فوزية بن حورية
الحوار المتمدن-العدد: 5729 - 2017 / 12 / 16 - 18:29
المحور:
الادب والفن
الجــــــزاء
الجـــــزاء (قصة قصيرة)
أقبلت و الوجه بالدموع مغمور، فأجفلت متراجعا إلى الوراء...فقالت:" مالك ! لا تنزعج و لا تحزن تلك طفوح قلب مسرور بالأمان و الحب معمور" فقلت متعجبا :" و ما تلك التي أرى إذن؟ فقالت:" زبد أتعاب أثمرت الخير و الحبور، ... أيقظت في الإحساس و الشعور" ...فتقدمت خطوتين و نظراتي بعينيها استقرت و حولها تحوم...فأسبلت الجفون...وغمغمت بكلمات خرجت من بين الشفتين مبهمة ككلام مجنون فقلت مبتئسا مستاء:"أو كنت تغشين؟ فرفعت ألي بصرها و رمقتني بنظرات قاسية حرى قائلة:" كلا و ربي، هو الصدق ما تفوهت به منذ حين"...فقلت:"ماذا يعني إذن إسبال الجفون؟"...فقالت بصوت حزين مشوب بنبرات انتصار و شجون:" تذكرت سنين مرت خلتها الدهور و سويعاتها مع ثوانيها ظننتها الأسابيع بل الشهور...وما دار بخلدي أنها تمر بحياتي سراعا فتعبرها بسرعة هذا العبور ...إذ أني ما انتظرت هذا الجزاء و لا الشكور...كما أني ما تخيلت لحظة أن عجلة الزمان التي كنت تصورتها دحضتني و مع الحياة ظلمتني... نحوي و إلي بالخير تدور" فابتسمت سائلا:" و الآن، و الآن ماذا ترين هل الأمر هو الأمر أم..." فقاطعتني قائلة وهي تقبل أكفها:" الحمد لله ... الآن عندي الموازين انقلبت فالأعوام هي الشهور... و الشهور هي الأيام و الأيام هي الدقائق وهاته الأخيرة هي الثواني حلوة مثل الأماني "تضحك" تصور حتى أني صرت أخشى النوم ولو لغفوة خوفا من أن أفقد السعادة و لو لربع لحظة ...لعشر ثانية...آه وا لهف نفسي إن وقع ما أخشى و نفسي إليه ما تسعى و ما تروم " فقلت و أنا أربت على كتفها:" لا تكوني من المتشائمين و المتطيرين، فهؤلاء إخوان الشياطين و ما أنت فيه إلا جزاء صبار شكور...ما قمت به ما هو بالهين و لا باليسير...فتربية أيتام و السعي الدؤوب لتوفير اللقمة مع العيش الكريم في مثل هذا الزمن العسير و في ظل النبل الاخلاقي و أنت في سن لا يتجاوز الثلاثين يعد الجهاد الأكبر لو كنت تدرين " فقالت بنبرة ساخرة:" ماذا تهذي و ماذا تقول؟!!! تلكم أبنائي و أي جهاد هذا الذي تذكر؟" فقلت:" أو تسخرين من قولي؟ فقالت :"كلا،...فمن منا الساخر من صاحبه؟ يا عجبي تسخر مني ثم تتهمني بــ..." فقلت مقاطعا:"حاشا لله...ما هو إلا الحق ما أقول...و ما الجهاد الذي عنيته ما هو إلا جهاد بداية الاسلام ...أما ما قصدته هو جهاد النفس... و السعي لكسب الرزق...و تأمين الحياة و العيش الكريم بالحلال وعرق الجبين وهذا يعد الآن الجهاد الأكبر لو تدرين" فقالت وهي تبتسم:"إن حق ما تقول فطوبى لنفسي بهذا العيش و ما جازتني به السنون".
الاديبة و الكاتبة والناقدة و الشاعرة فوزية بن حورية
#فوزية_بن_حورية (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟