أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - بورقيبة بين التأليه و الشيطنة














المزيد.....

بورقيبة بين التأليه و الشيطنة


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 5811 - 2018 / 3 / 10 - 03:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انه ليس من السهل اطلاق حكم نهائي على الزعيم "حبيب بورقيبة". ما يدهش اليوم بعد كل هذه السنوات من ازاحته من الحكم، ان يُـثار غبار الحرب بين من يعتبرونه إلاها و بين من يعتبرونه شيطانا..
الحقيقة الواضحة انه ليس بهذا أو ذاك و إنما المصطفون هنا و هناك يجعلون من نظرة جزئية موقـفا مطلقا..
و بشكل عام لا يمكن ان نـقـفـز على حقيقة فرادة المنهج البورقيبي في تـثوير المجتمع و الخروج به من انحطاطه الذاتي، و لكن التأليه له لا يستـقيم من حيث أن "بورقيبة" في النهاية تكون مزيته أنه نفذ كرجل سلطة تطلعات النخبة التونسية و افكارها التحررية..
بورقيبة ألغى تعدد الزوجات و لكن لا ننسى أن العلامة الزيتوني الشيخ "طاهر الحداد" صاحب كتاب "إمرأتنا في الشريعة و المجتمع" هو الذي حلل الفكرة و قام باجتهاد اسلامي جريء بالنسبة لحالة الجمود المسيطرة على الفكر الاسلامي. كان صراع هذا المفكر في ثلاثينات القرن العشرين و الذي عانى منه الطرد من المجمع الكهنوتي الزيتوني، و النبذ و التكفير..
من جهة أخرى لا ننسى ان تونس فيها منذ قرون ما يسمى "الصداق القيرواني" و الذي يعطي العصمة للمرأة ان أراد الرجل التزوج بثانية فلها ان تُطلقه. كما ان نسبة تعدد الزوجات لم تكن تتعدى في الواقع نسبة 2 في المئة حين صدور مجلة الاحوال الشخصية..
و بالتالي فان المجتمع كان فيه من القوى المتلائمة مع نصوص هذه المجلة، و بالتالي فالزعيم جسد ارادة شعبية..
بورقيبة كرئيس جمهورية جسد أفكار الشيخ العلامة "الطاهر الحداد" كما ان مجلة الاحوال الشخصية قام بإعدادها مجموعة من شيوخ الزيتونة و منهم الشيخ "جعيط" والد المفكر التونسي الكبير "هشام جعيط"..
صحيح ان بورقيبة تدخل ليمنع أي شكل من اشكال تعدد الزوجات، و لكن المجلة هي من اعداد شيوخ الزيتونة المتـنورين...
اما عن التعليم فصحيح ان بورقيبة كان له دور كبير في ذلك، و لكن هو ليس بالأول في العالم العربي، فقد سبقه "طه حسين" في مصر حين كان وزيرا للمعارف و بدأ في اقرار مجانية التعليم و الاتجاه الى التعليم العصري. كذلك الامر في العراق و سوريا، اضافة الى ان بورقيبة جسد في ذلك رغبة الشعب في التعلم..
و لكن بورقيبة قام بأخطاء فظيعة لازلنا نعاني منها الى اليوم نتيجة استـفراده بالسلطة و نتيجة قرارات مصيرية اتخذها بسرعة و ارتجالية، و أهمها هو صفحة الغدر التي قام بها في حق "احمد بن صالح" و المنهج الاشتراكي الذي وحده بإمكانه بناء دولة عالمثالثية كدولة حديثة و نامية.
كما ان بورقيبة بعدما تأسست نخبة من الشباب كان من المفترض أن يبدأ في الاعداد لشكل من اشكال الحياة الديمقراطية، و لكنه بدل ذلك عمل على خنق الصحافة و تدجين العقول و بالتالي تدمير ما ساهم هو نفسه في انجازه..بل أصبح المثـقـفون يرددون أن حرية التعبير و تأسيس الصحف في زمن الاستعمار الفرنسي كانت أفضل بما لا يُقاس..
لقد تحول بورقيبة من رجل دولة الى رجل سلطة. كانت تونس أمامه فأصبح هو أمام نفسه يتعشقها..
ربما هو مصاب بداء العظمة و هو ذاك العظام الذي يجعله يتخيل نفسه إلاها، و لكن بقدر ما يتضخم ذاك الوهم بقدر ما كان ينفصل عن الواقع الأرضي و هو يعتـقد في نفسه الشمس التي تـشرق على البلاد كل صباح..
ثم ان الصراع بين البورقيبـيـين و الاسلاميين هو صراع تمويهي غير حقيقي و غير قائم على المحاججات التي تهم التحرر و العدالة و التنمية الاجتماعية..
من جهة أخرى لا ننسى ان اسلاميي تونس لم تـنـتجهم التربة التونسية فهم غرباء عنها و هم تركيب هجين..هذا التركيب ساهم وزراء "بورقيبة" في صنعه للحد من سيطرة اليسار على الجامعة التونسية في السبعينات..
فهل من المعقول ان ننقد بورقيبة لأنه أزال حجاب المرأة و لأنه حررها؟ حتى النقد الذي يسعفون به أنفسهم حول استبداد بورقيبة هو في الأخير مأخوذ من أدبيات اليسار الماركسي و القومي العربي اللذين ذاقوا الأمرين من استبداد بورقيبة بالرغم من ان كلا الاتجاهين لم يفكر في اغتيال بورقيبة و كلاهما يؤمن بما انجزه هذا الزعيم من اجراءات تـقدمية....
إنقـلب بورقيبة على نفسه، فانقلبت عليه الحركة التـقدمية و التي اتجهت بحكم العقلية الاطلاقية الى نفيه بجميع ما فيه و هذا هو خطؤها بعد رحيله، بينما وقت الصراع فالحرب تتطلب ذلك النوع من الاقصاء التام..من تـشكيك في الاستـقلال و تـشكيك في جميع ما أنجز..
اليوم ذهب الرجل الى ربه ليفعل فيه ما يشاء و ليحاسبه وفق الحكمة الربانية التي نعجز جميعا عن تبينها..اليوم من المفترض ان نـقـف موقف العلماني المتـقيد بالعلمية و الروح النقدية التي هي ليست اقصائية و انما بالأساس تحليلية لأجل بناء نظرة مستـقبلية موحدة موضوعية تحسم مع مثل هذه الاشكال من النقاشات الرجعية التي تعمق تمزيق الشعب في ذاكرته و في حاضره و مستـقبله..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في درب الديمقراطية
- الإحتباس الحراري الإنساني
- المؤمن و الثوري
- يوم غضب الصحفيين التونسيين
- التاريخ ينتقم
- التموقعات الجديدة الممكنة في تونس
- مهزلة السياسي في تونس
- نبذة عن آية الله الخميني في العراق
- الثورة على الثورة في ايران
- الحرية بما هي العود الى الجوهر القرآني
- قائمة -الحق الطبيعي-
- الثالث المرفوع الماركسي
- سوريا و الثورة
- النبي الجديد
- المثقف و السلطة و الثورة
- لروحه السلام أبيك و أبي..
- اليسار بين الصعلكة و التحررية
- -ترامب- أو المشهد الأخير
- السياسي الوضيع
- أفق البديل السياسي المطلوب في تونس


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - بورقيبة بين التأليه و الشيطنة