أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محمد المستاري - هكذا استطاعت السلطة السياسية التغلب على وحدة النِضالات















المزيد.....

هكذا استطاعت السلطة السياسية التغلب على وحدة النِضالات


محمد المستاري

الحوار المتمدن-العدد: 5491 - 2017 / 4 / 14 - 01:02
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


هكـذا استطاعت السلطة السياسية التغلب على وحدة النِضالات


- قطاع التربية والتعليم نموذجـا -





محمد المستاري**

استطاعت السلطة السياسية للدولة في المغرب، منذ خطاب الأوباش للملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله إلى الآن، أن تتغلب على وحدة النضالات التي كانت تعترض على بعض سياساتها الموصوفة بغير المعقولة، وذلك من خلال اعتمادها وسيلتين هما:

أولا: مساومة واحتواء أبرز المتزعمين للأشكال النضالية، ذلك أن خلو الساحات النضالية، اليوم، لا يعني «انقراض» المناضلين والمثقفين، من طينة من طبعت أسماؤهم التاريخ المغربي، بل الأمر يتعلق ببيع الضمير وقبول الأكل من كعكة المخزن، ولنا في ما يسمون بالمناضلين النقابيين خير نموذج لمعنى الانتهازية، إذ يستفيدون من التفرغ النقابي من أجل الخلود إلى الراحة و«التبزنيز»! ويستفيدون من الأموال العائدة من بطاقات الانخراط، وفي الأخير يصوتون لصالح قرارات المخزن التي يرفضها الجميع؟!

ثانيا: -وهذا ما سنركز عليه شرحا وتحليلا- العمل على خلق جغرافية متباينة، كإستراتيجية سياسية لكي تتباين المطالب، حيث صرنا أمام ثنائية: «مغرب ممكـن»، تتمركز فيه جل المؤسسات، و«مغرب غيـر ممكن»، وهو المغرب العميق والغريق والمنسي، غير أن الخطير في هذا الأمر، هو إن كان في هذه الثنائية مصلحة سياسية لسلطة الدولة، فإن فيها بالمقابل، تناقضا مع شعارات دولة الحق والقانون، وضربا عرض الحائط بحقوق الإنسان، بل وأكثر من ذلك، إن لها تداعيات سلبية على مستوى تكافـؤ الفرص بين المواطنين.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، غالبا ما نجهل أسباب استياء العديد من الموظفين ببعض القطاعات، شأن عديد من موظفي قطاعي التعليم والصحة، الذين يشتغلون في بعض المدن أو بعض القرى والمناطق النائية، حيث إذا عبروا في مناسبات عن مدى استيائهم وامتعاضهم من تأخر استفادتهم من الحركة الانتقالية، التي قد يمتد تأخرها أحيانا لسنوات طويلة، فأصابع اللوم تتجه إليهم بكونهم غير راضين على خدمة أناس تلك المناطق وبأنهم يتملصون من مسؤولياتهم.

والواقـع، هو أنه من الواجب على كل مواطن أن يقوم بعمله على أتم وجه، تنفيذا والتزاما للواجب الأخلاقي والمهني، مهما كانت الظروف صعبة وقاسية. لكن، من حق هذا المواطن/ الموظف، بإحدى هذه القطاعات أن يطمح ويحلم بتغيير وضعيته المعنوية والمادية أسوة بالآخرين الذي يشتغلون في مناطق حضرية... لأننا «لا نعيش بالخبز فقط»، حيث نحيا أيضا بالكرامة وعدم التمييز...، بيد أن مطمح هذا التغيير المُبْتَغَى، غالبا ما يُحْبَطُ بقرار سياسي فاشل، وهو الأمر الذي يتمثل في سياسة الدولة التي اهتمت وتهتم ببعض المناطق دون غيرها، حتى أصبحنا أمام ثنائية جغرافية واضحة: «مغرب ممكن» و«مغرب غير ممكن».

ففي «المغرب الممكن»، الذي يضم مجموعة من المدن والمناطق التي تستفيد من جميع المؤسسات الضرورية، ولعل على رأسها المعاهد العليا والمتخصصة والجامعات، فيتاح للمواطن/ الموظف بها، إمكانية متابعة الدراسة العليا، وإمكانية الحصول على دبلومات تؤهله مستقبلا للترقي أكاديميا ومهنيا، وذلك إضافة إلى الاستفادة من وسائل النقل المختلفة، (القطار وطرق السيار التي تلخص بعد المسافة)، كما يمكن أن نشير إلى سرعة وصول المعلومة، حيث الجرائد والصحف يمكن قراءتها بيوم قبل صدورها، إنه فعلا مغرب نافع، حيث تتمركز فيه جل المؤسسات العليا والضرورية.

أما «المغرب غير الممكن»، والذي يشمل مجموعة من المدن والمناطق المنسية من عمليات التنمية، حيث لا نجد أي إضافات أو تغييرات تطرأ على هذه المناطق رغم مر السنين والعقود، فهي ما تزال في إطار عزلة تامة، حيث لا مؤسسات ولا معاهد ولا جامعات، ولا مرافق ولا حتى مصحات يمكن ولوجها عند المرض. وبالتالي، فلا يتاح للمواطن/ الموظف، في «المغرب غير الممكن»، إمكانية متابعة الدراسة العليا أو الحصول على دبلومات، أو التنقل إلا على ظهور الحمير والبغال وسيارات النقل السري على طرق غير معبدة، إن ما يمكن قوله بخصوص هذه المناطق في خضم التحولات العميقة وزمن السرعة، هو أنها لا تصلح إلا لتكون مقابر لدفن الموتى، وذلك تعبيرا عن التهميش والإقصاء والنسيان الذي طالها كثيرا.

إن هذا الوضع غير المتكافئ في التدبير المجالي يعبر عن حقيقة، مفادها أن سياسة الدولة لم تضف أي اجتهاد بعد الاستقلال، ويكشف عن ذلك حجم الهوة العميقة بين «المغربين» اللذين أشرنا إليهما، التي هي امتداد لثنائية «المغرب النافع» و«المغرب غير النافع» التي كان قد خلفها الاستعمار الفرنسي بناء على إيديولوجيته لتحقيق أهدافه الاستعمارية.

وهـذا الأمر لا يغنينا عن الإشارة إلى أن سياسة الدولة مستفيدة من هذا الوضع المجالي غير المتكافئ: «المغرب الممكن» و«المغرب غير الممكن»، كونه يساهم في التغلب على وحدة النضالات، في جميع القطاعات، تحقيقا بذلك لمواطنين طيعين، خاضعين وتابعين، أي عملا بمقولـة: «جوَّع كلبك يتبعك».

ولعله من الواضح جدا، أن الدولة قد نجحت فعلا في ضرب الانسجام النضالي الذي تحدثنا عنه، وفي كل المجالات، حيث يمكن أن نستدل على ذلك من خلال المثال التالي: فلو تحدثنا على قطاع التربية والتعليم، فلا يمكننا أن نقول بأن رجال التعليم يشكلون جسما منسجما أو وحدة نضالية، هذا حتى وإن تعلق الأمر برجال التعليم الذين لهم نفس الوضعية على مستوى الدرجة والرتبة.

ذلك أن رجل التعليم الذي يقطن ويشتغل في مدينة من المدن التي تنتمي إلى «المغرب الممكن»، خصوصا إن كان قد عُيِّـنَ فيها لأول مرة، فإنه لا يعرف ولا يدرك، بل لا يمكنه حتى أن يتصور حجم الإكراهات والصعوبات في العمل التي يواجهها رجل التعليم الذي يشتغل ويقطن في منطقة معينة من مناطق «المغرب غير الممكن»، هذا الأخير الذي يشكل امتطاء ظهر حِمَارٍ أو بَغْلٍ وسيلة نَقْلٍ له، والذي يُجَمِّـدُ البرد والثلج الدماء في عروقه... إنه فعلا مغرب غير نافع.

فهكذا يظهر أن الدولة من خلال اهتمامها ببعض المناطق دون غيرها، استطاعت التغلب فعلا على نِضالات واحتجاجات مُخْتلف القطاعات، ومن أهمها قطاع التربية والتعليم، الذي مثله رجال التعليم، ذلك الجسم الذي كان منسجما وقويا ويُحسب له ألف حساب، لم يعد كذلك؛ حيث أصبحنا أمام مجموعة من المطالب الفئوية، التي أسهمت في إضعاف وتقزيم النضال المُطالب بالحقوق والرافض للسياسات الارتجالية، حتى أصبحت كثيرة هي القرارات غير المعقولة التي يتم تنزيلها على رجال التعليم.

إن دولة الحق والقانون، ليست هي تلك التي تكتفي بالخطابات والشعارات الرنانة، ولكن دولة الحق والقانون، هي التي تحقق العدالـة الاجتماعية لجميع مواطنيها في أي مناطق كانوا، حيث لا تجعل النجاح والترقي ضربا من ضروب الحظ، ولكنها تكرس مبدأ المساواة والإنصاف بناء على الاستحقاق. فإلى متى سيتم تحطيم الجدار الذي يفصل بين المغربين: المغرب الممكن/ النافع، والمغرب غير الممكن/ غير النافع؟

---------------------------------
** باحـث في علم الاجتمـاع
[email protected]



#محمد_المستاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعب لا يستحي!
- شرطية المرور.. أو الحب الذي قادني إلى عكاشة
- دفاعًا عما تبقى لرجال التعليم من كرامة
- الفيضانات تفضح الفساد.. وتكشف أن أرواح المغاربة بخسة ورخيصة! ...
- المسؤولون المغاربة ما زالوا يجهلون الأسباب الحقيقية لأزمة ال ...
- عفوا فلسطين.. فضائياتنا الإعلامية منشغلة الآن!
- يريدون خلق جيل من الضباع
- ملاحظات على الخطاب الملكي الأخير حول قطاع التعليم في المغرب
- عذرا زملائي، أوراقي كانت مبعثرة
- في ذاكرة معطل
- ألان تورين منتقدا السوسيولوجيا الكلاسيكية
- ثورات عربية دامية.. ومكتسبات مفقودة.. وإرادة مسلوبة!!
- هل تنظيم المهرجانات من أهم الأولويات في سياسة الحكومات بالمغ ...
- إلى الزمزمي، كيف يمكنني أن ألاقي الملك ليمنحني رخصة نقل كعطا ...
- العدالة والتنمية: -مَا يْخَسَّرْ خَاطَرْ، مَا يَقْضِي حَاجَة ...
- إلى رمة المزاح برنامج جديد: -المدام مسافرة- على القناة الثان ...
- لماذا يجتمعون في -قُبَّةِ- البرلمان؟ / الأسئلة المحرجة.. وال ...
- إشكالات مرتبطة بموضوع ظاهرة الهجرة الخارجية. إشكالية الهوية ...
- واقع الحال في المؤسسات الصحية بالمغرب.
- لا تغيير ولا تنمية حقيقيين حتى توقف الدول الغربية عن التدخل ...


المزيد.....




- فيديو رائع يرصد ثوران بركان أمام الشفق القطبي في آيسلندا
- ما هو ترتيب الدول العربية الأكثر والأقل أمانًا للنساء؟
- بالأسماء.. 13 أميرا عن مناطق السعودية يلتقون محمد بن سلمان
- طائرة إماراتية تتعرض لحادث في مطار موسكو (صور)
- وكالة: صور تكشف بناء مهبط طائرات في سقطرى اليمنية وبجانبه عب ...
- لحظة فقدان التحكم بسفينة شحن واصطدامها بالجسر الذي انهار في ...
- لليوم الرابع على التوالي..مظاهرة حاشدة بالقرب من السفارة الإ ...
- تونس ـ -حملة قمع لتفكيك القوى المضادة- تمهيدا للانتخابات
- موسكو: نشاط -الناتو- في شرق أوروبا موجه نحو الصدام مع روسيا ...
- معارض تركي يهدد الحكومة بفضيحة إن استمرت في التجارة مع إسرائ ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محمد المستاري - هكذا استطاعت السلطة السياسية التغلب على وحدة النِضالات