أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيل الساعدي - قراءة في نص الشاعر -علاء الدين الحمداني- ( ضفة الشيطان)















المزيد.....

قراءة في نص الشاعر -علاء الدين الحمداني- ( ضفة الشيطان)


حسين عجيل الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 5729 - 2017 / 12 / 16 - 04:58
المحور: الادب والفن
    


مسكون هذا الجانب
لا تقترب
فيه ..من الإنس الكثير
لو أحببت ..
هناك في ضفة الشيطان
قلم .. كتاب .. أزميل ..
بعض من الأسمال
تواري سوأة البوح الماجن..
رؤوس .. طويلة .. فارغة
عيون .. ترمقك..
بلا أدنى غاية
في باحة الشيطان
مجرفة .. تواريك
بعد أن تتم مراسم تشييع
ذاكرة الضفة النائية
تُزاحم الفسحة الكبيرة
سرادق منسوجة من الوهن
وأثر من موضع نعل
خذه وانثره على زوايا العتم
يتبين لك
من ذر الرماد بالعيون
دكات بافواه فاغرة
كؤوس مترعة من سالف الثمالة
هنا أُرضة المنسأة
تلوذ باليباب
ريش من الغراب .. الحكيم
وقرن مثقوب
تعوي به الريح
ظلين يتبعانك ..
أينما تولي شطرك
يعقبك ظل أخر
أفترشْ ذاكرة موبوءة
بأنفاس الذبيحة
المنبوذ في ليلة العتمة
يدانيه .. الشيطان
هاك بقايا أنسان
تلفظني مرارتي
نافرا... وجلا .. ربما هناك نفعٌ
اترك لي بين الرقود
مقام ..
حيزي ضئيل ..
الزحام شديد في الضفة النائية
كم هو مهلك
صخب الالسنة المترهلة
كل ما في الامر
أنبذه .. أحيانا
لكن ...
كثيرا ما أدانيه
فهو يكاتبني ..
يرتع على حبال
كان قد نسجها
الملعون أبيه ..
لفظته الضفاف البعيدة
تورث هدأة اخرى
ضفة الشيطان
بوجوه متربة
أعياها العبور .

لا يمكن النظر الى عتبة النص كترف فكري أو نقدي ، بل ينظر اليه كمدخل نقدي قادر على فتح مغاليق النص وتمكن الناقد من أستقرائه . أضافة الى أستثماره بما يتضمنه من قوة لفظية ترسم ملامح هوية النص وترسل اشارات أسلوبية ودلالية أولية للقارئ ، وعنوان نص الشاعر "علاء الدين الحمداني" الذي يحمل مسمى (ضفة الشيطان) ، شكل العتبة الأولى في القراءة ، نتعرف من خلاله على محاولة الشاعر أن يكتب عن الجانب الآخر من الضفة ، الجانب المسكوت عنه (الإنسان/الشيطان) ، يخبرنا عن وجود مساحةٍ وحيزٍ للشر يكون الإنسان فاعلاً له ، بل سوف يبرئ ساحة الشيطان ، في عملية تبادل الأدوار بين الإنسان والشيطان ، طارحاً من خلال تلك الجدلية أسئلة الذات الإنسانية المسكونة بالقلق الوجودي والهواجس المحيطة بحياة الإنسان المتخمة بالعقد النفسية وأزدواجية الشخصية والبودقة التي أنصهرت بها أمراض العصر .
(الشيطان) لفظ واللفظ رمز يشكل صورة في السياق اللغوي ، وهو المفتاح الذي سوف يستخدم في قراءة نص الشاعر "علاء الدين الحمداني" (ضفة الشيطان) ، الذي يُعيّن القارئ في مواجهة نص مركب ، من خلال قراءة فراغات النص ، والغوص عميقاً في أعماقه . أن الشاعر في نصه المركب هذا لايريد أظهار المتعة الجمالية التي يوفرها الشعر بلغته ومجازاته وأستعاراته ، إنما أراد أن يحفر في تراث "أنثربولوجيا المجتمع" باحثاً مع القارئ عن الوعي الجمعي المتشكل من عمق تاريخي تمتزج فيه الرؤى الأسطورية مع الرؤى الدينية التي صاغت رؤاها عن الشيطان ورمزيته .
قد يتحسس الناقد أو القارئ الرؤية العميقة للشاعر في التعبير عن "الشيطان" بطريقة شعرية تكون مدخل لمعرفة ملامح الصورة الشعرية التي تختزل كل النص من أجل فضح الإنسان في تمرده الشيطاني ، والذي يرى أن الشر لم يتسبب فيه الشيطان فحسب ، إنما الشر في جانب أخر منه ينشره الإنسان بين أبناء جلدته .

مسكون هذا الجانب
لا تقترب
فيه ..من الإنس الكثير
لو أحببت ..

فالشاعر يريد أن يقنع المتلقي بأن مصدر الشر ليس في الصورة الشيطانية الراسخة فى العقل الجمعي ، إنما الشر ينتشر بين البشر كذلك ، ويولد من رحم الإنسان . إذاً هو صورة للشر والجشع والرغبة المتجذرة في أعماق النفس الانسانية ، حين تفرض نفسها عليه . وهذا مصداق ما ذهب اليه المستشرق ألألماني "فريدريك روكرت" 1788 - 1866 م ، في قوله:(غادر الشيطان العالم ، لأنه يعلم أن الناس يعذب بعضهم بعضاً ) .

هناك في ضفة الشيطان
قلم .. كتاب .. أزميل ..
بعض من الأسمال
تواري سوأة البوح الماجن..

نص الشاعر "علاء الدين الحمداني" يحتاج إلى قارئ منفتح على كثير من المعارف حتى يتمكن من أن يعيد نتاج الدلالة التي يستنبطها الشاعر من روافد معرفية كثيرة . لقد أستحضر الشاعر في نصه "الشيطان" ليأخذ دلالته ، ليكون رمزاً للتمرد وذات دلالة معجمية ودينية وأخلاقية تفيد المعنى المقصود .
نحن نعرف أن الشيطان أرتسم في مخيلة الإنسان منذ القدم فهو مرتبط بالتمرد على الأوامر الإلهية ، وهذه الفكرة وجدت في حضارات وادي الرافدين والمصرية والهندية واليونانية وكذلك في الأديان السماوية والوضعية ، حين يوصف "الشيطان" في الأديان والحضارات كرمز يجسد قوى الشر ، وهذه الفكرة تشكل قاسماً مشتركاً بين الناس في مختلف الأزمنة والأمكنة ، وفي مختلف الديانات في ربط صورة الشيطان بالشر . ولكن هناك من يعتقد بوجود قوى ، لها عقل وفهم وقدرة ، هي سبب الشر في الحياة ، فلا تجعل من الشيطان أن يختزل الشر فيه فقط ، هذه القوى تمثلت بالبشر ، بل أن بعض البشر شياطين بتكوينهم العقلي والنفسي . وهذا لا يعني نكران ذكر "الشيطان" وقد ورد كثيراً في القرآن والأحاديث النبوية والشعر والحكايات ، وفي تراث الانسانية بصورة عامة ، ولكن عندما تطرح قضية "شيطنة الإنسان" ليست انعكاسًا لمفاهيم دينية سائدة ، رغم أنها تعالج قضية دينية بعينها ، متعلقة بالشيطان والإنسان ، وأنما هناك من العلماء من أشار الى أن شياطين الأنس (هذا النوع من الشياطين خطير فعلاً وخطورته تكمن في إنه يتكلم بلسانك المادي فهو يقتلك ويعطيك السلاح والقنبلة لتقتل بها الإنسان الأخر ويسرق بيديه ويعلمك سبل السرقة) . بالرغم من أن للشاعر تناصه الديني مع النصوص الدينية ، فيتناص مع لغة القرآن الكريم في أكثر من موضع لغةً وصوراً .

هنا أُرضة المنسأة
تلوذ باليباب
...
ظلين يتبعانك ..
أينما تولي شطرك
يعقبك ظل أخر

الشاعر"علاء الدين الحمداني" يمارس وعياً شعرياً عبر الكشف عن التناقضات النفسية للإنسان وعن الوقائع والأشياء التي تتعلق بعوالمه . فهو يرى أن الشياطين أصبحت تتعلم من الإنسان الشرور والأفساد ، وأن الشيطان ليس المحرك الأساسي لهما ، بل أن الفساد الحقيقى هو فساد الضمير الإنسانى . أن النص منفتح على تأويلات تتضارب والرؤى تختلف من أجل الوصول الى الحقيقة التي يريدها الشاعر ، وأعتقد أن كثرة التأويلات هي دلائل تشير الى نجاح الشاعر في الوصول إلى القارئ على أختلاف توجهاته . لقد قدم لنا الشاعر نصاً بلغة فلسفية رمزية نفسية أجتماعية ، بمجمله ساقه على ما أمتلكه الشيطان من أدوات ،والرمز عنده ربما كان لغزاً مبهماً ، ولكن ليس بالصيغة المباشرة ولا التقريرية ،وهذا في حد ذاته موقف محمل بالإثارة ، إنه رمز وطاقة شعرية وصورة تنطق بكل المعاني والدلالات التي جمعها في عنوان النص (ضفة الشيطان) . أن الحجر الأساس في البناء الشعري للنص هو (الشيطان) الذي أحسن الشاعر أستغلاله ، وكان ذلك في قوة بنائه وتماسكه ، وقوة معانيه الذي بث فيها الروح .
النص متخم برمزية عالية تكاد أن تكون جميع مكوناته رمزاً ، حتى يترائ للناقد أن هناك نصين في نص واحد ، نص ماثل أمام القارئ كما أراده الشاعر ، ونص غائب لايكشف عنه إلا القارئ أو الناقد الذي يسير بين الضفتين ، يتلمس فعل الإنسان ووحشيته التي فاقت الشيطان ، حتى ذُهل من الحماقات التي أرتكبها ، والتاريخ خير شاهد على جرائم الإنسان بحق أخيه الإنسان ، وإلا بماذا نفسر أندهاش الشيطان وهو فاغر فاه .

يتبين لك
من ذر الرماد بالعيون
دكات بافواه فاغرة

ترى الناقدة الفرنسية "جوليا كريستيفا" أن النص الشعري أي نص (لوحة فسيفسائية من الاقتباسات ، وهذه الاقتباسات أو النصوص الغائبة تتداخل في النص الشعري كمكونات أدبية وثقافية متنوعة تتواشج وتترافد من أجل صناعة الدلالة الكلية للنص) .



#حسين_عجيل_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدلالة الوجودية في نص الشاعر جواد الشلال(البياض)
- ثنائية الطفولة والحرب قراءة في نص الشاعر يعقوب زامل راضي (طي ...
- قصيدة اللحظة سيرورة الزمن الشعري قراءة في ديوان ((أقرب مما ي ...
- قراءة في كتاب (عبد الجبار الفياض حكيم من أوروك) للباحث والنا ...
- قراءة في ديوان-وجعٌ عائمٌ في لغتي- الشاعر ماجد الربيعي نايٌ ...
- إضاءة على نص الشاعر -جاسم ال حمد الجياشي- (إغفاءةٌ / فوق رما ...
- رؤية الريادة السومرية للحداثة
- فلاح الشابندر شاعر تجاوز زمن كتابته
- أمين جياد .. قراءة في ديوان (إن نسيتُ .. فَذكّروني)
- الشاعرة ميسرة هاشم الدليمي إشكالية الجرأة عربدة شفاه أم ...
- الشاعر فاضل حاتم .. بين عضوية (الألم) ووجوديته


المزيد.....




- ثبتها الــــآن .. تردد قناة ناشونال جيوجرفيك لأعظم الأفلام ا ...
- الفائزة بنوبل للآداب هان كانغ: لن أحتفل والناس يقتلون كل يوم ...
- علاء عبد الفتاح: الناشط المصري يتقاسم جائزة -بن بنتر- الأدبي ...
- اعلان 1 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 167 مترجمة Kurulu? Osma ...
- -مندوب الليل- يحصد جائزة الوهر الذهبي واحتفاء بالسينما الفلس ...
- عفيف: من المؤسف ان بعض وسائل الاعلام في لبنان تصدق الرواية ا ...
- روسيا تسلم سوريا قطعا أثرية اكتشفها الجيش الروسي في تدمر
- الإمارات العربية إلى جانب 6 دول أخرى تشارك في مهرجان -أسبوع ...
- دور قبائل شرق ليبيا في الحرب العالمية الثانية
- الاستشراق البدوي.. الأساطير المؤسسة لرؤية الغرب للشرق


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيل الساعدي - قراءة في نص الشاعر -علاء الدين الحمداني- ( ضفة الشيطان)