أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - كلٌّ يغنّي على قدسه















المزيد.....

كلٌّ يغنّي على قدسه


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 5732 - 2017 / 12 / 19 - 18:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نفذ دونالد ترمب ما وعد به قاعدته الإنتخابية واعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقد أسقط القناع وفضح الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية المنحاز في واقع الأمر مئة بالمئة لصالح إسرائيل في الوقت الذي يدعي فيه الحياد نظريا. وقد احتكرت أمريكا منذ إعلان اتفاق أوسلو الوساطة بين إسرائيل والفلسطينيين وفي نفس الوقت سن الكونغرس الأمريكي وبالإجماع قانون يدعو الإدارة الأمريكية إلى نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس. فما قام به ترمب لم يكن سوى "الإعتراف بالواقع" كما قال، ولا شك أن الواقع أوسع بكثير ممَّ يقصد الرئيس الأمريكي. فحجة ترمب للإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل هي وجود كل الدوائر الحكومية بما فيها بيت الرئيس والكنيست في المدينة، ولكن الواقع لا بد أن يشمل أيضا عنصرين أساسيين: الأول- وهو، كما ذكرنا، الدعم الأمريكي غير المشروط للموقف الإسرائيلي من القدس وثانيا- وهو ما لا يقلّ أهميةً، الإعتراف بأن العملية السلمية قد وصلت إلى طريق مسدود وأن الأفق ـمام الحل على أساس الدولتين قد انسدّ تماما.
الواقع الذي يتكلم به ترمب لا ينحصر في القدس فقط بل يشمل أيضا كيانين فلسطينيين تشكلا بموجب اتفاق أوسلو في غزة ورام الله منقسمين آيديولوجيا، سياسيا وإقليميا، إضافة إلى ذلك انتشرت على طول وعرض الضفة الغربية مئات المستوطنات أُضيف إليها نصف مليون مستوطن يهودي. هذا الواقع هو أخطر بكثير من الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، إعتراف ناتج عن الواقع الفلسطيني والعربي الداخلي أكثر من أي سبب اخر. فمنذ 25 سنة يقنعنا أنصار فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية أن المفاوضات برعاية أميركا هي الطريق الصحيح لإنهاء الإحتلال، أما حماس فقد أصرت على المقاومة المسلحة التي لم تزحزح إسرائيل من موقفها، بل بالعكس، إذ جلبت الدمار للشعب الفلسطيني وعززت الإنقسام المدمر بين السلطتين.
إن قرار ترامب يشكل بلا شك تحديا كبيرا جدا فهو يقول وبصوت واضح أنه ليست هناك على الطاولة صفقة سوى تلك التي ترضي نتنياهو، وأنها –الصفقة- تتماشى مع مذهب المسيحيين الإنجيلين الذين صوت 80% منهم لترامب، واستجابةً لهم قام بهذه الخطوة. ولكن ومن خلال متابعة المسرحية السياسية التي تعرض أمامنا في هذه الأيام فلا شك أن الفلسطينيين، العرب والمسلمين عموما ليسوا على مستوى هذا التحدي الكبير. إن القدس إضافة إلى كونها مدينة الأديان السماوية الثلاث هي أيضا ورقة سياسية ثمينة يلعب فيها كل طرف كما يروق له ولم يكن ترامب الأول ولن يكون الأخير الذي يستخدم القدس كموضوع للعلاقات العامة في خدمة أهدافه السياسية.
وقد أصبحت القدس ورقة انتخابية رابحة استخدمها نتنياهو في حملته الإنتخابية الأولى سنة 1996 في منافسة شمعون بيريز تحت شعار: "بيريز سيقسم القدس" وهذا بعد أن تصدر المظاهرات التحريضية ضد رابين الذي وجهت إليه تهمة الخيانة بسبب توقيعه على اتفاق أوسلو. وفي نفس السنة بالذات بدأت أول حملة شنتها الحركة الإسلامية الشمالية تحت عنوان "الأقصى في خطر" إثر الإنشقاق الداخلي في الحركة الإسلامية على خلفية المشاركة في الإنتخابات للكنيست التي اعتبرت من قبل الشيخ رائد صلاح بدعة. إن "الأقصى في خطر" أصبحت ورقة سياسية خطيرة ليس بهدف تحرير الأقصى بل بهدف السيطرة المطلقة على الحيز العام داخل مناطق 48.
ومن ذلك الحين أصبحت القدس "إخوانية" استخدمت من قبل الإخوان المسلمين في مصر في منافسة نظام مبارك، ومن بعده تحولت إلى ورقة داعية في يد قطر وقناة الجزيرة التي تستخدمها اليوم لفضح سياسة السعودية وكغطاء لتحالفها الوثيق مع إدارة ترامب الأمريكية، فقطر تستضيف أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط على أراضيها. أما السلطان أردوغان، فهو أيضا إخواني انضم إلى الحافلة في الوقت الذي يستضيف على أرضه قاعدة "إنجرليك" الجوية، أباح دم الشعب السوري عندما تحالف مع بوتين الذي ساوى مدينة حلب في الأرض وذبح أهلها. وأخيرا وليس آخرا، ونحن بصدد الشعب السوري، فلا بد من ذِكر إيران التي تقيم احتفالية سنوي حول القدس، وحسن نصر الله الذي يتوعد بتحرير فلسطين عن طريق احتلال سورية والسيطرة الفعلية على لبنان.
واذا كانت القدس ورقة دعاية في يد ترامب ونتنياهو وخامنئي ونصر الله وهنية ورائد صلاح وأردوغان، فهي تعتبر موضوعا سياسيا خطيرا في وجه أبو مازن والسلطة الفلسطينية. فما قام به ترامب قد اختصر المسافات، إذ أن صفقة القرن أُزيلت عن الطاولة ولم تبق أي صفقة تُذكَر سوى ما يطرحه نتنياهو- حكم ذاتي فلسطيني موسع. وإذا كان أبو مازن قد قام بمناوراته السياسية مثل التوجه إلى الأمم المتحدة تارة والتهديد بالتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي تارة أخرى، أو تنظيم مؤتمر دولي حول فلسطين تحت الرعاية الفرنسية، فاليوم لم يبق الكثير من هامش المناورة.
أذا أراد أبو مازن أن يقاطع إدارة ترامب مثل ما توعد به فعليه أن يتنازل عن 500 مليون دولار من المساعدات الأمريكية، وإذا أراد أن ينقض الإتفاق مع إسرائيل عليه أن يتنازل عن 500 مليون دولار إضافية مِمَّ سيبقيه مع ميزانية ضئيلة جدا وفي خطر انهيار مالي. أما إذا أراد أن يوقف التنسيق الأمني مع الإحتلال فعليه أن يواجه الخطر من قبل حماس التي تريد أن تنقل تجربة غزة إلى الضفة الغربية، وإذا أراد أن يعتمد على السعودية أو مصر فعليه أن يقبل بمحمد دحلان وريثا له. إن انعقاد المجلس المركزي والدعوة المتكررة لحماس أن تضم صوتها بعد أن رفض أبو مازن رفع الحصار عليها لا تشكل سوى خطوات اعتيادية بعيدة جدا عن أية خطوة استراتيجية استجابةً للواقع الجديد.
ليس مصير القدس على المحك بل مصير السلطة الفلسطينية، ليس في إعلان ترامب شيئاً كفيلاً بتغيير واقع المدينة، فغربها سيبقى يهوديا وشرقها سيبقى عربيا فلسطينيا بحكم الواقع الحالي والتاريخي. يبقى السؤال هو هو:- ما هو مصير السلطة في حال انسداد الأفق لإنشاء دولة مستقلة؟ إن مجرد وجود السلطة الفلسطينية يعني إحياء فكرة الدولتين بعد أن اغتيلت من قبل نتنياهو وقام ترامب بدفنها نهائيا وهو يعترف "بالواقع" كما يدعي. في الواقع تحولت السلطة الفلسطينية إلى مقاول رئيسي للاحتلال الذي تحرر من كل الواجبات تجاه المواطن الفلسطيني، وتمنح للمحتل حرية الإستيطان والتنكيل بالمواطنين تحت سقف اتفاق أوسلو والتنسيق الأمني.
إن الخطوة الوحيدة التي تستجيب لـ"الواقع" الحالي هي حل السلطة الفلسطينية بعد مرور 25 سنة على إنشائها واتضاح عدم فائدتها للشعب الفلسطيني بشيء بل أفادت - على النقيض - اليمين الإسرائيلي والمستوطنين. إن الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين فقدوا كل ثقة في السلطة الفلسطينية بسبب ممارساتها الأمنية، الإقتصادية والإجتماعية. أما داخل إسرائيل نفسها فلم يبق تيار سياسي نافذ يدعم فكرة الدولتين بسبب "الواقع" الإستيطاني الذي فرض نفسه على المشهد السياسي.
اليمين الإسرائيلي يعتمد على رغبة فتح وحماس بالتمسك بالسلطة بكل ثمن، الإمتيازات المادية التي تحظى بها أقوى من ضميرهما وواجبهما تجاه شعبهما ورغم ذلك فمصير السلطة محتوم. رب ضر النافعة، فإذا كان قرار ترامب لا يغير كثيرا فهو يضع في وجه كل فلسطيني الحقيقة العارية، لم يبق أمامنا سوى حل واحد وحيد وهو حل الدولة الواحدة. هذا هو "الواقع" بعد 50 سنة من الإحتلال و25 سنة على مرور أوسلو، ولا بد أن يتحول من واقع احتلال إلى واقع ديمقراطي يجمع الإسرائيليين والفلسطينيين ضمن دولة واحدة للجميع.



#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل حان الوقت لربيع سعودي؟
- زهير بهلول شخصية غير مرغوب فيها
- الدولة اليهودية مع الدولة الكردية
- إنتصار نصر الله وخسارة الأسد
- عملية الاقصى وما يسمى بالإرهاب
- إسرائيل ترسم حدودها من جديد
- قطر وما يسمى بالإرهاب
- ترامب يربّع الدائرة
- الضفة في واد وغزة في واد آخر
- الأسد أو نحرق العالم
- دولة يهودية إلى جانب دولتين فلسطينيتين
- لا دولة واحدة ولا دولتين
- قريبا سنكون الأغلبية
- الاستيطان باق والدولة في مهب الريح
- بعد خراب حلب
- أين إسرائيل من سورية
- صرخة الصوت الأبيض
- ليبرمان ينظّر ودحلان ينفّذ
- شمعون بيريز ابن الأم العربية
- الأسد يقاوم في الجولان


المزيد.....




- نور عمرو دياب تثير الجدل في فيديو متداول حول علاقتها بوالدها ...
- إيران تحذر مواطنيها من استخدام واتساب وتيليغرام لتفادي الاغت ...
- غالانت يكشف لـCNN الشروط الـ4 التي تحققت لشن هجوم على إيران ...
- قطر تعلن تواصلها يوميا مع أمريكا لإنهاء الصراع الإسرائيلي- ا ...
- مراسلة CNN لترامب: هل ستدمر قنبلة أمريكية برنامج إيران النوو ...
- هل تلبّي أمريكا رغبة نتنياهو وتدمّر منشأة فوردو وأي نوع من ا ...
- التصعيد الإيراني الإسرائيلي - ترامب يدعو إلى -استسلام غير مش ...
- متى تستدعي إيران حلفاءها بوجه إسرائيل؟
- جدارية ضخمة في طهران تكريما للمذيعة الإيرانية بعد القصف الإس ...
- الخارجية الروسية: إجراءات إسرائيل ضد إيران غير قانونية وتنذر ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - كلٌّ يغنّي على قدسه