أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبدالله المدني - المساواة الجندرية كحل لمعضلة اليابان الديموغرافية















المزيد.....

المساواة الجندرية كحل لمعضلة اليابان الديموغرافية


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 1474 - 2006 / 2 / 27 - 09:52
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


حظي ملف المساواة الجندرية في اليابان ، و لاسيما في الوظائف و الرواتب و المكافآت و فرص العمل و الترقي ، باهتمام خاص منذ أواسط الثمانينات التي شهدت تمرير قانون في البرلمان لضمان المساواة بين الجنسين في العمل. و قد تزايد هذا الاهتمام في السنوات الأخيرة، خاصة مع وجود رئيس الحكومة جونيتشيرو كويزومي في السلطة، هو الذي يعتبر من أكثر ساسة البلاد انتصارا لإنصاف المرأة و تعزيز حقوقها.

صحيح أن أعداد النساء في مواقع العمل في اليابان كثيرة، حتى ليخيل للمتابع عدم وجود تمييز حقيقي ضدهن. إلا أن الحقيقة المرة هي أنهن في هذه البلد المتقدم لا زلن يعانين من الكثير من المشاكل و حالات التمييز الفاقعة. فالكثيرات منهن لا يوظفن إلا في وظائف ثانوية أو يعملن بدوام جزئي أو بعقود عمل مؤقتة، ناهيك عن استبعادهن من المكافآت و العلاوات و بدلات العمل والسكن التي تصرف حصريا لأرباب الأسر، و اغلبهم بطبيعة الحال من الذكور.

و تفيد نتائج دراسة أعدها المنتدى الاقتصادي الدولي و نشرت في مايو 2005 حول المساواة بين الجنسين في 58 اقتصادا من اقتصاديات العالم المتقدمة أو الصاعدة، أن اليابان تقبع حاليا في المرتبة 54 لجهة الفرص السياسية المتاحة أمام المرأة و في المرتبة 52 لجهة الفرص الاقتصادية. و في الدراسة المذكورة أيضا ما يفيد أن نسبة لا تتجاوز العشرة بالمئة فقط من المناصب الإدارية المتقدمة في ثاني اكبر اقتصاديات العالم تشغلها النساء، و أن 30 بالمئة فقط من النساء العاملات استطعن تجاوز القيود و المشاكل بعد الحمل الأول و الاحتفاظ بوظائفهن.

إلى ذلك تبين من دراسة أخرى أعدتها دائرة ملحقة بمكتب رئيس الحكومة و خاصة بخطة المساواة الجندرية، أن 63 بالمئة من الشركات اليابانية ليس لديها أية خطط لتوظيف أعداد اكبر من النساء رغم براعتهن المشهودة و مواهبهن الكثيرة في الاضطلاع بما يوكل إليهن من مهام.

أما الأمم المتحدة التي تبنت منذ عام 2000 برامج لتحقيق المساواة الجندرية في العالم، فتقول في دراسة أجريت على أحوال النساء في 70 دولة، و اعتمدت على أربعة معايير رئيسية هي عدد المقاعد النسائية في البرلمان و نسبة من يشغلن الوظائف الإدارية المتقدمة و نسبة النساء الحاصلات على تخصصات علمية و فنية من المجموع الكلي و معدلات دخول النساء مقارنة بدخول الرجال، أن اليابان تحتل المرتبة 41 .

ومما لا شك فيه أن هذه النتائج تعكس و تؤكد تخلف اليابان في تحقيق المساواة الجندرية مقارنة بدول متقدمة أخرى مثل كوريا الجنوبية، بل حتى مقارنة ببعض المجتمعات النامية مثل الفلبين التي تتحسن فيها أوضاع المرأة باضطراد. فكوريا الجنوبية المجاورة مثلا نجحت كثيرا في الارتقاء بأوضاع نسائها، و لاسيما على صعيد تمثيلها في البرلمان بفضل تطبيقها لسياسات الكوتا و التي تشترط أن يكون نسبة 30 بالمئة على الأقل من المترشحين للانتخابات هي من النساء. أما في اليابان ، التي من الصعب تطبيق مثل تلك السياسات فيها بسبب عدم وجود إجماع شعبي حولها، فان نسبة المترشحات لانتخابات مجلس النواب في عام 2000 مثلا كانت 14.4 بالمئة من العدد الكلي، فيما كانت نسبتهن إلى الفائزين هي 7.3 بالمئة. و بمقارنة هذه الأرقام بأرقام انتخابات العام 1996 ، نجد تقدما بنسبة 10.2 بالمئة لجهة عدد المترشحات و نسبة 4.6 بالمئة لجهة الفائزات بالمقاعد، لكنه يظل تقدما طفيفا.

في أسباب تخلف اليابان على صعيد المساواة الجندرية في الوظائف، تبرز عدة عوامل لعل أهمها مناخ الأعمال الذي يسيطر عليه الذكور بالكامل، و سيادة الثقافة التقليدية التي تقول أن "الرجل للعمل في الخارج، و المرأة للعمل في المنزل" ، ناهيك عن ضعف مشاركة النساء في الحياة السياسية و بالتالي عدم امتلاكهن لصوت قوي داخل المؤسسة التشريعية لفرض التغيير.

و يرتبط بموضوع المساواة الجندرية في اليابان مسألة العنف الأسري و الذي غالبا ما يقع على الزوجة من قبل زوجها أو على الفتيات من قبل آبائهن. حيث دلت دراسة أجريت في عام 2000 من قبل مكتب رئيس الحكومة، أن 4.6 بالمئة من الإناث أو واحدة من كل عشرين أنثى معرضة للعنف الأسري. و طبقا للكاتبة و الناشطة اليابانية هيرومي آيكوتشي ، فان هذه الظاهرة التي كانت إلى وقت قريب من المواضيع التي يندر الحديث حولها بفعل ثقافة الخجل اليابانية، لا علاقة لها بالفقر أو الإدمان بقدر ارتباطها بالاكتئاب و الضغوط النفسية الناجمة من وتيرة العمل المستمر و التنافس المحموم داخل المجتمع.

و لئن كان ما تحدثنا عنه هي مشكلة تعاني منها مجتمعات كثيرة بنسب متفاوتة، فإنها في اليابان مشكلة تسبب تحديا و أرقا كبيرا لصناع القرار لتأثيراتها الديموغرافية و الاقتصادية السلبية. فمن بين كل أربع يابانيات توجد واحدة عزباء، لأنها تخشى فقدان وظيفتها إن هي أقدمت على الزواج والإنجاب بسبب ما يترتب على قرارها من مسئوليات منزلية و تربوية، لا سيما في ظل غياب قوانين واضحة تفرض على أرباب الأعمال التساهل مع الأمهات العاملات لجهة ساعات العمل واجازات الحمل و الرضاعة و بدلات رعاية الأطفال، و غياب ثقافة مجتمعية تحمل الرجل جزءا من مسئوليات المنزل و رعاية الصغار.

ولهذا السبب فان معدلات الإنجاب في اليابان تسجل هبوطا مستمرا، بحيث وصلت في عام 2004 إلى 1.29 مقارنة بنسبة 2.13 في الولايات المتحدة. ومن هنا صار الديموغرافيون يدقون أجراس الخطر، متوقعين أن ينخفض عدد سكان البلاد من 127 مليون نسمة حاليا إلى 64 مليون نسمة في نهاية القرن الجاري إذا ما استمر التمييز ضد المرأة اليابانية على حاله. و هذا سيترك بطبيعة الحال آثارا سلبية على الاقتصاد الوطني ينتظر أن تظهر أولى تباشيرها في العقد القادم.

هذا المأزق الديموغرافي كان هو المحرض الأول لكويزومي على الشروع في خطة وطنية جديدة حول المساواة الجندرية، من أهدافها وضع المزيد من النساء في المناصب القيادية و المقاعد البرلمانية، و تقديم حوافز مالية للنساء العاملات لمساعدتهن على الجمع بين العمل و الإنجاب، وتوفير برامج لتدريب النساء بتوقيت مرن لمساعدتهن على العودة إلى وظائف تركنها بسبب الإنجاب، و توفير أماكن في مواقع العمل لرعاية الأطفال مع تكليف أرباب العمل بدفع كافة النفقات، و غير ذلك من الإجراءات الهادفة إلى محو ما يتمتع به الرجل الياباني من أفضلية لجهة الوظائف و الأجور و ساعات العمل.

غير أن القوى التقليدية و الرموز المحافظة لا تزال تواصل معارضتها للتغيير، الأمر الذي قد يعطل الخطط المقترحة أو يفرغها من محتواها مثلما حدث في مرات سابقة.

د. عبدالله المدني
*باحث و محاضر أكاديمي في الشئون السياسية
تاريخ المادة: 26 فبراير 2006
البريد الالكتروني: [email protected]



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استباقا لازمة محتملة حول عرش الأقحوان
- من يمول التطرف و العنف في بنغلاديش؟
- خان عبدالولي خان
- الزيارة التي تأخرت نصف قرن
- آسيا تدشن العام الجديد بإطلاق تكتل جديد
- مرور عام على تسونامي: المشهد و الدروس
- لا يزال هناك من يحلم بالدولة الشيوعية
- أصبح الآن عندهم برلمان
- ما بين الرياضيات السنغافورية و العربية
- ملكية فريدة و ملك فريد
- نحو إقامة نظام نفطي آسيوي بقيادة الهند و الصين
- أفغانستان تؤكد هويتها الجنوب آسيوية
- الوزير المثير للجدل
- امرأة الصين الحديدية
- النفط الروسي كمحور للتنافس الصيني- الياباني
- النسخ الآسيوية من الزرقاوي
- الهند تنحاز إلى إناثها
- مطاردة -الأحمديين- تمتد إلى اندونيسيا
- -فرقة مريم-.. نمط جديد للأمر بالمعروف
- جنرال مسلم لقيادة جيش تايلاند -البوذية-


المزيد.....




- تقرير داخلي للشرطة ”كان يمكن إنقاذ عدد من النساء المعنفات من ...
- من هي المغربية وداد برطال بطلة العالم في الملاكمة النسائية؟ ...
- أحصلي على 800 دينار جزائري “طريقة التسجيل في منحة المرأة الم ...
- بثقة متجددة وإصرار.. النساء يدخلن معركة الانتخابات البلدية ف ...
- لوفيغارو: الدور الغامض الذي لعبته النساء في هروب محمد عمرا
- 800 دينار..لينك التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت 2025 و ...
- كنيسة تبارك تعدد الزوجات في حفل زفاف جماعي بجنوب أفريقيا
- عائلات بأكملها مهددة بالانقراض!.. دراسة تكشف المعدل الحقيقي ...
- ميديا بارت: رجل يكسر الصمت ويفضح ملف الاغتصاب في حرب كوسوفو ...
- -القدس عاصمة المرأة العربية-.. تكريما للمرأة الفلسطينية ولتس ...


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبدالله المدني - المساواة الجندرية كحل لمعضلة اليابان الديموغرافية