|
ولكنه هندي
هاله ابوليل
الحوار المتمدن-العدد: 5600 - 2017 / 8 / 3 - 18:26
المحور:
الادب والفن
ولكنه هندي……. جاءتني تضرب كفا بكف… وهي ترفع صوتها تريد من بقية الفتيات القدوم ليسمعن قصتها. اجتمعن حولها وبلغة رصينة حاولت جاهدة… إعطاء صوتها جلال الحكمة التي سنسمع . والسيدة عناد هذه من الماجدات العراقيات المكافحات . وعلى حد زعمها أنها تتصل بنسبها إلى( بلقيس) زوجة نزار قباني . وقد روت لي قصصا عنه ومنها انه كان بخيلا لا يحب الإسراف . و كانت عناد قد جاءت إلى دبي وهي تحمل معها لوحات فنية لرسامين عراقيين بغية بيعها ,ولتعيل عائلتها حتى تستطيع أن تعمل فيزا لزوجها وأولادها فيما بعد . هزت عناد رأسها وقالت : لقد تعلمت درسا لا ينسى في هذا اليوم.. وفعلا كما يقولون إن الإنسان يبقى يتعلم من الحياة دروسا طيلة عمره. استعجلناها في سرد قصتها وخاصة إن لنا أشغالنا ومشاغلنا .هيا ياعناد إسردي قصتك كما تعلمون (قالت) لقد اتفقت مع إدارة مركز" حمرعين " مشكورين لعرض اللوحات التي أحضرتها من بغداد وقد تم إعطائي ستاندات كما رأيتم في الطابق الثاني في وسط المول. . وكنت أقف على قدمين من حديد كلما مر احدهم و وقف يطالع لوحاتي لعل احدهم يشتري لوحة…فيفك كربتي. علقت واحدة من المستمعات:" في الحقيقة… لوحاتك جميلة ولكنها غالية كثيرا يا عناد فراتب اثنتان منا بثمن لوحة من لوحاتك. ردت عليها باستهجان محبب ؛ هذا فن يا حبيبتي وليس طماطم مفعوصة. استعجلناها هيا عناد… أكملي تابعت : كما ترون منذ شهر لم أبع لوحة واحدة على الرغم من أن العشرات من هؤلاء الأثرياء .. والتي تفوح منهم رائحة العطر الباريسي الفاخر والملابس الغالية ..كانوا يقفون أمام اللوحات مندهشين من روعتها لا يصدقون إن من رسمها من فناني العراق الخارجين لتوهم من الحروب والداخلين في حروب أخرى… وان كانت اللوحات لا تشي بالعنف بل بالرومانسية المشتهاة التي يحلمون يوما أن يهنأوا في ظلالها بعيدا عن تلك المعارك الطاحنة التي طحنت الأخضر واليابس. شعرت بالإحباط.. تكمل عناد بلهجة من فقد الصبر . :" أنا بحاجة لمبلغ ..- كما تعلمون - لا مكان للفقراء بدبي.. لدي التزامات وسكن ونفقات للطعام والمواصلات وتسرح بعيدا هناك حيث يوجد الزوج والأولاد الذين ينتظرون إزدهار أعمالها لكي يستقروا في بلد الأمان. تكمل بعد أن أخذت نفسا عميقا أتعبني الوقوف في المول فجلست على الكرسي , لأستريح ودعوت الله أن أبيع على الأقل لوحة واحدة فبسعرها.. أغطي التزاماتي , وأرسل ما يعين أولادي وزوجي. وكنت قد وضعت رأسي لدقائق على الطاولة فلم أرى من يتجول بين اللوحات. مر طفل يبكي فرفعت رأسي فوجدت احد الهنود البؤساء يقف أمام لوحاتي في سري قلت : إنه هندي. إذا أصحاب البدلات والعطور الفاخرة لم يشتروا أيا منهم لوحة فلم يتبق سوى هذا الهندي ليشتري من لوحاتي التي تبلغ سعر الواحدة منها راتبه لمدة أربع أشهر. تكمل : لم انهض مرحبة به كالآخرين ولم اعتني حتى بوجوده بين لوحاتي وهبطت برأسي مجددا إلى الطاولة بغية أن أكمل نومي الخفيف. فإذا به يسألني بإنكليزية ذات لكنه هندية عن سعر أحدى اللوحات. ولاني كنت مدركة انه لن يشتري مثل الآخرين الذين يطالعون بضاعتي الفنية ثم ينسلون هاربين فوجبة في مطعم أفضل من شراء لوحة فنية يتباهون بها فحديث البطون أقوى من حديث الفنون على مايبدو . فلم انظر للوحة التي إختارها وأعطيته رقما يفوق سعرها. فإذا بذلك الرجل ذو الملابس الرثة.. يضع لي الدراهم المكدسة من فئة الخمسمائة درهم على الطاولة. .وهو يقول لي بعينين براقتين -عينان فنان سري يقدس الجمال والفن :" لوحاتك جميلة …سيدتي. إنها لفنانين عراقيين ياسيدي لم يجدوا مكانا آمنا لعرض بضاعتهم الغالية إلا في المولات وهاهم يبيعونها من أجل مواصلة الحياة بعد أن كسرت الحرب كل متاريس الحياة القائمة على الحب والخير والجمال هناك ياسيدي ثم صاحت بشغف من فرط الدهشة :" أخيرا بعت لوحة.. وماذا سعرها يفوق سعر أي لوحة أخرى ولمن !!!… لهندي فقير لا يعتني بمظهره و لا تبدو عليه ملامح الثراء أبدا. هاج مرج وصخب بين الفتيات , وكانت عناد في قمة سعادتها فقد فرجها الله عليها فرجا كبيرا وختمت تقول : من هذا اليوم لن استهين بأحد على وجه الأرض ولن انظر للثياب والمظاهر, . فالفنانين الحقيقيين إنما يختبؤون في أسمال بساطتهم يابناتي لقد علمني هذا الهندي درسا لن أنساه الناس يا بناتي …. .الناس بعقولهم , وأفكارهم, بقلوبهم ,وبدموعهم وإنسانيتهم, بحبهم , بفنهم, بأخلاقهم .. وليس بما يرتدون من ثياب أو يركبون من سيارات.
#هاله_ابوليل (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علبة الدوف - قصة قصيرة و خاطرة وضحك.
-
الشعارات الجوفاء - خواطر
-
قصة قصيرة - طفلة وقحة
-
الصوم في محراب الأديان
-
موهبة الرب الأسطوري بكتابة الروايات , وصانع القبعات المجنون
...
-
قصة قصيرة : قطعة لحم في الثلاجة
-
قصة قصيرة : فأر - سكنر - الغاضب
-
الإحتضان ,, لجوء عاطفي في كل الأوقات !!!
-
صناعة النجوم
-
الجوائز والسياسة
-
هل تحلم بالثراء !!
-
مبروك ,, لقد فزت بجائزة أدبية
-
الأدب ومحاربة التطرف و الإرهاب
-
مسلسل - باب الحارة في مخيم الزعتري للاجئين -
-
مفاهيم علم النفس وإستخداماتها المفيدة في الحياة
-
- أنا لا شئ إذا لم أكن نقاده -
-
مسطرة النقد والمقاييس العالمية
-
مسطرة النقد
-
الأدب والكتابة ودموع قيصر
-
مرآتي يا مرآتي , والحكايات الخرافية و تحرير النساء
المزيد.....
-
آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى
...
-
آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
-
ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق
...
-
دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
-
جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي
...
-
أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس
...
-
-جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
-
ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
-
روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
-
تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
المزيد.....
-
سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي
/ أبو الحسن سلام
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
المزيد.....
|