أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امين يونس - عامِلُ تنظيف














المزيد.....

عامِلُ تنظيف


امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 5807 - 2018 / 3 / 6 - 17:06
المحور: الادب والفن
    


... تخّرَجَ حَسَن من الإعدادية بِشَق الأنفُس ، في الدَور الثاني وبِمُعّدلٍ لا يُؤهله للقبول في أية كُلية او معهد .. ونتيجة لظروفهم العائلية المادية الصعبة ، فلقد حاولَ الإنخراط في قطاع عُمال البناء .. لكنهُ كان يعمل يوماً ويقعد عشرة ، لا سّيما بعد إستفحال الأزمة المالية والإقتصادية وشّحة فُرَص العمل .
حَسَن كانَ يحُبُ إبنة الجيران ، التي تُبادله المشاعر والوِد ... وكانا يبنيانِ خلال لقاءاتهما القصيرةِ ، بخيالهما الخصب ، قصراً سيعيشانِ فيهِ كالأمراء .. فيهِ الكثيرُ من الخَدمِ والحَشَم يُنفذون أوامرهما ويُلبيان رغباتهما فوراً ! .. إلى أن تدخُل أمّه أو إحدى أخواته ، الغُرفة ... فينقطع حبلُ الخَيال ويعودان إلى الواقع التعيس .
قالَ لهُ أبوهُ يوماً :
- يا ولدي .. أحد أصدقائي ، وَجَدَ لك عملاً في المستشفى الكبير .. صحيح أنهُ عملٌ متواضِع ، لكن هذا هو المتوفِر حالياً .. والراتب لا بأسَ به .
قالَ حَسَن بلهفة :
* ما هو ذاك العمل ؟
- عامِلُ تنظيف
رّدَ حَسَن بعصبية :
* ماذا ؟ هل تُريدني أن أصبحَ زّبالاً ؟
- وماذا في ذلك ياولدي .. أنهُ عملٌ كأي عملٍ آخَر . وأنا نفسي ، ألَسْتُ فّراشاً منذ ثلاثين سنة ؟
* أنتَ اُمّي .. لكني خريجُ إعدادية .
- ياحبيبي ان خريجي الكليات لا يجدونَ عملاً .. فماذا أنتَ فاعِل ؟ يجب أن اُبلِغ الرجُل الذي وجدَ لك هذه الفُرصة .. فماذا تقول ؟
* قُل لهُ شُكراً ... إبني لا يريد أن يصبح " مَلطَشة " للجميع ! .
..........
جّسَ حَسَن نبض حبيبته وفاتَحَها قائِلاً : هنالك عملٌ معروضٌ عليّ في المستشفى ، وهو عامِل تنظيف ، والراتب معقول ... ماذا تقولين ؟ قد أستطيع التوفير خلال سنة أو سنتَين وأتقدمُ لخطبتك رسمياً .
قالتْ : عامل تنظيف ؟ يعني كّناس .. وأين ؟ في المستشفى ، حيث يعمل أخي موظَفاً ؟ كلاّ ... هل تريد أن نصبح علكة في أفواه الناس ، يلوكوننا ليلَ نهار ؟
لم يكُن حَسَن مُقتنعاً أصلاً بأن يعمل عامل تنظيف ، بل كان في أعماقه يستنكف ذلك ، وزادهُ موقف حبيبته أو جارته ، إصراراً على رفض الفِكرة .
..........
بعد فترة .. تقدَمَ أحدهم لخُطبة إبنة الجيران .. فوافَقَ أهلها ، بل هي نفسها لم تعترِض بصورةٍ كافية ، إذ ان العريس كانَ مُؤهّلاً ... أي يمتلك شقّة صغيرة وسيارة وهو موظفٌ أيضاً . وظَهَرَ أن ( الحُب ) الذي يربطها ب حَسَن ، لم يكُن أكثرَ من عبث مُراهقين ، لا سيما بالنسبة لها . وهذهِ نُسخة من قِصّةٍ مُكّرَرة حدثتْ وتحدث ملايين المرات في أنحاء الدُنيا .
إنكَسَرَ قلبُ حَسَن ... وزادتْ ضغوطاته على أهله ، حتى إستطاعوا تدبير مبلغٍ من المال ، ليُجّرِبَ حظّه في الهجرة إلى أوروبا ، عن طريقِ مُهّرِبٍ معروف . وبالفعل نجحَ في ذلك . لكن المُفارَقة ، أنهُ بعدَ شهورٍ طويلةٍ من تعلُم اللغة الأجنبية ، قليلاً .. والتعوّد شيئاً ما على نمط العَيش الجديد .. والدخول في عّدة دَورات لتعلُم الأشغال .. فأن الفُرصة التي اُتيحَتْ لهُ ، كانتْ : عامِل تنظيف في المُستشفى ! .
رضى حَسَن بِقَدَرِهِ ..
............
مكثتُ ثلاثة أيام في المستشفى لإصلاح بعض ما خّرَبهُ الدَهرُ ... ومن غرائِب الصُدّف ، أن ألتقي ب " حَسَن " ويحكي لي حكايته .



#امين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شِعارات
- الإنتخابات ... الثعلبُ والذِئب
- - قفشات - بِمُناسبة قُرب الإنتخابات
- يوميات بُرجوازي صغير
- إنتخابات أيار 2018 / نينوى
- مَشاهِد من الساحة السياسية العراقية / كركوك
- أعداء الكُرد وكُردستان
- شروال الحَجي
- إطلالةٌ على إحتجاجات السليمانية
- مراكِز .. ومقرات .. ونوادٍ
- لحظاتُ صِدق
- عن السِلم الداخلي في أقليم كردستان
- الدولار .. والهَيْمنة
- حِوارٌ مع الذات
- إغتيالُ حلم
- خّلِصوا أنفُسَكُم !
- إرفعوا إيديكُم عن كُردستان
- سوفَ نَرى
- - خطوة إلى الأمام .. خطوتَين إلى الوراء -
- كفى لحُكامِ بغدادَ وأربيل


المزيد.....




- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امين يونس - عامِلُ تنظيف