أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس مهدين أحمد - أنا جالا صبية سورية ج2














المزيد.....

أنا جالا صبية سورية ج2


ادريس مهدين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5724 - 2017 / 12 / 11 - 09:53
المحور: الادب والفن
    


مرَ على مغادرتي من حجرة الحب .. ساعتين إلا بضع دقائق أو بالأحرى ساعتين إلا إنت . إستنشقت فيه ذرات عطرك " شاب شجرة الصنوبر " حتى الثمالة إلى أن أتى الطبيب المشرف و حاول نزع جهاز التنفس من بين شفتي و أنا كنت بدوري أحاول جاهدة أن أبقى قدر المستطاع محتفظة بما تبقى لي منك , لكن محاولاتي بائت بالفشل يا صنوبري .قال الدكتور : حمداً لله على سلامتك آنسة جالا يمكنك مغادرة المشفى " . . كنت أتمسك بجهاز التنفس بكلتا يدي لعلى يغمى علي مرة أخرى و أسبح في عبير عطرك . لكن خذلني الدكتور .


" لك ليش هيـــك ؟ كمان شوي أنا محتاجة بارفانه .. قصدي الأوكسجين أنا تعبانة " . رد الدكتور : إنت بصحة جيدة و بإمكانك مغادرة المشفى .


جميل هذا الشعور إنك تعشق أحداً من أول نظرة و خاصة إنك تحب لأول مرة " .. أول مرة يا جالا ؟؟ و شو ميشان إبن جاركم أحمد ؟؟ و الأستاذ معتصم ؟ و لا هاد الوسيم الأشقراني أخوها لرفيقتك ؟؟ . لم يكونوا كما تظن يا عقلي الصغير بل كانوا حب عذري . ثلاثتهم أحببتهم حباً عذرياً , أي عادي بتصير وين الغرابة بالموضوع ؟ .


خرجت من المشفى إلى موقف الباص وجهتي إلى مكان عملي " جَوىَ للعطورات و الهدايا " في منطقة أبو رمانة . وصلت و كان في إنتظاري يامن صاحب المحل . يامن شابٌ جميل , طويل و طموح و معجباته من النساء كثيرات , " بس مو أنا , و لا هو من ستايلي " . ستايلي هو شاب شجرة صنوبر " يخرب بيته مزع عقلي من راسي " .


سألني يامن عن سبب تأخري أكثر من ساعتين عن الدوام . قلت بأن أمي كانت مريضة و لم أستطع مفارقتها إلى أن تحسنت نسبياً . لا أريد أن يعرف أحداً بفارسي الذي خطف قلبي بعنف و كأنه ينتقم من قاتل والده . لا يهم كيف خطف , المهم إنه خطف و مشي الحال .


في المساء بينما عائدتٌ أنا من دوامي , أمشي و عينايا تراقبان سكان الحي كطفلٍ تائهٍ يبحث عن أمه . أبحث عن فارس أحلامي لكن , لا شيء يدغدغ عيني و لا حتى أنفي , الروائح هي نفسها الرائحة الوحيدة التي أعتادت أنفي على شمها في هذا الحي هي رائحة الخضرة المتعفنة من دكان العم أبو عبده لا أعرف لِمَ يبقى إلى آخر الليل ليغلق دكانه خاصة و إنه طاعنٌ في السن , ربما إنه يخاف من زوجته ففي إحدى المرات سمعت من أمي على لسان إحدى الجارات إن العم أبو عبده هدد زوجته و هو داخل خزانة الملابس الخاصة بغرفة نومهم نادى بأعلى صوته، " لنرى كلمة من ستمشي في هذا البيت".

لا أعرف كيف لإمرأة تسمح لنفسها أن تهيّمن على زوجها . أنا عن نفسي إن شاء القدر و تزوجت فارس أحلامي سأمسك يده و أضعها على صدري برفق كحبات المطر المنهمرة على خدود الأرض و نمتطي حصانه الأبيض . " يا عمي حصان و لا كر المهم يجي لأنه حاسة فاتني القطار و ما عاد يندق باب بيتنا " .


فتحت باب البيت , أمي الحنونة كعادتها أعدت العشاء و تنتظرني .

مساء الخير أمي .

مساء الفل جالا.

رسمت على شفتيها اللتان تشبهان زهر الرمان إبتسامة و نظرت إلي و قالت : عيناك ترقصان فرحاً يا جالا ,ما سرهما ؟ .

لا شيء يا أمي فقط أني أخذت جرعة زيادة من التفاؤول اليوم .



ها قولي لي كيف كان يومك يا جالا, سألتني و جلست على كرسيها الهزاز لتكمل رسمة على " الكناويشا " . فأمي الحنونة و رغم تخطيها حدود الستين و عيناها ما عادتا تساعدانها على التمييز الأشياء من بعيد إلا إنها مصرة على أن تقوم بنفسها بتجهيز جهازي . مشغولة أمي هذه الأيام برسمٍ و تطريز على الشراشف و وجوه مخدات . " المسكينة صارلها سبعة سنين و هي عم تجهز و تحضّر لعرسي " . ورودٌ حمراء و قلوب صغيرة بريئة تحوم حول مدار المخدة المطرزة بإتقان على الأقمشة , جميعها مطبوعة عليها قبلة حنونة من أمي و تنتظر أن تفرج عنها و تنثر عبير قبلاتها في أرجاء غرفة نومي أنا و عريسي " يلي ما عرف يجي " .

" سبع سنين يا ظالم و ما عرفت تندل باب بيتنا ؟ و الله هينة عنوان بيتنا " شام _القابون حي ذو الفقار " .


أجبتها و أنا أنظر من النافذة أراقب المارة : يومي كان جميلاً فقط بدأت يومي " بــ " و وقفتُ عن الكلام و إنتاب المكان صمتي قليلاً وكاد وصف ما جرى لي هذا الصباح أن يشكل فراراً من فمي المطبق على هذا السر بإحكام شديد .

سألتني أمي ما بك و لِمَ وقفت عن الكلام ؟

لاء لا شيء , و إنهمرتُ على الطاولة الأكل و سرحت عيناي بعيداً تبحث عن مستقرٍ لهما .



يتبع ...



من سلسلة " أنا جالا صبية سورية "







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا بخير الحب , بخير
- شكراً لدماء الشهداء
- الحنين
- أكمِليني
- خطوة إلى الوراء
- دع الضمير


المزيد.....




- دميترييف: عصر الروايات الكاذبة انتهى
- عن قلوب الشعوب وأرواحها.. حديث في الثقافة واللغة وارتباطهما ...
- للجمهور المتعطش للخوف.. أفضل أفلام الرعب في النصف الأول من 2 ...
- ملتقى إعلامى بالجامعة العربية يبحث دور الاعلام في ترسيخ ثقاف ...
- تردد قناة زي ألوان على الأقمار الصناعية 2025 وكيفية ضبط لمتا ...
- مصر.. أسرة أم كلثوم تحذر بعد انتشار فيديو بالذكاء الاصطناعي ...
- تراث متجذر وهوية لا تغيب.. معرض الدوحة للكتاب يحتفي بفلسطين ...
- -سيارتك غرزت-..كاريكاتير سفارة أميركا في اليمن يثير التكهنات ...
- -السياسة والحكم في النُّظم التسلطية- لسفوليك.. مقاربة لفهم آ ...
- كيف تحوّلت الممثلة المصرية ياسمين صبري إلى أيقونة موضة في أق ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس مهدين أحمد - أنا جالا صبية سورية ج2