أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سلام ابراهيم عطوف كبة - غسيل الاموال - جريمة الفساد العظمى في العراق















المزيد.....


غسيل الاموال - جريمة الفساد العظمى في العراق


سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 1478 - 2006 / 3 / 3 - 11:29
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


" كلما اقف وجها لوجه امام الفساد ، تتقوى وتترسخ عزيمتي في النضال ضده اكثر فأكثر "

غسيل الاموال فساد اقتصادي كبير ، لأنه مرتبط بصفقات المقاولات والتجارة الخطيرة والتوكيلات التجارية للشركات العالمية الكبرى المتعددة الجنسية وتهريب العملة الصعبة وتزوير العملة الوطنية والسمسرة. والفساد عكس الاستقامة والايجابية والبناء .. غسيل الاموال الناتجة عن التهريب والسوق السوداء والمخدرات والبغاء وتجارة الاسلحة والاعضاء البشرية والرقيق والاطفال والقطع الاثرية ، والنقل غير القانوني للمواد النووية والكيمياوية و البايولوجية ، والتهرب الضريبي ، والتعدي على عقارات الدولة بالبيع الصوري والتزوير ! والقرصنة المعلوماتية .... الخ... جريمة منظمة عظمى عبر وطنية وعابرة للحدود ومشكلة عالمية امنية وارهاب دولي يستوجب التأسيس لأستراتيجية وطنية لمكافحته وعلاجه بالتي هي احسن ! .ويخلق خلل السياسات الضريبية المتبعة الهوة الهاوية بين النفع العام والمنفعة الخاصة لصالح حفنة من الاغنياء والطفيليين ليستفيد قطاع التهريب من فوضى الاسعار ولتنتعش عملية غسيل الاموال القذرة ! وليتحول الابتزاز الى طقس حياتي يومي يمارسه اصحاب الضمائر المتعفنة في ظل الفوضى والعماء العارم واجواء العزلة والعتمة ، الابتزاز اليومي في المساومة على أمن وكرامة واعراض وأرواح المواطنين من قبل المتنفذين والعصابات – الميليشيات وقوة السلاح ! ليتحول الفساد الى سمة ملازمة للطائفية المترهلة والبيروقراطية الى جانب الكسب غير المشروع ، والغش الصناعي والتجاري ، والتهريب العلني ! . وقد بلغت عملية غسيل الاموال القذرة المديات القصوى في مضمار تهريب النفط ومشتقاته والتلاعب بمواعيد توزيع الحصص التموينية واوزانها وحجمها والغش في نوعيتها .. لينتعش المهربون والوسطاء والسماسرة والتجار والمتعهدون بحكم تضخم هامشهم الربحي وبسبب تغييب الرقابة الحكومية على الاسعار !. ويسهم الاستثمار المحلي والاجنبي في التجارة لا الى دعم الاقتصاد الوطني وتوفير القيم المضافة بل الى احتكار السوق بهدف المضاربة وتهريب الاموال الى خارج الحدود والتهرب من الالتزامات واشاعة غسيل الاموال القذرة ! .
• غسيل الاموال والزيف الاقتصادي
يعني غسيل الاموال اضاعة وتضييع مصدر المال المودع بعد سلسلة تحويلات بين المصارف والبنوك الوطنية والاقليمية والعالمية ليستقر في احداها مسجلا ولادة جديدة مخترقا معترك التجارة ليستمر بالنمو والتزايد محققا مكاسب ونجاحات في بناء صرح مالي يفوق الخيال مع بقاء الشكوك عالقة به رغم اتباع الطرق القانونية الرسمية ! لأن حقيقة الولادة جاءت بأساليب غير شرعية وبطرق ملتوية !...ترى كم من الارصدة لأحزاب ومنظمات وشركات وافراد بأسماء وعناوين وأرقام وهمية تصول وتجول في الاسواق الوطنية والدولية ؟... عملية غسيل الاموال مضمونة وحجمها كبير يتناسب مع حجم الاستثمارات الاجنبية واستقرار سعر صرف النقد الاجنبي ! ونمو معدلات السيولة النقدية والمالية في السوق الوطنية ! اي نمو التدفق من الخارج ومع تدفق رؤوس الاموال الوطنية بسبب أعمال الفساد !
غسيل الاموال – تدوير الاموال الناتجة عن اعمال غير مشروعة في استثمارات شرعية بهدف اخفاء مصدرها الحقيقي ... المقصد هو التوظيف في سبيل التدوير لا الجدوى الاقتصادية للاستثمار !. تعتبر استثمارات غسيل الاموال مظهر نمو اقتصادي غير حقيقي أي مزيف بسبب الانتعاش الاقتصادي الظاهري السريع الزوال ... ويعاد استخدام الجزء الاكبر من الاموال في أعمال غير مشروعة ايضا مما يعرض الاقتصاديات الوطنية للمخاطر الجسيمة بحكم المنافسة غير المشروعة وغير الشريفة مع المال القذر ! وتقوم العصابات المنظمة التي تحصل على الاموال بطرق غير مشروعة بارتداء اللبوس الاستثماري المقنع وتضخ الاموال عبر الحسابات المصرفية العالمية لأخفاءها عن الرصد والملاحقات القانونية ، ولتستثمرها في مشروعات سريعة الربح وفي سوق الاوراق المالية ، ولتعيد ضخها الى الخارج من جديد ! . الملاحقة القانونية لغسيل الاموال ليست سهلة بسبب :
1. اندماج الاقتصاديات الوطنية في الاقتصاد العالمي .
2. حرية دخول وخروج الاموال .
3. استخدام التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصالات المتطورة لدى المصارف العالمية وشبكة الانترنيت.
يبلغ متوسط حجم غسيل الاموال عالميا (10)% من قيمة التجارة العالمية !.... في الوقت الذي يتراوح فيه فيه حجم عمليات غسيل الاموال مابين (2- 5 )% من اجمالي الناتج الاجمالي المحلي في الاقتصاديات الوطنية الراسخة ! .. وفي بلادنا تبلغ اليوم ال 25 %.
لقد تمكن اغنياء البلاد والدوائر المحيطة بالنخب الحاكمة ان يهربوا اموالهم الى خارج البلاد .. وازدادت جنايات تهريب النقد من العراق اضعافا مضاعفة عن اعوام العقود المنصرمة .. وارتفعت جنايات المخدرات حيث يشرف على التجارة بها متنفذون من الدوائر الحاكمة بالتنسيق مع ايران ! كما ازدادت جنايات تهريب القطع الاثرية والدعارة رغم ادعاءات التبرقع بالدين !.

• غسيل الاموال - الوليد المسخ للاختناقات في اسواق العمل
الفساد ممارسة تغليب المصالح الشخصية الضيقة على المصلحة العامة ، او استغلال المصلحة العامة لتحقيق المآرب الخاصة ! وهو اساءة استخدام السلطة العامة لحساب المصالح الشخصية للولاءات دون الوطنية . وتحدد الفساد السياسي " أهم انواع الفساد " طبيعة النظام السياسي القائم ما اذا كان ديمقراطيا وقائما على ثقافة السلام .. والفساد نسبي لأنه حتى في الانظمة الديمقراطية يظهر افراد في المسؤولية يحيدون عن القاعدة العامة ولديهم الامتيازات الواسعة ! ، والمصيبة ان المسؤول الفاسد يشعر في اعماقه انه لا يرتكب جريمة وانما يأخذ نصيبه من الصفقة او الثروة ، اما القوانين فلا تلمح الى ما توصلت اليه امكانيات الفساد من الانتشار في منأى عن طائلها ليرتع المفسدون على هواهم وسط لا مبالاة المجتمع واستمرائه للفساد الذي يبدو اسلوبا اجتماعيا يحاصر كل من يرى في ظاهرته من خطر يؤدي الى انحلال المجتمع ! . استشراء الفساد هو تعبير حق عن انحلال الدولة ، وترتبط الاموال غير المشروعة هنا بالتهريب وغسيلها وتوجهها لأنشطة غير مشروعة وغير مراقبة ! .
من اسباب الفساد القدوة السيئة للحكام ، اهتزاز نظم القيم ، نقص مستويات الوعي والمعرفة ، الفقر والحاجة ، الجهل والجشع والمحسوبية وعدم الكفاءة ، الى جانب فساد الانظمة والقوانين وقصورها وتخلفها وعدم وضوحها ! . ويعتبر الفساد الاداري والمالي احد اهم اسباب تقويض الحكومات والكيانات ايا كان نوعها وخاصة في الفترات الانتقالية من الشرعية الثورية الى الشرعية القانونية ! ... ويرتبط الفساد و غسيل الاموال بنوعية القيادات الادارية الحكومية وغير الحكومية وكيفية اختيارها ( آليات التعيين والانتخابية )والمواصفات السلوكية للادارات ، وبالمستويات المعاشية للعاملين .. وهي عرضة للتآكل المستمر بفعل التضخم وارتفاع الاسعار المصاحب وتدهور قيم الدخول الحقيقية بازدياد الفجوة المعيشية ( خط توزيع الدخل – خط الفقر) ، وتوسع رقعة التهميش بسبب عجز المجتمع المدني عن احتواء القطاعات الهامشية ، والتلاعب بالانظمة الضريبية والكمركية ، والمستوى المتدني لأجور العاملين ، وتدهور سياسات العدالة الاجتماعية ! وتسهم مظاهر الروتين وانعدام الرقابة وانحسار مفهوم المصلحة العامة في تفاقم الفساد الاقتصادي وغسيل الاموال ... الى جانب استخدام الاساليب التقنية البدائية لأنجاز الاعمال واعتماد الولاءات دون الوطنية لا الكفاءات معيارا للرضى الوظيفي ، وشيوع البطالة !.
الفساد الاقتصادي وغسيل الاموال – الوليد المسخ للخلل في التوازنات المالية الحكومية بسبب الديون الخارجية وتراكمها مما يؤثر على المسارات السياسية .. والوقوع تحت وطأة الدين العام واجراءات ممالئة الثالوث العولمياتي الرأسمالي ( البنك الدولي ، صندوق النقد الدولي ، منظمة التجارة العالمية ) الامر الذي يترك اثره على الفئات الفقيرة ويلقي عامة الشعب بين اشداق البؤس ولتزداد وتتضخم ملفات ما دون مستوى الفقر !، وهبوط معدلات النمو الاقتصادي والمعايير المالية اضافة الى اثر الاختناقات المالية والاعباء المالية على الاجيال مما يخالف مبدأ المساواة بين الاجيال وتماسك المجتمع ! اي توقف عجلة الدورة الاقتصادية السلمية وديمومة الركود الاقتصادي . الفساد الاقتصادي وغسيل الاموال – الوليد المسخ للاختناقات والخلل في اسواق العمل واضطراب العلاقة بين الفائض والناقص في الاسواق ، وتأثير النفط ! ... والتلوث البيئي والاكلاف العالية لمعالجة الاضرار البيئية !... ونبذ التخطيط المنهاجي والسياسات الاقتصادية الكلية المتماسكة ...
الفساد الاقتصادي امتداد للفساد الاداري اي التسيب الوظيفي ، وتفشي الرشوة واستحصال الاكراميات والعمولات ( الكوميشن )، والتزوير ، والتلاعب في الوثائق وتفسيرات او تطبيقات النظم والقوانين ، والسرقة من مكان العمل ، واضاعة وقت العمل ، والمداهنة والتصنع والتملق والتزلف ، والانانية وحب الذات ، والمحسوبية والمنسوبية ، واستخدام مبدأ " فرق تسد " ، وانحلال القيم السلوكية في المنشآت الحكومية ، وعدم تطبيق مقولة " الرجل المناسب في المكان المناسب " ، وضعف المحاسبة والمراقبة والمسائلة ، ومحدودية التنافس السياسي ومجال الحريات المدنية وتعطل آلية التأسيس المدني ، ضياع معايير الكفاءة والاهلية في التوظيف والتراتب الوظيفي وفي مواقع اتخاذ القرار ،واعتماد معايير الولاء دون الوطني وبالاخص الطائفي والعشائري والحزبي والشخصي أساسا في ذلك ، تفشي الروتين والبيروقراطية والتضخم الاداري ... ،عدم كفاءة القضاء والنظم القانونية والتشريعية ، تضييق هوة الديمقراطية وضعف الاعلام .ويضعف الفساد الاداري من هيبة وشرعية الدولة ،ويقوض من الثقة بالحكومة وبالسلطات السياسية ويشوه سمعة القطاع العام والمنصب الحكومي ليخلق الاغتراب الاجتماعي والحقد على السلطة ، ويشيع الفساد الاقتصادي اذ يشوه البرامج الانمائية ويؤدي الى حرمان خزينة الدولة من مواردها .... يؤثر ذلك على الكفاءة الانتاجية والتوزيعية والنمو الاقتصادي والمناخ الاستثماري ...
• ملازمة غسيل الاموال للفساد السياسي
من المفارقات التاريخية ان يظهر الشكل البرلماني للحكم في حقب ماقبل الرأسمالية .. في العبودية وشبه الاقطاعية ... الا انه يقصى من المسرح في فترة رأسمالية الدولةَ! لتحل محله دكتاتورية الحزب الواحد الاستبدادية او دكتاتورية الولي الفقيه ! ... انظر مثلا : قيام دول – المدن في سبأ وقتبان وحمير ، وكذلك اليونان والهند ... ومن معالم المد المديني هنا – انشاء المدن ، نظام الادارة ، الضرائب ، سك العملة ، مجالس التجار !.
عرف السومريون والكنعانيون تنظيمات ديمقراطية راقية وربما كانوا هم الذين صدروا بذور الديمقراطية الى الأغريق والرومان فيما بعد ! . وامتلكوا اول برلمان حر يعقد في التاريخ ، يسن ويشرع و يحكم !.منذ الالف الثالث قبل الميلاد تواجدت في سومر الحياة البرلمانية التي لم تكن اقل رقيا من المدن الكنعانية واليونانية في اوج ازدهارها ! . ونحو عام 3000 قبل الميلاد اجتمع اول برلمان عرفه العالم في دورة علنية ، وكان مؤلفا من مجلس شورى ومن جمعية الشعب !. امتلك الكنعانيون مجالس شيوخ تدير شؤون البلاد ودستور تعمل بموجبه الدولة .. وعند البابليين عمل قانون حمورابي على المساواة العادلة بين الناس ! .
نادى الرسول محمد (ص) بنظام الشورى بين الناس .. والاتكال على الجماهير المؤمنة " اتخذوا عند الفقراء ايادي فان لهم دولة يوم القيامة ". والقياس والاجماع هو احد مصادر التشريع الاسلامي لما هو ليس مذكورا في القرآن والسنة المحمدية ! . واكد الخليفة عمر بن الخطاب (رض) على المساواة والعدل بين الناس واحترام حرياتهم .. وقال كلمته الشهيرة لوالي مصر " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا " .. وحكم العديد من خلفاء الدولة الاسلامية بمفاهيم انسانية سامية !. لقد اتحدت السلطة السياسية والمؤسسة الدينية في شخص الخليفة ايام الراشدين وانفصلتا مع الخلافة الاموية ! وتراوحت علاقتهما بين التحالف والقطيعة على مستوى الفرد او التيار طوال عصور الخلافة التالية ! وتفاوتت ادوارهما في ميدان القمع من المضايقات والتشهير والحبس والنفي الى القتل والابادة واتلاف الكتب . وشمل القمع المتكلمون اي انصار علم الكلام والفلاسفة والمتصوفة والمانوية والعلماء . الحضارة العربية لا ديمقراطية لأنها لا تفصل بين الدين والدولة ! ...... الديمقراطية ، لا حرق البرلمانات بأسم الاسلام .. هو ما ينتظره الناس من الاصلاح الديني ... لكن الاسلام السياسي يخسر كثيرا من مصداقيته في اطار نموذج العصر الحديث والثورة المعلوماتية.
اصطبغت البرلمانية الملكية في العراق منذ نشأتها باللون العسكري الحاد .. وتفككت الشراكة بين الدستورية والعسكرية لصالح الثانية والطائفية ليجئ مسلسل القمع والفساد والتزوير الانتخابي والاعيب النخب الحاكمة . وكانت الآلية القانونية للمجلس الوطني في الثمانينات تكريسا مفضوحا لدكتاتورية صدام حسين . اما عراق اليوم فهو قادر كما يبدو على إنتاج المواطن الطائفي أكثر من قدرته على إنتاج المواطن الديمقراطي ، ذلك لأن الذي يقود الحياة السياسية ، هو الأحزاب الطوائفية ، وهي التي تدفع إلى البرلمان بنواب الطوائف، فتعيد دورة الإنتاج الطائفي ، قانوناً وتشريعاً ونظام حياة . عبارة أخرى فإن العراق الجريح يستخدم الديمقراطية لإعادة إنتاج الطائفية، لا لمحوها وإزالتها.
الديمقراطية المعاصرة لا تعني التلوث الطائفي واستنشاق البارود بدل الورود ... بل هي في المقام الاول نظام حكم ومنهج سلمي لأدارة اوجه الاختلاف في الرأي والتعارض في المصالح ! يتم ذلك من خلال ممارسة حق المشاركة السياسية الفعالة في عملية اتخاذ القرارات الجماعية الملزمة للجماعة السياسية بما في ذلك تداول السلطة عن طريق الانتخاب . ولم تعد الديمقراطية مجرد ممارسات واجراءات سياسية فحسب بل منظومة من القيم وانماط التفكير والسلوكيات والاتجاهات والاحاسيس .. والتربية هي مفتاح اكتساب المواطن هذه المنظومة !.وتجتذب الانتخابات البرلمانية النسبة الاكبر من المواطنين للمشاركة فيها بالمقارنة مع اية انتخابات أخرى ..من هنا يبرز دافع المشروع الدستوري في قضية الاشراف القضائي على الانتخابات لضمان صدقيتها .. وهذا يشترط اخضاعها لأشراف قضاة يعرفون بالحياد وعدم الخضوع لغير ضمائرهم في تطبيق احكام القانون ! ويوفر ذلك النزاهة الانتخابية وضمان نجاح الحركة الانتخابية ! . لقد حلم شعبنا بالدستور الذي يكرس الديمقراطية لا بالدستور الذي يزوق الطائفية . ترى أيّ ديمقراطية يمكن أن تنتجها أحزاب عائلية أو طائفية تورث قياداتها وتعيد إنتاج أفكارها القديمة، ولا تمارس هي نفسها الديمقراطية الحقيقية في داخلها ؟ قوى سياسية تفتقر اصلا الى الآليات الديمقراطية والفكر الديمقراطي في داخلها. الأحزاب التقدمية وشبه التقدمية، الديمقراطية إلى حد ما وشبه الديمقراطية، يجري عزلها سياسياً ،عزلاً منظماً ، وليقضي المال السياسي القذر من كل حدب وصوب على ما تبقى منها ، وهي عمليا اليوم خارج اللعبة والمشهد السياسي العراقي ، ذلك لأن الاستقواء والاتكاء على الطائفة في العراق أقوى وأهم من الاستقواء بالديمقراطية و بالمواطن الديمقراطي ... لتنزوي القوى الشعبية غير الطائفية !. الأحزاب العائلية و الطائفية العراقية بيوت سياسية من زجاج ! ونظامها السياسي ينتج الفساد ويعممه ، فسادا سياسيا ، يستفيد من واقع حال فاسد ويعيد انتاجه ، لأنه يستشعر في عمليتي الانتاج والرعاية المصلحة الخاصة الاكيدة !. وبأي حال من الاحوال لا تنفعها الصعلكة السياسية بالمحافل والندوات والمناسف الدينية لأنها فقط ترويح عن النفس وتنفيس للاحتقان السياسي والتلذذ بلمس احلى الكلام ... ياسلام ! ... فيما تسيل دماء الوطن وتتضخم ملفات الارهاب والفساد ... ويتحول غسيل الاموال الى جريمة الفساد العظمى في العراق! لأنها تعبير عن قوة وسلطان وجبروت المال ! ويتمثل في شبكة العلاقات المتداخلة التي يتحكم فيها اللص الكبير بالسارق الصغير ! واطلاق الحرية لمافيات الفساد لتستغل مواقعها في السلطة لعقد الصفقات الكبرى والاشتراك في المقاولات والتعهدات والتهريب وتوكيلات الشركات الاجنبية وتعاطي العمولات والرشاوى لتضع يدها على المليارات كأرصدة شخصية في البنوك الاجنبية ..ولتسعى الى اغراق المجتمع في حمأة اخلاقياتها بعد بناء قصورها الباذخة والعيش حياة الترف في ذروة الركود الاقتصادي والفقر العام !.
يسهم الفساد الانتخابي والبرلماني عبر الانفاق الباذخ على الحملات الانتخابية لا في الاخلال بمبدأ تكافؤ الفرص فحسب بل في اشاعة غسيل الاموال والفساد الاقتصادي والسعي الحثيث لفرسانه من المقاولين والمتعهدين والتجار ورجال الاعمال والدين الى شراء الحصانات البرلمانية والذمم لتأمين النقود والهيمنة واستعادة ما تم انفاقه خلال الحملات الانتخابية ! ... وينذر ذلك بتقدم العصبيات دون الوطنية لسد الفراغ الذي يتسببه وهن الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني والطبقة الوسطى ! وغياب الديمقراطية يجعل من الاحزاب الديمقراطية سرية ومن نشر الثقافة مهمة سرية ومن التنظيمات غير الحكومية كيانات سرية ويضيق على كل مؤسسات المجتمع المدني ومن ضمنها الاقليات ... ليشاع غسيل الاموال ايضا هذه المرة بأشكال جديدة بحثا عن وسائل التعبير المناسبة عن الآراء والمواقف والطروحات ! . ويذلل الارهاب شيوع الاموال القذرة ! إرهاب الدولة والإرهاب الدولي ، الإرهاب الحكومي والإرهاب غيرالحكومي .... سيان بينهما !. الولاءات اللاوطنية وبالاخص الطائفية والعشائرية اي الوشائج الاصطفائية العصبوية .. هي الوسيلة والاداة والاسلوب الاكثر شيوعا وامنا اليوم لنشر الاموال القذرة وغسيلها ، وبالاخص المال السياسي القذر ! .. انها تنشط كأخطبوط وسرطان قاتل تحت حماية الاحزاب – الميليشيات والسلطات الطائفية ولخدمة الانظمة الاقليمية في المنطقة وفي سبيل الكوسموسوقية السلعية (السوق الكونية) لأبتلاع الدولة والمجتمع المدني معا ! .
يهدد الفساد وغسيل الاموال جبهة الشعب الداخلية لأنه يمس الامن العام والقدرة الدفاعية ازاء المؤامرات الخارجية وبالاخص التدخلات الايرانية في الشأن الداخلي ...ويعكس غسيل الاموال هشاشة التمشدق الديمقراطي وتخريب لحقوق المواطنة وتقويض لقوة المجتمع الروحية ، والتعمد في الابقاء على رموز واساطين الفساد في جهاز الدولة ، والدليل على الفقر الاعلامي لخلق السايكولوجيا الاجتماعية المقاومة للفساد ، مواصلة آلية انتاج الفساد كانعكاس لسوء توزيع الثروة ، بقاء تطبيق القرارات أسير البرقرطة الطائفية قابعة في ادراج المكاتب " كلما زادت الدولة فسادا ازدادت قوانينها غير المطبقة ..!." ... يؤدي ذلك الى التشويه الهائل في البنى الاجتمااقتصادية الطبقية ، وتصدع الفئات الوسطى والخريطة الاجتماعية لتصعد النخب الاقلية وليجر دفع الاكثرية الى القاع الاجتماعي ، وليتعمق التفاوت الصارخ بين البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية الصاعدة وبين غالبية الشعب ...
يمشي الفقير في العراق الجديد اليوم وكل شئ ضده ....
حتى الكلاب اذا رأته عابرا نبحت عليه وكشرت انيابها
وان رأت يوما غنيا ماشيا هرعت اليه وحركت اذنابها

بعد ثورة 14 تموز 1958 وتحديدا في 31/7/1958 صدر قانون رقم (1) الخاص بتطهير الجهاز القضائي ... وفي 1/8/1958 صدر قانون رقم (2) الخاص بتطهير الجهاز الحكومي وتشكيل لجان صيانة الجمهورية ... وفي 16/8 / 1958 صدر قانون رقم (15) الخاص بالكسب غير المشروع على حساب الشعب (من اين لك هذا ؟)! .. ذهبت هذه القوانين ادراج الرياح مع انقلاب شباط الاسود 1963 ... اذ تبوأت السلطة منذ ذلك التاريخ النخب السياسية الفاسدة ! وحتى يومنا هذا ينخر الفساد كل زوايا المجتمع العراقي والدولة العراقية !.
الاصلاحات الاقتصادية الموعودة للحكومة العراقية وفق الموازنة الفيدرالية لعراق 2006 تجاهلت الواقع الفاسد الراهن بعكس ما يفترض، مع أن معالمه الكارثية تعشي العيون ... وبذلك يجري دفع العيوب الرأسمالية الى الاعماق ولا تجتث .. حالها حال الاحلام السياسية التي تعيد انتاج الطائفية السياسية وعقلية ثقافة القطيع البعثية بأثواب جديدة متجددة ولا تجتث ! . على الحكومة العراقية :
• توسيع رقعة الديمقراطية وتأسيس حكومة الوحدة الوطنية ، واحترام حقوق الانسان .
• تفعيل دور مفوضية النزاهة - وقسم "الاسترداد" فيها - في مكافحة غسيل الاموال القذرة وفحص الادلة والبيانات والوثائق المتعلقة به ! واحالة فرسانه الى الجهات القضائية وتحديدا محكمة التحقيق الجنائية المركزية ! ، والتنسيق مع الانتربول عبر وزارة الداخلية ، ومجلس القضاء الاعلى في العراق .
• تحديث مؤسسات القطاع العام والمؤسساتية المدنية ، والاصلاح الاداري والمالي ، وتنشيط عمل أجهزة ديوان الرقابة المالية وتكوين لجان اختصاصية ذات كفاءة عالية من موظفي المالية والحسابات ، والخلاص من مفهوم الدولة – المزرعة !.
• معالجة نظم الاجور والحوافز ... وجعل الاجور في حالة توازن مع الاسعار وتكاليف المعيشة !... اصلاح هيكل الرواتب والاجور كي لا يمد الموظف يده لتلقي الرشوة .
• الرقابة التجارية ومراقبة عمل أجهزة البيع والتسويق الحكومية دون قيد او شرط ، ومراقبة السوق .
• تحديث اساليب ونظم عمل أجهزة التخطيط والمتابعة في رئاسة مجلس الوزراء والوزارات ... واعتماد النزاهة في اداراتها .
• تفعيل دور الاعلام .
• تطوير واصلاح النظام القانوني .
• اعتماد معايير الكفاءة في التسلسل الوظيفي واصدار قانون " من اين لك هذا ؟" .
• تقوية وسائل الاتصالات والهاتف وصيانتها لتنظيم الاتصال بين الدوائر الرسمية ذات العلاقة والاهالي .
• تفعيل أساليب عمل الرقابة الشعبية وتشكيل اللجان المشتركة من النقابات والجمعيات والاجهزة الحكومية لمتابعة الفساد وغسيل الاموال .
• اعتماد الشفافية فيما يتعلق بالعقود والمناقصات ومنح التوكيلات .




راجع للكاتب :

1. الفساد والافساد في العراق : من يدفع الثمن ؟!
2. عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة!
3. العقلية الصدامية في الابتزاز تنتعش من جديد
4. حقوق الإنسان والفساد /حقوق الإنسان في العراق و كردستان
5. الارهاب الفكري والفساد في الجمعية الوطنية
6. حكم الجهالة المخيف خلا الأمل تخاريف
7. دكاكين الفساد ، وفساد الدكاكين
8. جرائم الفساد في العراق
9. الفساد جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه


في الروابط الالكترونية التالية لمواقع الحوار المتمدن ، الناس ، آفكا :

http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm
http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm



#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعاون في عراق ما بعد التاسع من نيسان
- الدستور العراقي والشرعية الدولية لحقوق الانسان
- هندسة النفس البشرية والترجمة الآلية وعصر المابعديات
- سلام الشماع – ضياء النجم البعيد القريب
- التلوث البيئي - صناعة الموت الهادئ في العراق
- محراب الطائفية ام محراب الماسونية
- في سبيل احياء الكشافة العراقية وحملات معونة الشتاء
- الائتلاف العراقي الموحد والحركة الاجتماعية
- الهندسة الوراثية و جهابذة الادلجة الاكاديمية العنصرية العراق ...
- المهندسون وخصخصة كهرباء العراق - 2-3 /3
- المهندسون وخصخصة كهرباء العراق
- عميد الهندسة العراقية الدكتور المهندس جميل الملائكة – وداعا
- ثقافة القطيع الاقصائية والمشاريع السياسية والطائفية المقيتة
- الحقوق النقابية والتدخل الحكومي وثقافة القطيع
- الفلاحون وثقافة القطيع
- عصابات السياسة القذرة والاعتداء الجبان على مقر الحزب الشيوعي ...
- الحزم والحكمة والتعقل سلاحنا لمواجهة التخرصات الرجعية والاره ...
- المهندس والقائمة العراقية الوطنية
- القائمة العراقية الوطنية – حلم الشباب والغد الوضاء
- فاضل الصراف ... نجم في سماء بغداد الأزل


المزيد.....




- بعد تجارب 40 سنة.. نجاح زراعة البن لأول مرة في مصر
- كندا تسمح لـ-إيرباص- بشراء التيتانيوم الروسي
- -أرامكو- السعودية توقع صفقة استحواذ ضخمة
- مشروع ضخم جديد بين مصر والسعودية
- مصر تستعد لبناء سفن جديدة مع الصين
- روسيا تبحث إنشاء موانئ في مصر والجزائر ودول إفريقية أخرى
- بيسكوف: -عسكرة- الاقتصاد البريطاني -تمويه- لوضع اقتصادي صعب ...
- تقرير لصندوق النقد: مصر تعهدت بالكف عن الاقتراض المباشر من - ...
- الصين تقود سوق السيارات الكهربائية بالعالم
- شاهد.. أبرز تداعيات الحرب في غزة على اقتصاد كيان الاحتلال


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سلام ابراهيم عطوف كبة - غسيل الاموال - جريمة الفساد العظمى في العراق