أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - التأطير النظري النخبوي وكوابح الثورة السودانية















المزيد.....

التأطير النظري النخبوي وكوابح الثورة السودانية


تيسير حسن ادريس

الحوار المتمدن-العدد: 5740 - 2017 / 12 / 27 - 19:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



المبتدأ :
أشار القائد الثوري فلاديمير إيليتش لينين في كثير من كتاباته ونبه الثوار إلي أن (النظرية رمادية والواقع أخضر).
والخبر :
(1)
تواتر الدعوات للمشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة المزمع قيامها في 2020م من قبل قيادات سياسية معارضة، كانت حتى فترة قريبة تحمل السلاح وتعتقد في العنف الثوري سبيلا لمقاومة نظام الاستبداد، تعطي المراقب للشأن السياسي السوداني صورا بالغة الوضوح عن مدى انكسار وهوان الصف المعارض اليوم، كما أنها أيضا تضفي المصداقية بالمجان على ما ظلت تردده عضوية الحركة الإسلاموية السودانية من مزاعم بأنها الأقدر على تحريك الشارع السوداني والأجدر بإشعال الثورات الوطنية؛ وما فتئت هذه المزاعم تكتسب يوما بعد آخر المزيد من الزخم في ظل تراخي جميع تيارات المعارضة السودانية وعجزها عن حشد الشارع أو خلخلة أركان السلطة الباغية التي امتد بها العمر وتسعى حثيثا وبكل الثقة نحو بلوغ الثلاثين ربيعا في هدوء وطمأنينة رغم كل الجرائم التي ارتكبت وكافة الموبقات التي اقترفت في حق الوطن والمواطن، وها هو رئيسها يسعى دون حياء لتعديل الدستور ليتثنى له الحكم لفترة رئاسية جديدة يواصل من خلالها استكمال عملية سحق ما تبقى من الشعب وتمزيق ما بقى من أوصال الوطن.
(2)
لقد تراخت همة الصف المعارض واسترخت أطيافه جميعها على رصيف كوابح التنظير ولغو الحديث وغاصت في سفسطة شعارات معلبة ونظريات يتم التعامل معها تعامل المؤمن الصديق مع المقدس فتيارات اليمين المعارض مستسلمة لخدر أحلام الهبوط الناعم وتخفي عورة عجزها خلف شعار (ضرورة المحافظة على كيان الدولة السودانية) التي لم نعد نرى لها أثرا ومخاوف انهيارها، وهي مقولات يعلم الجميع أنها تناقض طبيعة التغيير، وينخرها سوس الانهزام الحسي والمعنوي ويغلفها الخذلان المبين؛ فكيف يمكن إحداث تغيير في بنية دولة غدت هياكلها نخرة دون إزالة مجمل البنيان وإعادة بناء جسد معافى من أدران أَفَاعِيل أقطاب الحركة الإسلاموية في: السياسة التي حولت لسوق نخاسة كبرى تباع فيها الضمائر وتشترى وفي الاقتصاد الذي استباحت خزائنه العامة ومقدراته، وسخرت إمكانياته للذوات الطهورة العلية والجماعات المؤمنة السنية دون شعب السودان كافة؛ والاجتماع الذي نسفت لحمة نسقه المستقر وهتك نسيج قيمه حتى أصاب التفلت والشذوذ مناحي الحياة عامة.
(3)
بيد أن التوقف طويلا عند مواقف تيارات اليمين المعارض المترهلة يبدو غير منطقي وغير ذي جدوى، فقياداتها التاريخية تعلم خير من جماهيرها المغيبة بأن أي تغيير حقيقي يتعارض مع مصالحها الذاتية والحزبية؛ لذا نراها مسترخية على كوابح التغيير غير معنية بقضايا الثورة الحقيقية الا بالقدر الذي يوفر لها العودة المأمونة إن أمكن لكراسي السلطة التي انتزعها المتأسلمة ليلا عنوة واقتدارا، عليه فالتعويل على هذه القيادات مضيعة لوقت وعمر المواطن فليس في (الانسيابية) ولا (السندكالية) مخرج الوطن من وعثاء رحلة (الإخوان) التي تطاولت ولا في (تجنب أكل الثريد وهو ساخن خوف اتلاف البنان)، وهذا مفهوما لمن خبر تاريخ الصراع السياسي في السودان، ولكن ما يدم القلب ويصعب فهمه فهو ضعف حراك تيارات اليسار السوداني؛ تلك التيارات التي ختمت تاريخيا بخاتم الثورية وظلت تحتكر هذا الختم ولا تقبل فيه منازعا، وهي تعلم أن لحمله والمحافظة عليه متطلبات واجبة النفاذ لا تحتمل التلكؤ ولا تقبل التسويف، وأي مماطلة في انفاذ متطلبات حمل واحتكار ختم الثورية لا شك يسحب من المتلكئ ذاك الشرف؛ ويعريه من المصداقية ويصبح معه الاختباء خلف مقولات (ضرورة اكتمال شروط الازمة الثورية) و(نضوج العامل الذاتي والموضوعي)؛ محاولة سيزيفية غير ذي جدوى لا تقنع أحدا.
(4)
قد اثبتت التجارب الثورية أن في الأطر النظرية متسع كافي لكدح المحاولة و(التجريب) المستند على منطق شروط الواقع وخصائص كل بيئة وشعب وتظل مقولة (النظرية رمادية والواقع أخضر) واقعا يهدي من اراد؛ فعلى نهج التجريب هذا قد سار من قبل الكثير من الثوار الحقيقيون (لينين وماو وجيفارا) ولم يقبع أحد منهم في معمل الثورة المتخيل يرقب نضوج عواملها بل حملوا هم عناصر المعادلة الثورية وتحملوا أذى الكدح في سبيلها وخرجوا الى الشارع ملتحمين بالجماهير جاعلين من كدح النضال اليومي اهم رافد لبث الوعي واستنهاض الهمة الثورية لتكتمل اشتراطات التغيير بمزيد من التجارب والمعارك النضالية اليومية ضد الاستبداد السلطوي ويتعمق وعي الجماهير وتكسب في كل جولة نضالية الثقة في نفسها وفي قادتها حتى تغدو هي العامل الحاسم لنجاح تفاعلات عناصر الثورة وانضاج شروط ازمتها؛ فمن الخطل ان تتعامل القيادات اليسارية الهاربة اليوم من سعير معترك التجريب مع نظريات الثورة كعلم انساني تعاملها مع العلوم التطبيقية دون ان تحيط الجماهير علما بالمعمل السحري الذي استحدثته لانضاج الطبخة الثورية وهي تجلس خلف اسوار مراكزها الحزبية تحتسي اقداح الشاي في عزلة تكاد تضارع عزلة السيد (ماركيز) في (مائة عام من العزلة)؛ في حال يرثى له من التماهي مع العجز والركون للكوابح النظرية كمرافئ للإسناد المعنوي والتوازن النفسي المفقود؛ قاضية وطر نضالها بالشعارات والهتاف المخنوق على شفا جرف هار تتساقط ثرى تربته على رؤوس الكادحين وتطمرها طمرا غير رحيم معبدة لنظام البغي والعدوان عمرا مديدا لم يحلم دهاقنته بطول سَلامَتُهُ.
(5)
هذا الواقع المعارض المهترئ كشف عورات وهز مسلمات واسقط من عين الشعب زعامات وشق احزاب وجماعات مضت في نزهتها اللغوية مسترخية تلوم النظام المستبد على استبداده وتستنكر عليه استخدامه المفرط للعنف واستغلاله الجشع لمؤسسات الدولة واعلامها لدق الاسافين بين مكوناتها، ولكن هل من المنطقي أن يرتاح ساسة الصف المعارض على وسادة لوم الحية وهي تلدغ والثعبان وهو يبخ سمه الزعاف في شرايين الوطن ام ان المنطق يقتضي ويتطلب النهوض الشجاع واستحداث وسائل لمواجهة الظلم تقي الوطن والمواطن سم ثعابين الحركة الاسلامية.
(6)
قد وضح تماما أن اهم كابح للتغيير في السودان هي النخبة المتصدرة للمشهد المعارض حاليا وجل افراد هذه النخبة ينتمون لفترات زمنية حكمتها مبادئ وادوات سياسية تختلف تماما عن المبادئ والادوات التي تحكم الفترة الراهنة وقد ارتبطت هذه النخبة وتداخلت مصالح بعض افرادها الذاتية والحزبية أو تناقضت في الفترات الماضية حتى غدا من المستحيل عليها التعاون أو الاتفاق بعد أن غدت مصالح افرادها الحزبية وطموحاتهم الشخصية تعلو فوق المصالح الوطنية العليا مما قاد خطاها العاثرة من فشل الى آخر مجردة من أي انجاز وطني يذكر فقد عجزت عن التوافق على برنامج لمواجهة الاستبداد الإسلاموي او حتى ترويضه، ورغم هذا الاخفاق البين لا تزال تتمسك بشرعية وجودها وضرورة قيادتها للمرحلة الراهنة بل والمرحلة المقبلة ايضا!!! ولو دفعها هذا التشبث الاعمى للتآمر لإبقاء الحال المائل على ما هو عليه من عوار دون تغيير!!! وهذا ليس تجني ولا اتهام مجاني فأوجه العجز الذي يشوبه التآمر عديدة ويكفي التذكير بالفشل الذريع خلال اكثر من ربع قرن عن مواجهة النظام الحاكم أو انجاز برنامج للتغيير متفق عليه كما يكفي النظر والتمعن في عجز المعارضة عن حشد الجماهير ومقاومة الاستبداد وهي ترى الوطن يتهاوى وتغرق سفينته وقد شارفت قعر بحر الظلمات.
(7)
اما المضحك المبكي في بانوراما العبث المعارض فهو العودة المباغتة لقيادات معارضة حملت السلاح وروجت لفكرة التغيير بالعنف لمربع بذل النصح عن اهمية المشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة على اساس انها أداءه سلمية للتغيير في ظل نفس السلطة المستبدة وقوانينها ومؤسساتها التي زيفت من قبل مرات عدة ارادة الشعب!!؛ فهل من المعقول أن يكون هناك عبث سياسي اكثر من هذا؟؟، اما كان من الاجدر بهذه القيادات ان تعتذر اولا عن نهج استخدام العنف والسلاح الذي انتهجته وأخرت به ايقاع العملية الثورية وغلت به يد الجماهير سنوات طوال ومن ثم تعيد ترتيب اوضاعها وتنظيم صفوف جماهيرها متبنيه للنضال السلمي. فمحاولة استرضاء سلطة الاستبداد بدفع الناس للمشاركة في انتخابات غير نزيهة معلومة النتائج مسبقا هي حرث بحر مخجل، وفكرة التغيير بالانتخابات التي تروج لها هذه القيادات؛ هو استمناء لذاكرة خربة وإن دلت على شيئا إنما تدل على مدى يأس هذه القيادات وشعورها بالعجز؛ ومثل هذا التفكير لن ينجح الا في نحر مبتدعيه وفي خلق كابح جديد على طريق الثورة والخلاص.
** الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون.
تيسير حسن إدريس 27/12/2017م



#تيسير_حسن_ادريس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعاء الرجوع
- مُتلحِّفٌ بِالشّوْقِ يَسْعَى
- خطوات تصعيد من عبث الحوار إلى الانفجار 1/2
- خطوات تصعيد من عبث الحوار إلى الانفجار 2/2
- أَبِي
- ما بين دعاوى اغتيال الشخصية ومحاولات نحر الحزب الشيوعي
- مِنْ مَزَامِيرِ رَاشِدٍ في زَمَنِ الْذبوَلَ
- عِنْدَ تَوَهُّجِ الإطْلالِ!!
- للرَّمْلِ مِزْمَارًا وَحِيدًا
- الحلم والواقع في حوار الهبوط الناعم !!
- ماذا بعد انهيار مفاوضات السلام السودانية في أديس أبابا؟؟
- ثم ماذا بعد مؤتمر الرفاق السادس؟.
- على اعتاب المؤتمر السادس ليكن ماركسيا وطبقيا على محجة حمراء
- قبل جنوح الفلك
- على أعتاب المؤتمر السادس النرجسية واختلال جدلية الذاتي والمو ...
- في حضور القُرُنْفُلُ تَتَوَحَّدُ الازْهَارُ
- على أعتاب المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوداني
- زُلَيْخَة
- الكتابة على ورق المنشورات2
- شيزوفرانيا البرجوازي الصغير!!


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - التأطير النظري النخبوي وكوابح الثورة السودانية