أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيلوس العراقي - موت ستالين في البيت الأبيض















المزيد.....

موت ستالين في البيت الأبيض


سيلوس العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 5717 - 2017 / 12 / 4 - 22:14
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كانت ادارة ايزنهاور وليدة جديدة فكانت تبلغ من العمر بالكاد 6 أسابيع وكان عليها مهمة ليست بالهينة وهي دراسة حدث الساعة الراهنة : موت ستالين. وكيف سيتم التعامل معه وبالأحرى التغييرات التي ستحدث في الموقف السوفيتي فيما بعد موت ستالين.
اليوم (في عام 1956) الدراسة مكثفة جدا، كبار ورؤساء موظفي الحكومة يعتقدون أن الحملة السوفيتية الحالية ستقوم بمسح عبادة ستالين مسحًا، وسيكون القيام بهذا العمل الرئيسي تطورًا كبيرًا وتاريخيا لفترة مابعد الحرب العالمية الثانية.

موت ستالين
ان قصة موت ستالين بدأت في الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف ليلة 3 آذار 1953.
رنّ تلفون على بيت روبرت كتلر الذي كان يحلم في نومه ، وبالتأكيد لم يكن ستالين موضوع أحلامه أو أحد شخصياته.
روبرت كتلر كان يشغل منصب المساعد الخاص للرئيس ايزنهاور لشؤون الأمن القومي.
نهض روبرت وأجاب على المتلفن وكان صوت آلن. دبليو. دالس شقيق وزير الخارجية الأميريكية ومدير وكالة المخابرات المركزية قائلا :
"هل سمعت الأخبار؟
أيّة أخبار ؟
تعرض ستالين الى جلطة (دماغية) وهوعلى مشارف الموت”.
انه خبر مفاجيء لكنه يعتبر خبرًا جيدًا.
وللحال اتصل روبيرت هاتفيًا على تلفون مرافق الرئيس ايزنهاور في منزله على الرقم الخاص. وأخبره بأن ستالين على مشارف الموت ستالين.
لكنهما رأيا بأنه من الأفضل أن يتركا الرئيس ايزنهاور نائمًا. لكنهما اتفقا على عقد اجتماع في السابعة صباحًا قبل وصول الرئيس.
كان يرنّ الهاتف طيلة الليلة تقريبًا.
في السابعة صباحًا تم الاجتماع، بالاضافة الى دالس وكتلر حضر جيمس هاكرتي وهو السكرتير الصحفي للرئيس (للبيت الابيض ) وسي. دي. جاكسون المستشار في الستراتيجية البسيكولوجية.
قال الرئيس ايزنهاور، بينما كان يتمشى عند الساعة 7.40 مرتديًا معطفا وقبعة جوزية اللون على رأسه وتتدلى خصلة من شعره على جبينه : مالذي يمكننا فعله حول هذا الحدث؟
فرأوا ان عليهم كتابة بيان لموسكو.
كتبوا بيانًا يعبرون فيه عن أملهم في أن يولي العلي القدير عنايته على شعوب الاتحاد السوفيتي ليعيشوا حياتهم في عالم يملؤه السلام.
على الغداء كان الرئيس مع سيدة البيت الابيض، بعد الظهر من يوم 5 آذار، حين تلفن السيد هاكرتي مخبرًا خبر موت ستالين رسميًا بحسب ماجاء في تعبير موسكو :
قلب الرفيق والملهم من لينين، القائد الحكيم والمعلم للحزب الشيوعي وللشعب السوفيتي ، جوزيف فيساريونوفيتش ستالين، توقف نبضه.
تم ارسال رسالة الى الكرملين من قبل الرئيس الاميريكي كانت غير عادية دبلوماسيًا، لأنها أهملت أي كلمة مديح أو ثناء لستالين.
حكومة الولايات المتحدة تقدم تعازيها الرسمية الى حكومة جمهوريات الاتحاد السوفيتي الاشتراكية بوفاة القائد العام ستالين رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي.
اتضح فيمابعد أن اهمال أي مدح أو مديح لستالين انه يقع في خانة الحدس الصحيح ، أو من عالم الغيب لما سيحدث فيما بعد!!
فبعد مرور 3 سنوات من رحيل ستالين، سيقوم نيكيتا خروشوف بحملة دعائية ستدهشُ العالم بأجمعه، في هجوم لخروشوف على ستالين في خطابٍ له في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي في شباط 1956. ومع أنه تم ابقاء الخطاب سريًا والتكتيم عليه، لكن ملامحه ومضامين منه بدأت تظهر في صحيفة البرافدا في آذار من نفس السنة. حيث هاجمت صحيفة البرافدا ستالين بوصفه بالتوحش الفائق وبقيامه بتأسيسٍ لممارسة عبادة الفرد في شخصه.
كما تكرّر الهجوم على ستالين في البرافدا في عددها في 7 نيسان بنشرها لمقالٍ لكبير محرري صحيفة الحزب الشيوعي الصيني "شين مين شيه باو" الذي يتهم فيه ستالين بأنه أهمل القيام باجراءات وقائية عشية الحرب على الفاشية .
ويذكر مصدر سري للمعلومات (في عام 1956) بأن خروشوف اتهم ستالين بجريمة عمليات التطهير التي قام بها وكذلك في أخطائه في قيادته السياسية.
وكان كبارالخبراء السياسيين والستراتيجيين في الولايات المتحدة في ربيع 1956 يتابعون ويدرسون عن كثب المتغيرات والتطورات التي تحدث في موسكو. متسائلين عن حجم ونوع المخاطر والمشاكل التي سيواجهها خروشوف في قيامه بتخفيض قيمة ومكانة شخصية ستالين والتعرض لها بهجوم واضح؟
في الحقيقة ، وفي حينها وبحسب المصادر الاميريكية المهتمة، ان الجواب على ذلك هو، نعم.
لأنه من الصعب إخبار الشعب السوفيتي بأن وجهة نظرهم حول ستالين وصورة ستالين التي كانوا قد بجلوها الى حد العبادة لعدة عقود من الزمن سيتم نبذها واهمالها وينبغي التخلص منها الآن.
ففي الحين الذي يتبين فيه الآن بأن ستالين كان معبودًا مغشوشا زائفا وكاذبا، فان ذلك ومن دون شك سوف يقلل من مصداقية خليفته ورفيقه خروشوف كذلك. وربما سيزول حلم الشعب في قدسية ومعصومية قادة الشيوعية السوفيتية من الأخطاء.
فكانت هناك بالفعل أعمال شغب في "تيفليس" في جورجيا البلاد الأم لستالين، كما حدثت اضطرابات رافقها استغراب كبير في دول المنظومة الاشتراكية في اوربا الشرقية لهذا التغير والتطور ـ الخطيرـ المفاجيء في موسكو.
لماذا أخذ وتبنى خروشوف ومن يدور في دائرته هذا الموقف الخطير ضد شخص ستالين ؟
هنا يتوفر سببان بحسب السياسيين والمهتمين بهذا الشأن في المخابرات المركزية الاميريكية في حينها:
الأول يهتم ويتعلق بخروشوف وبمن في دائرته الضيقة، والثاني يتعلق بالسياسات المستقبلية.
الاول ، ان جريمة ستالين الأولى والأساسية ليست بأنه كان سفاحًا ومن دون أي رحمة بشكل عام كما كان يتم تصورها. بل لأنه حوّل السلطة السياسية لتصبح ضد الحزب الشيوعي نفسه، وبذلك فانه خرّب وهدم المؤسسات وهدم سلطة الحزب الشيوعي، وأنه جمع الشعب حوله (من ضمنهم القادة الجدد في الكرملين !!) باستخدامه أساليب الخوف والترهيب والرعب. وانهم كقادة جدد لا يتمنون ولا يريدون تكرار دكتاتورية نظام ـ الفرد ـ الرجل الواحد الدكتاتور.
وثانيا، ان القادة الجدد قد قرّروا هدم تمجيد ستالين من أجل انجاز الحرية والمرونة في النشاطات السياسية ، في الداخل وفي الخارج.كما قرروا ذلك بشكل كامل من أجل اعادة كتابة كتب التاريخ وتجاهل شعارات ستالين التي أضحت لفترة طويلة كعقيدة غريبة في الحزب الشيوعي.
في الداخل السوفيتي، سيقوم القادة الجدد (بحسب المصادر الاميريكية في عام 1956) بمحاولة السيطرة على الطبقة البرجوازية التي ظهرت في الاتحاد السوفيتي. المتمثلة بالمدراء الكبار للصناعات السوفيتية وحلفائهم، وكذلك طبقة العلماء والتكنولوجيين الكبار. لكن بنفس الوقت فان هذه الطبقات الستراتيجية مهمة لبناء القدرات السوفيتية.

مع الرجال القادة الـ 11 الذي يمثل المجلس الرئاسي ـ البريسيديام ـ كان خروشوف الشخصية الأكثر نفوذًا وقوة لكنه لم يكن دكتاتورًا.
وكان السؤال الدائر في واشنطن في أواخر الخمسينات يتعلق بخطورة القادة الجدد على الولايات المتحدة :
هل أن خطر القيادة الجديدة خروشوف وحلقة القادة التي تلتف حوله عن قرب يشكلون خطرًا أقل أم أكثر على الولايات المتحدة ؟
من المحتمل أن يكون الخطر أكبر، حتمًا ليس خطرًا مباشرًا.
ان المخابرات الاميريكية تؤشر لنا بأن القيادة الجديدة السوفيتية لا تبحث عن حرب شاملة وعامة، على الأقل في السنوات القليلة القادمة. لكن أصبحت روسيا أكثر تهديدًا من الناحية العسكرية ففي اولوياتها العليا الحفاظ على مضاعفة تسليحها اضافة الى أن النظام الجديد مستمر في التمسك وفي احتضان ذات الايديولوجية المعادية والأكثر عدوانية.
ان القيادة الجديدة المضادة لستالين تحاول تغيير صورة الاتحاد السوفيتي الستالينية، فهي تحاول أن تظهر أكثر حلاوة وجمالا وقبولا ، صورة معتدلة ومقبولة !!، لتربح أصدقاء جدد في آسيا وربما أيضًا في دول الغرب التي خسرها ستالين بالصورة البشعة التي قدم بها نظامه.
فبعد وفاة ستالين ، قال الرئيس ايزنهاور في اجتماع في 6 آذار في 1953 انه غير مقتنع بتحضيرات الحكومة لحدث ما بعد ستالين. لأن الستراتيجية البسيكولوجية ـ النفسية ـ الخارجية القديمة كانت مركزة على ماذا سيحدث حين وبعد موت ستالين. أما الآن وقد مات ستالين، لكن الآن المطلوب قد تغير بوجوب التركيز على خطة لما يجب فعله لتكون الحكومة الاميريكية جاهزة للرد الفعلي. (هيرالد تريبيون 1956).
ومنذ ذلك الوقت تم استدراج الاتحاد السوفيتي بسياسات مستندة بشكل كبير على الدراسات الستراتيجية البسيكولوجية لقيادات موسكو الى أن تم إضعافها تمامًا والقضاء على النظام السوفيتي.
فتم التخطيط لموت الاتحاد السوفيتي في البيت الابيض منذ يوم موت ستالين.
وتم نجاح المخطط الاميريكي الغربي بنجاح..
لكن دخل العالم منذ ذلك الحين في حقبة تضاعفت فيها الأزمات العالمية، ربما ـ بحسب البعض ـ لم يكن ليمرّ العالم في مآزقه هذه لو بقي الحكم السوفيتي.
وبالرغم من انه لا يمكن بناء الافتراضات الصحيحة على أسس غير موجودة، لكن تبقى القاعدة في قراءة تاريخ أية حقبة تاريخية منذ نهاياتها وليس منذ بداياتها، مثلما يصرّ الشيوعيون على دراسة ثورة اوكتوبر بدءًا بعام 1917 ، وليس بقراءة رصينة وعلمية هادئة بدءًا بسقوط الاتحاد السوفيتي والعودة برويةٍ بطريق عكسية الى الخلف للبحث عن أي مواضع ومواقع كمنت فيها الأخطاء الجسيمة القاتلة عبر الماضي، التي كانت في مجموعها أسبابًا للنتيجة النهائية المميتة.
هل هناك في أيامنا من يقرأ قرب نهايات الحقبة التي تعيشها بعض بلدان منظقة الشرق الاوسط أو نهاية حقبة بلدان أخرى في العالم لا تعتقد حاليًا أنها متجهة الى نهاياتها المميتة ؟



#سيلوس_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تعاني من أي أزمة ؟ ستالين هو الدواء
- تأملات في قلق الروس أيام موت ستالين
- التوتر بين العراق وعبد الناصر في سنة 1960 ح 4
- تخبطات الشيوعيين العراقيين ح 3
- الشيوعيون العراقيون في زمن نظام قاسم ح 2
- البلاشفة وعبادة القديس لينين المحنّط
- علاقات السوفيت والشيوعية مع العراق في عهد عبد الكريم قاسم ح ...
- الاشتراكية : نظام لسعادة المجتمع أم لتعاسته ؟
- بعضٌ مما قيل في الشيوعية
- فشل الشيوعية في التطبيق والنظرية
- الماركسية تدعو الى الكسل والى افقار المجتمعات
- فيدل كاسترو برفقة الدجاج الكوبي في نيويورك
- جائزة نوبل للآداب تمنح لوقحٍ متغطرس
- معجزة : للبوسة أو لشجرة التفاح !
- في البدء كنّا أنا وأنتِ
- لماذا تكرهون اليهود ؟
- الاسلام بين تجسّد الله أو تجسّد الشيطان
- حينما يمزح الله
- حروب الايديولوجية الاسلامية في القرن الحالي
- رئيس وزراء العراق لا يشتغل بالسياسة


المزيد.....




- بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
- جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود ...
- مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب ...
- دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
- الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع ...
- الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة ...
- جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو ...
- بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق ...
- إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيلوس العراقي - موت ستالين في البيت الأبيض