أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد المستاري - السوق كمدخل سوسيولوجي لفهم البنية والتراتبيات الاجتماعية














المزيد.....

السوق كمدخل سوسيولوجي لفهم البنية والتراتبيات الاجتماعية


محمد المستاري

الحوار المتمدن-العدد: 5754 - 2018 / 1 / 11 - 10:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    




إذا كان السوق يحضر في إدراكاتنا وتمثلاتنا الجمعية، بصورة نمطية ومعنى سطحي يتميز بالاختزال والتبسيط الشديدين، باعتباره فقط مجرد فضاء وتجمع تجاري كبير للأنشطة والعلاقات التجارية، فإن المقاربات السوسيولوجية والأنثروبولوجية، تتخذ من هذه الأنشطة والعلاقات التجارية موضوعا للدراسة والبحث، باعتبارها صادرة ومعبرة عن السلوكيات العفوية للأفراد في كل تجلياتها، مما يحقق شرط الموضوعية التي تشكل غاية وهدفا لكل دراسة علمية.

وإذا كان السوق يحضر في ثقافة المجتمع المغربي بشكل كبير، عبر تاريخ طويل وحتى الآن، فإننا انطلاقا من هذا الحضور الكبير والدال، نفترض أنه يمكن أن يسعفنا في فهم البنية والتركيبة الاجتماعية والثقافية، سلوكًا وقيمًا وكذلك من حيث إدراك حجم التراتبيات الاجتماعية الراهنة، التي غدت صارخة إذا لم نقل «صاروخية»، ولعل هذا ما سنسعى إلى تبينه من خلال الإجابة عن السؤال الآتي: هل السوق واحد لكل الناس، أم أن لكل سوقه؟

هناك أسواق الأسهم والأموال: وهي أسواق تبقى خاصة بنخبنا السياسية، ممن يدافعون عن فكرة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحداثة والاشتراكية، مع أنهم أكبر إقطاعيين وملاكيين!

وهناك الأسواق الكبرى (مرجان، أسواق السلام، كايرفور، أسيما، لابيل في…)، وهذه الأنواع من الأسواق، وإن كانت أبوابها مفتوحة للجميع، وإن كانت تُنتَجُ بخصوصها وصلات إشهارية بلهجة يفهما الجميع أيضا، فهي تبقى مع ذلك، في واقع الأمر لأصحاب الجيوب المنتفخة، الذين يقبلون عليها لاقتناء كل الحوائج والمستلزمات… وليست أبدا للمنتمين إلى الطبقة الصفر أو المنتمين إلى الطبقة الوسطى قيد الانقراض، من الذين يلجونها فقط للاكتشاف أو يقومون في أحسن الأحوال بشراء بعض الأشياء البسيطة الضعيفة الجودة كالكشير المسرطن.

وهناك الأسواق الأسبوعية، وغالبا ما تكون في المناطق القروية وشبه الحضرية، التي يطالها التهميش وينخرها الفساد، وقد سميت هذه الأسواق على أسماء أيام الأسبوع (سوق الأحد، سوق الإثنين، سوق الأربعاء، سوق الجمعة، سوق السبت…) وتكون عامرة عن آخرها، وهي أسواق للدراويش والمساكين والبسطاء والبؤساء الذين يعملون كثيرا ويتقاضون أجرا هزيلا… غير أنه يمكن أن ننبه، -وفق مقتضيات الملاحظة السوسيولوجية-، إلى أن هذه الأسواق التي تبدو عامرة عن آخرها، فإن من يتاح لهم الاقتناء والتبضع منها هم الذين ينتمون إلى الطبقة الوسطى، أما الذين ينتمون إلى الطبقة الصفر، فإنه لا يتاح لهم التسوق حتى ينخفض السعر بعد الساعة الثانية بعد الزوال، أما بعضهم الآخر، فرغم أنهم يقترضوا من عند أكثر من جار فلا يجعلون في قفاتهم إلا بعض الكيلوغرامات من البطاطس واللفت…

وهناك أسواق سميت بأسماء أماكن، بها الخردة وما يسمى بملابس «الريكلام» و«حوايج البال» و«الجوطية»، وكذا بعض الأنشطة التجارية، (كسوق الكلب وسوق القريعة بالدار البيضاء، وسوق كاساباراطا بطنجة، والسوق الخانز بأسفي، وسوق الحفرة بالقنيطرة… وغالبا ما تكون مصادر هذه السلع التي يتم الإقبال عليها، من أوربا حقا، حيث يكون قد سبق وأن لبسها مواطنون في بلدان الكرامة والحق والعدالة الاجتماعية: الإيطاليون، الفرنسيون والأمريكيون… أو تم جلبها فقط من الأضرحة، إذ أن ما نجهله بهذا الخصوص، هو أن آلاف من الناس يتوافدون على زيارة أضرحة الأولياء، حاملين معهم الشموع والحناء وماء الزهر وبعض من ملابسهم التي يتركونها هناك، اعتقادا منهم أن التوجه إلى أضرحة الأولياء الصالحين بهذا النوع من الأفعال (الطقوس والممارسات)، سيدرأ عنهم العين وسيخلصهم من «التّابعة» (بتشديد التاء وفتحها)، إلا أن السماسرة القيمون على الأضرحة يبيعونها لتجار آخرين، هم بدورهم يعيدون بيعها للناس في هذا النوع من الأسواق، ويخبرونهم أنها من إيطاليا أو فرنسا، أما والحقيقة، فهي ملابس «التابعة» ليس إلا!

وهناك السوق الخاوي: ولهذا النوع من الأسواق، معنى رمزي عميق جدا، وهو لفئة ليست بقليلة من الناس، فئة المحرومين والمهمشين الذين لا صيت يسمع لهم، لكونهم لا يملكون، فهؤلاء، مهما بلغت رجاحة أفكارهم يقال لأفضلهم: «سوقك خاوي»، ويقال لكثرة عددهم «ادخلوا سوق راسكم»، وهكذا يبدو أن لكل سوقه… وسوق الفقراء «ادخلوا سوق راسكم».

لكن، فمتى سنغلق الأسواق «الخاوية»؟ ومتى سنكسر حجم التراتبيات الاجتماعية الصارخة لكي نؤسس لسوق واحد، هو سوق الكرامة والمساواة والإنصاف والعدالة الاجتماعية؟

** باحـث في علم الاجتمـاع من المغرب
[email protected]



#محمد_المستاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أي منطق يحكم عملية الاستوزار في المغرب؟
- هكذا استطاعت السلطة السياسية التغلب على وحدة النِضالات
- شعب لا يستحي!
- شرطية المرور.. أو الحب الذي قادني إلى عكاشة
- دفاعًا عما تبقى لرجال التعليم من كرامة
- الفيضانات تفضح الفساد.. وتكشف أن أرواح المغاربة بخسة ورخيصة! ...
- المسؤولون المغاربة ما زالوا يجهلون الأسباب الحقيقية لأزمة ال ...
- عفوا فلسطين.. فضائياتنا الإعلامية منشغلة الآن!
- يريدون خلق جيل من الضباع
- ملاحظات على الخطاب الملكي الأخير حول قطاع التعليم في المغرب
- عذرا زملائي، أوراقي كانت مبعثرة
- في ذاكرة معطل
- ألان تورين منتقدا السوسيولوجيا الكلاسيكية
- ثورات عربية دامية.. ومكتسبات مفقودة.. وإرادة مسلوبة!!
- هل تنظيم المهرجانات من أهم الأولويات في سياسة الحكومات بالمغ ...
- إلى الزمزمي، كيف يمكنني أن ألاقي الملك ليمنحني رخصة نقل كعطا ...
- العدالة والتنمية: -مَا يْخَسَّرْ خَاطَرْ، مَا يَقْضِي حَاجَة ...
- إلى رمة المزاح برنامج جديد: -المدام مسافرة- على القناة الثان ...
- لماذا يجتمعون في -قُبَّةِ- البرلمان؟ / الأسئلة المحرجة.. وال ...
- إشكالات مرتبطة بموضوع ظاهرة الهجرة الخارجية. إشكالية الهوية ...


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد المستاري - السوق كمدخل سوسيولوجي لفهم البنية والتراتبيات الاجتماعية