أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - زهير الخويلدي - بماذا تطالب الفئات الاجتماعية المنتفضة؟














المزيد.....

بماذا تطالب الفئات الاجتماعية المنتفضة؟


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 5754 - 2018 / 1 / 11 - 23:54
المحور: المجتمع المدني
    


" تقوم مدينة المواطنة على إخضاع المصلحة الخاصة إلى إرادة الجميع كما تتجلى من خلال القانون الوضعي"1

تخوض الشعوب الحية معاركها المفصلية بنفسها ضد أنظمتها وهي في عز مجدها وزمن قوتها وتتحداها بشبابها ونسائها وكوادرها الحزبية المناضلة على الرغم من جاهزية المؤسسات النظامية للتصدي وقدرة الأجهزة الحكومية على التعاطي مع تمرد الجماهير واحتجاجها وامتصاص الفوضى وإعادة تركيز النظام بالوسائل المعتادة وبالأساليب المركبة وتدفع بالطرق السياسية إلى درء الفتنة وتحييد جل الغاضبين منها.
ربما ينطبق هذا التحليل على التطورات الأخيرة التي جدت في الساحة الاجتماعية وتجلت في انطلاق انتفاضة الشارع الشعبي ودفعت بالعديد من الوجوه الشبابية الجديدة إلى تصدر المشهد الإعلامي في القنوات الفضائية والإدلاء بالتصريحات المزلزلة والتعبير عن سخطهم على النظام الحالي وتبنيهم لمطالب المحتجين وإصدار البيانات الثورية للأحزاب التي يمثلونها وتنظيم الحملات الاحتجاجية التي تندد بالقمع والإقصاء والتهميش بواسطة الفضاء الافتراضي ووسائل الاتصال الحديثة والشبكات الاجتماعية.
على خلاف الحركة الاحتجاجية التي حصلت التي حصلت في السنوات الفارطة والتي رفعت شعارات سياسية متطلعة الى التمتع بالمشاركة الديمقراطية وحقوق التنظم والتعبير والفعل في المجال العمومي فإن التحركات الشعبية التي تصاعدت في الفترة الأخيرة في العديد من المدن وبرزت على أنها احتجاجات مطلبية في الظاهر وساخطة على تفشي البطالة وغلاء الأسعار وارتفاع الضرائب وبروز الفوارق الطبقية وفاقدة لقيادة سياسية ميدانية وتزايدت بطريقة عفوية ومن خلال التضامن الذي حصل في المجتمع المدني.
بيد أن المواقف المترددة ،التي تميز بها شبه النظام الراهن منذ قيام الثورات الشعبية التي نجحت في الإطاحة بالأنظمة الكليانية ، تجاه المطالب الاجتماعية ودعمه العلني واللاّمشروطة للخيار الليبرالي الذي تشكل من تفعيل الشراكة مع الاقتصاد العالمي وفتح الأسواق أمام توجهات العولمة الرأسمالية والسماح للمنظمات المالية العالمية بالتدخل في العديد من القضايا الداخلية واتباع نهج الاقتراض وتخفيض قيمة العملة وتسريح العمال وخوصصة المؤسسات التي بقيت على ملك الدولة بالرغم من التبعات المضرة بالاقتصاد الوطني والمخلفة للكثير من الأضرار على المقدرة الشرائية للمواطن والأمن الغذائي للأسرة.
يوجد تناقض تاريخي بين عقل الدولة ومسار الثورة وفجوة بين إرادة الحاكم ورغبة الجمهور ولا يمكن الرد على هذه التحديات إلا من خلال التعامل الجيد مع مطالب المحتجين وحسن الإصغاء إلى الرأي العام. كما انعكست الصراعات المعتادة بين العناصر المكونة للأنظمة الماسكة بمسؤولية تنظيم العلاقات بين الدولة والمجتمع سلبا على ايقاع الحياة اليومية للناس ووفرت فرصة لعودة العصابات واللوبيات والمافيا لكي تمارس ضغوطها العلنية على الجميع وتتدخل في صناعة القرار السياسي وتوجيه سياسات الحكومة.
بيد أن سوء التفاهم الجذري هو الصعوبات الكبيرة التي تجدها الدولة الوطنية حول امتلاك القرار السيادي الوطني وقدرتها على مقاومة الفساد وحوكمة عمل المؤسسات وبناء منوال تنموي له طاقة تشغيلية عالية .
من المفيد أن تتمكن الجماهير المنتفضة من نيل حقوقها الأساسية وتحقيق مطالبها العاجلة وتمتعها بجملة الحريات المنقوصة التي تصارع من أجلها منذ قيام تقارب مهزوز بين منظومة الدين السياسي ورواسب النظام القديم التي تم رسكلتها وفق شحنة ايديولوجية ليبرالية يعضدها عدد من سماسرة الإعلام والأعمال.
بطبيعة الحال تبحث الجماهير عن لقمة العيش بكل الوسائل وتنتظر التخفيف من معاليم الجباية والترفيع في الأجور والتخفيض من الأسعار وتدعيم منظومة الخدمات العمومية وتوفير الحماية الاجتماعية والعدالة الجبائية والمساواة الفعلية بين الجهات والأجناس والمجموعات في التمثيل والإشراف وإنصاف الشرائح الاجتماعية الأكثر ازدراء والأقل حظ وتشريك الشرائح الثرية في تحمل عب الخسائر الكبيرة التي تكبدتها المؤسسات العامة وإيجاد حلول للأزمة الاقتصادية الخانقة.
إذا كان مطلب تغيير النظام السياسي الحاكم صادرا من الدوائر المعادية لحقوق الشعوب المضطهدة فإن مصلحة الجماهير المحتجة تقتضي أن يظل النموذج الديمقراطي شعلة مضيئة وقلعة محصنة في الغابة السوداء من أشكال من السلطات الاستبدادية وأنظمة الحكم التقليدية وأن تستمر الشعوب في وقوفها إلى جانب القضايا العادلة وتتغلب على المشاكل الداخلية وأن تكون من ركائز الاستقرار ودعائم الأمن في المنطقة. على هذا النحو"يمكن الحديث عن بناء حقيقي للخير المشترك يتجاوز بمقتضاه الأفراد فرديتهم"2 ، فهل يسجل التاريخ موعدا جديدا تتمكن فيه الشعوب من صنع مصيرها بالتعويل على قواها الحية وإراداتها الذاتية؟ وهل تقدر على التمسك بالأمل في تغيير أوضاعها المتدهورة إلى أشكال مغايرة من الحياة الجيدة عن طريق بالالتزام بتحقيق الصالح المشترك من حيث هو صالح عمومي؟ وماهي الشروط التي يفترض أن تعمل الشعوب المنتفضة على توفيرها لكي تنجح في تشييد "مدينة المواطنة"؟

الإحالات:
[1] ريكور (بول) ، العادل ، الجزء الأول. ترجمة مجموعة من المؤلفين، بيت الحكمة، قرطاج، طبعة 2003.ص159.
[2] ريكور (بول) ، العادل ، نفس المرجع.ص162.
المرجع:
ريكور (بول) ، العادل ، الجزء الأول. ترجمة مجموعة من المؤلفين، بيت الحكمة، قرطاج، طبعة 2003

كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهنة الفيلسوف بين التعالي والمحايثة
- عواصف سنة 2017 ومنعطفاتها
- أغراض سياسة السرد
- النقد الفلسفي للتراث عند طيب تيزيني
- الفكر بما يعود الى ذاته
- الحقوق الفلسطينية في القدس في يوم الإعلان العالمي لحقوق الإن ...
- التعليم التكويني والتدريس التربوي
- التوجه نحو عقلنة المجالات غير العقلانية
- من أجل حياة إنسانية خالية من ذل العبودية
- ما جدوى الإطلالة على الحكمة المشرقية في الاحتفال العالمي بال ...
- الالتزام التاريخي للفلسفة السياسية
- أصوات فكرية عريقة عن تربية فلسفية جديدة
- أطياف ثورة 1917 واستذكار زمانية الوجود السوفياتي
- تزايد هجرة الشباب في ظل تعثر الحل التنموي
- عبور ثورة تشي جيفارا نحو الأممية
- علامة استمرار الدمقرطة هي قوة المشاركة وحرية الفعل
- اليسار الاجتماعي: فكرة ثورية ذات طموح اندماجي
- تشريح أصول الفكر العربي الإسلامي
- تاريخ الفلسفة مجرد تأريخ لميلاد المفاهيم وهجرتها
- حكمة الحد الأوسط في نظرية أرسطو


المزيد.....




- مصدر بالخارجية الألمانية: برلين ستوقف تمويل منظمات إنقاذ الم ...
- تلقت الضربة فأوقفت الرغبة
- حكومة الشرق الليبي تطالب بعثة الأمم المتحدة للدعم بمغادرة ال ...
- اعتقال جواسيس لكيان الاحتلال بمحافظتي أصفهان وفارس
- داعش في التشيك؟ اعتقال 5 مراهقين يشتبه أن التنظيم جندهم عبر ...
- قضية وليد عبود.. حرية التعبير في مواجهة الترهيب الرقمي
- بعثة إيران لدى الأمم المتحدة: منطق الحرب قد فشل
- -الأغذية العالمي-: أدخلنا مساعدات أقل من حاجة غزة ليوم واحد ...
- الاحتلال يصدر 600 أمر اعتقال إداري في أسبوعين
- رايتس ووتش: تصاعد خطير للعنف والانتهاكات يدفع مليون هايتيّ ل ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - زهير الخويلدي - بماذا تطالب الفئات الاجتماعية المنتفضة؟