أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لطيف شاكر - صوت صارخ في البرية















المزيد.....

صوت صارخ في البرية


لطيف شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 5769 - 2018 / 1 / 26 - 09:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يوحنا المعمدان من نسل هارون ومن عشيرة كهنوتية. ويستدل من (لوقا 1: 26) أن ولادته كانت قبل ولادة المسيح بستة أشهر. وقد عينت الكنيسة يوم ميلاده في 24 حزيران (يونيو)، أي عندما يأخذ النهار في النقصان، وعيد ميلاد المسيح في 25 كانون الأول، أي عندما يأخذ النهار في الزيادة استنادًا على قوله: "ينبغي أن ذلك يزيد "واني أنا أنقص" (يو 3: 30). وكان أبواه يسكنان اليهودية، مدينة الكهنة. وكانا محرومين من بركة النسل. وكانت صلاتهما الحارة إلى الله أن ينعم عليهما بولد.
وفي ذات يوم كان زكريا يقوم بخدمة البخور في الهيكل ظهر له الملاك جبرائيل وسكن روعه وأعلمه لأن الله قد استجاب صلاته وصلاة زوجته، وبدت الاستجابة مستحيلة في أعينهما واعين البشر بالنسبة إلى سنهما. وأعطاه الملاك الاسم "يوحنا"اي الله حنان الذي يجب أن يسمى الصبي به متى ولد، وأعلن له أن ابنه سيكون سبب فرح وابتهاج، ليس لوالديه فحسب، بل أيضًا لكثيرين غيرهما، وأنه سيكون عظيمًا، ليس في أعين الناس فقط، بل أمام الله. وأن مصدر عظمته الشخصية هو امتلاؤه من الروح القدس، ومصدر عظمته الوظيفية في أنه سيكون مهيئًا طريق الرب، وزاد الملاك ما هو أعظم من ذلك أي أن يوحنا يكون المبشر بظهور المسيح الموعود. فيتقدم أمامه متممًا النبوة التي كان يتوق إليها كل يهودي بأن إيليا يأتي قدام المسيح، ويهيء للرب شعبًا مستعدًا
وان اردتم ان تفبلوا فهذا هو ايليا المزمع أن يأتي (مت14:11)

أما زكريا فلم يصدق هذه البشارة لأن الموانع الطبيعية كانت أبعد من أن يتصورها العقل. ولم يكن معذورًا لأنه كان يعلم جيدًا ببشائر نظيرها، لاسيما بشارة الملاك للشيَخين إبراهيم وسارة. ولهذا ضرب بالصمم والخرس إلى أن تمت البشارة.
يقول الكتاب انهما متقدمين في السن”. وفي المجتمعات الشرقية القديمة ومنها المجتمع اليهود"
كانت تقاس قيمة المراة بمقدار قدرتها على إنجاب الأطفال، ولذلك فان التقدم في السن بدون إنجاب غالبًا ما يؤدي إلى مشكلات شخصية وعار اجتماعي، إلى جانب ذلك كان ينظر إليه كمصاب من قبل الله، لعدم صلاح العائلة.
ولد يوحنا سنة 5 ق.م. وتقول التقاليد أنه ولد في قرية عين كارم المتصلة بأورشليم من الجنوب (لو 1: 39). ولسنا نعلم إلا القليل عن حداثته. ونراه في رجولته ناسكًا زاهدًا، ساعيًا لإخضاع نفسه والسيطرة عليها بالصوم والتذلل، حاذيًا حذو إيليا النبي في ارتداء عباءة من وبر الإبل، شادًا على حقويه منطقة من جلد، ومغتذيًا بطعام المستجدي من جراد وعسل بري، مبكتًا الناس على خطاياهم، وداعيًا إياهم للتوبة، لأن المسيح قادم. ولا شك أن والده الشيخ قد روى له رسالة الملاك التي تلقاها عن مولده وقوله عنه "يتقدم أمامه بروح إيليا وقوته" (لو 1: 17).

والتقارب بين ما نادى به إيليا وما نادى به يوحنا والتشابه في مظهرهما الخارجي ولبسهما ومعيشتهما واضح للعيان من مقارنة قصة حياتهما..

ولم يظن يوحنا عن نفسه انه شيء وقال انه مجرد "صوت صارخ في البرية" (يو 1: 13). وكرس حياته للإصلاح الديني والاجتماعي. وبدا كرازته في سنة 26 ب. م.. وقد شهد في كرازته أن يسوع هو المسيح (يو 1: 15)، وأنه حمل الله (يو 1: 29 و36). وكان يعمد التائبين بعد أن يعترفوا بخطاياهم في نهر الأردن. (لو 3: 2 - 14). وكانت المعمودية اليهودية تقوم علي :

1-الغسولات والتطهيرات الشعبية كما نلاحظ هذا في اسفار العهد القديم, فيغسل المتطهر ثيابة ويحلق كل شعره ويستحم بماء فيطهر (8:14) , فأضفى يوحنا عليهما معنى أدبيًا توبوا لانه قد اقنرب ملكوت السماوات ...واعتمدوا منه في الاردن معترفين بخطاياهم (مت 3: 2 و6) وعمق معناها الروحي.

2-بإدخال المهتدين إلى الدين اليهودي فقط . فأصر يوحنا على ضرورة تعميد الجميع بصرف النظر عن جنسهم وطبقتهم (مت 3: 9).
اذ على الجميع أن يتوبوا ليهربوا من الغضب الآتي (مت 3: 7 ولو 3: 7). لان معمودية المسيا الآتي ستحمل معها دينونة (مت 3: 12 ولو 3: 17)
وقد طلب يسوع أن يعمده يوحنا، لا لأنه كان مُحتاجًا إلى التوبة، بل ليقدم بذلك الدليل على اندماجه في الجنس البشري وصيرورته أخًا للجميع دون تفرقة فهو الانسان الكامل والاله الكامل .

وكانت المدة التي عمل فيها يوحنا قصيرة ولكن نجاحه بين الشعب كان باهرًا. وحوالي نهاية سنة 27 أو مطلع سنة 28 ب.م. أمر هيرودس انتيباس رئيس الربع بزجه في السجن لأنه وبخه على فجوره (لو 3: 19)

وكانت هيروديا زوجة هيرودس قد خانت عهد زوجها الاول وحبكت حبائل دسيسة ضده مع أخيه هيرودس. وقد سمعت بذلك زوجة هيرودس الفتاة العربية فهربت إلى بيت أبيها الحارث وأخلت مكانها في القصر لهيروديا الخائنة التي حنقت على يوحنا وكبتت غيظها وَتَحيَّنت الفرصة للإيقاع به لأنه قال لهيرودس بأنه لا يحق له أن يتزوجها. وفي السجن اضطرب يوحنا ونفذ صبره. ولربما أحس بأن المسيح نسيه وإلا لماذا لا يسعفه في الظلم الذي لحق به كما يسعف الآخرين. وطغت على أعصابه عوامل الوحشة والوحدة والقيود لأنه كان يترقب حدوث أحداث جسام وأراد أن يرى قبل موته تحقيق أحلام حياته. وبعث تلميذين ليستعلم من يسوع أن كان هو المسيح وأشار يسوع ليس بالكلام بل الى معجزاته واعماله (لو 7: 18 –28 )

وكانت قلعة مخيروس المطلة على مياه البحر الميت والتي زج يوحنا في إحدى خباياها كافية لكسر قلب الرجل الجريء الذي نادى بقوله الحق في وجه الفريسيين والكهنة وأعطى للزنى اسمه الحقيقي، حتي لو كان الزاني ملكًا متغطرسا. وبعد ثلاثة أشهر يحل عيد هيردوس وإذا بهيروديا ترسل ابنتها الجميلة سالومة لتؤانس ضيوف الملك وسط المجون والخلاعة ورنين الكؤوس. واذ بهيرودس الثمل ينتشي برقصها المثير فيقسم أمام ضيوفه بأن يعطيها ما تطلب فتطلب، حسب رغبة أمها، رأس يوحنا على طبق. وبعد لحظات يهوي الجلاد بسيفه على عنق الرجل العظيم. ولم يترك جثمانه دون كرامة، لأن تلاميذه جاؤوا حالًا ورفعوه ودفنوه..

يقول جيروم أنهم حملوه إلى سبسيطيا عاصمة السامرة ودفنوه هناك بجانب ضريح اليشع وعوبديا. أما تلاميذه فتذكروا شهادة معلمهم عن حمل الله وتبعوا المسيح (مت 14: 3 - 12 ومر 6: 16-29 ولو 3: 19 و20). ويقول يوسيفوس: أن الهزيمة النكراء التي لحقت بهيرودس بعد ذلك التاريخ كانت جزاء وفاقا ودينونة إلهية نزلت به بسبب شره (تاريخ يوسيفوس)

وحسب يوحنا أن السيد المسيح شهد فيه أعظم شهادة إذ قال: "لم يقم بين المولدين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان" (مت11:11)

وفي افسس وجد بولس أناسًا قد تعمدوا بمعمودية يوحنا (أع 19: 3) فقال بولس ان يوحنا عمد بمعمودية التوبة قائلا للشعب ان يؤمنوا بالذي ياتي بعده اي بالمسيح يسوع فلما سمعوا اعتمدواباسم الرب يسوع اع19

اخيرا : لقد أعطى الله لكل واحد فينا هدفاً يحيا لأجله، ويمكن أن نثق في الله ليرشدنا. ولم يكن لدى يوحنا الكتاب المقدس كاملاً كما لدينا الآن. إلا أنه ركّز حياته على الحق الذي عرفه من أسفار العهد القديم المتاحة له. ويمكننا، بالمثل، أن نكتشف في كلمة الله الحقائق التي يريدنا هو أن نعرفها. وعندما تعمل فينا هذه الحقائق سينجذب إليه آخرون.



#لطيف_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف القضاء علي الاسلام الارهابي ؟
- سؤال وجواب في الارهاب الاسلامي
- دماء الاقباط بذار الايمان
- قضية القدس عاصمة اسرائيل
- القدس لمن؟
- هدم الكنائس في العصور الاسلامية
- الارهاب ومستقبل الايام
- المثقفون وغلق الكنائس
- عيد الهلوين (الحصاد سابقا)
- غلق الكنائس لارضاء المتشددين
- المسيحيون رمانة الميزان للدول العربية ج2
- المسيحيون رومانة الميزان في المنطقة العربية ج1
- متي يحقن دماء الاقباط؟
- الحياة بعد الموت
- هل المسيح لم يمت على الصليب بل أغمى عليه ؟!
- الجزية ج2
- أهل الذمة
- الذمية
- ليس كمثله احد ...
- فتشوا الكتب ...


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لطيف شاكر - صوت صارخ في البرية