أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله ابوليل - يوميات ناب كافكا المزعج 3














المزيد.....

يوميات ناب كافكا المزعج 3


هاله ابوليل

الحوار المتمدن-العدد: 5690 - 2017 / 11 / 6 - 15:34
المحور: الادب والفن
    


أن أصاب بالسعار !
يا للهول

هذا آخر ما قاله الناب قبل أن يخرج و يقفل الباب بالمفتاح الوحيد الذي أملكه لكي لا أخرج وراءه , فلابد أن هذا الناب يخطط لشيء كبير شيء يفوق الخيال ,
لقد عرفت لتوي, إنه داهية عندما مط جسده من باب الخروج إلى الشرفة تاركا عينيه في العين السحرية
و قائلا لي حكمته الأخيرة :"
إنهم يطاردونك كالعادة ويقصد الكلب وصاحبه الذي تزين أكتافه شارات ونجوم وأوسمة كثيرة .
صاحب الكلب وكلبه الذي يعض
شعرت لأول مرة بأحساس المسجون – المقيد - الممنوع من التجول وشعرت بضالة ما وصلت له
رجل وحيد يعتاش بمدخرات معاش زوجته المتوفاة ويعيش بذكرى موتهم- الذي كان في ذلك الوقت فجيعة كبيرة تجاوزتها بالنسيان و القهوة و الغليون والنساء المارقات .
يقول الناب :" يريدونك أن تصاب بالسعار.
ويتابع بغرور رجل ذكي يخاطب غبيا :هل يعقل أنك لم تزل مدركا لما ينتظرك و لا تعرف ما الذي يريده منك الكلب وصاحبه الذي يضع أوسمة وأشرطة كثيرة على كتفيه !
هل يعقل إنك لم تفهم بعد ما الذي يريده الكلب و صاحبه منك
الكلب الذي يعض و صاحبه الذي ينبح !
لأول مرة ومنذ زمن لم أنتبه لملاحقة الكلب المستمرة ورائي منذ قطنت هذه العاصمة الباردة بمشاعرها الحيادية , ولكن في تلك الليلة المحمومة - بالذات استطاع الكلب أن ينهش لحمي المر ,لأني كنت أعاني من وجع الأسنان
تقول الطبيبة هي الأخرى مثل والدتي التي تحدق بي بنفس النظرة التي كانت تتلقفني بها في أحضانها وتقول لي : لماذا تأخرت
هاهي الطبيبة تعيد نفس المقولة : لا أحد يموت من وجع الأسنان , وتضحك من مشاعري التي بحت لها بها في لحظة ضعف
قالت بتهكم مزري : بعد أن تستفيق ستنسى كل ما قلت
وقلت مصرا على حقي بجرعة الحب التي أريدها كالآخرين
لن أنسى ولم أنسى
وها أنا أجلس وحيدا أعاتب قلبي الذي لم يعد يحتمل من فرط محبته فهجس بما هجس و وكيف باح لها بمكنون حبه - رغم معرفتي الأكيدة أن لا فرص لي بالزواج منها , فهي تكبرني بالعمر وبالمنصب وبالهوية فكيف لطبيبة أسنان أن ترتبط برجل عاطل عن الحياة وعن الحب وغريب عن هذه الديار !
ودخل صوت أبي الذي كان يؤمن بصحيفة الحب العظيمة وحروفها الأزلية المكتوبة بحبر التجربة , بأن كل شيء يذهب ويبقى الحب وحده .
ولكن ما الذي قال أن الحب إختيار وفعل إرادة مرسوم !
قلت لوالدي الذي كان قد تخلى عن هيبة الأب الصارم وتوحش المنصب الذي كانه :" هو شيء أثير يا ولدي
هو مشاعر هلامية هو نسمة خفيفة في يوم قائظ وأنت لست آلة لكي تقرر من تحب , فلست حرا عندما يسقط قلبك منك .فالسقوط هذا هو السقوط الأجمل وكل ما في الكون يتمنى سقوطه .
فالحب صفعة تأتيك مباغته من طفل صغير لا يقوى قلبك على ردها ,بل تحتضنها بحب أكبر وتتمنى لو تتكرر مرارا و تكرارا , وكل ما عليك أن تعيش التجربة , أن تعش بداخلها أن تعشعش فيها أن تنصهر معها وتذوي بها .
دعها تفتت قلبك إلى قطع صغيرة ,دع طيور الدنيا تقتات من ذلك الفتات , فلحظة المس تلك - المس الملائكي هي لحظة لا تعاد ولا تتكرر ولا تقاس بموازين العقل ولا يحكمها لجام الواقع المر , فهي حصان حر أصيل يجوب القفاري والوديان بشعر اسود وصهيل متواصل , يملأ الكون بالنجوم والضحكات .
" ومثل وجع الأسنان هو الحب " قالتها والدتي التي رمقت زوجها العابث بنظرة ندم وأدارت وجهها له قائلة : مثل صفعة كنت إنتظرها منذ زمن طويل ولم تأت أبدا .
هيا اضربني بصفعة مشابهة يا زوجي الحبيب .
تركتهم يتشاجرون كما كانوا أحياء يقتاتون الحب بتغميسه بالمشاكسات .
وصلني صوت بكاء أمي المتقطع وجعا وهي تقول لزوجها الذي حارب الأمريكي الذي غزا بلده ومات بشرف شرطي شهيد في غمار الحرب
" قلت لك أريد صفعة حب وليست صفعة ذنب !
فأي ذنب جنيت لكي تؤلمني! وفعلا فقد رددت الجدران صدى صفعته المفاجئة .
كان صهيل ضحكات أبي يمر من بين الجدران مخترقا إسفلت المشاعر وطوب الخفقان ويخرج للفضاء معلقا كنجوم في عز الظهيرة ,نجوم لامعة تبتسم وتخيط لنفسها مكانها على كتف شرطي يدافع عن وطنه .
لطالما قالت أمي صادقة " على الإمرأة القاسية أن تتزوج شرطيا ". لكي لا تندم
فعلا " لا أحد يموت من وجع الأسنان هو الحب
, فالحب مثل وجع الأسنان
مثل ضرس ملتهب يأتيك مباغتا يقلقلك و يؤلمك ولا يتركك تنام ولن تفيدك كل أقراص المهدئات والمضادات و ربما يكون الحل بخلع الضرس ودفنه في مقبرة النسيان والترحم عليه في الأمسيات الباردة إذا لم تقو على تركه ليؤلمك .
وتذكرت الناب الذي تمرد واستطال وصار رجلا مفتول العضلات ذو صلعة لامعة مضيئة في الليل وجسم أصفر قمىء تفوح منه رائحة الطعام البائت , جسم صلب و مطاطي يخرج من ثقب الباب ويشرب قهوته مغمسا بالبصاق .
ناب أحمق حبسني في بيتي وذهب ليتسكع في الحارات .
ياترى اين ذهب هذا الملعون !
وكأني إستدعيت الشيطان , فإذا بالباب يدور به المفتاح ويطل وجه الناب الذي بدا مختلفا لوهلة
دخل الناب مستعرضا هيئته الجديدة وهو يرتدي باروكة شعر منفوشة .
ضحكت كما لم اضحك من سنوات و امتلأت الغرفة برذاذ ضحكاتي , وأصبحت الجدران لزجة ينز منها مخاط أبيض .
يا للقرف من ذا الذي سينظف جدران البيت , قالها الناب وهو يخفي غضبه المكبوت من سخريتي .
كان الناب مضحكا وهو يضع باروكة شعر منفوشة مثل طائر ينفش ريشه و يجهزه للطيران مثل نبت شيطاني يلتصق بفروة رأسك و يجعل وجهك مثل كرة تنس صغيرة فوق أحراش من أغصان الشجر .
قال متهكما :
الكلب الذي يعض وصاحبه - الذي ينبح يبحثان عنك
ثم تابع بحنق :" ولولا خديعتي هذه - التي أنقذتك لكنت الآن في المصح , تأخذ أبرا للسعار .
وبحنق شديد أزاح الباروكة عن رأسه , فبدت صلعته حمراء ملتهبة مثل جمرة فحم فوق رأس أرجيلة يمتلىء بطنها بالماء.
ولكن في حالة هذا الناب المزعج , كانت بطنه مملوءة بالغل والحقد .



#هاله_ابوليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات ناب كافكا المزعج 2
- يوميات ناب كافكا المزعج
- ناب كافكا المخلوع
- التحرش بالفتيات ., حملة # ME TOO #
- شكرا مرزوق الغانم - أول عربي يطرد وفد اسرائيل في محفل دولي
- بعثة سفراء مؤامرات في أروقة اليونسكو
- درب المرارة و اليهود بالركلات - يامريانا
- تحرش مضاد
- قراءة في كتاب -إختراع الشعب اليهودي - - شلومو ساند
- قصة قصيرة جدا جدا - ماتت -
- سرقات أدبية - و - خذها لا بارك الله لك فيها -
- عصر النبوءات في معركة آخر الزمان -هرمجدون - وشجر الغرقد الأم ...
- سرقات صغيرة
- حغلة التفاهة - خاطرة - سرد و إسهاب وغيرة و نساء
- ولكنه هندي
- علبة الدوف - قصة قصيرة و خاطرة وضحك.
- الشعارات الجوفاء - خواطر
- قصة قصيرة - طفلة وقحة
- الصوم في محراب الأديان
- موهبة الرب الأسطوري بكتابة الروايات , وصانع القبعات المجنون ...


المزيد.....




- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
- صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم -
- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم .
- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله ابوليل - يوميات ناب كافكا المزعج 3