما بعد الثّورة، ومن ضمنها مسائلُ الوضع القانونيّ للأقباط وإعلاءُ الهُوِيَّةِ الوطنيّة بديلًا عن الهُوِيَّةِ الدينيّة.. ، وتطوير قانون الأحوال الشخصيّة والميراث، بإصدار قانونٍ خاصٍّ بالأحوال الشخصيّة القِبطِيَّة، ثمّ معالجة جذريّة للتفجيرات التي تَطَالُ دور العبادة،وخطف القبطيات وأن يتمّ استعادةُ المواطنة المصريّة، مع التّشديد على الهُوِيَّةِ المصريّة دون غيرها، وتخفيف الحملات الإعلاميّة والحملات السّياسيّة العدائيّة بين الأقباط والمسلمين، بل إيقافها نهائيًّا، فضلًا عن العمل على انحسار أجواء الغضب على المواقع الإلكترونيّة.. ثم إيقاف هذا السيل من الفتاوى التي تصدرها الجماعات السلفيّة ضدّ أقباط مصر، وهي من أخطر ما يُمارس في المجتمع ضدّ المجتمع نفسه، في ظلّ صمت مُطبِقٍ من الدّولة .

أنّ ملف الأقباط في مصر، بحاجة ماسّة إلى معالجة جدّية، وأن ينتقل الادّعاء إلى توفر النّيّة الصّادقة لتلك المعالجة؛ وإذا لم يكن ذلك متوفّرًا لدى النّظام السّابق، فإنّ أيّ نظامٍ جديدٍ ملزمٌ بالاعتراف بوجود ملف خطير يتعلّق بهُوِيَّةِ الدّولة، إذ لا يكفي وجود تسامح في التّعامل مع الأقباط، بل إلغاء التّمييز والاعتراف بأنّهم مواطنون أصليّون لهم ارتباطهم العضويّ مع مصر وترابها ونيلها.. مدنها وحقولها.. بحرها وصحرائها.. دلتاها وصعيدها.. " ومن هنا فإنّ مفتاح التعامل مع هذا الملف هو المواطنة المتساوية. والديمقراطيّة هي الإطار الملائم لمثل هذه المقاربة... من أجل بناء تاريخيّ مدنيّ يُخلّص بلادهم من كلّ التّناقضات التي حفِلت بها، على امتداد العهود الجمهوريّة السابقة. أنّ مصر بحاجة ماسّة إلى تشريعات وقوانين مدنيّة تراعي مصالح كل أبناء المجتمع، وأن تستفيد من تجربة العراق القاسية بانقسام مجتمعه وتشَظِّيهِ إلى طوائف وملل وجماعات. إنّنا نخشى على مصر ومستقبلها، داعين إلى أن تجد طريقها السّليم في السنوات القادمة لعلها تكون معلمًا على طريق بناء مستقبل مصر، ومعالجة أخطر ظاهرة سياسيّة واجتماعيّة تعاني منها، وأن تكون هذه رسالة الإنسانيّة والحضاريّة علامةً فارقةً في دروب تقدّمنا وتطوّر أجيالنا القادمة.



#لطيف_شاكر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيرياليسون في محبة الاقباط
- احد السعف (عيد الشعانين )
- لماذا قال البابا :الوطن قبل الكنيسة
- هل المسيحيون يؤمنون بثلاث الهة؟
- اللاهوت والناسوت في شخص المسيح
- حيثيات صلب المسيح
- صوت صارخ في البرية
- كيف القضاء علي الاسلام الارهابي ؟
- سؤال وجواب في الارهاب الاسلامي
- دماء الاقباط بذار الايمان
- قضية القدس عاصمة اسرائيل
- القدس لمن؟
- هدم الكنائس في العصور الاسلامية
- الارهاب ومستقبل الايام
- المثقفون وغلق الكنائس
- عيد الهلوين (الحصاد سابقا)
- غلق الكنائس لارضاء المتشددين
- المسيحيون رمانة الميزان للدول العربية ج2
- المسيحيون رومانة الميزان في المنطقة العربية ج1
- متي يحقن دماء الاقباط؟


المزيد.....




- بولتون لـCNN: النظام الإيراني في ورطة ولا أساس للأمن بوجوده. ...
- الأحداث تتسارع والضربات في تزايد.. هل تنذر المؤشرات بنهاية و ...
- حفل زفاف طفلة في ديزني لاند باريس يثير استنكاراً واسعاً وتدخ ...
- بالاعتماد على استخبارات مفتوحة المصدر.. تقرير يُرجح أن إسرائ ...
- هل عقد ترامب العزم على إسقاط النظام في إيران؟
- أطفال بدو سيناء في وجه السياحة.. حين يتحول التراث إلى مصدر ر ...
- 7 أنواع من الجبن قد تفسد أطباق المعكرونة
- مخاوف أوروبية من إغلاق مضيق هرمز
- مغردون: هل وصلت المواجهة بين طهران وتل أبيب إلى ركلات الترجي ...
- شاهد.. السرايا تستهدف قوات إسرائيلية بصاروخين روسيين موجهين ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لطيف شاكر - الاقباط ليسوا ضيوفا في مصر