أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود الصباغ - إسرائيل: رؤية ما بعد صهيونية















المزيد.....



إسرائيل: رؤية ما بعد صهيونية


محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)


الحوار المتمدن-العدد: 5769 - 2018 / 1 / 26 - 23:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شهدت ثمانينيات و تسعينيات القرن الماضي بعضا من التحولات في إطار الأبحاث المرتبطة بالعلوم الاجتماعية الإسرائيلية التي هيمنت عليها -قبل ذلك- الدراسات التي تنتمي للمدرسة الوظيفية الجديدة المحافظة و التي نسبت درجة عالية من الإجماع القيمي للمجتمع الإسرائيلي ,و في حين تم التعبير عن تاريخ هذه الأبحاث بقوة عبر الأساطير القومية لقيام دولة إسرائيل ,و علاقاتها مع الدول العربية المجاورة, وهروب اللاجئين الفلسطينيين خلال “حرب الاستقلال" 1948-1949, فإن هذه المدرسة [الوظيفية الجديدة المحافظة الإسرائيلية] لم تقدم سوى القليل فيما يتعلق بعدم المساواة أو حالات الصراع الاجتماعي الداخلي (1) . ويمكن القول إن الكثير من هذه التحولات ابتدأت في سياق عملية التحول المترددة نحو الليبرالية للمجتمع الإسرائيلي علاوة على التحفيز الذي سببه تطور مسارات عملية السلام العربي-الإسرائيلي. وعلى هذا النحو بدأ العديد ممن يعرفون باسم "المؤرخون الجدد" بالتساؤل عما إذا كان الفلسطينيون قد فروا فعلا أم -على العكس من ذلك -تم نقلهم عمدا وطردهم من قبل القوات الإسرائيلية (2). وسعى علماء الاجتماع "ما بعد الصهيونيين" إلى الابتعاد عن السرديات الصهيونية الراسخة، بالإضافة إلى سعيهم لاستخلاص الأفكار من النظرية الاجتماعية ما بعد البنيوية و الأبحاث ما بعد الكولونيالية،بغية استكشاف المسائل المتعلقة بخطاب السلطة و الهوية في الفضاء الإسرائيلي -الفلسطيني (3).على الرغم من جدال البعض بأن إسرائيل لم تكن اشتراكية مطلقا, بل كانت ,على العكس من ذلك, -منذ نشأتها-مجتمعا فاشيا على نحو ما ومناهضا للاشتراكية (4). طرحت مثل هذه الدراسات الجديدة في جميع جوانبها و بصرف النظر عن حدودها ,تحديات كبيرة أمام الفهم العام للاقتصاد و التاريخ و المجتمع الإسرائيلي, فظهرت ,لأول مرة, عدة أعمال حاولت تقديم توصيفات شاملة للمجتمع الإسرائيلي من منظور ما بعد صهيوني (أو غير صهيوني) كسعي لتوليف مجال بحث ما بعد صهيوني حديث ووضع نماذج جديدة لدراسة المجتمع الإسرائيلي كما أظهرت ذلك عمل باروخ كيمرلنج (اختراع و انهيار الأسرلة ) بالاستناد إلى طروحات ماكس فيبر و عمل جيرشون شافير و يوآف بيليد (أن تكون إسرائيليا) اللذان أخذا بمقاربات غرامشي (5).في الوقت ذاته الذي طور فيه يوناثان نيتسان و شمشون بيتشلر مقاربتهما بخصوص الاقتصاد السياسي العولمي الإسرائيلي وقدما توصيفا مذهلا للمجتمع الإسرائيلي بمعايير فيبل الماركسية ,و اندماج هذا المجتمع في الاقتصاد العولمي الذي ساهم بدوره بازدياد الأصولية (6).ويمكن النظر إلى هذه الأعمال مجتمعة بوصفها منظار مفيد لتحليل الطبيعة المتغيرة للمجتمع و الاقتصاد السياسي في إسرائيل، و تحليل جذور الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ومزايا وحدود وجهات نظر المؤلفين النظرية المتباينة.
ترى أطروحة كيمرلنج المركزية أن النظام أحادي الثقافة الذي أنشأ في ظل الدولة الإسرائيلية الفتية فسح الطريق أمام تكوين مجتمع مجزأ تعددي ومتعدد الثقافات ,يتعاظم ضمنه الصراع "حول معنى ما يمكن أن يطلق عليه الأسرلة"(7).وكما يقول كيمرلنج , تنقسم إسرائيل الآن إلى سبع ثقافات رئيسية أو ثقافات مضادة: الفئة العليا من الطبقة الوسطى العلمانية الأشكنازية المهيمنة (أي من أصل أوروبي)؛ والحركة الدينية القومية الأشكنازية العريضة؛ واليهود الشرقيين "المزراحيم"(ذوي الأصول الشرق أوسطية و الشمال أفريقية )؛والمجموعة الحريدية الأرثوذكسية اللاصهيونية ؛ ثم الأقلية العربية داخل إسرائيل؛ ثم المهاجرين الناطقين بالروسية من الاتحاد السوفياتي السابق؛ وأخيرا ,المهاجرين الإثيوبيين. ولكل من "جزر" المجتمع الإسرائيلي هذه والمنفصلة تقريبا بتلك الدرجة أو تلك أنماطها الثقافية المميزة سواء في الاستهلاك أو نمط الحياة أو لغة المحادثة ,فضلا عن تركيبتها الخاصة للتصورات والمعتقدات وقواعدها المؤسساتية المنفصلة - سواء في المدارس أو في المطبوعات أو الأحزاب السياسية (8) .وتكمن جذور هذه التعدية الثقافية ,حسب كيمرلنج، من حيث الأهمية في الغزو والاحتلال اللاحق للضفة الغربية وقطاع غزة(9).ويشير إلى أن الاحتلال المستلهم من المشاعر الدينية العميقة أدى إلى ظهور حركة غوش إيمونيم الدينية لاستيطان الأراضي المحتلة؛ كما ساهم الاحتلال إلى حد كبير بتجزئة النظام الأحادي الثقافي القائم حتى الآن؛ وشكل الاحتلال انعطافة عامة في "التحول من الهوية المبنية على قاعد المواطنة نحو نزعة بدائية يهودية متمركزة إثنيا (10) .ويمكن القول بإيجاز أن حرب 1967 تسببت في "ارتكاسات السلسلة الاجتماعية"، التي أدت، بالإضافة للتمكين البطيء و التدريجي للجماعات السكانية، و وصول جماعات جديدة من المهاجرين، إلى ظهور "أسرلة جديدة متعددة الثقافات ومتعددة الأصوات ومتعددة الإثنيات " (11). وأما ما تبقى من النظام الأحادي الثقافي السابق فيمكن التعبير عنه بنقطتين: التهويد و الأمن، بوصفهما كما يقول كيمرلنج،" رموز فوق ثقافية" قوية (12) ، وإذن تبقى إسرائيل بصورة أساسية مجتمعا يهوديا و دولة يهودية ،أي مجتمعا "إثنوقراطيا" يتم فيه منهجيا و بصورة ملزمة "إنكار الطبيعة غير الديمقراطية للنظام الإسرائيلي"؛ كما تظهر إسرائيل من ناحية أخرى كمجتمع تهمين فيه قيم وممارسات ومؤسسات "المجمع العسكري الثقافي" الذي لا يقل فيه الأمن أهمية عن "الدين المدني" (13)..
وفي حين تبدو الكثير من هذه الطروحات مفيدة، لا سيما في تركيزها على الطابع الإثنوقراطي والعسكري للمجتمع الإسرائيلي، فثمة هناك على وجه الخصوص، ثلاث معضلات على الأقل لمقاربة كيمرلنج المعتمدة على نهج ماكس فيبر. فأولا فشل كيمرلنج تماما في معالجة الاقتصاد السياسي لتشكيل المجتمع الإسرائيلي وتحوله. وهو يرى في الصهيونية "حركة استيطانية مميزة غير اقتصادية وغير ربحية " مدفوعة حصرا بالمشاعر القومية، وبسبب من هذه النظرة يختم كيمرلنج حديثه دون التطرق للسياق الاستعماري العالمي الشامل الذي تشكلت بأحشائه الحركة الصهيونية ،كما أنه لا يتطرق في الحديث عن الاقتصاد السياسي للاستيطان في فلسطين العثمانية و فترة الانتداب البريطاني (الذي كان حاسما لتشكيل الدولة الإسرائيلية، كما سنرى أدناه) (14).كما أنه لا يقدم سوى إشارات مشتتة عن البنية الطبقية للمجتمع الإسرائيلي، فهو لا يناقش ,على الإطلاق ,ما يعد محور تركيزه , أي الانقسامات الثقافية التي تعود أسبابها لمضامين التغيير الاقتصادي المحلي، وازدياد عدم المساواة الاقتصادية، والاندماج العميق لإسرائيل في الاقتصاد العولمي. و إن كان يقر في مكان آخر من الكتاب،بهيمنة عدد قليل من التكتلات على الاقتصاد الإسرائيلي ، إلا أنه يفشل في موائمة هذا التركيز المتزايد للملكية مع توصيفه لخصائص المجتمع الإسرائيلي على أنه مجتمع تعددي على نحو متزايد (15). وهكذا يلاحظ كيمرلنج، بشكل صحيح، احتفاظ أشكنازيي النخبة "بالسيطرة الأساسية على الشركات الكبيرة والتجارة والصناعة والمؤسسة الإعلامية والمستويات العليا للقوات المسلحة والتعليم العالي، بيد أنه لا يرى أي تناقض بين هذه السيطرة وبين رأيه في المجتمع الإسرائيلي باعتباره يتألف من سبع ثقافات مستقلة "دون تراتبية مقبولة بينها (16). وتكمن المعضلة الثانية في مقاربة كيمرلنج في عدم كفايتها التنظيرية للعلاقات بين الدولة الإسرائيلية والمجتمع الإسرائيلي. ومثل العديد ممن يتبنون فكرة ماكس فيبر بخصوص "استعادة الدولة "، ينشغل كيمرلنج بمسألة قوة واستقلالية الدولة لـ – وفي معارضة -المجتمع (17).ويرى كيمرلنج, مثل يوئيل مجدال ,أن إسرائيل "دولة قوية" تتمتع بقدرة عالية على تجنيد الموارد البشرية والمادية الداخلية لتحقيق أهداف جماعية "( 18) و تشارك هذه الدولة القوية بفعالية في تعيين المهام للسكان واستبعاد جماعات معينة من العملية السياسية وفقا "لأهدافها “و"لاهتماماتها المفضلة "الخاصة (19),ويجادل بأنه منذ العام 1967 "تضاءلت على نحو مستمر استقلالية الدولة في مواجهة الجماعات الإيديولوجية التي تضغط باتجاه الهوية (اليهودية الأصلية) "،بالإضافة إلى أن "إسرائيل تواجه حاليا وضعا من تقلص "الدولة" إلى حد ما" (20). لكن هذا الأمر مضلل على نحو عميق، فما يفترض أنه "استقلال ذاتي" للدولة الإسرائيلية قبل العام 1967 ليس هو ,في الواقع, سوى سراب ناجم عن الهيمنة الاجتماعية السابقة للصهيونية العمالية .فمنذ ما قبل الدولة وحتى سبعينيات القرن الماضي وقع الييشوف و المجتمع الإسرائيلي تحت سيطرة الحركة الصهيونية العمالية -بقيادة الأشكناز-التي تبنت مزيجا من القيم العلمانية والاشتراكية والقومية والرائدة، ووجدت التعبير المؤسساتي لها في الكيبوتز، واتحاد العمل (الهستدروت) و منظمة الهاغانا شبه العسكرية (التي شكلت أساس قوات الجيش الإسرائيلي) والأحزاب السياسية اليسارية التي قادت جميع الحكومات الإسرائيلية حتى العام 1977، عندما قاد مناحيم بيغين تحالفا بقيادة الليكود أوصله للسلطة. إن هيمنة الحركة الصهيونية العمالية هذه وليست مصالح الدولة نفسها، هي التي أنتجت إلى حد كبير المفهوم العلماني للدولة اليهودية التي سادت قبل العام 1967، وبالمقابل الانحسار الذي يبدو في "استقلالية" الدولة الإسرائيلية منذ ذلك الحين ليس سوى ذبول الهيمنة الصهيونية العمالية. أما المعضلة الثالثة وجذر المشكلة يتمثل في أن كيمرلنج ليس نقديا بما فيه الكفاية سواء في تعاطيه مع السرديات الصهيونية التقليدية أو المجتمع الإسرائيلي المعاصر. فقد تبنى منذ فترة طويلة موقفا قويا نقديا من عملية السلام مع الفلسطينيين المعروفة باسم "اتفاق أوسلو". كما أصدر لوائح اتهام قوية لرؤساء الوزراء الإسرائيليين إيهود باراك وأريئيل شارون (21). لكنه يجمع هذا الغضب السياسي مع نظرة سوسيولوجية تتأرجح بين السذاجة والنزعة المحافظة. وهكذا، فهو، من جهة يصور إسرائيل كمجتمع ليبرالي متعدد الثقافات في طور التكوين سوف يتسرب فيه التغير الديموغرافي تدريجيا إلى مجالات أخرى ويسهم في التعددية السريعة للدولة الإسرائيلية "، وهذا التقييم المتفائل هو الذي يقف متحديا في مواجهة المنظور ما بعد الصهيوني للتراتبية الاقتصادية العميقة بشأن إسرائيل المعاصرة وعدم المساواة (22). لكنه من ناحية أخرى، يظهر و كأنه يتأسف على حل النظام الأحادي الذي قاده حزب العمل الإسرائيلي، ويتحسر على "افتقار" إسرائيل الحالية "لصيغتها النهائية وهويتها الاجتماعية و الجيوسياسية" وذلك "للأسف" (على حد قوله)لعدم وجود بديل متفق عليه للهوية القومية لخمسينيات القرن العشرين (23).يبالغ كيمرلنج ,على غرار علماء الاجتماع الوظيفيين الجدد الذين كانوا قبله ،في الوحدة التوافقية والتكميلية للمجتمع الإسرائيلي الفتي؛ دون أن يولي اهتماما كافيا لعلاقات القوة التي تكمن وراء تشكيله؛ ويفهم "الأسرلة"- كما يوحي العنوان-بمعايير أصولية و ضمنية أشكنازية. وعلاوة على يتتبع كيمرلنج تحویل إسرائيل إلى "نقاط تفتيش" بسبب غزو الضفة الغربية وقطاع غزة .(24 ) ,مثله في ذلك مثل المؤلفين الذين تبنوا النزعة الوظيفية الجديدة والذين فسروا إسرائيل في أعقاب حرب 1967 بأنها في مواجهة "أزمة العبء الزائد" (مع المقومات الأساسية التي كانت قبل 1967 و التي تتنظر لإسرائيل كمجتمع توافقي، وأن حرب 1967 كانت نقطة تحول رئيسية في تطور المجتمع الإسرائيلي).وھکذا، في حین یدعي كيمرلنج أنه ينتج مقاربة جديدة لدراسة المجتمع الإسرائیلي، فإن تأثير السوسيولوجيا القومة ماتزال بادية للعيان . وبصفة عامة، فإن كتابه الموسوم أعلاه يقدم للأسف دعما وافيا لكل من نيتسان و بيتشلر لفصل ما بعد الصهيونية بطريقة أفضل من "وضع النبيذ الجديد في الزجاجات القديمة" ( 25.)
على النقيض من مقولات كيمرلنج ,يعتبر طرح نيتسان وبيتشلر للمجتمع الإسرائيلي, توصيفا مبتكرا للغاية, أقله ليس محافظا حين يؤكد الباحثان على مدى تحديد الاقتصاد السياسي المحلي لإسرائيل، واندماجه في العلاقات الرأسمالية البينية الإقليمية والعالمية ,بخلاف تعليقات كيمرلنج حول الصيرورات عبر القومية التي اقتصرت على مفهومي الحروب والهجرة ,فضلا عن أنهما ,وعلى عكس كيمرلنج أيضا لا ينظران إلى إسرائيل المعاصرة بوصفها دولة تعددية كما يقال عنها ولكن ينظران لها بوصفها مجتمعا ذو تركيز متعاظم للسلطة تسيطر عليها طبقة ضئيلة حاكمة من المحسوبيات. وقام نيتسان و بيتشلر بتطوير نظرية مالية جديدة لرأس المال "ضد الإنتاجية", استنادا إلى الأدبيات النيوماركسية عن رأس المال الاحتكاري ، وكذلك مناقشة ثورشتين فيبلن حول السبل التي تحاول من خلالها الشركات الحديثة "تخريب" الإنتاج من أجل تعظيم الأرباح(26) .إن "بوصلة الرأسمالية الحديثة"، على حد قولهما، هي "تراكم تفاضلي"، حيث يكون هدف جميع المؤسسات الرأسمالية ليس تعظيم الأرباح بالقيمة المطلقة، بل التغلب على متوسط معدل دخل رأس المال ضمن الاقتصاد، وبالتالي زيادة نصيبها الكلي من السلطة الاقتصادية والاجتماعية(27) .فالرأسمالية لا تدار من معظم الناس , بل "من قبل عدد قليل نسبيا من الرأسماليين الكبار جدا “،وبالتالي تعبر الرأسمالية عن بنى واستراتيجيات الطبقة الحاكمة-أو ما يدعوانه" رأس المال المهيمن" الذي يحدد أنماط التغيير السياسي والاقتصادي الاجتماعي(28).ويجادلان, بأن المجتمع الإسرائيلي هيمنت عليه منذ نشأته طبقة حاكمة متماسكة منغلقة داخليا ، على هيئة "بنية أخطبوطية" مسلحة تتحرك بحرية بين الحكومة وقطاع الأعمال والجيش (29) .ومنذ اللحظة التي ابتدأ فيها الييشوف بالتنافس أصبحت السلطة أكثر تركيزا، مثلما كان سائدا منذ أوائل السبعينات حين أصبحت إسرائيل موطنا لـ "اقتصاد سياسي ثنائي" يشمل قطاع الأعمال التجارية الكبرى المحتكرة من قبل أقلية ،تسيطر عليه خمس مجموعات من الشركات الكبرى فقط و تتحكم "تقريبا بكل نشاط تجاري كبير"، وقطاع الأعمال التجارية الصغيرة التنافسية تابع لها بالكامل.(30)
ويرى الباحثان أنه حتى هذه السنوات كانت القوة المتنامية "لرأس مال إسرائيل المهيمن " تقوم على تمتعه بحصة غير متناسبة من فوائد النمو الاقتصادي السريع (ارتفع الناتج القومي الإجمالي لليشوف-الإسرائيلي بين عامي 1922 و1973 بمعامل نمو مذهل بلغ 250). (31) ولكن، مع بدء تعثر النمو، ابتدئ رأس المال المهيمن في استكشاف سبل أخرى للتراكم. ويؤكد نيتسان و بيتشلر، أن ثمرة ذلك على "المستوى العالمي"-على الصعيدين العالمي و داخل إسرائيل-كان استبدال "نظام التوسع " السابق من التراكم التفاضلي عبر النمو الاقتصادي من خلال "نظام عميق" من "التراكم عبر خلال الأزمة"(32).وأن مثل هذا النظام الجديد كان قائما عند درجة عالية من الصراع الدولي في الشرق الأوسط، مع نزاعات متكررة في 1973، 1979-1988 و 1990-1991 ساعدت على توليد ارتفاع كبير في أسعار النفط والربح، وزيادة مبيعات الأسلحة و التضخم المحلي(وهذا الأخير ناتج أساسا عن زيادة أسعار النفط والأسلحة).ويرى نيتسان وبيتشلر أنه خلال هذه الفترة هيمن "تحالف الدولار و السلاح و البترودولار"داخل العالم الرأسمالي المتطور، ولذلك كانت ديناميات الصراع هذه مهمة جدا خلال سبعينات وثمانينيات القرن الماضي، بحيث كانت الحكومات الأمريكية والإسرائيلية تميل إلى تعزيز العسكرة وأسعار النفط المرتفعة وعدم الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط، بعكس أهدافهم المعلنة تماما (33) .ويرى الباحثان إن عواقب هذه التعزيزات تمثلت داخل إسرائيل في عسكرة الاقتصاد السياسي الإسرائيلي(ارتفعت المشتريات العسكرية المحلية إلى 23 % في المتوسط من الناتج المحلي الإجمالي بين منتصف الستينات ومنتصف الثمانينات) وزاد الاعتماد على المساعدات المالية والعسكرية الأمريكية؛ مع صعود القومية الدينية اليمينية وما رافقها من تراجع حزب العمل؛ وزيادة توطيد سلطة الطبقة الحاكمة في إسرائيل، التي تحركت على نحو منظم للاستفادة من زيادة مبيعات الأسلحة والتضخم المحلي (34).
ويتابع نيتسان وبيتشلر توصيفها بالقول إن الأمور بدأت تتغير منذ أواخر الثمانينيات، فقد أدى زوال إحلال واردات دول العالم الثالث، وتراجع ملكية الدولة في الغرب، وتحرير الكتلة الشرقية وانهيارها اللاحق، إلى توفير التربة الخصبة لنظام عالمي متجدد (35). وتضاءلت الأرباح والقوة النسبية لقطاعات النفط والتسلح العالميين، ليحل محلها رأس المال المهيمن للصناعات الجديدة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وقد تم تحقيق التراكم التفاضلي ليس من خلال الأزمة ولكن من خلال التوسع في المجال الأخضر في الأسواق الناشئة، فضلا عن زيادة عمليات الاندماج والاستحواذ. وتحولت إسرائيل إثر هذه العملية إلى "اقتصاد نمر" يمتلك تكنولوجيا فائقة، مدعوما بالعودة العالمية إلى التوسع، ومدعوما كذلك بالهجرة الروسية والمافيا المالية. لقد أصبحت الجماعات الرئيسية في إسرائيل عابرة للقومية، بحيث لم يعد هناك وجود مميز "لرأسمال إسرائيلي مهيمن" (36). فأصبح السلام خيارا اقتصاديا حاسما ومفضلا من منظور استراتيجية الطبقة الحاكمة الإسرائيلية الجديدة لجذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة اندماج إسرائيل في الاقتصاد العولمي. كانت عمليات السلام العربية الإسرائيلية في التسعينيات كما يراها نيتسان وبيتشلر في الأساس استجابة الطبقة الحاكمة لازدهار العولمة في التكنولوجيا الفائقة في التسعينيات (37). وهما يجادلان أبعد من ذلك حين يقرران أنه منذ انهيار الطفرة والفقاعة في التسعينات، حدث العديد من التطورات على نحو معكوس. وأدى تضاءل الربحية المتمايزة لقطاع التجارة الدولية، إلى إتاحة فرص جديدة للتراكم من خلال الأزمة. وكان تجدد الصراع بكل تأكيد هو النتيجة في كل من إسرائيل والأراضي المحتلة، ومنطقة الخليج [العربي]. فارتفعت أسعار النفط، وسجل القطاعين النفطي والعسكري أرباحا قياسية مطلقة فضلا عن زيادة كبيرة في حصة الأرباح العالمية. بالنسبة لنيتسان وبيتشلر، يعبر هذا عن الاقتصاد السياسي العولمي للتراكم التفاضلي الذي هو بدوره العامل الرئيسي المحدد للحرب والسلام في الشرق الأوسط، وللتحولات في المجتمع الإسرائيلي. وكما يقولان عن الوضع الراهن في إسرائيل - فلسطين، فإنه لن تتم تسويته في شوارع نابلس أو أكواخ مخيمات اللاجئين في جنين. حيث تظهر الحرب الحقيقية في أماكن أخرى في قاعات مجلس إدارة الشركات متعددة الجنسيات تقودها طليعة صناعات الأسلحة والنفط من جديد ضد قوى رأس المال العالمي الجديد "(38).
يعتبر كتاب نيتسان وبيتشلر عملا رائعا ومربكا بآن فضلا عن أن قراءته ممتعة وليس عصيا على الفهم. يقوم بنيان الكتاب على عدة مستويات يقدم فيه المؤلفان نظرية جديدة عن المنافسة وتراكم رأس المال ويتناول بذات الوقت على نحو جيد المغامرات الإمبريالية الأمريكية في الشرق الأوسط وتاريخ الاقتصاد السياسي الإسرائيلي. ويمكن القول إن إصرار الكتاب على مركزية قطاع الأعمال الكبيرة داخل المجتمع الإسرائيلي، وعلى اندماج إسرائيل في الدوائر العالمية لرأس المال، يعد بمثابة ترياق هام للنزعة الثقافية والنزعة الدولتية المهيمنة على السجالات؛ كما أنه مليء بالأطروحات الصعبة حول مواضيع متنوعة مثل جذور التضخم وحدوث اندماج الشركات، فضلا عن رؤى غريبة رائعة حول مكائد النخب الإسرائيلية. إن كتابا على مثل هذه الدرجة من الطموح لابد له، لامحالة، من إثارة العديد من الاسئلة التي يجيب عليها وهناك مسألتان تستحقان مناقشة خاصة هنا. فأولا، يبالغ الكاتبان في مضامين العلاقات الرأسمالية البينية الإقليمية والعالمية على الاقتصاد السياسي الإسرائيلي. ويصران على أن التغيرات في الاقتصاد السياسي الإسرائيلي - سواء توسع قطاعه العسكري ونمو القومية الدينية خلال السبعينات أو بداية طفرة التكنولوجيا الفائقة وعمليات السلام خلال التسعينات - كانت تعتمد إلى حد كبير على الظروف العالمية (39). ويؤكدان أيضا على اندماج إسرائيل منذ فترة طويلة في الشرق الأوسط، وأن "نظامها الداخلي العميق للتضخم العسكري" يرتبط ارتباطا وثيقا بالدورة الإقليمية لنزاعات الطاقة "(40). ويصلان إلى هذه الأحكام بشأن قوة الارتباطات الإحصائية المزعومة بين الاقتصادات السياسية الإسرائيلية الإقليمية والعالمية، غير أنه، ليس فقط الترابطات هذه ما تستند إلى نظرية تراكمية مشكوك فيها، بل ما هو أهم من ذلك أن الأدلة السببية، بما في ذلك تلك الأدلة التي طرحها المؤلفان نفسيهما، لا توفر أسبابا كافية لمثل هذه الاستنتاجات (41). وعلى الرغم من أنهما يجادلان بأن الاقتصاد الإسرائيلي يتبع بشكل وثيق منذ أوائل السبعينيات نمطا "عالميا" من أنظمة متناوبة من "التوسع " و "التعمق"، فمن الواضح أن هذا النمط العالمي المتبع تمت صياغته بشكل صارم وفقا لمعايير الاقتصاد الأمريكي وهو ما يختلف كثيرا عن الأنماط المتبعة، على سبيل المثال، في كل من ألمانيا واليابان (42). وبالمثل، ففي حين يزعمان أن إسرائيل "مرتبطة ارتباطا وثيقا" بالصراعات الإقليمية على الطاقة منذ السبعينيات، فإن هناك دلائل ضئيلة على ذلك: فمن بين “نزاعات الطاقة" خلال هذه الفترة شاركت إسرائيل جوهريا في حرب واحدة فقط (حرب 1973). وعلاوة على ذلك، فإن معظم الحوادث الجيوسياسية الكبرى التي شاركت فيها إسرائيل بشكل مباشر كانت لها آثار ضئيلة على أسعار النفط (أبرزها غزو لبنان في العام 1978 والعام 1982، واتفاقات كامب ديفيد مع مصر 1978، والانتفاضة الفلسطينية 1987، -ولم يحظ أي منها باهتمام مميز من نيتسان وبيتشلر).
وبدلا من الاندماج في ديناميكية إقليمية لنزاعات الطاقة، فإن الحقيقة الأكثر وضوحا حول الاقتصاد الإسرائيلي هي عدم اندماجه النسبي في الاقتصاد الإقليمي في الشرق الأوسط (وهنا يتجاهل المؤلفان إلى حد كبير المقاطعة العربية التي تقف وراء مثل عدم الاندماج هذا). ما يبدو واضحا، حتى من توصيف نيتسان وبيتشلر نفسه، هو أن الاقتصاد السياسي الإسرائيلي يحمل بصمة أقل للعمليات العامة لمفهومي الإقليمية والعولمة، من العلاقة المحددة تاريخيا مع الولايات المتحدة التي تطورت في أواخر الستينيات. وعلاوة على ذلك، فإن ما يبدو واضحا أيضا هو أن التطورات الجيوسياسية، مثل غزوات لبنان، كانت مدفوعة بالدرجة الأولى ليس بواسطة الإملاءات السياسية الإقليمية، أو حتى عن طريق علاقة إسرائيل الوثيقة بالولايات المتحدة، بل من خلال الضرورات المحلية الفريدة (.43).لقد أصبحت الشركات الرائدة في إسرائيل مؤخرا أكثر اندماجا في الشبكة عبر القومية لرأس المال غير أن العلاقات الاقتصادية السياسية التي جعلت إسرائيل ما هي عليه اليوم ربما تكون أفضل فكرة عن علاقات لا عالمية أو إقليمية أو عبر وقومية ، بل بوصفها مزيج معقد من القرارات المحلية والدولية.
وهناك ثمة مشكلة أخرى أكثر أهمية في طرح نيتسان وبيتشلر تتلخص في التركيز الحصري تقريبا على رأس المال المهيمن. يبدو أن العالم النظري، لنيتسان وبيتشلر، في جوهره، مسكونا بالرأسماليين: فيكتب نيتسان يمارس "الرأسماليون" سلطتهم على المجتمع ككل، ولذلك فإن الشخص الواحد الذي يحقق ربحا يصل إلى جزء من مئة من المجموع يمكن أن يقال إنه يسيطر على 1% من العملية الرأسمالية برمتها "(44). وتهيمن نضالات واستراتيجيات الشركات الكبرى على المشهد، في حين أن جميع الأمور الأخرى تنزلق إلى سياق الخلفية التي تجري فيها صراعات التراكم. ويقر الباحثان أن رأس المال المهيمن "ليس مرادفا تماما" للطبقة الحاكمة، وأن إسرائيل لم تكن دائما مجتمع رأسمالي؛ كما يعترفان، على سبيل المثال، بوجود علاقات عمل هامة خاصة ببلدان معينة يمكن أن يكون لها تداعيات مهمة على تراكم رأس المال (45). ولكن، ونظرا لأن المؤلفين محاطين بنموذجهما النظري التاريخي مع التركيز الوحيد على رأس المال المهيمن والتراكم التفاضلي، فهما يفتقران إلى الإثراء في تناول العلاقات المعقدة بين المصالح الرأسمالية وغير الرأسمالية للطبقة الحاكمة الإسرائيلية، أو تناول ما سبق "الظهور التدريجي" للرأسمالية الإسرائيلية، أو حتى التطرق إلى الصراعات والتوفيق بين النخب الإسرائيلية والسكان الإسرائيليين الأوسع (46) .بل أن تحليلهما يتنقل ,عوض عن ذلك, بين نظريات مسبقة لمختلف وسائل التراكم التفاضلي، من ناحية، ومقتطفات صغيرة النطاق عن الطبقة الحاكمة الإسرائيلية الفعلية، من جهة أخرى. إن فهمها للاقتصاد السياسي لا يشتمل الكثير عن طريق علم الاجتماع السياسي، ونتائج ذلك تعني أنه لا يوجد شعور كبير بالخصوصية البنيوية للمجتمع الإسرائيلي.ويظهر هذا الضعف بشكل خاص في تعليقهما على جذور الإحصاء الإسرائيلي و. يجادلان بأن المؤسسات المركزية قبل الدولة برزت في الييشوف لمعالجة النقص في اليد العاملة وخلق البنية التحتية الاجتماعية اللازمة لتحقيق الربح، في حين أن ما تم استدعاؤه من أجل إقامة نظام اجتماعي غير عدائي لرأس المال و توطيده تمثل في المثل العليا الصهيونية، مع ما تتميز به هذه المثل من خطابات قومية واشتراكية ودينية(47).كما أن استعارتهم الأداتية المعبرة تقول " بينما خضع رأس المال ظاهريا لأهدافه الخاصة , فإن هذه الدولة الإسرائيلية، كانت في الواقع" الشرنقة "الأولية التي سمح بأن تنمو فيها المؤسسات الرأسمالية و المنظمات "(48).ومع ذلك، فإن هذا الأمر مضلل، لأن المشكلة التي شغلت بال الرأسماليين اليهود، لم تتمثل بنقص اليد العاملة المعيقة للتراكم ، لأن السكان العرب المحليين يشكلون مجموعة كبيرة من العمالة الرخيصة، بل ما كان يشغلهم هو أن تكثير الأرباح، من شأنه أن يعرقل المشروع الصهيوني لاستيطان فلسطين.
في البداية، وكما يؤكد جرشون شافير في معالجته الرائدة عن الفترة التكوينية للاستعمار الصهيوني، كان الرأسماليون اليهود يستخدمون إلى حد كبير العمالة العربية الرخيصة. (49) .
ونظرا لعدم رغبة العمال اليهود في التقليل من مطالبهم في الأجور بهدف المنافسة المباشرة مع العمال العرب، فقد بدأ العمال اليهود حملة استبعاد للعرب من سوق العمل اليهودي. وأدى ذلك في نهاية المطاف إلى توافق بين الصهاينة مالكي الأراضي والعمال - وهو ما دعاه ميخائيل شاليف "التزاوج التوافقي بين حركة الاستيطان مع المستوطنين وحركة العمال بدون عمل"-، والتي شهدت إنشاء "سوق عمل مقسم"، وظهور قطاع اقتصادي يهودي متميز وتشكيل مؤسسات مركزية قوية مثل الهستدروت، التي عملت على الحفاظ على هذا النظام الاقتصادي السياسي والإشراف عليه (50).وبعبارة أخرى , تطورت السمات المميزة للمجتمع الصهيوني قبل الدولة والدولة الإسرائيلية الفتية تطورت ليس لأنها كانت "شرانق " وظيفية لرأس المال، بل بسبب الطابع المحدد اجتماعيا للمواجهة الاستعمارية الصهيونية مع الفلسطينيين: أي كلما تأخرت المعركة الاستعمارية في فلسطين، كلما ظهر مستوطنين أكثر استقرارا و قوى عاملة متنافسة أكبر ، والتزام الصهاينة في الاستيطان المادي (على النقيض من معظم المشاريع الاستعمارية المتأخرة في أفريقيا والشرق الأوسط ).لو كان تراكم رأس المال قائم في الواقع تماما كما يؤكد نيتسان وبيتشلر، لما كانت الدولة الإسرائيلية ظهرت للوجود قط .ومما له صله وثيقة في السياق الحالي هو أن الأشكال السياسية والمؤسساتية السياسية المميزة التي تم التفاوض عليها لأول مرة في أوائل القرن العشرين شكلت المجتمع الإسرائيلي حتى سبعينيات القرن الماضي ،ومازالت تشكل هذا المجتمع في بعض جوانبه . يتتبع كتاب شافير وبيليد (أن تكون إسرائيليا) هذه الاستمرارية البنيوية منذ ما قبل إعلان الدولة وحتى الوقت الحاضر. ويوضحان إن الاقتصاد السياسي للاستعمار لا ينتج عنه تشكيل أراض يهودية وأسواق عمل منفصلة، فضلا عن وجود رابطة مؤسسية قوية تركز على الهستدروت فحسب، بل يظهر أيضا في مفهوم جمهوري جماعي للمواطنة الذي يؤكد على القيمة الأخلاقية للعمل الريادي والعمل البدني والاستيطان الزراعي والخدمة العسكرية (51). لم تكن هذه القيم مجرد قيم خطابية أو فوقية (كما يقول نيتسان وبيتشلر)، ولكنها كانت جزءا لا يتجزأ من "الكتلة التاريخية" التي شيدتها حركة الاستيطان العمالية. ومع ذلك، فإن هذه الحركة التي يقودها الأشكناز لم تتمكن من دمج معظم الجماعات والتوجهات الصهيونية تحت تأثيرها: ووفقا للمعايير الغرامشية، كان مشروع "الهيمنة" ناجحا للغاية (52).بيد أنهما يقران أيضا بأن هذا المشروح يحتوي على أنماطه الإقصائية و أشكال من الدمج التمييزي لفئات مثل اليهود الشرقيين (المزراحيم) الذين تم فصلهم اقتصاديا وثقافيا كمواطنين من الدرجة الثانية؛ و كذلك للنساء اللواتي عانين من أعباء جنسانية مميزة في مجتمع الحدود الاستعماري؛ وكذلك لفئة الفلسطينيين الإسرائيليين الذين تم تجريدهم من أراضيهم، وزلقهم نحو البروليتارية كقوة عاملة فقيرة وغير متعلمة ، ومنحوا حقوقا مدنية وسياسية من الدرجة الثالثة ؛ وكذلك اليهود الأرثوذكس، الذين لعبوا دورا حيويا في إضفاء الشرعية على المشروع الصهيوني، ومن ثم منحوا درجة عادلة من المعايير الصهيونية العمالية(الإعفاء من الخدمة العسكرية، على سبيل المثال) .وكما يؤكد شافير وبيليد، فإن هذه الأنماط من الاستبعاد والدمج لم تكن قائمة على توافق آراء أحادي الثقافات، بل على هيمنة مشروع استعماري صهيوني عمالي، كان يهيمن على المجتمع الإسرائيلي حتى السبعينات.ويزعم شافير وبيليد أنه منذ ذلك الحين، تحللت حركة استيطان العمال وروحها الجمهورية إلى حد كبير، متشعبة إلى مفهومين متنافسين للمواطنة والهوية. فمن ناحية، كما يؤكد كيمرلنج، كان هناك توسع في الإثنية القومية، مع حركات مثل غوش إيمونيم التي ورثت الكثير من روح الاستعمارية الرائدة للصهيونية العمالية، ولكنها الآن ترتدي ثوبا دينيا صريحا. ومن ناحية أخرى، كان هناك تحول ليبرالي للمجتمع الإسرائيلي اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا فانحسرت المؤسسات الصهيونية العمالية مثل الهستدروت عبر خصخصة الشركات التي تسيطر عليها الدولة والهستدروت؛ على النقيض من ذلك، انتعشت المؤسسات الليبرالية مثل بنك إسرائيل وسوق الأوراق المالية الإسرائيلية والقضاء؛ وتعاظم الفردية الليبرالية والتفاوت في الدخل. قاد عملية التحول الليبرالي هذه كما يقول الباحثان نخبة أشكنازية "تجاوزت الآن حدود المرحلة الاستعمارية للتنمية. . . وتسعى إلى الخروج إلى العالم "(53). وفي حين أن هذا أمر يرحب به المؤلفان كثيرا، فهم يقرون أيضا بأن الليبرالية الاقتصادية وظهور مجتمع مدني مشبع بأفكار [الفيلسوف الليبرالي] جون لوك لم يثبت أنه حلا سحريا للمجتمع الإسرائيلي (54). ولذلك يختمان توصيفهما وفقا لتعابير نانسي فريزر، حول شكل من أشكال التعددية الثقافية الديمقراطية التي تدرك في الوقت نفسه مسائل "الاعتراف" و "إعادة توزيع “على حد سواء - وهذا يحمل لهما بشرى ليس لمعالجة التوترات وعدم المساواة داخل المجتمع الإسرائيلي فقط، ولكن أيضا وعد لحل الصراع مع الفلسطينيين (55)
هناك الكثير مما ينبغي قوله عن هذه الحجج، بل حتى بالنسبة للمنظور النظري. ففي حين يهمل كيمرلنج إلى حد كبير السياقات الدولية والعالمية، ولا يعبر نيتسان وبيتشلر، من ناحية أخرى، عن معنى خاص للخصوصية البنيوية للمجتمع الإسرائيلي، نرى أن شافير وبيليد خطا في منتصف الطريق الذي يحلل إسرائيل كمجتمع حدود استعماري استنبط في مواجهة عمليات اللبرلة العولمية. وفي حين يرى كل من كيمرلنج ونيتسان وبيتشلر النخب كمصممين و "مبدعين" للمجتمع الإسرائيلي، يشدد شافير وبيليد على مدى تقييد المشاريع والوكالات السياسية على نطاق أوسع من قبل القوى الاجتماعية والتناقضات (56). وعلاوة على ذلك ليس لدى كيمرلنج الكثير مما يقوله عن تأثير المواجهة الاستعمارية مع الفلسطينيين على تشكيل إسرائيل - التي تعمل مع ما وصفه كيمرلنج في نموذج "الفقاعة اليهودية" للمجتمع الإسرائيلي -نجد أن طرح شافير وبيليد على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو الطرح ذاته عن إسرائيل نفسها (57). وأخيرا، في حين يرى كيمرلنج أن المجتمع الإسرائيلي يزداد فيه التوجه الإثني القومي، لكنه لا يناقش عمليات اللبرلة (بمعزل عن تشديده على ظهور التعددية الثقافية)، يصر شافير وبيلد على أن إسرائيل خضعت في آن واحد لكل من هذه العمليات. كل هذا الطرح لهما، فضلا عن أشياء أخرى إلى جانب ذلك، هو مقنع للغاية. بعد أن قلت ذلك، يبدو أن شافير وبيليد يبالغان في مدى عملية التحول الليبرالي في إسرائيل ويقللان، على وجه الخصوص، الصعود المستمر للمؤسسة العسكرية والأمنية داخل السياسة الإسرائيلية والمجتمع الإسرائيلي. فهما يقولان، على سبيل المثال، "عندما تصبح القوى التي تشكل المجتمع الإسرائيلي أكثر عالمية"، فإن شروط احتمال أن يسود الليبراليون "تكون في طريقها للتحسن "كما يؤكدان كذلك أنه سيثبت من الصعب جدا وضع رؤية اقتصادية ليبرالية مع الممارسات العسكرية القمعية اللازمة للحفاظ على الاحتلال والدفاع عن المستوطنين اليهود في الضفة الغربية وغزة (58). إن عملية صنع السلام تبدو لهما نتاج اللبرلة بدرجة كبيرة (59).). و بالنسبة لهذا الزعم الأخير، يقدم المؤلفان أدلة قوية تبين أنه في سياق اللبرلة النحلية لسوق رأس المال الإسرائيلي كان قادة قطاع الأعمال الإسرائيليين من بين الدعاة الرئيسيين للسلام مع الفلسطينيين: وبالتالي يقدمان أدلة سببية مقنعة تتشابه و تدعم الارتباطات الإحصائية لطرح نيتسان و بيتشلر . ولكن ما يعجز شافير وبيليد عن الاعتراف به هو ضحالة التزام مجتمع قطاع الأعمال الإسرائيلي بالسلام. كانت الجهات الفاعلة الرئيسية في إسرائيل غير مهتمة إلى حد كبير بتوسيع التجارة أو فتح أسواق جديدة في الأراضي المحتلة والشرق الأوسط؛ بل على العكس من ذلك، كان اهتمامهم الرئيسي في أوائل التسعينات ينصب على إنهاء المقاطعة العربية الثانوية، المتمثلة بمعاقبة الطرف الثالث الذي يعمل مع إسرائيل، وبالتالي اعتبرت عقبة رئيسية أمام اجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية (60) . عبر رأس المال الإسرائيلي المهيمن عن رغبته في السلام ولكنه لم يكن قلقا للغاية بشأن مضمونه الدقيق. وكان من نتائج ذلك أن شروط السلام المفروضة على الفلسطينيين لم تخضع إلى حد كبير لإملاءات الجهات الفاعلة الاقتصادية الإسرائيلية القوية بل خضعت لإملاءات الجيش الإسرائيلي، وبالتالي كانت هذه الشروط محدودة أكثر مما كان عليه الحال في حالات كثيرة، إلى ما هو أكثر من مجرد "تأنق “تجميلي للاحتلال الإسرائيلي تحت راية "التنسيق" (61 ). لا يقدم شافير وبيليد، مثلهما مثل نيتسان وبيتشلر سوى القليل عن القوة البنيوية للجيش داخل المجتمع الإسرائيلي - تبدو أكثر وضوحا، في الخلفيات العسكرية لكثير من الزعماء السياسيين في البلاد، أو التأثير الهائل الذي لا يزال للجيش على المجتمع الإسرائيلي والعلاقات الإسرائيلية الفلسطينية. وهذا عار مزدوج، لأنه لا يوجد سبب ضروري وراء عدم الإقرار بقوة الجيش الإسرائيلي وتحليلها ضمن إطار مقاربات غرامشي. ولا ينبغي إغفال موضوع النزعة العسكرية الإسرائيلية ببساطة من خلال النفور من النزعة الدولتية (62)
ويعترف شافير وبيليد بأن "انتصار" الليبرالية الإسرائيلية "مضمونا بكل الطرق الممكنة ", ولكن حتى هذا يبدو متفاوتا غير مبرر نظرا لأحداث السنوات الأربع الماضية (.63) فمنذ صيف 2000 تجدد العنف الإسرائيلي-الفلسطيني الذي أدى إلى مقتل حوالي 3000 فلسطيني و900 إسرائيلي (. 64 ) واستعاد الجيش مكانه في قلب المجتمع الإسرائيلي، وتم إعادة تأهيل أرييل شارون الذي كان منبوذ سابقا ليصبح الوصي الموثوق للمصلحة القومية الإسرائيلية . وقد حدث ذلك جنبا إلى جنب مع إطلاق برنامج الخصخصة الجديد الذي يشرف عليه بنيامين نتنياهو، مع القليل من الدلائل على أنه يتناقض مع القمع في الضفة الغربية وغزة. في حين أنه في الوسط الأكاديمي، يبدو أن أشهر المؤرخين الجدد، بيني موريس، أصبح داعما للتطهير العرقي، وأعطى مصداقية لوجهة نظر إيهود باراك العنصرية الصريحة التي مفادها أن الفلسطينيين لا يدركون مفهوم الحقيقة، بوصفهم ليسوا جزء من الثقافة اليهودية المسيحية (56) , بينما وجدت بعض الأصوات الأكثر انتقادا مثل إيلان بابيه نفسها منبوذة في جامعاتها بل حتى هددت بالفصل.
قد تكون دراسة المجتمع الإسرائيلي أكثر تجانسا وتنازع عليها، ولكن يبدو أن إسرائيل الليبرالية ما بعد الكولونيالية تبدو أبعد ما تكون أكثر من أي وقت مضى.
........................................
عنوان المقال الأصلي: Post-Zionist Perspectives on Contemporary Israel
الناشر: New Political Economy, Vol. 10, No. 1, March 2005
المؤلف: JAN SELBY
المترجم: محمود الصباغ
.....................................
ملاحظات
1-المثال المعروف والأكثر شهرة لعلماء الاجتماع الوظيفيين هم
S.N. Eisenstadt, Israeli Society (Basic Books, 1967) S.N. Eisenstadt, The Transformation of Israeli Society: An Essay in Interpretation (Wiedenfeld & Nicolson, 1985) و Dan Horowitz & Moshe Lissak, Trouble in Utopia: The Overburdened Polity of Israel (State University of New York Press, 1989)
إن التاريخ الصهيوني التقليدي لم يكن مكتوبا إلى حد كبير من قبل المؤرخين المحترفين، ولكن من قبل السياسيين والجنود وعلماء الآثار وهلم جرا: انظر
Avi Shlaim, ‘The Debate about 1948’, International Journal of Middle East Studies, Vol. 27, No. 3 (1995), pp. 287–304 ، موجود في
Ilan Pappe´ (ed.), The Israel/Palestine Question (Routledge, 1999), pp. 171–92.
2-الأعمال الرائدة من قبل "المؤرخين الجدد" في إسرائيل تشمل
Benny Morris, The Birth of the Palestinian Refugee Problem, 1947–49 (Cambridge University Press, 1987) Simha Flapan, The Birth of Israel: Myths and Realities (Croom Helm, 1987) and Avi Shlaim, Collusion Across the Jordan: King Abdullah, the Zionist Movement,and the Partition of Palestine (Clarendon, 1988) .
حجج موريس هي الأكثر شهرة (والأكثر تناقضا) من هذه؛ حيث رأى أنه لا يذهب إلى حد ما بما فيه الكفاية في "تنقيحه"، انظر
Nur Masalha, ‘A Critique of Benny Morris’, Journal of Palestine Studies, Vol. 21, No. 1 (1991), pp. 90–7 ؛ و Norman Finkelstein, Image and Reality of the Israel-Palestine Conflict (Verso, 1995), ch. 3. .
للحصول على نظرة عامة مفيدة لكتابات المؤرخين الجدد، انظر
Pappe´, The Israel/Palestine Question and Eugene Rogan & Avi Shlaim (eds), The War for Palestine: Rewriting the History of 1948 (Cambridge University Press, 2001) .
3- Lawrence Silberstein, The Postzionism Debate: Knowledge and Power in Israeli Culture (Routledge, 1998) ؛ و Ephraim Nimni (ed.), The Challenge of Post-Zionism: Alternatives to Israeli Fundamentalist Politics (Zed, 2003).
4- Zeev Sternhell, The Founding Myths of Israel: Nationalism, Socialism, and the Making of the Jewish State (Princeton University Press, 1998).
5- Baruch Kimmerling, The Invention and Decline of Israeliness: State, Society and the Military (University of California Press, 2001) and Gershon Shafir & Yoav Peled, Being Israeli: The Dynamics of Multiple Citizenship (Cambridge University Press, 2002)2). وفي حين يفضل كيمرلينغ عدم استخدام مصطلح "ما بعد الصهيونية" (ص 7)، فإن عمله يمكن أن يكون مفيدا في هذا السياق.
6- Jonathan Nitzan & Shimshon Bichler, The Global Political Economy of Israel (Pluto, 2002). .
7- Kimmerling, Invention and Decline, p. 2.
8- المرجع نفسه، الصفحتان 137 و 170.
9-المرجع نفسه، ص. 109.
10-المرجع نفسه، ص. 111.
11-المرجع نفسه، الصفحات 128 و 169 و 147.
12-المرجع نفسه، ص. 173.
13-المرجع نفسه، الصفحات 180 و 182 و 209 و 212. وقد وضع مفهوم "الإثنوقراطية" من قبل أورين يفتاحيل، ولا سيما في ‘Israeli Society and Jewish-Palestinian Reconciliation: “Ethnocracy” and its Territorial Contradictions’, Middle East Journal, Vol. 51, No. 4 (1997), pp. 505–19.
14- المرجع نفسه، ص. 67.
15-المرجع نفسه ,ص 76-77
16-المرجع نفسه ,ص 171-172
17- Peter Evans, Dietrich Rueschermeyer & Theda Skocpol (eds), Bringing the State Back In (University of California Press, 1985).
18- Kimmerling, Invention and Decline, p. 3. .يطور ميجدال نظريته للعلاقات بين الدولة والمجتمع وتوصيفه للدولة الإسرائيلية في
Strong Societies and Weak States: State-Society Relations in the Third World (Princeton University Press, 1985)
. و Through the Lens of Israel: Explorations in State and Society (State University of New York Press, 2001) .
كيمرلينغ وميغدال مؤلفان مشاركان لكتاب Palestinians: The Making of a People (Free Press, 1993). .
19-المرجع نفسه , الصفحات 72,66,68,170
20-المرجع نفسه ,ص 87. و فكرة "الدولنة" مشتقة من
J.P. Nettl, ‘The State as a Conceptual Variable’, World Politics, Vol. 20, No. 4 (1968), pp. 559–92.-
21- Baruch Kimmerling, ‘The power-oriented settlement: bargaining between Israelis and Palestinians’, in: M. Ma’oz & A. Sela (eds), The PLO and Israel: From the Road to the Oslo Agreement and Back? (St. Martin’s Press, 1997), pp. 223–51 Baruch Kimmerling, ‘From Barak to the Road Map’, New Left Review, Series 2, No. 23 (2003), pp. 134–44 and Baruch Kimmerling, Politicide: Ariel Sharon’s War Against the Palestinians (Verso, 2003).
22- Kimmerling, Invention and Decline, p. 169.
23-المرجع نفسه, ص 3 و ص 89
24- Horowitz & Lissak, Trouble in Utopia and Kimmerling, Invention and Decline, p. 84.
25- Nitzan & Bichler, Global Political Economy, p. 8. .وثمة فضل آخر لكيميرلنغ جدير ذكره هنا وهو كتاب سامي سموحا
Israel: Pluralism and Conflict (University of California Press, 1978) .
كانت رؤى سموحا ما بعد الصهيونية في إسرائيل المعاصرة هي أول رؤية لعالم إجتماع إسرائيلي رائد لتحليل المجتمع الإسرائيلي من خلال عدسة تعددية ليبرالية بدلا من إضعاف تفككه الثقافي، وتأثير سموحة على كيمرلينغ واضح.
26- Nitzan & Bichler, Global Political Economy, pp. 31–7 ؛
ولمناقشة موسعة لإطارها النظري، انظر
Jonathan Nitzan, ‘Differential Accumulation: Towards a New Political Economy of Capital’, Review of International Political Economy, Vol. 5, No. 2 (1998), pp. 169–216 and Jonathan Nitzan & Shimshon Bichler, ‘Capital accumulation: breaking the dualism of “economics” and “politics’”, in: Ronen Palan (ed.), Global Political Economy: Contemporary Theories (Routledge, 2000), pp. 67–88.Nitzan and Bichler draw especially upon Thorstein Veblen, The Theory of Business Enterprise (Scribner, 1904) Thorstein Veblen, Absentee Ownership and Business Enterprise in Recent Times: The Case of America (B.W. Huebsch, 1923) and Michal Kalecki, The Last Phase in the Transformation of Capitalism (Monthly Review Press, 1972).
. في حين أن الماركسية الكلاسيكية تنظر للرأسمالية كنمط للإنتاج وترى أن الإنتاج والعلاقات العمالية هي المصدر الأول وتجسيد لعلاقات القوة غير المتكافئة، يجادل نيتزان وبيتشلر بأن "رأس المال الحديث هو التمويل والتمويل فقط" (ص 36) وأن السلطة وترتكز أوجه عدم المساواة أساسا على الرقابة المؤسسية على العملية الاجتماعية، بما في ذلك القدرة على التخريب والحد من الإنتاج.
27- Nitzan & Bichler, Global Political Economy, pp. 74, 36–8
28-المرجع السابق ,ص 20 و ص 40-41
29-المرجع السابق ,ص 108
30-المرجع السابق ,الصفحات 104,117,118.وقد تطورت فكرة " الاقتصاد المزدوج" على سبيل المثال عن طريق روبرت أفريت في
The Dual Economy: The Dynamics of American Industry Structure (W.W. Norton, 1968)
و جوزيف بورنيغ في Competition in a Dual Economy (Princeton University Press, 1986) .و يفضل نيتسان وبيتشلر رغم ذلك في التحدث، عن "الاقتصاد السياسي المزدوج".
31- Michael Bruno, Crisis, Stabilization, and Economic Reform: Therapy by Consensus (Clarendon, 1993), p. 23.
32- Nitzan & Bichler, Global Political Economy, pp. 74, 20.
33-المرجع نفسه , ص 24-27
34-المرجع نفسه ,ص 128 و 24
35-المرجع نفسه , ص 266
36-المرجع نفسه ,ص 297
37-المرجع نفسه ,ص 268
38- Shimshon Bichler & Jonathan Nitzan, ‘War Profits, Peace Dividends and the Israeli-Palestinian Conflict’, News From Within, Vol. 18, No. 4 (2002), pp. 14–18. .
في الاقتصاد السياسي العالمي لإسرائيل، نيتسان وبيتشلر مبهمان حول ما إذا كان نظام اتساع التسعينيات قد أفسح المجال لنظام أعماق جديد، أو توقف فقط في الوقت الحاضر (الصفحات 353-7). ولكن في العمل الأخير، يجادلون أكثر حزما بأن عام 2000 يبدو أن بداية بداية انتقال آخر إلى عمق:
Shimshon Bichler & Jonathan Nitzan, ‘Dominant Capital and the New Wars’, Journal of World-Systems Research, Vol. 10,No. 2 (2004), p. 257. . وبدون هذا التغيير في آفاق رأس المال المهيمن، يزعمون أن "11 أيلول / سبتمبر ربما لم يصبح" ميناء بيرل هاربور الجديد "في أمريكا (المرجع نفسه، الصفحة 320)
39- Nitzan & Bichler, Global Political Economy, p. 81.
40-المرجع السابق, ص 9 و 267
41-هناك عدة جوانب لنظرية نتسان وبيتشلر بشأن التراكم التفاضلي الذي قد يرغب المرء في التساؤل عنه، ولكن اسمحوا لي أن أثير مسألة رئيسية واحدة فقط .يرى نيتسان وبيتشلر أن الهدف الرئيسي للشركات الفردية هو التغلب على متوسط معدل دخل رأس المال للاقتصاد ككل (المرجع نفسه، الصفحات 37-8). وهذا الافتراض هو الذي يكمن وراء تصورها للرأسمالية العالمية بأنها تتألف من تحالفات مؤسسية متنافسة. على سبيل المثال، في نموذجهما، يتكون "تحالف السلاح و الدولار و البترودولار " من كبرى شركات النفط والأسلحة، التي تدفع مصالحها المشتركة في عدم الاستقرار إلى الرغبة في التغلب على متوسط معدل الدخل في جميع جوانب الاقتصاد ككل (وكذلك داخل رأس المال المهيمن ككل).ومع ذلك، تشير الدلائل بالتأكيد إلى أن المتوسطات التي تحددها الشركات الفردية للتغلب عليها ليست تقتصر على الاقتصاد ، بل هي على العكس من ذلك. تعتمد على معايير الصناعة فعلى سبيل المثال، تهتم شركات النفط الكبرى مثل شركة رويال دوتش شل بالحفاظ على حصتها في صناعة النفط (أو توسيعها إن أمكن ) على وجه الخصوص، أكثر من الحفاظ على (أو توسيع) حصتها من رأس المال المهيمن ككل- لأن منافسة البنية التحتية الصناعية التي هي بالتأكيد المحور المركزي للتراكم التفاضلي. إذا كان الأمر كذلك ،فلن يكون لشركات النفط الكبرى لها مصلحة مشتركة في عدم الاستقرار، وفكرة الائتلافات المؤسساتية نفسها ستكون غير قابلة للحمل- وبهذا سوف يتراجع الصرح النظري لنيتسان و بيتشلر بأكمله .
42-المرجع السابق ,ص 74-75 .
43-فيما يتعلق بمسائل أصل العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل وأسباب غزو إسرائيل للبنان، انظر على سبيل المثال التوصيف الممتاز لنعوم تشومسكي في : Fateful Triangle: The United States, Israel and the Palestinians (Pluto, 1983), chs. 2, 5. .
جدال تشومسكي المفرط في وحدة العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ولكن تحليله مع ذلك مفيد
44- Jonathan Nitzan, ‘Regimes of Differential Accumulation: Mergers, Stagflation and the Logic of Globalization’, Review of International Political Economy, Vol. 5, No. 2 (2001), pp. 226–74.
45- Bichler & Nitzan, ‘Dominant Capital and the New Wars’, pp. 15, 23.
46- Nitzan & Bichler, Global Political Economy, p. 2.
47-المرجع نفسه ,ص 92
48-المرجع نفسه ,ص 17
49- Gershon Shafir, Land, Labour and the Origins of the Israeli-Palestinian Conflict, 1882–1914 (Cambridge University Press, 1989)..
كما حلل عمل كيمرلينغ المبكر الفترة التكوينية للاستعمار الصهيوني وتأثيره على الدولة الإسرائيلية في كتابه
Zionism and Territory: The Socio-Territorial Dimension of Zionist Politics (University of California Press, 1983)،
وتوصيفه المستند إلى ماكس فيبر نظير مهم لتحليل شافير المادي . للاطلاع على ملخص مقارن ممتاز لهذه الأطروحات، انظر
Uri Ram, ‘The Colonization Perspective in Israeli Sociology’, Journal of Historical Sociology, Vol. 6, No. 3 (1993), pp. 327–50,
و الموجود في Pappe´, The Israel/Palestine Question, pp. 56–80. .
و ينبغي القول أن شافير وكيمرلينغ، لم يكونا أول من كتبا عن إسرائيل بهذا الاسلوب . إن منظور الاستعمار هو مألوف من التوصيفات الفلسطينية، على سبيل المثال،
Elia Zureik, The Palestinians in Israel: A Study in Internal Colonialism (Routledge & Kegan Paul, 1978) ،
كما كان قد صاغها أيضا عن طريق الفيلسوف الشهير ماكسيم رودنسون في
Israel: A Colonial-Settler State? (Monad, 1973) . لكن شافير وكيمرلينغ كانا أول من أدخل وجهات النظر هذه في علم الاجتماع الإسرائيلي السائد.
50- Michael Shalev, ‘Jewish organised labour and the Palestinians: a study of state/society relations in Israel’, in:Baruch Kimmerling (ed.), The Israeli State and Society: Boundaries and Frontiers (State University of New York Press, 1989), p. 95.
وقد وضعت فكرة "سوق العمل المجزأة" من قبل
Edna Bonacich, ‘A Theory of Ethnic Antagonism: The Split Labour Market’, American Sociological Review, Vol. 37, No. 5 (1972), pp. 547–59,
وتم تطبيقها على إسرائيل من قبل شافير فيLand, Labour and the Origins of the Israeli-Palestinian Conflict, pp. 15–16, 55–60.
51- Shafir & Peled, Being Israeli, p. 17.
52-المرجع نفسه، ص. 66. و أنطونيو غرامشي، Selections from the Prison Notebooks (Lawrence & Wishart, 1977).
53-المرجع نفسه، ص. 339.
54-المرجع نفسه، ص. 342.
55-المرجع نفسه، ص. 343؛ و Nancy Fraser, ‘From Redistribution to Recognition? Dilemmas of Justice in a “Post-Socialist Age”’, New Left Review, No. 212 (1995), pp. 68–93.
56- Kimmerling, Invention and Decline,pp. 6,229
57- Baruch Kimmerling, ‘Boundaries and frontiers of the Israeli control system’, in: Kimmerling, The Israeli State and Society, p. 270.
58-المرجع السابق ص 342.
59- يتم استكشاف هذه الأطروحة في Shafir & Peled, Being Israeli, ch. 9, but also in Gershon Shafir & Yoav Peled (eds),The New Israel: Peacemaking and Liberalization (Westview, 2000) ؛ و Yoav Peled & Gershon Shafir, ‘The Roots of Peacemaking: The Dynamic of Citizenship in Israel’, International Journal of Middle Eastern Studies, Vol. 27, No. 3 (1996), pp. 391–413.
60-يقر شافير وبيليد بهذا (Being Israeli, p. 258)، ولكن لا يدرسان بشكل كاف آثاره. انظر أيضا بخصوص المصالح التجارية الإسرائيلية
Markus Bouillon, The Peace Business: Money and Power in the Palestine-Israel Conflict (IB Tauris, 2004), ,وخاصة الصفحات 51-59.
61-تطورت هذه النقاط بشكل أكمل في : Water, Power and Politics in the Middle East: The Other Israeli-Palestinian Conflict (IB Tauris, 2003), chs. 4 and 6 ؛ وأيضا في ‘Dressing up Domination as “Cooperation”:The Case of Israeli-Palestinian Water Relations’, Review of International Studies, Vol. 29, No. 1 (2003),pp. 21–38. .
62- حول هذا الموضوع، انظر على وجه الخصوص Uri Ben-Eliezer, The Making of Israeli Militarism (Indiana University Press, 1998). .
63- Shafir & Peled, Being Israeli, p. 259.
64-الأرقام من منظمة بتسيلم في http://www.btselem.org/ للفترة من 29 أيلول / سبتمبر 2000 إلى 30 أيلول / سبتمبر 2004.
65-"لم تكن الدولة اليهودية ستقوم دون اقتلاع 700 ألف فلسطيني , كان اقتلاعهم من جذورهم ضرورة قصوى .ولم يكن ثمة خيار سوى طرد السكان. . . لا يمكنك صنع العجة دون كسر البيض. عليك أن توسخ يداك" ( [بيني] موريس في مقابلة مع آري شافيت، وجهات نظر ما بعد الصهيونية حول "البقاء للأصلح المعاصر"، هآرتس، 9 كانون الثاني / يناير 2004).للمناقشة أكثر ، انظر
Joel Beinin, ‘No More Tears: Benny Morris and the Road Back from Liberal Zionism’, Middle East Report, Vol. 34, No. 1 (2004), pp. 38–47. . و يزعم [إيهود] باراك أن الفلسطينيون" نتاج ثقافة تدل على الكذب . . . [قول الكذب] لا يخلق [لديهم] أي تنافر. إنهم لا يعانون من مشكلة قول الكذب كتلك المعاناة الموجود في الثقافة اليهودية المسيحية. وتبدو لهم الحقيقة على أنها مسألة غير ذات شأن “(في Benny Morris, ‘Camp David and After: An Interview with Ehud Barak’, New York Review of Books, 13 June 2002 ".



#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النموذج الصهيوني لعلم الآثار
- فصائل السلام و الثورة العربية في فلسطين 1936-1939, نموذج لتع ...
- إسرائيل القديمة: حدوتة أم تاريخ؟؟
- التعاون البريطاني اليهودي والفرق الليلية الخاصة في فلسطين خل ...
- استعمار الصهيونية لفلسطين :الاستيطان و التهويد
- التخوم و الحدود : ملاحظات حول الجغرافيا السياسية في القدس
- الوجه الآخر لاستيطان القدس : تسييس العمران و احتكار السردية ...
- علم الآثار الكتابي القديمالجديد وتاريخ فلسطين
- من شارون إلى شارون: التخطيط المكاني ونظام الفصل في إسرائيل / ...
- من شارون إلى شارون: التخطيط المكاني ونظام الفصل في إسرائيل / ...
- قدس جديدة : أرض أكثر .. عرب أقل
- علم الآثار في فلسطين: حياة و موت ألبرت غلوك
- (تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل 1949-1 ...
- تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل 1949-19 ...


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود الصباغ - إسرائيل: رؤية ما بعد صهيونية