أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سليم نزال - كان يوما رائعا !















المزيد.....

كان يوما رائعا !


سليم نزال

الحوار المتمدن-العدد: 5740 - 2017 / 12 / 27 - 19:29
المحور: سيرة ذاتية
    



كان يوما رائعا !

سليم نزال


اثناء الكورس طرحت فكرة مناظرة بينى و بين طالب صهيونى.
طبعا هى مناظرة اكثر منها مفاوضات.لكن الفكرة كانت ان لا يكتفى كل واحد بعرض وجهة نظره بل ايضا بتقديم مقترحات حل .
و لذا قررت ان استشير اصحاب راى فى هذا المجال .استشرت اصدقاء نرويجيين و الكل شجعنى على ذلك.و العربى الوحيد الذى استشرته و كان صديقا مصريا ناضج التفكيرو بعيد النظر, قال لى انها فرصه مهمة لكى اشرح قضيتى امام طلاب من جنسيات مختلفه. ثم اضاف الم يفاوض الفيتناميون امريكا !بت مقتنعا انه هذا هو الراى الاصوب وكان على ان افكر فى الامر من الناحية العقلية .المشاعر و الاحاسيس امر مهم لللانسان و لا تكتمل انسانيته بدونها لكن على المرء ان يتحكم بها فى بعض الظروف. قلت انى اوافق على المناظرة لكن على شرط انى لا اقبل مصافحته فوافق على شرطى .

من السهل جدا الحديث عنها بعد مرور اكثر من ثلاثة عقود .لكن الامر لم يكن سهلا حينها فقد كان لدى تجارب محدودة جدا و خبرات حياة محدودة .هذا عدا انه كان على ان اتحكم باللغة.صحيح انى درست الادب الانكليزى و كنت ادرس الادب الانكليزى لكنى لن اتحدث عن شكسبير بل عن قضايا سياسية معقدة .هذا طبعا ان المفاوضات و المناظرات علم قائم بحد ذاته, و انا لا اعرف عنه شيئا .كما لم يكن لدى اية خبرة فى مسالة التحكم فى الوقت .اى ان اعبر عن ما اريد ضمن الوقت المحدد لى بدقة.

.بالفعل ذهبت الى المكتبة ابحث عن كتب فى التفاوض .لم اتمكن من قراءة الكثير لكن اخذت بعض الافكار , اذكر منها مثلا ان المفاوض يبدا باعلى سقف ممكن فى البداية .كما قرات بعض الافكار حول استراتيجيات المناظرة.و من اهم الافكار التى تعلمتها ان يجعل المرء رسالته سهلة و واضحة جدا بلا ادنى غموض .و ان يظل مسيطرا على المناظرة بحيث لا يسمح لللاخر بجره الى امور خارجها .و الاهم ان يظل المرء محافظا على هدوءه لاعطاء افضل انطباع لللاخرين .ففى النهاية الهدف ليس اقناع الطرف الاخر بل اقناع من يستمع من الحضور. كما قرات ان كان الامر يتعلق باقناع الطرف الاخر لاجل الوصول معه الى اتفاق ينبغى تحقيق اتفاق باعلى مكاسب ممكنة بتنازلات محدودة و مدروسة جيدا لا تقيد افاق المستقبل .
فيما بعد بسنوات عدة حين كنت اشاهد برنامج الاتجاه المعاكس كنت ارى فيه او فى بعضه كل شىء الا العقلانية فى اصول المناظرة.
.يجب ان اقول ان هاجسى الاول كان ان لا انفعل .و من المعروف انه من السهل للمرء ان ينفعل حين يكون شابا و تكون خبراته محدودة .و قد سبقت لى ان انفعلت فى بعض النقاشات و لذا حرصت ان اضبط نفسى ايا ما سيقوله.
اما عن المظهر فقد قدمت لى الصديقة الدانماركية نصيحة ان ارتدى ملابس مريحة و متزنة!كما قدمت لى بعض النصائح حول طريقة الوقوف و حول توزيع نظرى باتجاه الحضور الخ.و الاصعب فى الاقتراحات التى سمعتها كان ان على احيانا ان انظر الى وجهه متى اريد ان اساله سؤالا محددا .

كنا مجتمعين فى المساء فى غرفة الصديقة الدانماركية .و تم الاقتراح من الصديق الامريكى و كان استاذا فى العلوم الاجتماعيه ان نعمل مناظرة وهميه لاجل ان اتدرب .و بالفعل وقفت اتحدث و كانت المكسيكية (خصمى) فى المناظرة اما الاخرين فقد كانوا يراقبون طريقة وقوفى و نبرات صوتى لاجل تسجيل ملاحظات .حصل تقييم لادائى و استفدت من الملاحظات و الانتقادات التى قدمت .كما نصحونى ان اضع على الطاولة دفترا و قلما لتسجيل اى ملاحظة مهمة تستوجب الرد عليها لكى لا انساها فى سياق الحديث .و يجب ان اقول انى استفدت من كل هذه الملاحظات فى مناظرات لاحقه.

ثم قالت لى الصديقة الالمانية باسمه انهن يحضرن مفاجا دعم معنوى لى .طبعا سالت عن ذلك فقالت لا تقلق سترى بنفسك لاحقا.
كانت تلك الالمانية من النوع الهادىء جدا .كما كانت فائقة الجمال .و كنت امزح معها قائلا عندما اوجدك الله فقد كان مرتاحا فى الصباح.كان يشرب القهوة و يستمع الى الموسيقى ثم اوجدك. اما انا فقد كان مرهقا حين اوجدنى فرمانى بسرعه من وراء ظهره.كانت تضربنى على كتفى و هى تضحك و تقول لا ابدا لا اوافق على ذلك.

صديق اخر نصح ان اعلق على صدرى علم فلسطين و هذا ما فعلته.و صديق اخر نصحنى ان ابدا باستفزازه .سالته ما هو افضل استفزاز فى رايه, قال ان اساله ان كان قد خدم فى الجيش الصهيونى و طبعا سيقول نعم حينها قل له كم طفلا فلسطينيا قتلت!
ضحكنا كثيرا على هذه الفكرة الى ان جاء اليوم الموعود.
لا اخفى انى كنت متوترا بعض الشىء.لكنى كنت قد حرصت ان انام مبكرا حتى اكون مرتاحا تماما و قادرا على التركيز .و كان على كل واحد ان يتحدث عشر دقائق فقط بدون مقاطعة ثم الاخر و هكذا دواليك.
كان اجمل مفاجات حصلت لى فى البداية انه حالما وقفت امام الصف جاءت الصديقة الالمانية و عانقتنى و قالت لى غود لك انت لست وحدك! ثم جاءت الصديقة المكسيكيه و صافحتى و قالت بالاسبانية بصوت عال عاشت فلسطين فيفا بلستينا ! ثم جاءت الصديقة الدانماركية و عانقتنى و قالت جوك لك .عرفت ان هذا هو ما اتفقن عليه من اجل تقديم دعمى معنوى لى .و انا لا انسى لهن هذا التضامن لانه كان امر رائع حقا و كان فى مكانه.
و اعتقد ان هذا اضعفه من الناحية المعنوية ليس فقط لانه لم يات احد لدعمه. بل لانه وجد نفسه فى جو غير معتاد عليه .فانا اتحدث عن فترة تاريخيه كان الاسرائيلى يحظى بعطف شعبى بلا حدود اينما ذهب فى اوروبا .لذا كان هذا الامر صدمة له فعلا.و الذين نظروا الى وجهه اخبرونى انه بدا مرتبكا .

طلب الاستاذ الالتزام بالوقت و الموضوع بدقة و عدم مقاطعة بعضنا اثناء الحديث, ثم تحدث بعض الشىء عن الصراع .طلب منى ان ابدا فلم استفزه كما فكرت سابقا و فكرت ان اقوم بهذا الامر فى سياق الحديث.
باختصار شديد هنا قلت اننا شعب يعيش فى وطنه منذ الالاف السنين .و اننا تعرضنا لعدوان اجنبى من وراء البحار.و ان هذا العدو ليس كلاسيكيا بل الغى وجودنا كله و حرمنا من حقنا فى تقرير مصيرنا و نحن ندافع عن وجودنا و لا يوجد لنا وطن سوى فلسطين.و الشخص الذى امامى عنده باسبور وطنه الاصلى التى جاء منها والده.اما انا فقد حرمت من كل شىء فى وطنى .

ثم انتهيت كلامى و توجهت له قائلا قل لى على اى اساس تملك حقا ان تقيم دولة فى فلسطين و شعبى الذى يعيش فى وطنه من جيل الى جيل محروم من هذا الحق .اريد جوابا محددا و لا تتهرب من السؤال ؟ و نظرت للقاعة و قلت بصوت عال انا ا بانتظار ان اسمع جوابا على سؤالى و انتبهوا جيدا لانه سيتهرب منه !
و هو ما حصل بالفعل .فعدما يحشر الصهاينة فى النقاش فانهم يغطون ذلك بكلام عام فضفاض بعيد عن السؤال و هو ذات الكلام الفارغ حول الهولوكست الخ من البضاعة التى نجحوا لوقت طويل فى استخدامها لقمع الشعب الفلسطينى.و ان اليهود يريدون السلام و ان العرب لا يريدون السلام الخ من الاسطوانة الصهيونية التى نعرفها جيدا .

توجهت للقاعة قائلا .نحن شعب يريد السلام لانه امر وجودى بالنسبة لنا .السلام بالنسبة لنا يعنى الحريه و ان نعيش بلا حروب و بلا احتلال. و انا اقترح ان نعتبر قرارات الامم المتحدة رقم 181 اساسا لمباحثاتنا لانها قبلت من اسرائيل ومن اغلبية الدول . ثم توجهت اليه قائلا انت تقول انك تريد السلام .حسنا .قرار 181 قرار اممى انتم وافقتم عليه و على اساسه اقمتم دولة فى فلسطين .وانا اعتقد انه لم يزل اساسا صالحا فهل توافق عليه ,و ان لم توافق اود ان اسمع منك مقترحا محددا لسلام بيننا .و يجب ان تعرف ان اى مقترح يحرمنا من حق تقرير المصير لن يكون مقبولا من طرفنا لانه سيكون ضد حقوقنا و ضد الشرعية الدولية التى تمنح الشعوب حق تقرير المصير .

اعتقد انه اصيب بالارتباك .السبب فى اعتقادى انه كان يظن انى ساستخدم كلاما كبيرا من نوع العنتريات و هو امر لم استعمله يوما فى حياتى.و قد اعتاد الاسرائيليون على ان العرب يستعملون لغة التهديد و الوعيد و كانوا يستفيدون منها فى البروبوغاندا و لذا كنت كنت حريصا جدا ان استخدم لغة واضحة و هادئة جدا.
قال انكم رفضتم القرار 181 و هو امر كنت اعرف مسبقا انه سيقوله .وقال ان الاوضاع قد تغيرت من ذلك الوقت و لا يمكن اعادة التاريخ الى الوراء حتى الان الخ من الكلام فى هذا السياق .و عرفت انه بدا يتخبط عندما بدا يتحدث بطريقة غير متماسكة من نوع اتهامات حول الارهاب و قصف الكاتيوشا الى ما هناك . و كان واضحا لى و اظن للصف كذلك انه عاجز عن الاجابة على الاسئلة التى سالتها .و فشل فى تقديم مقترح مقنع كما هم فى الواقع .
ظل مرتبكا و بدا يتحدث ان الضفة الغربية اردنية و ليست فلسطينيه و كذلك غزة مصرية و انهم على استعداد للتفاوض مع الاردن ومصر و هو فى مجمله نفى للوجود الوطنى الفلسطينى .و كان هذا بالمناسبة الخطاب الاسرائيلى السائد.و بعد سبعة سنوات من هذه المناظرة حصل مؤتر مدريد و رفضت اسرائيل وفدا فلسطينيا مستقلا كما هو معروف .
كان ردى الاخير عليه انك فعلا تريد استمرار الاحتلال و هذا يعنى انك لا تريد سلاما .لانك واهم ان اعتقدت بامكانية الجمع بين السلام و الاحتلال.ثم انى لا افهم اذا كنت تعتقد بصعوية اعادة تاريخ من قبل 35 عاما و فى الوقت نفسه تدعون انكم جئتم الى فلسطين بعد الفين سنة اى اعدتم تاريخا لالفين سنة , الا ترى ان هذا تتناقض كثيرا مع نفسك فى هذا الامر؟
.كانت اجمل لحظات حين رايت الاصدقاء و الصديقات يغادرون مقاعدهم بسرعه و يقتربوا ليعانقونى بفرح و تعانقنا جميعا .
طبعا لا يمكن لللانسان ان يكون موضوعيا مهما زعم ذلك حين يتحدث عن نفسه .لكنى كنت سعيدا جدا ان اعرف من الاصدقاء ان ادائى كان جيدا و كان مقنعا ..كنت فعلا فى حالة عاطفية .و اتفقنا ان نحتفل فى المساء بهذا (النصر ) الصغير . كان يوما رائعا لا ينسى!



#سليم_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فى الثقافة !
- عندما يصبح الشاعر رجل سياسة بعيد النظر !
- بداية مرحلة علمنة الفكر القومى العربى
- الاسباب التى اعاقت ظهور الاسلام السياسى خلال القرن الماضى ؟
- مراجعات فى التاريخ!
- الحرب القذرة التى تخوضها السعودية!
- من الظلم تحميل بلد صغير مثل لبنان فوق طاقته!
- فى ذكرى ولاده البير كامو
- كلاشينكوف و ام كلثوم فى المملكة العربية السعودية
- قبل تجتاح تونس!
- عن جائزة نوبل للسلام!
- هناك شىء عفن فى دولة الدانمارك !
- هل انت من عفار ام من عيسى ؟
- عن ابى يوسف الفران.اخبار جديدة
- فى ذكرى رحيل ادوارد البى
- فلنتدرب على معرفة الحقيقة!
- عن لقاء اميرة من زمن العصر الامبراطورى
- يا له من يوم رائع !
- فى مديح تنوع الكون !
- عن الاعياد و عن استعادة الزمن المقدس !


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سليم نزال - كان يوما رائعا !