أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايدة نصرالله - الذي سافر في غفوة














المزيد.....

الذي سافر في غفوة


عايدة نصرالله

الحوار المتمدن-العدد: 1473 - 2006 / 2 / 26 - 08:02
المحور: الادب والفن
    


ما هذا الثقل الذي يسقفني ؟ أعوذ بالله . هل أنا نائم؟ نعم . أنا نائم . ولكني أتكلم . ربما أنا أحلم وأتكلم . ولكن هل النائم يشعر ثقلا ؟ نعم يشعر ، بل ويركض ويضحك ويبكي وحتى يمارس الجنس . إذن أنا أحلم . . حاول أن يتفحص جسده . ولكن يداه كانتا كقطع فولاذية أبت أن تستجيب له. حاول فتح عينيه ، ولم ير سوى ظلمة داكنة . شيء ما دخل إليهما ، أحس به وكأنه يلمسه بيده . شيء كذرات ملح . فأدرك أنه ربما كان صاحيا وأن ما ينتابه ليس بحلم . ففزع " يا الهي ، أأكون قد سافرت إلى عالم الآخرة ؟ أيكون هذا الذي أنا فيه هو القبر؟ ولكن الميتين لا يتكلمون. و ما هذا الدوي؟ أيكون البوق الذي تنفخ به الملائكة ويكون هذا هو موعد الخروج إلى ظاهر الأرض ؟ تبا أية أرض هذه التي أصفها ؟ سمع دوي آخر . مما جعله استذكار شيء ما قبل أن يكون في هذا العالم الغريب .

" منذ دقائق فقط كنت في بيت فسيح ما زال صوت العصافير يسكن ذاكرتي وهي تغرد على أشجار الليمون . حاول أن يشم رائحة الليمون . لكنها كانت غائبة . عالم آخر تسلل إلي عقله . صيحات غادة الصغيرة آخر ما سمعه قبل هذه الظلمة . تذكر أنه ذهب لهذا السفر المدلهم بعد عاصفة رعدية ، فطن إلى ذلك الثقل . فأصيب بهلع شديد.

إذن هو في عالم آخر.
" أهذا هو القبر الذين يتحدثون عنه . ولكن لا يوجد من يحاسبني هنا . حاول أن يشد أزره بكل ما به من قوة وشد رجليه . إلا أنها لم تتزحزح سوى سنتمتر واحد . إذن هو في قبر . ومع ذلك فهو يستطيع الحركة. دفع برجله فأحس بشيء ينساب من بين رجليه ، شيء حار ولزج . أحس بالربكة و الحيرة ، " إذا كنت في القبر ما هذه الرطوبة ؟ " يجب أن أتذكر أكثر فأكثر : لأبدا خطوة خطوة ، سمعت صاعقة , بعدها لم أدر إلا وأنا في هذه الحفرة . وقد زحزحت رجلي . إذن شيء ما قد حصل وأنا حي . وهذه الرطوبة يبدو إنها ترجمة للخوف الذي انتابني . عندها فطن اليها , أين هي ؟ أين ذهبت تلك التي تألقت في خيالي منذ الأزل ، هل ما زالت عيناها ذلك النهر الذي طالما شدني إليه للخوص فيه . تلك الرعدة ؟ هل أودت بها أيضا " ؟ ريقه ناشف ولكن هناك طعم ما في فمه يشبه طعم القهوة الملأى بالهال. " نعم كنت أشرب القهوة وقتما ارتعدت الدنيا " . طعم القهوة شد له صورة زينب وهي تلبس شالها الأبيض وثوبها المطرز وقد أحضرت له فنجان القهوة . على شرفة الليمون . هكذا كانوا يسمونها لأنها تتعطر بفروع ليمونة تنتصب إلى جانبها . بعد تلك الرعدة لم يعد يرى زينب ولا صاحبة العينين النهريتيتن . ترى ما الزمن الذي قضيته في هذا العالم؟ أمعقول أنني ميت؟

دفع رجليه مرة أخرى باتجاه الأسفل فاتسعت رقعة الفجوة . فأدرك اتساع القبر الذي سافر إليه . وسقط فجأة إلى هوة قد أفلتت يده من تكبلهما .
عيناه ما زالتا تغطسان في ظلمة . إلا انه استبشر خيرا في انعتاق يديه . حاول فتح عينيه ولكن تلك الذرات الصلبة سارعت به إلى إغلاقهما مرة أخرى . حرك يديه فلطمتا بشي طري . أمسك بذلك الشي فلمس قماشا ، حرك القماش شد القماش ولكنه لم يخرج بشيء ، وسقط بين يديه شيء أحسه ، فلمس شيء أشبه ما يكون باللحم . " إذن أنا في قبر " . " لأحاول أن أدفع نفسي إلى أعلى ، إلى أعلى ، إلى أعلى " .

شعر أنه يسير إلى فتحة ، فتح عينيه لأول مرة ، نظر فرأى مدى أرض شاسع ، من لا حدود له من السعة . " ربما هذه الصحراء ، ولكن إذا كانت صحراء ، فأين السماء " ؟
سبح من الأسفل على ظهر ذلك السديم من الأرض ، نظر إلى نفسه تحسس جسده ، كان يلبس قميصا أبيض وربطة عنق ، وجاكيت شتوي، وحذاءه في رجليه . " إذن هو قد دفن حيا . أحس بدبيب نمل غريب يزحف إلي قلبه وفجأة انفجر باكيا ، أدرك انه وحده الآن . لم يكن أثر لشجرة الليمون أو لأي اثر حي فوق .ارتعب " : هل قامت القيامة ؟ ولكن أنا الوحيد القائم هنا . ما هذا الفراغ الذي حل بالمكان ، فراغ صامت ، فراغ غير آهل بأي نوع من البشر " . نظر إلى البعيد . لم يكن هناك سماء ، كاد يجن مما رأى : " هل يكون السماء هو ما يقف عليه الآن .
أين ذهبت الأرض . وهي ؟ هي ، أين آل مآلها ؟ . " راودته فكرة ذكية " . الآن أنا الوحيد فوق : ماذا لو ذهبت إلى تحت ورأيت ما يوجد هناك . فربما وجدتها . عندها سنعود ونبدأ فنتح هذا السماء الجديد .

كالمجنون بدأ يحفر ويحفر ، كانت تجري بين يديه من حين لآخر أشياء لم يتبين هويتها . وقعت بين يديه كرة لها عينين وشفتين .

عندها غامت عيناه لحق بدنياه إلى الأسفل حين أدرك ما حدث . فجأة نزعت عينا زينب ورائحة الليمون منه الضوء ولحق ليبحث عن صاحبة العينين في ذلك السديم .



#عايدة_نصرالله (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البطل الافتراضي
- -شاعر القصيدة التي تبتلع قراؤها-
- شهقة الموت السريري
- قلبي على الحافتين
- -العطش-: استلاب الجسد المكان والصبو للعبور
- الجارزة السوداء
- أنين المقاهي
- رجل يهتك ليل الأسئلة
- مقطوعة شعر
- مقطوعة شعر بعنوان -زارا رحلة التجلي في هوس النقاء
- كطيف كونته مخيلتي
- زارا: رحلة المبتغى في هوس النقاء
- خصلة شعر


المزيد.....




- قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة
- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايدة نصرالله - الذي سافر في غفوة