أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم الجوهري - الانتخابات و CISMOA والدولة حارسة التناقضات















المزيد.....

الانتخابات و CISMOA والدولة حارسة التناقضات


حاتم الجوهري

الحوار المتمدن-العدد: 5834 - 2018 / 4 / 3 - 03:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كُشف النقاب مؤخرا في خضم الانتخابات الرئاسية عن توقيع مصر لاتفاقية مع أمريكا تعرف بـ "CISMOA"، التي تنص على أن يتم توليف أنظمة الإتصالات العسكرية بين القوات الأمريكية والدولة الموقعة، والسماح للقوات الأمريكية بالحصول على أقصى مساعدة مُمكنة من الدولة المُوقِّعة، من قواعد عسكرية و مطارات و موانىء و أيضا الإطّلاع و التفتيش على المعدات العسكرية، لضمان عدم قيام الدولة بنقل التكنولوجيا الأمريكية لطرف ثالث، وفي المقابل يتم الإفراج عن التكنولوجيات الأمريكية المحرمة لتحصل عليها الدولة المُوقعة، كبعض الأنظمة الحسّاسة من إتصالات وملاحة وأسلحة مُتطورة. اختصارا هى خطوة جديدة في التبعية لأمريكا في مقابل بعض الميزات والمنح، ويكون السؤال إذا كانت أمريكا تدعم التوسع والهيمنة الصهيونية، وإذا كانت تري في الشرق والإسلام والعرب عدوا، وإذا كانت تعتمد سياسات تفكيك العالم العربي وضمان عدم استعادته لمشروعه الحضاري، فكيف نُوصفُ تلك الاتفاقية ونحدد موقعها من الإعراب في سياسة الإدارة المصرية ورؤيتها للمستقبل..

ما بعد الانتخابات
لقد فضلت نشر المقال بعد انتهاء استقطاب الانتخابات وما صحبها من شحن زائد كي يظل الأمر بعيدا عن دائرة المزايدات، وهنا يجب أن تعيد البلاد النظر في الكثير من سياساتها وتتجاوز هذه المرحلة الصفرية، إذا أرادت استعادة الحد الأدني من التعاطف والتلاحم الشعبي المفتقد وسط صراخ الانتهازية والأدعياء، ومن لن يجد له مكانا في المجال العام إلا في مثل هذه الأجواء الاستقطابية التي تفرز أسوأ ما في البلاد وتضعه في المقدمة، وتدفع بأهل الموضوعية وداعاة المؤسساتية والحل والربط والحفاظ على حد أدني من منظومة القيم في المجتمع المصري، إلى الوراء.

مفهوم الدولة حارسة التناقضات
حينما قدمت تصورا عن أزمة الشعب المصري وعلاقته بالحضارة وموضوع الثورة والسلطة عبر التاريخ في كتابي: "المصريون بين التكيف والثورة: بحثا عن نظرية للثورة"، وضعت عدة نماذج تفسيرية واستخدمت عدة مفاهيم أو مصطلحات خاصة بطرحي، ثم في مقالاتي التي تلت الكتاب (صدر عام 2012) أخذت أكمل تصوري وأضفت مجموعة من التصورات والمفاهيم، كان منها مصطلح :"أسطورة الدولة حارسة التناقضات"، وأردت به التمييز بين فكرة دولة مصرية حرة تسعي لبناء واستكمال مواردها ووجودها المستقل، وبين فكرة دولة مصرية قديمة يضمن بقائها ضامن دولي (أمريكا) لأنها تحرس أهدافه وتحافظ على وجود التناقضات داخل البلاد والمنطقة العربية، ولكي تظل محصلة التدافع الحضاري المصري والعربي صفرا محلك سر.

الحاجة للضامن الخارجي
فالمسألة هنا أن البلاد لا تسعى لتفعيل قواها الداخلية واصطفافها وفرز أفضل ما فيها، وإنما تعتمد على مفهوم خلق التناقضات والاستقطابات الداخلية لتشويه البناء والتراتب الاجتماعي الطبيعي ليذهب بعضه بعضه، وتظل الحاجة دائما لموارد خارجية تمكن من استمرار التراتب الاجتماعي المشوه وتغييب العدالة الاجتماعية، في مقابل تأمين مصالح الضامن الخارجي مع الالتزام منه بمصاريف إدارة البلاد المستمرة، ومطالبته بالمزيد من الهيمنة والخضوع دوما، لتظل البلاد دائما في حالة ضعف وهشاشة.

سلسلة لن تنتهي
في هذا الإطار يمكن أن نضع التنازل عن أمن البحر الأحمر في ملف تيران وصنافير، والتقهقر والخضوع في ملف سد النهضة وأزمة المياة المقبلة، وسفور الترتيبات الأمريكية والصهيونية للقدس والفلسطينيين وسيناء فيما يعرف بملف "صفقة القرن"، وأخيرا وليس آخرا اتفاقية "CISMOA" والخضوع للهيمنة والتوسع الاستعماري الأمريكي في شكله المنمق، الأزمة أن هذا هو "طريق الذي يذهب بلا عودة" كما كنا نقول في حواديتنا المصرية ونحن صغارا، حينما كان البطل يختار ما بين: "طريق السلامة- طريق الندامة- طريق الذي يذهب بلا عودة".

لكي تستمر "أسطورة الدولة حارسة التناقضات" والشكل الحالي للديار المصرية، فسوف تضطر البلاد لتقديم المزيد من التنازلات كل فترة، وربما حين لا تجد ما تتنازل عنه ستلجأ من تلقاء نفسها لتفعيل التناقضات والأزمات في أحد ملفات التوازانات التي تحرسها داخليا وخارجيا، قد تُسخنُ أي ملف استقطاب داخلي، ربما فتنة طائفية ما، ربما توظيف جماعة سياسية لتخرج على المجتمع وتمارس العنف بحمق ودون وعي، والاحتمالات والمبررات لا تَفرغ، لتضغط على الضامن الدولي للحفاظ على بقائها والمساهمة في مصاريف إدارة الدولة الحارسة، لأن القيمة المركزية للدولة حارسة التناقضات ليست التنمية أو النهضة كندٍ للآخرين في "التدافع الحضاري"، وإنما قيمتها المركزية التأكيد على الفتنة وإدارة التنتاقضات والحرص على تشوه بناء التراتب المجتمعي الطبيعي في البلاد.

طريق "الذي يذهب بلا عودة"
مصر بهذه الطريقة ستدخل سرداب "الذي يذهب بلا عودة"، كما كانت تخبرنا حدوتة جدتي الشهيرة عن قصة الشاطر حسن المعروفة في مصر، والطرق الثلاثة التي عليها أن يختار منها: (طريق السلامة- طريق الندامة- طريق الذي يذهب بلا عودة).. ويا ليت البلاد اختارت "طريق الندامة" حيث لابد سيتبصر الناس سريعا بواقعهم ويطالبون بالنجاة والسلامة والعودة، لكن البلاد تسير في طريق اللا عودة، طريق يقوم على الفتنة وإثارة التشوهات الاجتماعية وتوظيف الأدعياء وإخراج أسوأ العناصر الانتهازية في المجتمع.
وكلما اقترب أي حراك اجتماعي ما من التشكل لرفض تكتيك "الدولة حارسة التناقضات" وتفكيك مقدرات البلاد ومستقبلها، كلما سيعمد الانتهازية والمستفيدون لتفريغ هذا الحراك الاجتماعي، بحجج فزاعة الأمن والسلام والاستقرار وكل ما تقدم "الدولة حارسة التناقضات" نفسها كساتر بين البلاد وبين الحرمان منه!

بديل الدولة حارسة التناقضات
إن المجتمع الفعال هو بديل الدولة حارسة التناقضات، حيث يقوم المجتمع على الفرز الطبيعي الفطري ليخرج أفضل عناصره، ويتم توزيع الخدمات والمصالح السيادية بالعدل، وتُفعّل البلاد مستودع هويتها التاريخي وتستعيد ذاتها الحضارية، وتدافع عن مسلماتها داخل وخارج الحدود المصرية، وتسعي لتأمين نفوذها الإقليمي والدولي بما يخدم تقديم مصر لنموذج حضاري جديد تحترمه الإنسانية ككل ويليق بها.
عله يخرج من يعي بخطورة التناقضات والاستقطابات الحاصلة في بنية المجتمع المصري، ويكون لديه من الإرادة الصلبة التي تتسق مع ذاكرة البلاد الحضارية وطموح نهضتها ومناطق نفوذها الجغرافي.
الأزمة أن إدارة البلاد تحيط نفسها بمجموعة كانت على هامش إدارة مبارك القديمة، وتسعى هذه المجموعة للانتقال من الهامش إلى الصدارة، وكل ما تقوم به هذه المجموعة في البلاد حاليا، هو إعادة توزيع المنافع السيادية والخدمات والأراضي لتخلق من نفسها طبقة مستفيدين جدد على رأس التراتب المجتمعي المصري، وتحرص على تعميق التشوه والاستقطاب الحاصل لتزيد من تكلفة الإصلاح، وتزيد الأمر تعقيدا.

كل الأمنيات والأمل
كل الأمنيات؛ أن تتراجع البلاد عن اتفاقية الخضوع (CISMOA)، وعن التنازل عن تيران وصنافير، وعن أزمة التوقيع على سد النهضة، وخيبة المشاركة في "صفقة القرن".. لكن ذلك سيترتب عليه أن تواجه إدارة البلاد الحالية كل التناقضات القديمة التي ورط فيها مصر الرئيس الأسبق مبارك، المؤسس للدولة حارسة التناقضات في التاريخ المصري المعاصر وأسطورتها، إضافة لأن الإدارة الحالية للبلاد سَخنت مواضع تناقضات كانت باردة مع فرق الدين السياسي المتعددة ووظفتهم، كي تستطيع الهروب من مطالب استعادة المصريين لكرامتهم وحضارة بلادهم في أعظم ثورة قيمية شهدها التاريخ الحديث في 25يناير 2011م
كل الأمل أن يكون من بينهم ناصح أمين؛ يُخرجنا من دائرة التناقضات التي وقعت فيها البلاد بعد استقطاب المجلس العسكري الأول للإخوان ودخولنا في السرداب والدائرة المغلقة، كل الأمل أن تتجاوز إدارة البلاد السياق التاريخي الذي عبرت منه للسلطة، وتتبصرُ قيمة العدالة ومواجهة شبكات المصالح (الموروثة والناشئة)، وتتجاوز استقطابات ما بعد 25يناير، وتدرك درس انتخابات 2018 الرئاسية ونسب المشاركة الفعلية، وتتصالح مع شباب هذه البلاد وثوارها الحقيقيون المخلصون الحالمون من أجلها وعيونهم مفتوحة إلى أقصاها، كل الأمل، كل الأمل.

سنن التاريخ
وإن لم يكن فسنن التاريخ ودروسه القاسية هي خير معلم.. فصبر جميل؛ إنما لا تتغير الأمم تغيرا كالذي حلم به المصريون في يوم وليلة، مثل هذا التغيير سوف يأخذ وقته لتجاوز أثر ما تركته آلاف السنين من القهر والاحتلال الأجنبي وقمع مقدرات البلاد روحها الحرة، العالم كله في رهبة، ماذا إذا استعاد النموذج الحضاري الأول في العالم وعيه بذاته، وبأزمته القديمة وقدم مشروعا جديدا للإنسانية!
مصر تحاول تجاوز كل النماذج الإنسانية الحالية، وذلك في حاجة لإرادة من حديد، لأنه كالخلق الجديد، وكأنه نبي جديد في أمم بائدة، لن يصدقه سوى القلة ولكنه مع الزمن سوف ينتصر بإرادة هؤلاء، ولن يعادي أحدا ولن يقع في فخ استقطابات تفرضها طبائع الأمور وسنن الحياة.. فصبر جميل يا أولي الألباب.. فصبر جميل.













#حاتم_الجوهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التفاف الوزير على حقوق الناس في العبور الجديدة
- زيدان وسعد الدين إبراهيم، ما الطبيعي في التطبيع!
- أرض العبور الجديدة وانحيازات الرئيس والانتخابات
- ما قرره الرئيس وما نفذه الوزير في القادسية والأمل!
- التراث اللامادي: مقاربة التدافع الحضاري
- تصريح وزير الإسكان ومستشاري السوء وخرق القانون
- الثقافة المصرية ومراكز الأبحاث والترجمة المتكاملة
- مصر: أزمة الصحافة الثقافية وقواعد العمل العام
- للسيد الرئيس: عن القادسية وعبور البلاد الجديد
- عبور الوزير بين القادسية والأمل
- المعارك المفتعلة والحق الضائع في أرض القادسية
- سارتر والدور المزدوج فى الثقافة الصهيونية
- العبور الجديدة وأزمة المسئولية السياسية
- مستويات التعامل مع نصوص الفلسفة السياسية: تأملات سارتر لليهو ...
- سارتر والصهيونية ومعارك الديناصورات القديمة
- سارتر وبنيته الوجودية لتبنى الصهيونية
- نبوءة خراب الصهيونية: مدخل الفكرة والفكرة النقيض
- اليهودى الأبيض أم اليهودى الأصفر فى إفريقيا!
- البطل المتكيف ونظرية الفن فى الدراما المصرية
- نقد مقاربة سارتر للمسألة اليهودية: الشعب الترانسندنتالى


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم الجوهري - الانتخابات و CISMOA والدولة حارسة التناقضات