أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حقي - التسونامي














المزيد.....

التسونامي


مصطفى حقي

الحوار المتمدن-العدد: 1479 - 2006 / 3 / 4 - 09:33
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
.. كهجمة إعصار مدمر لكل ماهو إنساني وحضــاري ، داهمتها ارتدادة تسونامية محملة بأنقاض العادات والتقاليد في مشـروع زواج تقليدي كارثي مغلف بالقهر ، في زمن ثورة العلم وتفـــوق العقل والانعتاق من الجهل والجهلاء ..
1-بداية الإعصار
شلة نساء متمرســـات حضرن وتفقّدن وفحصن بعيونهن وآذانهن وحاسة شمهن ، ودرن من حولها ، وكأنها بقرة معروضة في سـوق المواشي ، اهتزت الرؤوس بالموافقة وتمت الترتيبات الأولية للصفقة ، فرِحت أمها ابتهج والدها ، وأعلنت الخطبة ، وحسـدتها الكثيرات من زميلاتها لأن عريسها تاجـر ومقتدر مادياً وإن كانت ثقافته دون الاعدادية ..
حضرالخاطب التاجر ليتأكد من صحة معلومــات البعثة الخاطبة ، بالحقيقة كان شاباً وسيماً وجميلاً ، وجلست معه في حومـــة أفراد أسرتها ، كالعادة سألها عن صحتها أولاً وأنه لم يكن يتوقع أن تكون بهذا الجمال وأحسّت بالفخر وكادت تطير فرحاً
2-العاصفة الأولى
ثم سألها عن تحصيلها الدراسي ، أعلمته انها جادّة كي تنال الثانوية للانتساب إلى الجامعة الحلم .. وصدمها
: إن مكان المرأة بيتها ، ويكفيك من الدراسة ماوصلت إليها .. إحباط وأي إحباط ...؟ وتجاوزت الرد عليه كي لاتغضب والديـها ، وهي مصممة على متابعة دراستها مهما كلف الأمر ..
وسألها عن الحجاب ...؟ وأجابته بصراحة وجرأة ، إنها غير مقتنعة حالياً به ، وأجابها برد قاس
: المسألة لادخل لها بالقناعة ، إنه فرض وواجب ...؟
وردّت عليه بحدّة
: ولكن أنا من سيحاسب وليس أنت ...؟
وسكت على مضض ، تاركا حل هذه المسألة لاحقا....
3-الدخول في الزوبعة
وبعــد جلستين مبتورتين ، لم يتسنّ أن يتعرف كل منهما على اسم الآخر عُـجِّـلَ في اجراءات الزفاف ، .. في بدء زواجــهما لم يمانع على متابعتها المطالعة تحضيراً للثانويـة ، في أوقات معينة ، وأثناء غيابه وهو في عمله ، والبيت لم يكن ينقصه شيء ، طعامـه جاهز ، ثيابه نظيفة ومكوية ، المنزل نظيف ومرتب ، وتستقبل أهله بودّ وبشاشة
ولكن بعد مضي عدة أشهر سرت همسات وهمهمات استغراب ، ثم انتقل إلى سؤال سافر من أهل الزوج أولاً ، ثم بادر الرجــل يسأل زوجته عن الحقيقة ، وكانت صريحة معه ..
: أجلت مسألة الحمل إلى مابعد امتحانات الثانوية ..
فإذا به ينقلب إلى تسونامي حاقد ويجرف كل مابنته حـول شخصيته من اتزان وركازة عقل حسدنها زميلاتها عندما عددت محاسن بعلها أمامهن ، فإذا به يخلع عنه لباسه الحضاري ويردعليها بغضب همجي
: لقد طفـــح الكيل أيتها الأمة .. إنني أتحملك كل هذا الوقت على مضض ، سكتت على سفورك ، التزمــت الصمت على مطالعاتك ودراستك من خلفي ، ولكن هذا الحمل هو نسلي ، ويجـب أن يتحقق إن شئت أم أبيت .. وفوراً ، ولن أسمح لك بتعاطي حبوب المنـع ..
واحتملت عصبيته غير المتوقعة ، وتحكمت بأعصابها وردت عليه بهدوء بالغ وقد غصّت بالإهانة ..
: يا زوجي العزيز ، لاداعي للثورة وحرق الأعصاب ، وسيكون لنا أجمل طفل ، ولكن بعد تقديم الامتحانات والنجاح بإذن الله ..
وهدر محتداً ..
: ولك ... ( ورفع يده ).. عندها أمسكت به
: أرجوك أخفض يدك ولاأسمح لك بذلك ..
وهنا انفجر بأفقه الضيق ..
: وتهددينني ياابنة الكـ ...... ؟ وتتالت الصفعات والركــــلات واصطبغ وجهها بالدم ، واسودت الدنيا في عينيها ، ولــم تصحُ إلا وهي في المشفى على صورة والدتها الباكية ووالدها الغاضب منـها وليس على زوجها الذي أدخلها المستشفى ( لأنــها السبب في عدم الإنجاب ..) وببرودة أعصاب أعلنت للجميع انها تفضل الانتـحار على العيش مع رجل يستعمل يده ..
وردت أمها بيأس مرير
: ولكنه رجل ياابنتي ، وهذا هو قدرنا ...
وردت على أمها
: زمنك غير زمننا ، وعهد الجاريات قد ولىّ
4-انتكاسة تسونامية
دخل عليها في المشفى شامخاً أبياً غير نادم على ماسببه لها من آلام جسدية ومعنوية ، وتقدم منها بجدٍ وفتح فمه وتكلم بتعالٍ ..
: سأسامحك هذه المرّة .. وتعودين إلى البيت وتلتزمين بطاعتي ...
ودخلت قلب الإعصار ...
: لم يعد لي بيت .. هو لك ، وافرض طاعتك على مافيه من متاع ، ولكن ليس على إنسان ...
تلبك الزوج وغمغم ..
: انك لست واعية ، ولا زلت مريضة
: بل أنا في كامل وعيي ، ولن أعود إلى منزل القهر والذل ..
وانسحب خجلاً وهو يتعوذ من الشيطان ..



وبعد شفائها وانتقالها إلى بيت ذويها جاء لعودتها ، ولكنها رفضـت مقابلته رغم توسلات أمها ، وخرج غاضباً وهو يهدد ويتوعد بأنـه
سوف يؤدبها ، سيتركها معلقة طول عمرها ولن يطلقها ، وسيتزوج عليها ويكسر انفها ..
تدخل الأب وحاول مع ابنته أن تتراجع عن قرارها ، ولكنه جـوبه برفض قاطع
: لن أكون زوجة لرجل يرفع يده على امرأة هي شريكـة حياتـه ، وثار والدها ورفع يده أيضاً ، ولكن والدتها ساندتـــها في اللحظة المناسبة ووقفت إلى جانبها ...
حاول الزوج عدة محاولات لإرضائها بواسطة الأهل والأقربـاء ، وأنه لن يقدم على ضربها ثانية إن هي أطاعته ، ولكنها رفضت بشدة طالما هو يتوعدها بالضرب أو الطاعة بالإكراه .. ثم نُقلَ إليـها أنه يبحث عن زوجة أخرى ، ولن يطلقها مهما كلف الأمـر ، وسيبقيها معلقة إلى الأبد ، وسيلزمها بيت الطاعة عندما يرغب ويشتهي ..
وكانت الصدمة الحاسمة عندما أبلغـه المحضر دعوى تفريق بسبب الشقاق * أقامته الزوجة ... وكان تسونامي بوجه آخر ....


* هذه الدعوى تُفرق بين الزوجين حتماًوفق قانون الأحوال الشخصية السوري لعلة الشقاق...



#مصطفى_حقي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحضارة والديموقراطية
- قيود الابداع والرمز ...؟
- الثقافة والمثقف بين الجانبين المادي والروحي


المزيد.....




- على صهوة جواده.. فنان سنغالي يلفت الأنظار برسالة تضامن مع غز ...
- على صهوة جواده.. فنان سنغالي يلفت الأنظار برسالة تضامن مع غز ...
- وزيرا الثقافة والعمل يتفقدان البلدة القديمة من الخليل
- رحيل المخرج والكاتب المسرحي التونسي الفاضل الجزيري عن عمر نا ...
- ساهم في فوز فيلم بالأوسكار.. فيديو فلسطيني وثق مقتله على يد ...
- ساهم في فوز فيلم بالأوسكار.. فيديو فلسطيني وثق مقتله على يد ...
- -هجوم على ذاكرة شعب-.. حظر الكتب في كشمير يثير مخاوف جديدة م ...
- انطلاقة قوية لفيلم الرعب -ويبنز- في أميركا بإيرادات بلغت 42. ...
- الجبّالية الشحرية: لغة نادرة تصارع النسيان في جبال ظفار العُ ...
- فنانون وكتاب ومؤرخون أرجنتينيون يعلنون موقفهم الرافض لحرب ال ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حقي - التسونامي